وُلدت الفنانة الصحراوية عزيزة براهيم في مخيم تندوف في الجزائر للاجئين/ات الصحراويين/ات، بالقرب من الحدود المغربية، لتحمل القضية الصحراوية إلى العالمية عبر كلمات أغانيها وألحانها، بالإضافة إلى الأزياء التي تصر على الظهور بها على المسرح ممثلة لهذه القضية.
لم تلتقِ براهيم بوالدها الذي مات في حرب الصحراء الغربية، فقد وُلدت في المخيم وكان هو يحارب في منطقة العيون، فوجدت في الموسيقى عزاءها وسلواها، بالإضافة إلى استخدامها كرسالة عابرة للغات لحمل قضيتها والتعبير عن نفسها: "أنا امرأة، لاجئة، صحراوية، وهذه جميعها حلقات في سلسلة من الهويات التي تندمج وتكون حالتي وعائلتي وحياتي. أنا امرأة صحراوية ولدت ونشأت في مخيم للاجئين. لا يمكنني النظر في الاتجاه الآخر بعيداً عن من أنا".
تعيش عزيزة التي تمتهن الموسيقى في برشلونة حالياً، بعد أن عاشت في ليون في فرنسا ومناطق أخرى من إسبانيا. تقول لرصيف22: "كوني امرأة فنانة ومهاجرة فإن ذلك ينعكس في كلمات الأغاني التي أغنيها؛ هي تمثلني وتحمل الرسائل التي أود توجيهها". وتضيف: "يتيح لي العيش في إسبانيا الحصول على أفضل الطرق للوصول إلى الموارد الموسيقية وتطوير مسيرتي في الموسيقى، والنموّ فنياً، بالإضافة للوصول إلى الدوائر الموسيقية العالمية. علاوة على ذلك، لقد تعلمت بشكل أسرع هنا وتمكنت من الوصول إلى مجتمع كبير ومتنوع".
"أنا امرأة، لاجئة، صحراوية، وهذه جميعها حلقات في سلسلة من الهويات التي تندمج وتكون حالتي وعائلتي وحياتي. أنا امرأة صحراوية ولدت ونشأت في مخيم للاجئين. لا يمكنني النظر في الاتجاه الآخر بعيداً عن من أنا"... الفنانة الصحراوية عزيزة براهيم
وعن حفاظها على ثقافتها الصحراوية، تقول: "لا يمكن لأحد أن يتخلص من ثقافته ويغيرها إلى ثقافة أخرى. ولا أريد أن أفعل ذلك، لأن ثقافة الصحراء الغربية هي واحدة من آخر نقاط القوة للشعب الصحراوي، فنحن ليس لدينا الأرض، ولكن لدينا ثقافتنا التي من واجبنا الاهتمام بها وصقلها، إنها طريقة للمقاومة".
مسيرتها الفنية
بدأت مسيرة عزيزة الفنية عندما فازت في عام 1995 في مسابقة الأغنية الوطنية الأولى، في "المهرجان الثقافي الوطني للجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"، ثم شاركت في جولة مع فرقة الموسيقى الصحراوية الوطنية في موريتانيا والجزائر، كما سجلت في عام 1999 جلسة للإذاعة الصحراوية الوطنية مع موسيقيين من الطوارق من الجزائر.
غنت مع الفرقة الصحراوية ليود في أوروبا، كما تعاونت مع فرقة الجاز اللاتينية يايابو، وانشأت عندما كانت تعيش بين ليون وإسبانيا في عام 2007، فرقة غوليلي مانكو، المكونة من موسيقيين من الصحراء الغربية، وإسبانيا، وكولومبيا، والسنغال. عن هذه الفرقة قالت براهيم: "شكّلتُ هذه الفرقة في تلك الحقبة الزمنية من حياتي، ومزجتُ فيها بين الموسيقى الإفريقية التقليدية مع موسيقى البلوز والروك، وهي لم تعد موجودة اليوم، فقد انتهت هذه الفترة من حياتي ومعها الفرقة. أنا اليوم أعيش في برشلونة، وأعمل مع موسيقيين استثنائيين يشكلون فرقة رباعية الطبلة عزيزة براهيم".
حسب حديثها "يتهمني النظام المغربي بكوني "مقاومة في جبهة البوليساريو"، عن ذلك تضيف: "بما أنني فنانة وإنسانة فأنا في المقاومة. الموسيقى التي أؤديها تحمل أفكاراً تدعو إلى السِّلم والحوار"
في العام 2011 كانت مشاركتها الأولى في تمثيل الفيلم الإسباني "ولاية"، وكذلك في التأليف والإنتاج وتسجيل الموسيقى التصويرية الأصلية. الفيلم يتحدث عن أسرة صحراوية تتحدث الإسبانية، عديمة الجنسية ومختلطة من السكان الذين يعيشون في صحاري جنوب غربي الجزائر. عن التجربة تقول براهيم: "كانت تجربتي كممثلة في فيلم 'ولاية' مميزة للغاية ومبهجة ومرضية، لقد تعلمت من خلالها الكثير، ما فتح لي الأبواب في عالم السينما، فقد انتهيت مؤخراً من تسجيل أغنية لفيلم إسباني".
التحديات
في العام 2019 ألغى معهد العالم العربي في فرنسا حفلاً لعزيزة براهيم، هو الحفل الختامي للنسخة الأولى من مهرجان "عربوفولي" الذي نُظم تحت شعار "المقاومات"، إثر "ضغوطات مغربية" في ذلك الوقت، وهي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها أمر مشابه كما تقول براهيم: "للأسف، لم تكن هذه هي المرة الأولى، ولكنه لا يحدث في كلّ مرة لحسن الحظ، فقط أينما وَجد النظام المغربي أن لديه فرصة في المنع".
"ليس لدينا الأرض، ولكن لدينا ثقافتنا التي من واجبنا الاهتمام بها وصقلها"
حسب حديثها، يتهم النظام المغربي عزيزة بكونها "مقاومة في حركة صحراوية مسلحة مطالبة باستقلال الصحراء". عن ذلك تقول: "بما أنني فنانة وإنسانة، فأنا في المقاومة. الموسيقى التي أؤديها تحمل أفكاراً تدعو إلى السّلم والحوار". وتشير إلى بيت للشاعر الإسباني، غابرييل سيلايا، الذي يقول: "نتعايش مع الضربات، لأنهم بالكاد يسمحون لنا بالقول إننا من نحن"، وتضيف: "نحن الصحراويين/ات، يجب أن نواصل النضال من أجل القيام بأبسط الأشياء في الحياة اليومية بسبب الرقابة الشديدة".
البوليساريو هي حركة صحراوية مسلحة مطالبة باستقلال الصحراء تأسست في العام 1973، وتسعى إلى استقلال الصحراء الغربية عما تراه "احتلالاً مغربياً"، في الوقت الذي لا تعترف الأمم المتحدة لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ولا تعترف بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" كدولة عضو فيها، لكنها تعترف بالجبهة كمفاوض للمغرب.
وتشير براهيم إلى أن "لكل فنان/ة مشروعه/ا الخاص. أنا أحترم كلَّ الأشكال الفنية. مشروعي الفني يحمل رسالة، لأن الرسالة مترابطة منطقياً مع من أنا ومن أين أتيت وبماذا أطالب، لكن لا يمكنني إخبار الآخرين بأنه يجب عليهم فعل ذلك".
وتواصل: "لكلّ أغنية من أغنياتي رسالة مختلفة. ليست كلها متشابهة. لكن، بشكل عام، أريد أن أذكّر العالم بأن الصحراويين يعيشون احتلالاً غير عادل وغير قانوني منذ عام 1975. نحن نعيش مظلومين/ات ومنفيين/ات منذ 47 عاماً ولدينا الحقّ في العيش بسلام على أرضنا".
لعزيزة خمسة ألبومات: مي كانتو 2009، مبروك 2012، صوتك 2014، ابرار الحمادة 2016، وصحاري 2019، وتستعد لإطلاق عملها الجديد: "أقوم بتأليف الأغاني وإعدادها لعملي الجديد. سيكون ألبوماً جميلاً أتمنى أن ينال إعجاب الناس".
تتجول عزيزة براهيم في أوروبا حاملة همّ القضية الصحراوية بفنها وثقافتها، بالإضافة إلى تجسيدها لهذه القضية التي عادةً ما تتركز في بعض قادة البوليساريو، بعيداً عن الفنانين/ات والمدنيين/ات والمهاجرين/ات المنتمين/ات إليها.
تسعى براهيم إلى عقد شراكات مع مختلف الموسيقيين/ات ودمج الموسيقى الصحراوية بأنواع مختلفة من الموسيقى بالإضافة إلى الغناء بالدارجة الصحراوية لإيصال الصوت والصورة والثقافة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...