شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
شعر العانة ليس جريمةً...

شعر العانة ليس جريمةً... "لماذا لا تقبلني كما أنا"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الجمعة 2 ديسمبر 202203:00 م

"كان عمري أربعة عشر عاماً، عندما لاحظت نمو القليل من الشعر حول منطقة العانة، وقد ترافق نمو الشعر مع بلوغي. ذات صباح، رأيت قطرات من الدم على لباسي الداخلي، بعدها بدأت مسيرة الألم والنكران"؛ هكذا بدأت الشابة العراقية زهرة، حديثها إلى رصيف22.

وأضافت: "أصبحت في السادسة والثلاثين، وما زلت إلى الآن أخجل من زوجي عندما أُهمل حلاقة شعر العانة. أخبروني في صغري أن ظهور الشعر وبداية الدورة الشهرية، هما دليل على أنوثتي، ولكن عندما كبرت، أضحى الشعر مصدراً للتقزز".

"لا فرق بين النوم بالقرب منك والنوم بالقرب من رجل"

حكت زهرة كيف أثّر شعر العانة على علاقتها الجنسية مع زوجها: "كنا معاً في السرير. بدأ بمداعبتي إلى أن وصلت يده إلى فرجي. لاحظ عدم إزالتي للشعر، فانتفض وقال: ‘لا فرق بين النوم بالقرب منك والنوم بالقرب من رجل’. بدأت بالبكاء، غير أنه أكمل كلامه: ‘لا أحب شعر العانة لديك، إنه كثيف كالرجال، يُفقدك أنوثتك ونعومتك ونظافتك، وأخبرتك مئة مرة هذا الكلام. أريد أن أنام مع امرأة’".

عن حالتها الاجتماعية ونظرة زوجها وعقليته الذكورية، قالت: "تزوجت في عمر العشرين. منذ بداية علاقتنا، شعرتُ بنظرته الاستعلائية إلى المرأة. سمعته صدفةً يقول لأخته: ‘من سيتزوج فتاةً لديها لحية كلحية الرجال’. بحركة لا إرادية، وضعت يدي على وجهي، ثم أسدلتُ شعري لأخفي بعض الشعيرات الناعمة، ريثما أصل إلى المنزل وأزيلها".

"كان عمري أربعة عشر عاماً، عندما لاحظت نمو القليل من الشعر حول منطقة العانة، وقد ترافق نمو الشعر مع بلوغي. ذات صباح، رأيت قطرات من الدم على لباسي الداخلي، بعدها بدأت مسيرة الألم والنكران"

وعمّا إذا جعلها مثل هذا الكلام المسيء والجارح، تفقد ثقتها بنفسها، أجابت زهرة: "نعم، إن كثافة الشعر لدي جعلتني دائماً قلقةً ومهددةً بخسارة زوجي. المشكلة أن الشعر ينمو بسرعة، ويجب أن أكون جاهزةً في كل الأوقات لإرضاء زوجي"، وتابعت بالقول: "عندما تذمرت، أجابتني أمي: ‘كل الرجال يكرهون شعر العانة، لا تكبّري المواضيع. المرأة جمالها في نعومتها ودلالها ونظافتها... واظبي على إزالة الشعر لإرضاء زوجك’".

شعر عانتي ليس جريمةً

"كنّا في رحلة إلى الطبيعة، عندما قررنا الجلوس لتناول الفطور. تربّعت بشكل عفوي على الأرض، فارتفع السروال إلى الأعلى قليلاً، كاشفاً بعضاً من شعر ساقيّ. حدّق خطيبي حسام فيهما وهمس في أذني: ‘إذا رجليكي هيك عليهن شعر، كيف المنطقة الحساسة؟’"؛ هذا ما قالته الشابة نسرين (39 عاماً)، التي تعرضت عانتها للالتهاب والحروق المتوسطة، نتيجة إزالتها للشعر كل عشرة أيام عن طريق الليزر، ما أدى إلى تغيّر لون جلدها، وأصبح مائلاً إلى السواد، فتدهورت علاقتها بزوجها، وتوقفا عن ممارسة الحب.

"كنا معاً في السرير. بدأ بمداعبتي إلى أن وصلت يده إلى فرجي. لاحظ عدم إزالتي للشعر، فانتفض وقال: ‘لا فرق بين النوم بالقرب منك والنوم بالقرب من رجل’. بدأت بالبكاء، غير أنه أكمل كلامه: ‘لا أحب شعر العانة لديك، إنه كثيف كالرجال، يُفقدك أنوثتك ونعومتك ونظافتك"

تعليقاً على هذه النقطة، قالت نسرين لرصيف22: "قبل الزواج، لم أهتم يوماً بإزالة شعر العانة بشكل مستمر. كنت أفعل ذلك فقط بين فترة وأخرى، لكن بعد الزواج أصبح شعر جسدي جريمةً بالنسبة إلى زوجي الذي رفض رؤية حتى شعرة صغيرة خاصة بالمناطق الحميمة، لذلك لجأت إلى صالونات التجميل"، وأضافت: "عندما احترق مهبلي، أخبرني بأنني لم أعد أستثيره لممارسة العلاقة الحميمة".

لماذا يجب على النساء دائماً إزالة شعر أجسادهنّ، بينما يفتخر الرجال بأجسادهم الممتلئة بالشعر؟ من الذي خلق تلك العلاقة بين شعر جسد المرأة والنظافة؟ ولماذا لا تطبَّق على الرجل أيضاً؟ لماذا على المرأة فقط تحمّل ذلك الألم الناتج عن عمليات إزالة الشعر، سواء بالشمع أو بالخيط أو بالليزر؟ ولماذا لا يتقبلها كما هي؟

رأت نسرين أن إزالة المرأة لشعر جسدها ليس أمراً خطأً، لكن الإفراط في الاهتمام بأي شعرة تظهر، والمسارعة إلى إزالتها، والشعور بالخجل منها، وربطها مباشرةً بنظافتها الشخصية، وربما بحظها في الزواج،خطأ تقع فيه بعض النساء لإرضاء الشريك: "لم أفكر في صحتي. كان اهتمامي فقط إرضاء زوجي، وهذه هي النتيجة: ما زالت آثار الحروق واضحةً على عانتي".

ماذا عن حالتك النفسية؟ أجابت نسرين: "منذ صغري، رأيت أمي وجارتنا وبناتها يجلسن في الغرفة، ويقفلن الباب، ثم يبدأن بنتف شعر أجسادهنّ. كل شعر ينمو في أي منطقة من الجسد، لا بد من إزالته، ما جعلني أظن بأنه واجب مرتبط فعلاً بأنوثني، وأضحى وجود الشعر مصدراً للقلق والخوف والإحراج، خاصةً أمام الرجال".

تُظهر إعلانات إزالة الشعر الخاصة بالنساء، سيدات يتمتعن بساقين لامعتين خاليتين من أي شعرة، يتظاهرن بإزالة الشعر، أما في إلاعلانات الخاصة بالرجال، فيكشف الرجل بفخر عن إبطه الممتلئ بالشعر أمام الكاميرا، ويبدأ باستخدام آلة الحلاقة. تبدو جليّةً هنا الصورة النمطية المرتبطة بجسد المرأة، الذي يجب أن يكون لامعاً، وناعماً وخالياً من الشعر، ولا تنجو من هذه الصورة صاحبات الشعر الزائد، سواء أزلنه أم بقي متحدياً نظرات المجتمع.

ألم الليزر

تعمل ليال في دمشق، يومياً، من الساعة العاشرة صباحاً حتى الخامسة مساءً. تعود إلى المنزل حيث ينتظرها التنظيف والطهو والاهتمام بأمور المنزل والأولاد، فلا تجد وقتاً لنفسها: "يحب زوجي وجود القليل من الشعر حول العانة. يطلب إزالة الباقي بالشمع أو الليزر، لكنني أزيله بالشفرة ‘آلة الحلاقة’، ما خلق مشكلةً أبعدتنا في الفِراش".

وروت ليال قصتها لرصيف22: "منذ بلوغي، علّمتني أمي إزالة شعر جسدي، لكنها لم تهتم بشعر عانتي إلى حين موعد خطوبتي. حينها، طالبتني بزيارة مراكز التجميل لإزالة شعر العانة بالليزر. جرّبت مرّةً، لكن آلامه أرهقتني، خاصةً بعد اعتيادي على استخدام الشفرة التي لا تسبّب أي ألم، فرفضت العودة ثانيةً. بعد الزواج، أخبرتُ زوجي أن الألم شديد، فضحك وقال: ‘خلاص اعتدت على ملمسك الخشن، لن أجبرك على شيء’".

ماذا حدث بعدها؟ أجابت ليال: "لم يجبرني، لكن عواطفه أصبحت باردةً. ننام منفصلَين؛ أنا في غرفة الأولاد، وهو في غرفة نومنا. مؤخراً بدأ يطلب مني الذهاب لإزالة الشعر بالشمع أو الليزر والكف عن استخدام الشفرة، فاستجبت. لم أجد حلاً آخر لإنقاذ زواجي".

وختمت حديثها بالقول: "أشعر أحياناً بأنه سلب حريتي الشخصية، وخياري بالإبقاء على الشعر أو إزالته، خاصةً أنني أجبر نفسي على الذهاب إلى مركز التجميل بعد الدورة الشهرية، فأكون منهكةً وتزيد أشعة الليزر من آلامي".

الدين والمجتمع يرفضان شعر العانة

في الدين الإسلامي، لا يُلزم بحلق شعر العانة إذا لم يمنع وصول الماء إلى البشرة، ولكن يُكره تركه دون إزالته أكثر من أربعين يوماً، وقد بيّن النبي محمد أقصى مدة لترك تلك الخصال، ففي صحيح مسلم عن أنس، أنه قال: "وقّت لنا في قصّ الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلةً".

وأما كيفية حلقهما: "فالأفضل في العانة الحلق، وفي الإبط النتف، والسنّة في العانة الحلق". قال النووي: "فلو نتفها أو قصها أو أزالها بالنّورة جاز".

وفي الصحيحين قال النبي: "الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب" (الاستحداد هو حلق العانة).

لماذا يجب على النساء دائماً إزالة شعر أجسادهنّ، بينما يفتخر الرجال بأجسادهم الممتلئة بالشعر؟ من الذي خلق تلك العلاقة بين شعر جسد المرأة والنظافة؟ لماذا على المرأة فقط تحمّل ذلك الألم الناتج عن عمليات إزالة الشعر، سواء بالشمع أو بالخيط أو بالليزر؟ 

في حديثها إلى رصيف22، رأت الطبيبة الكندية هيزر داو، أن "إزالة شعر العانة لدى المرأة أمر متعلّق بالدين والثقافة. المجتمع في معظم الأوقات يخبر المرأة بما هو مناسب وبما هو غير مناسب لتفعله بجسدها. يبدو لي أن معظم الاتجاهات في المجتمع تهدف إلى إرضاء الرجل وإسعاده".

اللافت أن ثقافة إزالة شعر العانة ليست مقتصرةً على نساء الشرق الأوسط، وفق تأكيد الطبيبة هيزر: "عندما وصلت إلى سن البلوغ، تعلّمت إزالة شعر جسدي بدءاً من الرجلين والإبط وصولاً إلى العانة، لذلك هذه الثقافة ليست محدودةً بمجتمع واحد، وأودّ أن أقول إن النساء الوحيدات اللواتي لا يحلقن العانة هنّ الأكبر سنّاً، أو بعض أنواع الهيبيز".

فوائد شعر العانة

كشفت القابلة القانونية، فرح كنج، أن شعر العانة لا يؤثر على الإطلاق على الولادة، كما يظن البعض: "في أثناء الولادة وكطاقم طبي، لا نولي أهميةً على الإطلاق لشعر العانة، ولا نطلب من المرأة أن تزيله قبل التوجه إلى المستشفى، لكوننا نتعامل مع كل حالة وحدها"، مشددةً على أن إزالة الشعر طبياً ليست أمراً ضرورياً إلا في بعض الحالات التي تستدعي ذلك عند الولادة.

وأكدت كنج لرصيف22، أن الشعر يكون كثيفاً في منطقة العانة بهدف حماية المرأة من العوامل الخارجية، غير أن الضغط الاجتماعي هو الذي يجعل بعض النساء يتخلصن من شعر العانة من باب النظافة، منوهةً بضرورة أن تكون مسألة إزالة الشعر من المنطقة الحميمة متعلقةً بالمرأة نفسها وبخياراتها الشخصية.

في السياق نفسه، أكد الطبيب الحيوي رامان نذير محمد، أن شعر العانة يؤدي وظيفةً مهمةً: "يُعدّ حاجزاً أمام الأجسام الغريبة، كالبكتيريا ومسببات الأمراض، ويمنع الجراثيم من الدخول إلى المهبل، ويحمي المهبل من البرودة والحرارة معاً. كما يحتوي شعر العانة على مادة الفيرومونات، التي تحتفظ برائحة المواد التي يفرزها الجهاز التناسلي، ما يجذب الجنس الآخر".

وفي حديثه إلى رصيف22، كشف رامان أن أفضل طريقة لإزالة شعر العانة هو استخدام شفرة الحلاقة أو المقص: "يُفضَّل استخدام شفرة حلاقة أو مقص صغير بعد تعقيمه؛ هذه الطريقة أفضل طبياً وصحيّاً من عملية نتف الشعر عن طريق الشمع أو البخاخ أو الكريمات التي تحتوي على مواد كيميائية، إذ من الممكن أن تسبب التهابات في جذور الشعر".

يعمل شعر العانة كعازل وقائي، مما يقلل من الاحتكاك في أثناء ممارسة الجنس والأنشطة الأخرى، كما يمكنه أيضاً منع انتقال البكتيريا ومسببات الأمراض والالتهابات الأخرى مثل عدوى الخميرة، وقد يحافظ أيضاً على دفء الأعضاء التناسلية، وهو عامل مهم في الإثارة الجنسية

باختصار، يختلف نمو شعر العانة من شخص إلى آخر. بعض النساء لديهنّ شعر عانة أكثر، والبعض الآخر لديهنّ شعر أقل.

مع ذلك، تشير الاختلافات الشديدة في نمو الشعر أحياناً، إلى مشكلة تتعلق بالهرمون، إذ يمكن أن يكون شعر العانة المفرط علامةً على متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS).

ترتبط هذه الحالة بمستويات أعلى من المعتاد من هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الجنسي الذي يتحكم في نمو الشعر، وتشمل الأعراض الأخرى عدم انتظام الدورة الشهرية ونمو الشعر في أماكن أخرى من الجسم، بما في ذلك الوجه.

في دراسة استقصائية أجريت في العام 2013، وشملت 7،580 شخصاً، أفاد 59% من النساء و61%من الرجال الذين قاموا بتنظيف شعر العانة، بأنهم يفعلون ذلك تماشياً مع "المعايير الجمالية" التي تفرضها المجتمعات، ولأغراض صحية، لكن شعر العانة ليس في الواقع أمراً غير صحي، كونه يعمل كعازل وقائي، مما يقلل من الاحتكاك في أثناء ممارسة الجنس والأنشطة الأخرى، كما يمكنه أيضاً منع انتقال البكتيريا ومسببات الأمراض والالتهابات الأخرى مثل عدوى الخميرة، وقد يحافظ شعر العانة أيضاً على دفء الأعضاء التناسلية، وهو عامل مهم في الإثارة الجنسية. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard
Popup Image