شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
من تجربة شخصية: لماذا علينا تجنّب الحديث عن علاقاتنا العاطفية على السوشال ميديا؟

من تجربة شخصية: لماذا علينا تجنّب الحديث عن علاقاتنا العاطفية على السوشال ميديا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والحريات الشخصية

الثلاثاء 6 ديسمبر 202212:27 م


التجربة التي مرت بها الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، من مشاكل في زواجها، تابعها العالم العربي كله على المنصات الإعلامية، وشارك برأيه فيها الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، ذكرتني بعلاقة عاطفية عشتها في بداية انتشار هذه المواقع عام 2010 تقريباً. وقتذاك، كانت هناك دوائر محددة من الأصدقاء تتابع بعضها البعض، وكانت علاقتي العاطفية بهذا الشخص معروفة ضمن دائرة الأصدقاء المشتركين.

كنا يومياً ننشر صورنا، في كل مطعم وكل مقابلة، هذا غير المنشورات التي نتبادلها  لنعبر فيها عن حبنا أمام الجميع.

 كنا يومياً ننشر صورنا، في كل مطعم وكل مقابلة، هذا غير المنشورات التي نتبادلها  لنعبر فيها عن حبنا أمام الجميع. ويعلق عليها كل من في دائرة أصدقائنا، حتى تحولت علاقتنا إلى حديث هؤلاء الأصدقاء. وكنا نعيش بسن الطفولة والمراهقة، نفرح بسبب تلك التعليقات وأن هناك من يتابع أخبارنا.
لسذاجتنا، كنا نقول: "نريد أن ننشر شيئاً عنا لجمهورنا اليوم"، وكان الموضوع ممتعاً حتى بدأت المشكلات فيما بيننا، فالمشكلات أيضاً أصبحت على الملأ، والمشكلات أساساً بدأت بسبب أن علاقتنا يعرف تفاصيلها جميع معارفنا. وبدأت تلك العلاقة تتحول إلى حديث أصدقائنا حتى انفصلنا خلال عام، أمام الجميع أيضاً.
تلك التجربة كانت من أسوأ تجاربي التي عشتها، وليس لأني مررت خلالها مع الشخص المعني بالكثير من المشكلات بل لأن تلك المشكلات حدثت أمام أعين الجميع وتحت أنظارهم. وقتذاك، كان تأثير المشكلة مضاعفاً. أشعر بالخجل، وأشعر بالعار، وأشعر بالإحراج، ولفترة من الوقت أوقفت حسابي على موقع فيسبوك واختفيت. حينذاك، تعلمت الدرس مبكراً وقبل سيطرة السوشال ميديا على حياتنا مثلما يحدث الآن.
منذ ذلك الوقت، لا أنشر أي شيء عن حياتي العاطفية على مواقع التواصل الاجتماعي ولا حتى صورة تجمعني بشريكي، حتى تزوجت في عام 2018 ونشرت صور زفافي. ومنذ ذلك اليوم لم أنشر أي صورة لي أنا وزوجي، ولا أي شيء خاص عن علاقتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل علاقتنا مغلقة لا يعرف أسرارها غيرنا، من أفراح وصراعات.

تلك التجربة كانت من أسوأ تجاربي التي عشتها، وليس لأني مررت خلالها مع الشخص المعني بالكثير من المشكلات بل لأن تلك المشكلات حدثت أمام أعين الجميع وتحت أنظارهم

في وقت الأزمات يجب أن تكون تفاصيل العلاقة خاصة بين الطرفين،  فعندما تتشاجر أي امرأة مع حبيبها، وفي لحظة صفاء تحكي لصديقتها ما حدث بينهما. يكون من الصعب إخبار تلك الصديقة أنها تصالحت مع الشريك ونسيت ما حدث لأنها تحبه. وقتذاك، تشعر المرأة بالخجل من صديقتها، فتخيلوا أن تكون تلك المشكلات منشورة لكل أصدقائنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل منهم شارك برأيه في الأمر. كيف سيكون موقف الطرفين حين يريدان العودة؟
وفي الأوقات الجميلة الرومانسية الخاصة بين الحبيبين، لا أرى ضرورة من مشاركتها مع الآخرين، فإما هناك من يشعر بالوحدة وتعتبر تلك المنشورات بمثابة تلويح له بالعلاقة وتذكيره بأنه وحيد، أو تكون مصدراً لغيرة البعض أو حقدهم، وهذا لأن ما يرونه من هذه الصورة والمقاطع الرومانسية هو جانب واحد فقط من العلاقة لا يظهر طبيعة العلاقة بالكامل، والذي بالتأكيد به جوانب سلبية، فيمنح صورة غير صحيحة عن طبيعة العلاقات العاطفية ويرفع توقعات الآخرين.

الاستمتاع باللحظة الرومانسية يفسده إخراج الهواتف وتصويرها بغرض عرضها على مواقع السوشال ميديا.

والسبب الأهم من وجهة نظري، أن الاستمتاع باللحظة الرومانسية يفسده إخراج الهواتف وتصويرها بغرض عرضها على مواقع السوشال ميديا لأن، وقتها، سيهتم الطرفان بالمظاهر والتفاصيل حتى تكون "الصورة حلوة" وسينسيان الهدف الأهم من اللقاء الرومانسي. أما لو أن هذه الصور أو المقاطع يتم تصويرها بغرض ذكرى خاصة للطرفين، فلن يهتما بشكل الصور أو المقاطع، بل بتوثيقها فقط.
إنجاح العلاقة العاطفية أو علاقة الزواج هو تحدٍ بالفعل للطرفين ودائماً أشعر أنه ليس هناك سعادة مطلقة في أي علاقة عاطفية، فسعادة الفرد المطلقة في الحياة العاطفية تعني أنه قد سرق قدراً من سعادة الطرف الآخر، وهذا لأن العلاقة العاطفية أو الزواج يتطلبان الوقوف في منطقة وسط رضا الطرفين وهذا يكون مرهقاً لهما حين يختار كل منهما التخلي عن جزء من سعادته لإسعاد الطرف الآخر.

 ولكن، لأنهما متحابان، فقد يستمد هذا الطرف ما تبقى من سعادته عند رؤيته لحبيبه سعيداً. ولكن، تخيل لو أن هناك أطرافاً آخرين على المواقع مطلوب من المحبين إرضاؤهم، والوصول لتوقعاتهم وتحقيقها. هذا يعرّض العلاقة بطرفيها لضغط نفسي وعصبي.
مثال بسيط جداً على هذا الأمر ولو كان تافهاً، فهو يعبر عن الأمر بوضوح، إذا كان طرفا العلاقة اعتادا نشر صور إجازتهم الصيفية على مواقع التواصل الاجتماعي في أحد الأماكن الفاخرة من كل عام، وتعرض الطرفان لأزمة مالية ما جعلتهما يختاران لإجازتهما الصيفية مكاناً أقل في الأسعار والجودة.

بناءً على تجربة شخصية، إن إرضاء طرفين في علاقة عاطفية أمر صعب تحقيقه، فلماذا ندعو بإرادتنا الحرة أطرافاً آخرين لهذه العلاقة؟

 إن كان الأمر عائداً عليهما فقط، ربما لن يحتاج أحدهما سوى الآخر ليشعرا بالسعادة في تلك الرحلة، ولكن الآن هناك طرف ثالث سيرى اختلافاً ويرصده ويعلق عليه حتى لو داخلياً وليس في التعليقات. وبوعي أو دون وعي، سيؤثر هذا بالسلب على سعادة الطرفين في رحلتهما، ويمكن تطبيق الأمر على صور احتفال أعياد الميلاد، والهدايا، وغيرها.
بناءً على تجربة شخصية، إن إرضاء طرفين في علاقة عاطفية أمر صعب تحقيقه، فلماذا ندعو بإرادتنا الحرة أطرافاً آخرين لهذه العلاقة؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard