شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"الحجاب الإسلامي" الإيراني.. اسم على أي مسمّى؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

في أثناء الحملات الدامية التي تشنّها السلطة الإيرانية، وحرسها وميليشيتها (الباسيج) و"علماؤها" وقضاتها ونوابها، على المواطنين والمواطنات المتظاهرين والمتظاهرات منذ 12 أسبوعاً، ترجّح التنديد بهم وبهنّ بين عدة تهم:

1) التهمة بـ"الشغب"، والاعتداء على الميليشيا، والتحريض على النظام، والعدوان على الأملاك، والعمل بوحي إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية (إلى 12 دولة أخرى، بحسب الوكالة الرسمية "إرنا") في سبيل تفريق الشعب عن الحكم والتستّر على هزائم الغرب والفوضى الإسرائيلية وحجب آثار خطبة الرئيس إبراهيم رئيسي في الأمم المتحدة (ردّد قائد الحرس الثوري في طهران العميد حسن حسن زاده هذه الحجّة مرتين)، وشنّ "حرب مركّبة" على "الجمهورية الإسلامية"، و"تجزئة إيران".

2) التهمة بـ"الحرابة" ("على الله ورسوله")، والردّة على "أصل الجمهورية الإسلامية"، وهذا الأصل هو الإسلام، و"الترويج للثقافة الغربية" وتأييد "الغزو الثقافي".

وبعض رجال النظام، مثل عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى، شهريار حيدري، ذهبوا إلى فرز الجموع المتظاهرة فئتين مختلفتين: تعد الأولى "90 في المئة من الذين نزلوا إلى الشارع" وهمّهم "(الاحتجاج) على الوضع الحالي"، وينبغي دعوتهم إلى لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي تتولى التحقيق في قتل مهسا أميني من غير نتيجة معلنة- وتقتصر الثانية على 10 في المئة من "مثيري الشغب"، و"(عملاء) أجهزة مخابرات أجنبية وإرهابيين".

الكفة الأمنية

والتلويح بالوجه الديني الإيماني والتعبُّدي للحجاب "الإسلامي"، على ما وصفه القانون الذي فرضه روح الله خميني في 1983، نادر جداً في الآراء المعلنة. ويجيء غالباً مقروناً بانتظار ظهور المهدي صاحب الزمان المتوقع. ويرقى القران هذا إلى أوائل عهد ضابط الحرس الثوري، محمود أحمدي نجاد (2005- 2013) ورئيس الجمهورية لاحقاً. ودب الخلاف بين أحمدي نجاد، الرئيس، وبين علي خامنئي، المرشد، جراء مهدوية الأول الذي استقوى بها على "إكليركية" خامنئي، أو "حبريته"، على قول علي شريعتي في المراتب العلمائية الإيرانية القريبة من سلك الكهنوت، وتوسّل بها (بالمهدوية) إلى تجاوز سلطة المرشد والاستقلال عنها باسم الإلهام المهدوي.

وكان التشدُّد في الحجاب أداة من أدوات الاستقواء والتجاوز هذين. وجمع أحمدي نجاد، المنقلب على محمد خاتمي، الرئيس "الإصلاحي" السابق، بين التلويح المهدوي وبين نزعة قومية حادة أعملها، من وجه آخر، في تأليب عصبية إيرانية خالصة على حساب العصبية المذهبية الملازمة لـ"الإسلام الإيراني"، على قول هنري كوربان.

ورجحان كفة المواد السياسية والأمنية المختلطة على المادة الدينية في تسويغ الحملة على التظاهرات وتبرير القمع الدامي، يدل، على أغلب الظن، على تقدّم مرتبة السلطة "الطبقية"، ومصالحها وطاقمها، على المعايير الدينية. فما يتصدّر التّهم التي يتجه بها ألسنة النظام الكثيرة والرتيبة والثرثارة على الحراك المجتمعي الإيراني ليس انتهاك الفرض الديني، على ما ينبغي ويفترض، بل القيام على قمع بعض أجهزة السلطة، وعلى استباحتها "الدماء"، أي الحياة في صيغة العبارة الفقهية، بعد استباحتها الأموال من طريق فسادها وسوء إدارتها وأولويات تدبيرها الدولة والاقتصاد.

وإذا خاطب إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية الذي اختارته "النوفوكلاتورا" (السرايا) الخامنئية وفرضته في انتخابات صورية، الإيرانيين، على ما صنع السبت في 3 كانون الأول/ ديسمبر، وأراد الدفاع عن مقتل مئات المتظاهرين والمتظاهرات، ومن المئات عشرات الأولاد والنساء، احتجّ لسياسة السرايا بأسس "الجمهورية الإسلامية" و"(رسوخها) في الدستور".

الأصل والوسائل

وعلى هذا، ينبغي أن يكون الأمر، أي الإلزام بالحجاب ومراقبة لبسه، محسوماً. ولكن رئيسي، رئيس السلطة القضائية السابق والضالع في محاكمات عرفية غامضة لا ينكرها، لا يتمسك بالأصل الديني والدستوري وحده، ولا يرى هذا التمسك وافياً وشافياً. فيتعدّاه إلى "وسائل تطبيق الدستور"، ويلوّح، من غير التزام ولا وعد، بـ"إمكان أن تكون مرنة".

ويتجاهل أنه هو، وفريقه المتطرف والغالي، مَن تراجع في تموز/ يوليو المنصرم عن "تراخي" مطاوعة الشرطة الاجتماعية والأخلاقية في مراقبة اللباس وقص الشعر والقيافة عموماً، وترك الإيرانيين والإيرانيات يلبسون "الجينز الضيق والحجاب الملوّن والمُيسَّر"، على قول وكالات الأخبار.

"يقترح أمين ‘هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر’ الإيرانية... استخدام تقنية التعرُّف الإلكتروني على الوجوه... في مراقبة ملابس النساء في الأماكن العامة... وقد يكون هذا جسراً جديداً يصل ‘الجمهورية الإسلامية’ بـ‘الجمهورية الشعبية’ الصينية"

ويتجاهل رجل الجهاز الضعيف، والوكيل عمَّن بيدهم القرار الفعلي، أن الحجاب "الإسلامي" الذي أمر هو بالعودة إلى التقيُّد بحذافيره، بينما صارت النساء الإيرانيات في الأثناء في وادٍ آخر، ليس قطعة قماش تغطي شعر الرأس، ويُقضى أمر الفرض من بعد ذلك. فالتيوقراطية "الإسلامية" أرست الحجاب، واستجابة الدعوة إليه، على جهاز بيروقراطي وبوليسي معقّد هو جزء من نظام مراقبة وقمع وسيطرة ضخم على الدولة والمجتمع الإيرانيين.

ويصرّح أهل النظام الآخرون، حين يدلون بآرائهم في "وسائل التطبيق" الرئيسية (نسبة إلى رئيسي)، بما يضمره الجهاز الحاكم ورؤوسه الحرسية والحوزوية، القمّية والمشهدية. فيقترح أمين "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الإيرانية، محمد صالح هاشمي كلبايكاني، استخدام تقنية التعرُّف الإلكتروني على الوجوه، أي عدسات آلات التصوير، في مراقبة ملابس النساء في الأماكن العامة. وثنّى رئيس اللجنة القضائية والقانون في مجلس الشورى، موسى غضنفر آبادي، على الاقتراح. وهذه تقنية شائعة شيوعاً "سرطانياً" في صين شي جينبينغ بلغ حد نصب كاميرا واحدة لثلاثة صينيين في المدن الكبيرة (وقد يكون هذا جسراً جديداً يصل "الجمهورية الإسلامية" بـ "الجمهورية الشعبية").

وللمراقبة من طريق آلات التصوير، وعدساتها الخفية أو غير الظاهرة، فضيلة أخرى ترفع السّتر عن المركّب الإداري والبوليسي الذي يرسو عليه الحجاب "الإسلامي" الفعلي. فسبق لهيئة يرأسها علي خامنئي، وأنشأها تجسيداً لهجسه الحاد بدور "الثقافة" في مقاومة "الغزو (الثقافي) الغربي"، هي "اللجنة العليا للثورة الثقافية"، أن انبرت لمناقشة مسألة الحجاب، على لسان أحد أعضائها البارزين أحمد رضا باهونار.

ولاحظ باهونار، على هامش القطع الجازم بأن "الأصل هو حفظ قانون (الحجاب)"، ولا تتناول المناقشة إلا "كيفية تنفيذ هذا القانون وحمل المجتمع على قبوله"، (لاحظ) أن لجنته "أوصت قبل ستة أشهر (على احتجاز مهسا أميني) بالتباعد الجسدي في مواجهة سوء الحجاب". فينبغي أن "تتحوّل شرطة الأخلاق من المواجهة الجسدية إلى أساليب الإقناع".

قناع الفرض

وتميط أقوال رئيسي وباهونار وغضنفر آبادي، إلى محمد دهقان (نائب رئيسي في الشؤون القضائية) وعلي أصغر عنابستاني (عضو اللجنة الاجتماعية البرلمانية)، وكثر غيرهم، القناع عن معنى إعلان المدعي العام محمد جعفر منتظري "إلغاء شرطة الأخلاق"، والتباسه المتعمّد. فهؤلاء مجمعون من غير لبس على أن قانون الحجاب "الإسلامي" محفور في الرخام (الدستوري)، على قول فرنسي شائع.

ولا يجوز، على هذا، مناقشة غير الوجه الإجرائي، مثل إحالة التوقيف على عدسات التصوير ورصدها الإلكتروني بعد المخالفة وليس في أثنائها وبين جموع المارة، أو مثل تثبيت حاجز بلاستيك بين الشرطي الأخلاقي المحقق والمتَّهِم وبين المرأة الجانية التي تركت غطاء رأسها يسفر عن بعض غرّتها. فالحاجز البلاستيك يحول دون تطاول يد أو قبضة المحقق المسلم، والعفيف القبضة واللسان والنظر من غير شك، إلى الجسد الحرام، صنو الحياة والحرية اللتين تتردّدان على ألسنة المتظاهرات والمتظاهرين، والمضربين والمضربات منذ الاثنين 5/12 في مدن إيران وأسواقها وجامعاتها.

وتكني الاقتراحات الدقيقة والمادية: التباعد، الحاجز، الكاميرات، الإقناع...، عن أحوال عمل شرطة الأخلاق أو الإرشاد الفعلية، وراء قناع الفرض الديني و"القانوني" الشفّاف. وشهادات الموقوفين المعتقلين، في الحوادث الأخيرة وفي وقائع سابقة من مسارحها سجن إيفين، تدل على أن التوقيف والاعتقال عن يد أجهزة أمن الجمهورية "الإسلامية" وشرطتها، في الظروف كلها، مقدّمة لمعالجة لا تترفّع عن إعمال وسائل الإيلام والترهيب والتجويع والإذلال كلها، من غير استثناء القتل، على ما حصل كثيراً.

"إضراب الأسواق والمدن الإيرانية لم يقع. وحركة الاحتجاج الصينية على الحجر... ليست حركة وليست احتجاجاً. والقوات الروسية في أوكرانيا تنتصر أو ترجئ الانتصار عمداً... والحروب الأهلية التي تنشب أظافرها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وإيران هي ‘الزمن الجميل حقاً’"

وما يتمسك به أهل الجهاز الحاكم "الإسلامي" هو ما يخوّلهم الأمر به- الحجاب، والحؤول دون الإفساد في الأرض وقتل النفس والتعدي على الأموال (وتعدّي الضابط الحرسي على الفتاة البلوشية في زاهدان، إذا صدق الخبر الذي أودى إلى الآن بحوالي 120 قتيلاً، يدعو إلى إضافة "حفظ الفروج")- إنشاء مركب شديد التعقيد من الأجهزة والهيئات والوظائف التي تُولّى الضبط والمراقبة والتفريق والحشد والعقاب. ولا تدين هذه الأجهزة بالحساب لقانون، أو لهيئات قانونية ورقابية فعلاً، على خلاف المزاعم "الدستورية" التي يلوَّح بـ"إسلامها"، ويُغضي أو يُسكت عن قواعد عملها وإجرائها العرفية، القاهرة والمدمّرة، في التوقيف والاعتقال والتحقيق والعقوبة.

مركّب الأجهزة

والانتباه إلى الذين يدلون بآرائهم وأحكامهم في مسألة الحجاب الإيراني، وإلى الحوادث التي جر إليها قتل صاحبة "سوء الحجاب" في منتصف أيلول/ سبتمبر، والهيئات والإدارات التي يصدرون عنها ويتكلّمون باسمها- يتيح (الانتباه) إحصاء بعض عناصر مركب الأجهزة الذي يتألف منه فعلاً "القانون الإسلامي" المفترض.

فمَن تولى أو أوكل إليه إعلان حل شرطة الأخلاق، أي المدّعي العام محمد جعفر منتظري، هو جزء من القضاء وسلطته. وليس القضاء، على ما أوضح منتظري، من أنشأ شرطة الأخلاق. وليست الشرطة جزءاً من الجهاز القضائي، فمرجعها العملي والإجرائي هو وزارة الداخلية. وليست وزارة الداخلية، بدورها، الجهة أو الهيئة التي ترجع إليها شرطة الأخلاق، على رغم أن شرطة الأخلاق "رافد" من روافد قوات الشرطة ووزارة الداخلية. ولم يصرّح المدّعي العام عن هذه الجهة، بل "ألمح" إليها "أو أشار" حين نسب إليها القوة على حل ما أنشأته.

وهذه الجهة هي "الهيئة العليا للثورة الثقافية". والهيئة من ملاحق مكتب المرشد والأبنية الموازية وغير القانونية، على المعنى الدقيق، التي يصرّف جهاز الإرشاد بواسطتها، ومن وراء ستارة "مبادئ" الإسلام وبمنأى عن المحاسبة والسؤال، شؤون الإيرانيين الحيوية والثانوية. ويرأس الرئيس إبراهيم رئيسي الهيئة العليا. ولكنه إذا كلّم الإيرانيين في مسألة الحجاب، على ما فعل مطلع الأسبوع الجاري، لم يذكر الهيئة، ولا مسؤوليته عنها، ولا أثبت ما قاله المدّعي العام ولا نفاه. بينما أحال المدّعي العام القرار، المحتمل والمعلّق، بالإلغاء إلى الهيئة. وهو تكلم بالوكالة عنها من غير توكيل.

ويخطئ مَن يحسب أن تشابك السلطات والمراجع والأجهزة يقتصر على اللوحة المعمية ومتاهتها هذه. فإلى القضاء ووزارة الداخلية واللجنة العليا ومكتب المرشد ورئاسة الرئيس، ثمة "منظمة التبليغ العقائدي والسياسي"، وهي هيئة تتولى تمثيل المرشد لدى الشرطة. وأنشأت "منظمة التبليغ" هذه شرطة خاصة بـ"أمن الأخلاق"، بعثت أو جدّدت "دوريات الإرشاد" التي انحسرت، وغضّت النظر عن سَوْءات شعور النساء، قبل أن يحييها رئيسي في تموز/ يوليو، على ما مر.

ويخالف هذا الزعم، وهو صادر عن رئيس "المنظمة" رضا أدياني، قول قائد شرطة الأخلاق، العقيد أحمد ميرزائي، إن شرطة أمن الأخلاق قائمة منذ ثلاثة أعوام.

وقد يصدق في أدغال الإدارة الخامنئية وأجهزتها الموازية والملتفّة الأغصان ما سبق أن قاله المرشد الأول، روح الله خميني، في قضاء الدولة البهلوية المعاصرة. فهو ندّد بالمحاكمات الطويلة والمعقّدة التي تفنى في أثنائها أعمار المتقاضين، على قوله، بينما إدارة الدولة كلها لا تحتاج إلى أكثر من محبرة ورزمة أوراق.

وعلّل آية الله العظمى- وهو مَن أنشأ دستوره "الإسلامي" المجالس المركّبة (مجلس حراس الدستور، مجلس تشخيص مصلحة النظام، مجلس صيانة الدستور، مكتب المرشد...) التي تسيّر الدولة على النحو المتعثّر والمشهود- التعقيد القضائي بتعمّد الدولة الشاهنشاهية تضليل الإيرانيين البسطاء وسرقة حقوقهم. وبلغ التضليل والسرقة في عهد خالفه درجة تتضاءل بإزائها الحيلة الشاهنشاهية "الساذجة". فإلباس الحجاب هذا القدر من الأجهزة المتشابكة والملتوية والمتنافرة، دليل على تحكيم مركَّب من الأهواء والغرائز والمصالح في المسألة.

استراتيجيا اليوم والليلة

وفوق هذا يدرج النظام أحكامه "الأخلاقية"، والدستورية والشرعية على زعمه، في سياق وإطار جيو-سياسيين واستراتيجيّين. وحمل الحجاب على الهيئات والوزارات واللجان والمنظمات الكثيرة التي تلحق "الدولة" الخامنئية مراقبته بها، يقحمه في الشواغل الأمنية والقضائية والثقافية والمدرسية وأبنية الدولة عموماً، وفي قضايا الأقليات القومية ومناطق سكنها وتوزيع الثروة الوطنية...

ومثل هذا الإدراج "البسيط"، على المعنى الخميني والبدائي، يجرّد الشعب الإيراني، إذا أجمع أو إذا تفرّق، من إرادته أو إراداته السياسية والاجتماعية والثقافية. فالسلطة وحدها، أي أجهزتها المعقّدة والمركّبة والمتنازعة، يسعها في هذه الحال تعليل "الحوادث" الصغيرة والكبيرة، أي عمل اليوم والليلة والحركات العريضة. وهو ما تدّعيه الأجهزة حين تنسب نفسها إلى مصدر "إلهي" أو مقدّس.

ويدعوها نفاد المصدر الديني، على ما يُرى من تغليف الحجاب بالأجهزة التي تغلّفه، إلى حمل هوية "الدولة" الخمينية-الخامنئية على سياق جيو-سياسي واستراتيجي عالمي يعود صوغه إلى فلاديمير بوتين وشي جينبينغ، ويوجب أو يشبِّه صعود "الشرق"، الإمبراطوري القومي الإقليمي، والريعي العسكري أو المتعسكر، نظير انحطاط "الغرب" وحقوق إنسانه المثلية ومجتمعه المدني المأجور والفاسد.

ويقود الأخذ بهذا السياق وتبنّيه، على ما تصنع أجهزة السلطة الإيرانية ووكلاؤها وصحافة الوكلاء، إلى نفي الحوادث والوقائع. فإضراب الأسواق والمدن الإيرانية لم يقع. وحركة الاحتجاج الصينية على الحجر، وعلى سياسة تصفير الإصابات بكورونا، ليست حركة وليست احتجاجاً. والقوات الروسية في أوكرانيا تنتصر أو ترجئ الانتصار عمداً. وميشال عون ينوي "بناء الدولة". وقتل التاجر الأميركي في بغداد قبل شهر فعل مقاومة شعبية، والحروب الأهلية التي تنشب أظافرها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وإيران هي "الزمن الجميل حقاً"...


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

شكل حياتنا اليومية سيتغيّر، وتفاصيل ما نعيشه كل يوم ستختلف، لو كنّا لا نساوم على قضايا الحريات. "ثقافة المساومة" هذه هي ما يساعد الحكام على حرماننا من حريات وحقوق كثيرة، ولذلك نرفضها، ونكرّس يومياً جهوداً للتعبير عن رفضنا لها، والدعوة إلى التكاتف لانتزاع ما لنا من قبضة المتسلّطين. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard