شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
في ظل أزمة الأعلاف... مزارعون ومربّو مواشٍ في مصر يلجؤون إلى

في ظل أزمة الأعلاف... مزارعون ومربّو مواشٍ في مصر يلجؤون إلى "البونيكام"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

السبت 26 نوفمبر 202201:00 م

خلال العام الجاري، شهدت أسعار الأعلاف حول العالم ارتفاعاً ملحوظاً، جراء الحرب الروسية الأوكرانية، ولا سيما الذرة الصفراء وفول الصويا، مما أثر بالسلب على مربي وتجار الأغنام والمواشي في مصر، في ظل نقص المعروض في الأسواق وقيود الاستيراد وأزمة توفير النقد الأجنبي، وقد ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية لتصل إلى 15 ألف جنيه (760 دولاراً) للطن بدلاً من 6 آلاف جنيه قبل اندلاع الحرب في شباط/ فبراير الماضي.

بذلك، أصبح ضرورياً أن يتجه المزارعون ومُربّو المواشي نحو حلول بديلة تمكّنهم من توفير إنتاج محلي من الأعلاف، ولا يتسبب في أعراض جانبية تضرّ بالحيوانات، وعلى رأس هذه الحلول زراعة نبات "البونيكام بمباسا"، وهو أمر بدأ بالفعل في مصر مؤخراً، ويُعدّ من أفضل الأعلاف الخضراء لكل من المواشي والأرانب والأغنام والإبل والخيول.

أصبح ضرورياً أن يتجه المزارعون ومُربّو المواشي نحو توفير إنتاج محلي من الأعلاف.

والبونيكام هو نبات نجيلي معمّر يصل طوله إلى قرابة المترين، ويعيش لنحو عشرة أعوام، ويوجد موسمان في السنة لزراعته، يبدأ الأول في آذار/ مارس ويمتد إلى أيار/ مايو، والآخر يبدأ في أيلول/ سبتمبر ويمتد حتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر.

وفي ظل التغيرات البيئية والمناخية وارتفاع درجات الحرارة ومعدلات الجفاف ونقص الموارد المائية، يُعدّ البونيكام خياراً جيداً للزراعة في مصر، إذ يتحمل درجات الحرارة العالية والجفاف ولا يستهلك الكثير من المياه، وهو يُعدّ خياراً ممتازاً للزراعة في البلدان التي تعاني نقصاً في الأراضي الصالحة للزراعة، إذ يصلح لكافة أنواع الأراضي، ويتحمل درجة ملوحة (أي كمية الأملاح القابلة للذوبان في التربة) كبيرة، لكن ينصح الخبراء بزراعته ضمن تربة لا تتجاوز ملوحتها 4،000 جزء في المليون، للحصول على أعلى إنتاج من حيث الكمية والجودة.

غزير الإنتاج

يحكي المزارع الشاب محمد عادل، لرصيف22، تجربته في زراعة البونيكام التي بدأها قبل ثلاث سنوات في مزرعته الواقعة في العياط في الجيزة، مستخدماً شتلات زراعية اشتراها من مزرعة في الإسماعيلية، وغرس تسع شتلات في كل متر مربع من مساحة الأرض، لافتاً إلى أن الفدان الواحد يستوعب نحو 20،900 شتلة بونيكام وينتج نحو 10 أطنان خلال العام الأول لزراعته، ويتضاعف الإنتاج خلال الأعوام التالية.

من مزارع البونيكام في مصر - خاص رصيف22

ويؤكد محمد، أن زراعة البونيكام تُعدّ مشروعاً مربحاً لأنه نبات معمّر، ويمتاز بالزيادة الكبيرة في الإنتاج السنوي والتي تصل إلى 15 "حصدة" في السنة الواحدة، إذ يتم الحصاد مرة كل 20 إلى 30 يوماً، ويعطي إنتاجاً في جميع فصول السنة، وهو سريع النمو وغزير الإنتاج، ويمكن للمُزارع حصاد أول قطفة منه بعد 45 يوماً من زراعته وفي حد أقصى بعد شهرين. ويزداد الإنتاج خلال الطقس الحار والمعتدل ويقلّ في أثناء الفترات الأكثر برودةً، والتي يمكن خلالها حصاده في فترات تتراوح بين شهر ونصف وشهرين.

كما أن تكاليف زراعة البونيكام التي تتراوح بين 12 إلى 15 ألف جنيه للفدان (480 إلى 610 دولارات)، تقل عن تكاليف زراعة أعلاف أخرى كالشعير والبرسيم، خاصةً مع عدم حاجته إلى المبيدات كونه يتمتع بمقاومة عالية للآفات الزراعية، ويتراوح متوسط أرباحه بين 27 إلى 30 ألف جنيه (1،100 إلى 1،200 دولار)، عند بيع محصول الفدان الواحد، في حين أن أرباح البرسيم الحجازي تتراوح بين 15 إلى 20 ألف جنيه سنوياً للفدان الواحد.

زراعة البونيكام تُعدّ مشروعاً مربحاً لأنه نبات معمّر، ويمتاز بالزيادة الكبيرة في الإنتاج السنوي والتي تصل إلى 15 "حصدة" في السنة الواحدة، ويعطي إنتاجاً في جميع فصول السنة، وهو سريع النمو وغزير الإنتاج، ويمكن للمُزارع حصاد أول قطفة منه بعد 45 يوماً من زراعته

وللحصول على بذور البونيكام، ينصح محمد بترك بعض النباتات من دون حصاد حتى تُكوّن سنابل تُقطع قبل أن تنضج وتتساقط على التربة، وتُجفف وتُفرك باليد بسهولة ثم تُترك حتى تجفّ تماماً، وعند زراعتها تتجاوز نسبة إنباتها 95%، والبذرة الواحدة عند زراعتها تُنبت من 23 إلى 30 ورقةً طويلةً.

ويوضح المزارع أن بذور البونيكام متوفرة في بعض الدول الخليجية كالسعودية والإمارات، وتتوفر شتلاته في مزارع البونيكام في مصر، ولدى وزارة الزراعة، بأسعار جيدة، ومؤخراً بدأت بعض الشركات ببيع البذور. وهناك أصناف كالسعودي والتنزاني والأمريكي، والإسباني والبرازيلي وهي الأكثر انتشاراً في مصر.

يقاوم عوامل الجو ويوفر المياه

في حديثها إلى رصيف22، تشير الدكتورة فاطمة علي أحمد، أستاذة كيمياء النبات في مركز بحوث الصحراء، إلى أنه وفي ظل نقص الموارد المائية وارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، لا بد من التفكير في زراعة أعلاف لم تعتد عليها البيئة المصرية كنبات البونيكام، وهو أحد النباتات البديلة للأعلاف الصيفية، ويتفوق في خصائصه عن علف البرسيم الحجازي ذي القيمة الغذائية العالية، نظراً إلى تحمله ملوحة المياه وظروف الجفاف، واحتوائه على نسبة كبيرة من البروتين تتراوح بين 12 و13% في النبات الطازج، و18–22% بعد تجفيفه وطحنه وبيعه لمصانع الأعلاف.

وترى الأكاديمية أنه يمكن زراعة البونيكام في كل أنواع التربة، لكنه يعطي مردوديةً أكبر في التربة السميكة والعميقة، وتصلح زراعته في المناطق الجبلية التي يصل ارتفاعها حتى 1،500 متر، وهو يقاوم البرودة والحرارة المفرطة والجفاف والملوحة الشديدة للمياه، ويمتاز بسرعة نموه وغزارة إنتاجيته، ويمكن زراعته تحت أي نظام للري.

وتدعو المتحدثة إلى التوسع في زراعة الأعلاف الخضراء كالبونيكام، لأنها تُثبّت الآزوت في التربة، وتعمل على حل مشكلة تغذية الحيوان وتوفير السماد للتربة، والحد من استيراد الأعلاف، بجانب إتاحة فرص عمل للشباب.

من مزارع البونيكام في مصر - خاص رصيف22

"بديل مقبول"

يشير الدكتور أحمد فتحي نعيم، المهندس الزراعي والخبير الدولي في تطوير مزارع الإنتاج الحيواني والدواجن، إلى وجود عوامل يجب أخذها في الحسبان عند زراعة البونيكام، كنوعية الأرض والمياه وطريقة نقل المحصول، وعلى أساسها يتم تحديد إذا كان حلاً اقتصادياً أم لا.

ويضيف المتحدث في لقاء مع رصيف22: "لا يمكننا عدّ البونيكام حلاً سحرياً لأزمة الأعلاف، وأنه سيغير خريطة السوق، لكنه بديل جيد يمكن خلطه بمحاصيل أو أعلاف أخرى كالذرة الصفراء والصويا والبطاطا الحلوة والدرنات النشوية"، مشيراً إلى أن أغلب مزارع البونيكام في مصر موجودة اليوم على ضفاف الوادي والدلتا، وتنافس هناك زراعة محاصيل أخرى كالذرة الصفراء.

ويوضح نعيم أن هناك أزمةً في الأعلاف في مصر، والتي ارتفعت أسعارها ثلاثة أو أربعة أضعاف، بسبب الحرب الأوكرانية واحتكار التجار والعقبات الجمركية، إذ تدخل الذرة الصفراء التي تُستورد من أوكرانيا والبرازيل وأمريكا في تكوين 50% من أعلاف الدواجن، وهو ما انعكس بالضرورة على أسعارها وسعر البيض، كما ارتفعت أسعار لحوم المواشي متأثرةً بالأزمة. ووصل سعر الفراخ البيضاء في الأسواق المصرية إلى 40 جنيهاً للكيلوغرام الواحد بدلاً من 26 قبل الحرب، وسجلت كرتونة البيض الأبيض 72 بدلاً من 49 جنيهاً.

لا يمكننا عدّ البونيكام حلاً سحرياً لأزمة الأعلاف، وأنه سيغير خريطة السوق، لكنه بديل جيد يمكن خلطه بمحاصيل أو أعلاف أخرى كالذرة الصفراء والصويا والبطاطا الحلوة والدرنات النشوية

ويشدد المتحدث على ضرورة زراعة المحاصيل الخاصة بالأعلاف في مصر، بدلاً من استيرادها، ووقف تصدير السلع التي يحتاج إليها السوق في صناعة الأعلاف كبنجر السكر (الشوندر) إلى حين انتهاء الأزمة.

توفير التكاليف وزيادة إنتاج الحليب

يكشف محمود كامل، وهو تاجر ومربّي أغنام ومواشٍ، أنه لجأ إلى استخدام البونيكام البرازيلي كعلف للأغنام والمواشي هذا العام، بسبب الارتفاع المستمر لأسعار الأعلاف ونقصها، ويضيف أن كثيرين من مصنّعي الأعلاف ومُربّي الحيوانات اتجهوا إلى استخدام البطاطس والبونيكام وتفل بنجر السكر ومخلفات الصويا الغامقة ونوى البلح المطحون في صناعة العلف.

من مزارع البونيكام في مصر - خاص رصيف22

ويشرح كامل لرصيف22، قائلاً إنه استخدم البونيكام الأخضر الطازج والبونيكام المجفف بنسبة 50% بجانب العلف المركز الذي يحتوي على الذرة والصويا والفول والشعير، لأنه يجب تنويع مصادر البروتين للحيوان، مؤكداً أن معدل إنتاج الأغنام للحليب زاد بمعدل 30% تقريباً، وازداد بياضه نصاعةً، وأن أغنامه أحبّت مذاق البونيكام وازدادت أوزانها كما تحسّن مذاق لحومها.

ومن جهة أخرى، استطاع هو أن يوفر تكاليف الأعلاف بنسبة تصل إلى 80%، إذ تتراوح أسعار البونيكام الطازج المفروم بين 500 إلى 700 جنيه للطن (20-28 دولاراً)، بينما يتراوح سعره جافاً بين 1،700 إلى 2،700 جنيه للطن (70-110 دولارات)، بينما يبلغ سعر طن الذرة 8،000 جنيه، والفول 22 ألفاً، والشعير 9،500 جنيه، وفول الصويا 19،500 للطنّ الواحد، موضحاً أنه أكثر توفيراً من البرسيم والذي يصل سعر الطن منه إلى 3،000 جنيه، كما أن نسبة البروتين في البونيكام أعلى ولا يسبب الانتفاخ أو الإسهال للأغنام والمواشي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard