"كنّا من أوائل الناس الذين سكنوا بالقرب من النهر، حيث كان المقام. استيقظتُ ليلاً عندما سمعتُ صوت بكاء أطفالي، وكان منزلي مطلّاً على المقام. عندها رأيت كوكباً من نور يدخل المقام، ذُهلت حينها وكلما طلبت منه شيئاً حققه عليه السلام".
تروي نهاد المكحل، لرصيف22، قصةً حدثت معها قبل ثلاثين عاماً، مع "النبي" علي الزهري، وهي مسنّة سبعينية من السكان القدامى لبلدة علي النهري، وتضيف: "كلّ ما أطلبه منه، يلبّيه عليه السلام، بدليل أني دخلت إلى المقام وتوجهت إليه بصلاتي وطلبت منه بيتاً يبعد عن ساحة القرية، أستر فيه أولادي، والله استجاب لدعائي بكرامة علي الزهري، والحمد لله، أصبح لي منزل بعيد عن الأحداث والمشكلات التي كانت تحصل في ساحة القرية".
حين تصل إلى قرية علي النهري، في قضاء زحلة في البقاع الأوسط، ما عليك إلا السؤال عن مقام "علي الزُهري"، للحصول على مبتغاك، "النبي" في نظر أهل القرية، الذي لم يُسمَع به من قبل، فتسمع منهم روايات عدة عن مقامه العالي وكراماته، والمطالب التي حققها لأهالي المنطقة، إذ يتوجه كثيرون إلى هذا المقام من مناطق لبنانية عدة قاصدين تلبية الكثير من الحاجات.
تقع بلدة علي النهري شرق مدينة زحلة، مركز المحافظة والقضاء، وتبعد عنها نحو 15 كم، وتبعد عن العاصمة بيروت نحو 65 كم، تتربع في حضن سهل البقاع، وتستلقي عند سفح سلسلة الجبال الشرقية الخضراء المقابلة لجبل صنين الأبيض، حيث يحدّها من الشمال طريق عام زحلة، بعلبك، وحوش الغنم، ومن الشرق بلدات الناصرية وسرعين التحتا وماسا، ومن الجنوب بلدة حي الفيكاني، ومن الغرب رياق وتمنين التحتا، كما تبلغ مساحتها نحو 411 هكتاراً، وما زال ثلثاها من الأراضي الزراعية، بينما أصبحت المساحة المتبقية منطقةً عمرانيةً مكتظةً بالمنازل السكنية المتلاصقة، خاصةً على ضفتي مجرى نهر حالا الذي يمر في وسطها ممتداً من وادي يحفوفا شرقاً إلى نهر الليطاني غرباً.
"النبي" في نظر أهل القرية، الذي لم يُسمَع به من قبل، فتسمع منهم روايات عن مقامه العالي، والمطالب التي حققها للأهالي
من حلب إلى زحلة
توجهنا إلى القبر الذي يقع بالقرب من نهر القرية. مقام صغير متواضع تابع للطائفة الشيعية، وله مسؤول يقوم بترتيبه وتنظيفه، وإقامة الدروس الدينية ومجالس عاشوراء، وللمقام زوار من أهل القرية يقصدونه في جميع الأوقات خصوصاً في أثناء مواعيد الصلاة، إلا أن البعض لا يرى في هذا المقام أي شيء يعود لآل بيت النبي، فهو ليس سوى رجل صالح أتى من حلب وحكم بالعدل في هذه القرية.
يعدد عمر مهدي، وهو صحافي وناشط في الشأن العام في القرية، "عوامل تاريخيةً عديدةً، خارجيةً وداخليةً، أدت إلى ما وصلت إليه بلدة علي النهري، من نشوء وتطور وتشكيل كل هذه المقومات حتى يومنا هذا، من الاستعمار والحروب العالمية، والإقليمية والداخلية، وما نتج عنها في كافة المجالات، وتقهقر الأرياف في أماكن أخرى، والمطار وسكة الحديد في رياق القريبة، والإرساليات والحركة الاقتصادية والتجارية، التي ازدهرت في حقبات مختلفة".
برأيه، "التقهقر الريفي على مدار التاريخ في أماكن عديدة أخرى في بلاد الشام، ساعد في حركة الهجرة والنزوح الدائم وتالياً في تشكل كل هذه البلدات وغيرها، خصوصاً بالقرب من المناطق الحيوية لاحقاً، ومنها علي النهري، ومعها البلدات المجاورة لرياق، والأخيرة كانت مركزاً حيوياً، فكان قدوم علي الزُهري نتيجة هذه الأسباب، وخصوصاً حركة الهجرة الداخلية والخارجية إلى تلك القرى".
إلى علي النهري
"كثُرت الروايات عن هذا الرجل ومكانته العالية لدى الناس. البعض يقول إن اسمه علي الزُهري من بني زُهرة وهم قرشيون، جاء إلى هذه المنطقة التي كانت وقفاً إسلامياً، قبل أكثر من 450 عاماً، وسكن بجانب النهر بالقرب من القرية، لتتحول من الأشرفية إلى علي النهري"، يقول سليمان محمود جمعة، عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين، لرصيف22، بحسب الرواية الأقرب إلى المصادر التاريخية.
ويضيف: "لا توجد مصادر توثّق تاريخ قدوم هذا الرجل الصالح، سوى كتّاب من القرية يروون روايات عدة"، ويتابع في حديثه: "أصل تسمية القرية بالأشرفية، نسبة إلى قناة المياه التي كانت تتجه من نهر حالا مروراً بسهل القرية، لأن النهر يمر بها وقناة المياه التي تمر بالمنطقة اسمها الأشرفية. في المقابل، هناك قناة مياه باسم حُشمُش نسبةً إلى قرية حُشمش، أي أن قرى سرعين، حشمش، تمنين، وغيرها، أصبحت اليوم أسماء مناطق نسبةً إلى قنوات مياه الري التي تمر فيها".
البعض يقول إن اسمه علي الزُهري من بني زُهرة وهم قرشيون، جاء إلى هذه المنطقة التي كانت وقفاً إسلامياً، قبل أكثر من 450 عاماً، وسكن بجانب النهر، ولكن لماذا تحول اسم البلدة من الأشرفية إلى علي النهري؟
"هناك رواية أخرى تتحدث عن قرية اسمها الأشرفية، كانت تابعةً للأشرف قلويه، في العهد المملوكي، وكان يهب أراضي الوقف لقادة جيشه كي يستميلهم ويكسب طاعتهم، ويشكل قوةً في المناطق الزراعية، إذ توجد أشرفيات في مصر ودمشق ومناطق لبنانية عدة منها بيروت، ومن بينهم ‘علي الزُهري’ الذي سلّموه الأراضي الزراعية في الأشرفية، لزراعة التوت وإنتاج الحرير، وعُيّن مسؤولاً عن الوقف الإسلامي، أي وكيلاً عن أرض الوقف في هذه المنطقة وجابي خراج الأشرفيات، كونها كانت تابعةً في ذلك الوقت لحكم المماليك"، يقول جمعة.
ويشير إلى أنه "لا يمكن تحديد في أي عام جاء علي الزُهري إلى هذه المنطقة؛ قبل المماليك، أم بعدهم، إذ كانت هذه المناطق تهتم بزراعة التوت، وتربية دودة القزّ لإنتاج الحرير، وإرسالها إلى منطقة المصنع عند الحدود السورية اللبنانية، لكن تاريخ القرية أعتقد أنه يعود إلى العهد الكنعاني، والدليل أنه في أثناء حفر مجاري الصرف الصحي في البلدة، وجد العُمال مدافن كنعانيةً وآثاراً تعود إلى العصر ذاته".
ويتابع: "أما بخصوص تحقيق المطالب والمعجزات فهذا أمر غير موجود، والسبب في هذه الأسطورة أن الناس آمنوا به كونه ينتمي إلى القرشيين، ونسبه يعود لآل البيت، وهذا الاحترام ازداد وأطلقوا عليه مع مرور الزمن لقب وليّ، ومن ثم نبيّ".
الإقطاعية وسيطرة العوائل
حكم أمراء الحرافشة في لبنان منذ أواخر الحكم المملوكي وحتى عام 1866م، في عهد العثمانيين، مناطق بعلبك والبقاع وحمص وتدمر، وكانوا مسلمين شيعةً، سكنوا قلعة بعلبك وبنوا فيها وحوّلوها إلى دور لهم، ولهم فيها مقبرة ما زالت حتى يومنا هذا، كما أن سجلات تعيين التيمار (روزنامجي)، منذ عام 1555م، تذكر أن الحرافشة كانوا أصحاب إقطاعيات واسعة في بعلبك.
عندما تسلّم الحرافشة الحكم في وادي البقاع، أي إلى حدود حمص والزبداني، وهبوا علي النهري ودورس وتمنين لآل مرتضى، كونهم "سيّاداً"
يقول جمعة: "عندما تسلّم الحرافشة الحكم في وادي البقاع، أي إلى حدود حمص والزبداني، وهبوا علي النهري ودورس وتمنين لآل مرتضى، كونهم "سيّاداً"، أي نسبهم يعود إلى النبي محمد، كي يعتاشوا من هذا الخراج، وفي العهد العثماني وبعد انتهاء عهد الحرافشة كانت هناك ميري (جزية)، عجز آل مرتضى عن دفعها، الأمر الذي دفع بجد حبيب المطران، والذي كان يعمل في الباب العالي جابي خراج، إلى مساومتهم على القرية، لأن حُشمُش كانت مسيحيةً لآل المطران، وضموا بذلك جزءاً من علي النهري، مقابل دفع الميري، واستملكوا نصف الأراضي".
ويضيف: "منزلهم حالياً مكان سكن الوزير الأسبق محسن دلول، إذ كان قصراً لحبيب المطران، إلى أن تملك في القرية وأصبحت العائلتان تتحكمان بالمرابعين الذين يدفعون الجزية لهم في ذلك الوقت، وبعدها أتت عوائل جديدة، واشترت الأراضي في العهد العثماني، من آل مرتضى والمطران، وامتلكت مع مرور الزمن الأراضي التي زرعتها، واعتاشت منها، وبذلك تكون العوائل قد أنهت السياسة الإقطاعية التي كانت تحكم القرية".
نبيّ وليس جابياً
تقابل هذه الرواية التاريخية، رواية دينية أخرى من رجال الدين في المدينة، حول قدوم "الولي" أو "النبي" علي الزُهري إلى القرية، إذ يرى رجل الدين السيد فيصل مهدي، في حديثه إلى رصيف22، أن "النبي في علي النهري، منذ القدم معروف بأنه نبي، والعسقلاني ذكره في بعض التواريخ؛ هو نبي مدفون عند النهر تحت بلدة قوسايه، وذكرهُ باسم نبي، أما قدومه إلى البلدة، فلا يستطيع أحد لا من المؤرخين ولا من القدماء، أن ينقل معلومةً صحيحةً في هذا السياق، ولأنه على النهر سُمّي بهذا الاسم علي النهري، ولُقّب الزُهري، وحول نسبه لا يوجد أي دليل يُستند إليه"، مشيراً إلى أن "الاسم والنسب مجهولان إلى حد الآن".
لكن عندما طلبنا المصدر، والاسم الكامل للعسقلاني، ردّ السيد بأنه غير متوفر الآن، ولا يعلم اسمه بالكامل.
يتابع مهدي روايته عن أن الزهري نبيّ كما يقول: "هناك أنوار شهدها أهلنا وأنا من ضمن الذين شهدوا كوكباً ينزل إلى المقام، وهناك أنوار متبادلة بينه وبين مقام النبي آيلا (القرية المجاورة لعلي النهري)، وأعتقد أنه نبيّ ولكن لا نعرف اسمه، وهناك مئة وعشرون ألف نبي كانوا في هذه المنطقة، والذين ذكرهم القرآن من 24 إلى 25 اسماً، والباقي كما ذُكر في القرآن {وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ}".
هناك أنوار شهدها أهلنا وأنا من ضمن الذين شهدوا كوكباً ينزل إلى المقام، وهناك أنوار متبادلة بينه وبين مقام النبي آيلا، وهناك مئة وعشرون ألف نبي كانوا في هذه المنطقة
ينفي رجل الدين رواية سليمان محمود جمعة، بأن "النبي" جابي خراج، ويقول: "كان يقصده جميع الناس من الطائفة الشيعية وبقية المحافظات اللبنانية، والشائع قديماً أن أهل القرية كانوا يقولون عن المقام إنه دار النبي، والقرية حديثة العهد وعمرها مئتان وخمسون عاماً، وفقاً للعائلات التي اشترت الأراضي بعد زراعتها".
"العائلات القديمة الأربعة؛ سمك، عوض، بغدادي، ملدان، التي سكنت علي النهري، لم تكن من عائلاتها الأساسية، بل كانت تقطن في وادي "أنا" قرب بستان "المير"، أي بالقرب من بلدة ماسة البقاعية، وكانت تتعرض دائماً لهجوم الضباع، ما ولّد حالةً من اللا استقرار"، ثم يعود فيصل مهدي ليُذكّر بأن أهالي "علي النهري ‘النبي’، كانوا يرون أنواراً متبادلةً بين المقام وبين النبي آيلا، فاستغاثوا بالنبي الزُهري وسكنوا في القرية، إلى أن أصابهم الطاعون ولم تتبقَّ منهم سوى عائلة ‘ملدان’، وهي أول من أنشأ المقام وعدّته مقام نبيّ".
وبحسب روايته، فإن العائلات التي أتت إلى علي النهري، جاءت قبل نحو مئتين وخمسين عاماً، خلال الحكم العثماني وتوزيع الخراج مع المتماهين معهم، كآل مرتضى، والمطران، وملّكتهم الدولة العثمانية هذه الأراضي من دون تعب، وعند التقسيم الجغرافي في المنقطة، تقاسم علي النهري عقارياً آل مرتضى وآل المطران، وكان اسمها الأشرفية، نسبةً إلى نهر الأشرفية القادم من نهر حالا، الذي كان يروي القرية وتبدّل الاسم إلى ‘على النهري’ لأنها تسكن على النهر، وليس إلى علي الزهري، وأصبح اسمها علي النهري نسبةً إلى أن مدفنه عند النهر".
لا أحد يعلم كيف جاءت هذه العوائل الجديدة وسكنت القرية، إذ لا توجد سوى الرواية التي نقلناها عن لسان رجل الدين، وأخرى تاريخية عن لسان كتّاب وصحافيين من أهل القرية، إذ يقول مهدي في حديثه إن "آل المكحل أصلهم من بيت سلهب من قرية بريتال، وآل المذبوح نصفهم يعود إلى عائلتَي يوسف وعلي الحاج، وآل أبو يونس تحولوا إلى مذبوح وهم من جبيل أو كسروان، وأيضاً آل مهدي هم من السيّاد ويعود نسبهم إلى الشيعة، وآل الفوعاني من بلدة الفوعة في ريف إدلب في سوريا، وأتوا إلى البقاع والجنوب، وعائلات هزيمة، سنديان، دلول، عواضة، وبحصون جدهم الأساسي مرعي البداني من أبدانا، من بريتال. وكلها عائلات تملّكت في علي النهري، واشترت الأراضي من آل مرتضى والمطران، وهناك وثائق منذ العهد العثماني تدل على ذلك".
تقهقر الريف والهجرة
أدرك الإمبراطور يوستنيانوس الكبير (537-564م)، ويُعرف بـ"الإمبراطور الروماني الأخير"، أهمية إنتاج الحرير، وعلى إثر ذلك، أمر ناسكَين نستوريَين بالذهاب شرقاً لكشف لغز خيط الحرير. بعد سنتين، عاد الناسكان من آسيا الوسطى حاملين معهما كميةً كبيرةً من بيوض دودة القز المخبّأة داخل عصيهما التي من الخيزران.
انتشرت تربية دود القز في الإمبراطورية البيزنطية، وخصوصاً في سوريا ولبنان، حيث زُرعت شجرة التوت، ورُبّيت دودة القز
منذ ذلك الوقت، انتشرت تربية دود القز في الإمبراطورية البيزنطية، وخصوصاً في سوريا ولبنان، حيث زُرعت شجرة التوت، ورُبّيت دودة القز، وهذه إحدى الروايات الأسطورية المذكورة في قصائد "كونفوشيوس الغنائية"، وذلك بحسب ما ورد على موقع "متحف الحرير" الوحيد في لبنان لإنتاج خيط الحرير وتربية دودة القزّ.
وتُعدّ الزراعة وخصوصاً زراعة شجر التوت لتربية دودة القزّ، من الأسباب التي أدت إلى تشكل القرى الريفية في المدن اللبنانية والهجرة الداخلية والخارجية، وأغلب الروايات من ناشطين ومفكرين في القرية يرجحون قدوم علي الزهري إلى الأشرفية بسبب هذه العوامل.
وبحسب الباحث الأكاديمي الدكتور بطرس لبكي، في مقال رأي له نُشر في العام 2011 في "جريدة الأخبار"، فإنه "عندما عصفت أول أزمة كبيرة بالاقتصاد الأوروبي (بين 1870 و1890)، تقلص نشاط مصانع الحرير في فرنسا، وانخفضت أسعارها، وانعكس ذلك أزمةً في قطاع الحرير في لبنان، وإقفالاً للمغازل وإهمالاً لبساتين التوت وهجرة السكان إلى السواحل والبقاع. انتعش الاقتصاد الأوروبي بعد 1890، وانعكس ذلك على قطاع الحرير في لبنان أيضاً".
أما السبب الآخر لقفول إنتاج الحرير برأي لبكي، كما جاء في مقاله، فهو "فتح قناة السويس وكذلك توسّع الملاحة البخارية، الأمر الذي سهّل وصول الحرير الآتي من اليابان والصين إلى الأسواق الأوروبية، بأسعار أدنى من أسعار حريرنا، ما فاقم من أزمة ذلك القطاع، فأغلقت بعض المغازل في مطلع القرن العشرين أبوابها، وبدأ استبدال أشجار التوت بأشجار الليمون والزيتون، خاصةً في السواحل، وتسارعت الهجرة".
هذه الهجرة الداخلية والخارجية، يرى فيها كتّاب وناشطون من القرية، سبباً كبيراً لقدوم علي الزُهري إلى الأشرفية، "أي علي النهري حالياً"، واندثار عوائل قديمة كـ"السمك، وبغدادي" وغيرهما، وقدوم عوائل جديدة من أجل الزراعة البديلة كالتي ذكرها سابقاً رجل الدين في القرية فيصل مهدي، وتملّكوا مع مرور الزمن الأراضي في البلدة.
السياسة والأحزاب
لم يتوقف الأمر على الهجرة إلى القرية وتطور الزراعة والكثافة السكانية التي أدت إلى نشوء "علي الزُهري"، بل كان لها دور كبير في الحركة السياسية، إذ دخلتها أغلب الأحزاب اللبنانية. يقول الكاتب سليمان جمعة: "كلّ الأحزاب اللبنانية دخلت إلى علي النهري، في خمسينيات القرن الماضي، حتى حزب الكتائب، عدا حزب القوات اللبنانية، وأول حزب دخل إليها كان النجادة، عندما قام عدنان الحكيم، وهو أستاذ جامعة سنّي، بقيادة الحزب، وإعادة تنظيم أطره وقواعده ليحولها إلى منظمة حزبية سياسية ناجحة عام 1953، إلى أن انتهى عمله إبان الحرب الأهلية اللبنانية".
استغاث أهالي "علي النهري ‘النبي’، بالنبي الزُهري وسكنوا في القرية، إلى أن أصابهم الطاعون ولم تتبقَّ منهم سوى عائلة ‘ملدان’، وهي أول من أنشأ المقام وعدّته مقام نبيّ
ويضيف: "كل الشباب في البلدة انتسبوا إلى الأحزاب، وأصبح للأخيرة أتباع ومقاتلون، ومنها المنظمات الفلسطينية، وحزب البعث السوري والعراقي، والحزب الشيوعي والحزب القومي السوري، بعدها دخلت حركة المحرومين في السبعينيات، ودخل السيد موسى الصدر إلى البلدة وخطب فيها".
ويتابع: "بالإضافة إلى تلك الأحزاب، دخل أيضاً كمال جنبلاط إلى القرية، وكانت فيها أكبر مفوضية للحزب التقدمي الاشتراكي، وكل الشباب اندمجوا بقوة في تلك الأحزاب، ولكن في بداية الحرب الأهلية، وعند بدء الثورة الإيرانية انقسمت حركة المحرومين على بعضها في القرية، ما انعكس على الأهالي، الذين انتمى جزء منهم إلى حزب الله، والآخر إلى حركة أمل، الأمر الذي أدى إلى ضعف الحركة، مقابل قوة حزب الله، وأصبح الناس في البلدة يميلون إليه أكثر، لأسباب عدة منها التدين والاستفادة المادية".
"أما على الصعيد التعليمي والثقافي، فظهر كثيرون من البلدة، من شعراء وأطباء، وكتّاب، ومهندسين، وأغلب الفئات التعليمية، وكان أول من دعم الحركة التعليمية في القرية، الحزب الشيوعي، الذي ساعد الكثير من أبنائها على السفر والحصول على منح تعليمية، وكان أيضاً للوزير الأسبق محسن دلول دور كبير في ذلك"، بحسب سليمان جمعة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ 18 ساعةtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...