التكنلوجيا المستخدمة في المونديال
لا يمكن لمتابعي مباريات كأس العالم في قطر إلا أن يلاحظوا استخدام Var وتطبيقات متابعة اللاعبين على أرض الملعب، وكأن المنظمين والفيفا يحاولون بحجة "العدل" تحويل مساحة الملعب إلى لعبة فيديو كلّ شيء فيها مراقب: خط التماس، حدود المرمى، الكرة، اللاعبون، كل شيء تحدق به التكنلوجيا؛ يد هنا أو قدم هناك تعني تسللاً أو هدفاً مُلغى.
تقتل هذه التكنلوجيا "اللعب"، تحوله إلى خوارزمية لا بد من الانصياع لها، وتنفي عنه أهمَّ خصائص اللعب كمفهوم، ألا وهي الخطأ، والحذلقة، والغش، وغيرها مما يكسب أي لعبة سحرها، والأهم، إنسانيتها.
لا نعلم كيف ستتطور اللعبة، لكن بعد فضائح الفساد، وتحول كرة القدم إلى خوارزمية، لا بد من أن تعيد الفيفا النظر بكيفية إدارتها لكرة القدم، أو إنشاء اتحاد جديد قادر على تحريرنا من الجدل الذي لا علاقة له باللعب، لنستعيد السحر، والحظ، ونشوة النصر دون الامتعاض، وإلا فالأفضل أن يحل الذكاء الاصطناعي محلَّ اللاعبين، الذين بإمكانهم أن يتفرغوا لعروض الأزياء والإعلانات، حينها يمكن أن نتابع اللعب عبر شاشات هواتفنا النقالة، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بكل شيء، ولا حاجة للبشر ولا المشجعين ولا الملاعب.
قيامة الزومبي من الجليد
بدأت الحمم تندفع من واحد من أقدم البراكين الناشطة في العالم، الموجود في جزيرة هاواي الأمريكية. نشاط البركان نفسه لا يثير الكثير من القلق، لكن المخيف أن هذه الحمم تؤدي إلى ذوبان جبال الجليد، التي تخفي أسفلها جراثيم وبكتريات منقرضة قبل خمسين ألف عام، أخطرها فيروس الزومبي، وكما يتضح من اسمه، يحوّل هذا الفيروس البشرَ إلى ما يشبه الوحوش التي تلتهم بعضها بعضاً.
تقتل التكنلوجيا المستخدمة حالياً في المونديال مفهوم اللعب، وتحوله إلى خوارزمية لا بد من الانصياع لها، وتنفي عنه أهم خصائص اللعبة كمفهوم، ألا وهي الخطأ، والحذلقة، والغش، وغيرها مما يكسب أي لعبة سحرها، والأهم، إنسانيتها
قام العلماء بالحصول على عينات من الفيروس، وبدأت الاختبارات لمحاولة إيجاد لقاح أو دواء له في حال تفشيه، ولن نشير هنا إلى احتمالات تسربه أو خروجه من المختبر، بل إلى طبيعة الفيروسات الأخرى المدفونة في الأعماق، والتي تمكن غواصو الجليد العاملون مع المقتطف الجديد من الوصول إليها، وأخذوا عينات منها، وهي:
1-فيروس اللسان: يهدد هذا الفيروس الوظيفة التقليدية للسان، ويجعله مقتصراً على لعق المؤخرات، والتملق في سبيل الترفع الوظيفي.
2- المتحور الأكليكلي للكذب: خطورة هذا المتحور أنه يمنع الشخص من الكذب، إذ تتعطل مساحة الدماغ المسؤولة عن المواربة، ويفقد الشخص قدرته على اجتناب ما لا يجب قوله.
3- فيروس العمه الإجباري: خطورة هذا الفيروس أنه يهدد قدرة من يصيبه على التعاطف، إذ يمكن لحامله أن يتجاهل كلَّ ما حوله، ويبحث عن سعادته فقط، وهذا ما يفسر وجود رسومات في الكهوف، لمجموعة من البشر، يقفزون مرحاً فوق جثة دون أن تؤثر بهم.
بيانات واتس آب للبيع
أعلن مجموعة من قراصنة الإنترنت حصولهم على ما يقارب 487 مليون رقم هاتف من واتس آب، ثم عرضوا غنائمهم للبيع ضمن الإنترنت العميق. اللافت أن سعر الأرقام رخيص بالمقارنة مع حجم المسروق، فالبيانات الأمريكية تباع مقابل 7 آلاف دولار، وبيانات المملكة المتحدة بـ2500 دولار، وألمانيا بألفي دولار.
نصح المسؤولون عن الأمن الرقمي مستخدمي الواتس آب بعدم الرد على الرسائل المشبوهة التي قد تصلهم، لكن اللافت أن الحصول على هذه البيانات قد لا يؤدي إلى عمليات اختراق حسابات وتسريب معلومات شخصية، بل إمكانية إزعاج الملايين. تخيلوا مثلاً لو قرر "نجم الليل المتلألئ" شراءَ هذه الأرقام، وإمطارنا برسائل معايدة وأدعية بصورة يومية، أو قرر أحد المنحرفين شراءها لإرسال صور عضوه التناسلي للملايين، حينها لو لم نردّ على الرسالة، يكفي ظهورها بوجهنا كي نقشعر.
هذا النوع من التسريبات وإمكانية الوصول إلى أي أحد في أي لحظة عبر رقم هاتفه، هو من لعنات العصر الحالي؛ لم يعد خيار تلقي الرسالة أو الهاتف بيد المستخدمين، هي ستصلهم لا محالة، ولا يمكن لهم أن يكونوا غافلين إلا إذا انقطعوا كلياً عن وسائل التواصل، الشأن الذي يمكن القيام به بالحدود الدنيا.
نطلب من كلّ من تسول له نفسه شراء البيانات وإمطارنا بالإعلانات أو الصور الإباحية، أن يتمهل، وأن يحذرنا بداية على الأقل، ليكون في العلاقة نوع من التفاهم والتراضي، لا أن يٌفرض فيها على أحد أن يشاهد عضواً منتصباً أو حمامة تحمل غصنَ زيتون مع موال حزين. نطلب ذلك لأن لا حل لهذه المشكلة، الأرقام تسربت والكل عرضةٌ لرسالة مزعجة من نوع ما.
القرد الناطق يتنبأ بنهاية العالم
اكتسبت الغوريلا كوكو 1971-2018 شهرة عالميةً بسبب إتقانها للغة الإشارة، وتعلمت ما يقارب 2000 كلمة، وتبنت قطة أليفة، وتحولت أخبارها إلى علامة على العلاقة الإنسانيّة بين البشر و الغوريلا، وعادت حكاياتها للتداول كون آخر كلماتها كانت "أنا غوريلا. أنا أزهار، حيوانات، أنا طبيعة. كوكو تحب البشر. كوكو تحب الأرض. ولكن الإنسان غبي. كوكو آسفة. كوكو تبكي. الوقت يمضي. أصلح الأرض! ساعد الأرض! على عجل".
تحول النص السابق الذي حفظته كوكو إلى علامة على دور الإنسان في تدمير البيئة، وانتشرت أخبارها مرة أخرى حالياً بعد انتهاء قمة المناخ في شرم الشيخ، وأزمة الطاقة التي تمرّ بها أوروبا، وكأن الحكومات والشركات العابرة للقارات، ومحطات الطاقة، ستصدم، وتقرر أخذ خطوات حاسمة في سبيل إنقاذ الكوكب.
نشرت مؤخراً دراسة بريطانية عن فوائد المشي للوراء وقدرته على تحسين حياتنا. من هنا ندعو الدارسين البريطانيين إلى تجارب مشابهة، كالتبوّل إلى الخلف، أو الركض نحو الماضي، لأن الواضح أن شكلنا البشري الذي يمشي إلى الأمام الآن لم يقدم سوى الخراب والعجلة والميتافيرس وبعض الشعر
زرع الذنب العابر للسلالات هذا لن يغير ما نمرّ به، سواء نطقت الغوريلا، أو الكلب، أو قنديل البحر، وننصح هنا ناشطي البيئة بإعادة توجيه جهودهم، لاستنطاق كائنات تمثل تهديداً للبشر، وأن يتحول كلام "الحيوانات" من نحيب إلى "تهديد"، كأن يتم تعليم التماسيح الكلام، وتلقينهم التالي: "إن لم تنقذوا الكوكب، فسنغادر المستنقعات ونلتهمكم". ينسحب التهديد أيضاً على الطيور، والنمل، والقطط، تلك القادرة على تشكيل قوة سياسية قد تغير وجهَ العالم، أما الغوريلا، فلن تثير فينا سوى التعاطف والدهشة، ولن يندفع أحد للتغيير.
مقتل الخليفة... مجدداً
مرّ مقتل الخليفة الثالث لداعش في درعا جنوب سوريا مرور الكرام، على يد الجيش السوري الحرّ، وصرحت الولايات المتحدة أنه لم يكن لها دور في ذلك، في حين أن داعش نفسها قالت إنه قتل في معارك لم يحدد تاريخها أو مكانها أو خصمه فيها، وكأن وظيفة الخليفة أصبحت شأناً بيروقراطياً، يُقتل واحد ويُعين آخر مباشرة، ولا داعي لإيضاح الملابسات، خصوصاً أنه فجر نفسه حسب بعض المصادر.
الواضح أن تنظيم الدولة فقدَ ألقه، خلفاؤه يُقتلون، وأسراه في السجون شمال سوريا ورقة تهديد دائمة، أي حركة خطأ وتبدأ التقارير بالتوافد عن إمكانية هروب مقاتلي التنظيم واستعادتهم لـ"دولتهم"، ناهيك بأن المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب روسيا أصبحوا محور الأخبار والتقارير الصحافية. لذا ننصح مرتزقة تنظيم الدولة بتغيير هرميتهم الإدارية، واستبدال منصب الخليفة بآخر، كوليّ المسلمين، أو خازندار المجاهدين، أو أي منصب يغير من خطابهم الرسمي الذي أصبح مبتذلاً، إذ فقدت كلمة "خليفة" هيبتها، ولم يعد له أهمية، سوى حمل المتفجرات كي ينسف نفسه.
فوائد المشي إلى الخلف
لطالما أبهرتنا المقالات والترجمات التي تبدأ بعبارة "تشير دراسة بريطانيّة" لما تحتويه من ممارسات تتجاوز أحياناً المعتاد، وهذا ما أشارت إليه آخر الدراسات البريطانية التي أفادت أن المشي للخلف ذو فوائد تتفوق على المشي للأمام، إذ تحرض الدماغ، وعضلات القدمين، ومفاصل الركبتين، فوائد يمكن أن يقال بسببها إن المشي إلى الخلف أكثر صحةً من المشي للأمام.
مرّ مقتل الخليفة الثالث لداعش في درعا جنوب سوريا مرور الكرام، وصرحت الولايات المتحدة أنه لم يكن لها دور في ذلك، في حين أن داعش نفسها قالت إنه قتل في معارك لم يحدد تاريخها أو مكانها أو خصمه فيها، وكأن وظيفة الخليفة أصبحت شأناً بيروقراطياً، يُقتل واحد ويُعين آخر مباشرة... المقتطف الجديد
من هذا المنطلق ورغبة في تطوير البحث العلمي، ندعو الدارسين البريطانيين إلى تجارب مشابهة، كالتبول إلى الخلف، أو الكلام من الأنف، أو الركض نحو الماضي، لأن الواضح أن شكلنا البشري المنتصب الذي يمشي إلى الأمام، لم يقدم سوى الخراب والعجلة والميتافيرس وبعض الشعر، وربما إن توجهْنا كبشر نحو الخلف، فقد يتغير كلُّ شيء، وتُحلّ كلُّ المشاكل التي نعيشها، لأننا على الأقل سنتوقف عن دفع الخراب إلى الأمام، ونركز على ما خربناه في الماضي، في محاولة لإعادة إنتاجه، لا إصلاحه أو تطويره.
هناك اقتراح آخر وهو الإعلان عن مارثون الجري للخلف، وذلك في سبيل خلق جيل جديد، صحي، وأكثر قدرة على التركيز وإدراك الواقع، جيل بعيد عن الشاشات والإعلانات، وأكثر تأملاً في ما حوله من خراب.
النسخ المتعددة لمونديال قطر
كشفت تسريبات عن تعاون قطر مع السلطة الإيرانية من أجل تغطية مدروسة للمونديال، مُنع إثرها صحافيو "إيران إنترناشنال" من دخول الدوحة، إلى جانب السماح لعناصر من الحرس الثوري بالوجود في المدرجات لتهديد اللاعبين والمشجعين الذين يتضامنون مع المظاهرات في إيران، في نفس السياق وافقت قطر على سياسة الصين التي لا تبث صور لمشجعين لا يرتدون أقنعة.
هناك نسخ أخرى لتغطية المباريات؛ واحدة ذكورية-هوموفوبية ناطقة بالعربية، وأخرى أكثر تسامحاً أو تجاهلاً للموضوع تنطق باللغات الأجنبيّة،.وكأن قطر تقدم لكل بلد نسخته الخاصة من المونديال؛ كلّ نسخة توافق التوجهات والسياسات المحلية، ما يتناقض بشدة مع شعار "كرة القدم تجمعنا"، بل يمكن قول: لكل بلد كرة القدم الخاصة به، ومن لا يعجبه الأمر، فلا سبيل أمامه سوى الصراخ والاحتجاج، فالفيفا وقطر في هذا المونديال يتحكمان بكل شيء.
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...