احتفت الصحف المصرية بحالة الزخم العالمي في قمة المناخ التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية، من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وعلى الرغم من أن قمة الشركاء للعمل من أجل المناخ هي حدث دوري تستضيفه دول العالم بالتبادل بينها لمتابعة التزاماتها بالحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قدمت الصحف المصرية المملوكة في معظمها لأحد الأجهزة الأمنية السيادية صورة مغايرة للواقع، إذ روَّجت في تغطيتها لقمة المناخ لاعتبار مصر "قبلة العالم التي تقود الجهود لإنقاذ كوكب الأرض من الدمار، وتحقيق تطلعات الدول النامية للحصول على تمويلات جديدة للمساعدة في تغطية الخسائر والأضرار من التغيرات المناخية". مع تسليط الضوء على كلمات الوفود الرسمية التي تحدثت عن التغيرات المناخية وأثرها على الدول النامية، ونقل إشادات سابقة لأوانها بتنظيم مصر "الناجح" لمؤتمر المناخ، معظمها قالها سياسيون ومسؤولون تنفيذيون محليون يعملون في أجهزة الدولة وأجسامها التنفيذية والتشريعية والإعلامية.
في تلك التغطيات لم تلتفت الصحف والبرامج التلفزيونية المصرية إلى شكاوى ومخاوف وتحفظات المشاركين من الناشطين البيئيين ومشاركي منظمات المجتمع المدني والوفود الرسمية الموجودة في شرم الشيخ، سواء لنقل الصورة الكاملة للقراء، أو لتنبيه صناع القرار إلى أوجه القصور التي قد تضر بالتنظيم.
وعلى الرغم من أن قمة الأطراف للعمل من أجل المناخ هي حدث تستضيفه دول العالم بالتبادل بينها لمتابعة التزاماتها بالحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، روَّجت الصحف المصرية في تغطيتها للقمة، لاعتبار مصر "قبلة العالم التي تقود الجهود لإنقاذ كوكب الأرض من الدمار"
لكن التجاهل الإعلامي المصري لم يوقف تلك الحقائق عن الخروج للنور سواء عن طريق منصات التواصل الاجتماعي التي استخدمها النشطاء البيئيون والمراقبون من المجتمع المدني للكتابة حول المشكلات التي يواجهونها، أو عبر الصحف الاجنبية التي التقطت تلك التحفظات وتابعتها لتقدم عنها تقارير موسعة انتشرت خلال اليوم الثاني (اليوم الرئاسي) للقمة المنعقدة في المدينة الساحلية الدافئة.
ويتزامن المؤتمر مع قرار الكاتب والمبرمج والناشط السياسي المصري الابرز علاء عبدالفتاح تصعيد إضرابه عن الطعام إلى الإضراب الكامل قبل اسبوع من القمة، وامتناعه الكامل عن تناول المياه مع بدء فعالياتها صباح الأحد 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، لتسيطر حالته الصحية والمطالبة بحقه في الحرية ووقف سجن المعارضين المصريين والتنكيل بمعتقلي الرأي على كلمات الوفود المشاركة وتغطيات الصحف.
علاء الذي بات يحمل الجنسية البريطانية تابعاً لوالدته الحاملة لجنسية نفسها بالميلاد، امتد سجنه إلى ما يقرب من 10 سنوات شبه متواصلة، معظمها في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، بتهم تتعلق بآراء كتبها أو شاركها على وسائل التواصل الاجتماعي، اتهم على إثرها بالإرهاب، وهو ما طغى على اهتمامات وسائل الإعلام الأجنبية.
هنا نرصد الصورة التي تعمد الإعلام المصري على عدم نقلها في صحفه أو عبر قنواته وأثيره الإذاعي، نقلاً عن بيانات وشهادات منظمات حقوقية ونشطاء وصحافيين حضروا قمة المناخ في شرم الشيخ.
لم تلتفت الصحف والبرامج التلفزيونية المصرية إلى شكاوى ومخاوف وتحفظات المشاركين من الناشطين البيئيين ومشاركي منظمات المجتمع المدني والوفود الرسمية الموجودة في شرم الشيخ، سواء لنقل الصورة الكاملة للقراء، أو لتنبيه صناع القرار إلى أوجه القصور التي قد تضر بالتنظيم
علاء يهيمن على كوب 27
تصدرت قضية الناشط علاء عبد الفتاح اهتمام وسائل الإعلام العالمية، بل أن إضرابه ومطالبات الإفراج عنه طغت على التغطية الإعلامية لكوب 27 في بعض الصحف، مثل الجارديان وواشنطن بوست وغيرهما، والتي لا يكاد يخلو خبر أو تغطية من الإشارة إلى إضراب الناشط علاء عبد الفتاح ومحاولات أسرته لإطلاق سراحه، ويتسق هذا مع ما أشارت إليه الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامارد في مؤتمر صحافي يوم الأحد بالقاهرة، بأنه إذا لم يتم إطلاق سراح علاء، فإن إضراب علاء سيهيمن على مناقشات قمة المناخ " وفي كل نقاش سيكون علاء هناك".
وأثناء المؤتمر برز علاء عبد الفتاح على طاولة الحوارات الصحافية، حيث اعتبر سامح شكري وزير الخارجية المصري بسؤاله أن قضية علاء ليست أولوية "أعتقد أنه يجب علينا التركيز على المهمة المطروحة والأولوية فيما يتعلق بتغير المناخ"، وبإثارة السؤال حول وضعه الصحي في السجن وبدء الإضراب الشامل، قال سامح: "أنا واثق من أن سلطات السجن ستوفر الرعاية الصحية لعلاء ولجميع النزلاء، مضيفاً أن القانون المصري لديه عملية محددة للاعتراف بالجنسيات الأجنبية لم يستوفها علاء عبد الفتاح بعد، وهو مواطن مصري". في حين تحفظت الصحافية الأمريكية التي أجرت الحوار على ما اعتبرته تلميحاً من الوزير المصري إلى إجبار عبدالفتاح على التغذية رغم إرداته في مخالفة للقوانين والاتفاقات الدولية التي وقعتها مصر وتلتزم بها دستورياً، فتعمد شكري التهرب من التعليق على تحفظها.
ردت الباحثة الباثولوجية منى سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح على حديث شكري في سلسلة تغريدات عبر تويتر، وقالت إن "الدولة المصرية تخترع أعذاراً وهمية لنزع أي حماية قانونية عن علاء"، وذكرت أن تلميحات وزير الخارجية المصري سامح شكري بأن شقيقها غير مضرب، تتطابق مع الموقف الرسمي للدولة وهو إنكار الإضراب، مذكرة بواقعة تزوير تقرير طبي يفيد بعدم صحة إضراب علاء، كتبه أطباء تابعون لمصلحة السجون المصرية من دون أن يلتقوا بعبد الفتاح أو يوقعوا الكشف عليه. مضيفة: "للأسف وزير الخارجية اختار يبقى متصدر حملة الدعاية والتزييف للدولة وبالتالي يشارك بشكل مباشر في خرق القانون المصري والدولي".
وفي مقابلة لصحيفة نيويورك تايمز على هامش القمة، قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون "لقد أثرت قضية علاء شخصياً مؤخراً مع الرئيس السيسي عندما كنت رئيساً للوزراء بدا لي أنه منفتح للنقاش، لدينا علاقات جيدة بمصر، والرئيس السيسي كان قادراً على تسوية الأمور في الماضي. وأتمنى أن يتمكن من المضي قدماً في هذا أيضاً ويتم الإفراج عن علاء بأسرع ما يمكن".
وفيما خرج بيان رئاسة الوزراء البريطانية حول اللقاء الذي جمع ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني وعبدالفتاح السيسي، مؤكداً على إثارة قضية إطلاق سراح علاء عبدالفتاح، تجاهل بيان الرئاسة المصرية الأمر برمته، مكرراً ما تردده البيانات التقليدية حول تعزيز التعاون بين البلدين.
في الوقت نفسه، وصلت شقيقة علاء عبد الفتاح سناء سيف إلى مؤتمر كوب 27 في شرم الشيخ وهو خبر تجاهلته الصحف المصرية، ونقلته صحيفة واشنطن بوست التي قالت إن شقيقة علاء عبد الفتاح ظهرت كمندوبة في مؤتمر المناخ حاضرة بجنسيتها البريطانية لا المصرية، لتثير الانتباه إلى قضية شقيقها بمطالبة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإثارة قضية الناشط المصري مع السيسي. وقبل أيام من انعقاد المؤتمر، تعهد رئيس وزراء بريطانيا الجديد بمواصلة الضغط على السيسي بشأن قضية عبد الفتاح. وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، كتبت سناء مقالًا في الغارديان تحدثت فيه عن الوضع الصحي الصعب لشقيقها علاء، وقالت إن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك هو أمله الأخير.
في غضون ذلك، أعلنت منظمة العفو الدولية عن تنظيم ندوة عن العدالة المناخية وحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء، في الجناح الألماني بالمنطقة الزرقاء في شرم الشيخ (مساحة للفعاليات الرسمية خاضعة لإشراف الأمم المتحدة) بحضور سناء سيف وحسام بهجت وعدد من نشطاء حقوق الإنسان، ومن جانبه، أكد مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية سكايز (عينا سمير قصير)على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ حياة علاء عبد الفتاح، وناشد المركز السلطات المصرية إطلاق سراحه.
كما تحدثت في الجلسة الافتتاحية لقمة المناخ، مديرة شبكة المنظمات العاملة من أجل القضايا المناخية، الجنوب إفريقية تسنيم إيسوب، عن قضايا المناخ وما لها من تأثير على حقوق ملايين الأشخاص، وطالبت بإنقاذ حياة علاء عبد الفتاح وإطلاق سراحه، وقالت إيسوب في كلمتها: "حقنا في أن يُسمع صوتنا، وحقنا في التجمع، والحق في الاحتجاج، وحقنا في المعارضة ومحاسبة من هم في السلطة، هذه الحقوق لا ينبغي أن يُساء استخدامها أو تقويضها. يتعرض نشطاء المناخ والمدافعون عن حقوق الإنسان للهجوم بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم".
وتابعت المناضلة الجنوب إفريقية "سجين الضمير المصري، علاء عبد الفتاح، صعّد إضرابه عن الطعام الذي بدأ منذ أكثر من 200 يوم. لقد توقف عن شرب الماء. حياته الآن في خطر شديد. ندعو إلى الإفراج الفوري عنه والإفراج عن جميع سجناء الضمير".
وختمت كلمتها بالقول: "لا توجد عدالة مناخية بدون حقوق إنسان، لم نُهزم بعد"، وهو اسم كتاب صدر لعلاء، جمع فيه أصدقاؤه وأسرته مقالاته وكتاباته ونُشر وهو في السجن.
وتعقد المونتيرة والناشطة السياسية سناء سيف، شقيقة علاء الصغري مؤتمراً صحافياً مساء اليوم الثلاثاء ي قاعة الاقصر بالمنطقة الزرقاء بالمؤتمر، تولى الترتيب له جمعيات الحقوق البيئية الألمانية المشاركة، لحديث عن شقيقها ونضاله من أجل حريته وحرية المعتقلين السياسيين في مصر.
لا يزال الحديث حول علاء عبد الفتاح وملف حقوق الإنسان، هذه المرة مع صحيفة الإندبندنت البريطانية التي نقلت عن حسام بهجت الناشط المصري البارز في مجال حقوق الإنسان قوله إن "مصر متورطة في أزمة حقوق إنسان الواسعة النطاق"، مضيفاً: "حكومتنا الحالية لديها واحد من أسوأ سجلات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم"، وأظهرت الصحيفة انقساماً لدى الجماعات الحقوقية حول المؤتمر، فالبعض انتقد تنظيم مؤتمر المناخ في مصر بسبب سجلها السيىء في مجال حقوق الإنسان واعتبروا ذلك "غسيلاً أخضر" لسمعة مصر في هذا الملف، فيما ذهب آخرون إلى أن المؤتمر فرصة نادرة لتسليط الضوء على حقوق الإنسان في مصر، كما أنه يوفر فرصة للكثيرين الممنوعين من السفر مثل حسام بهجت للمشاركة في تجمع دولي لا يمكنهم عادة حضوره.
في مصر، تواصل ثلاث صحافيات هن إيمان عوف، منى سليم، رشا عزب، إضرابهن عن الطعام لليوم الثاني داخل نقابة الصحافيين المصرية، للمطالبة "بالافراج عن معتقلي الرأي والتعبير في مصر، وتضامناً مع إضراب سجين الرأي علاء عبدالفتاح الذى يصارع الموت من أجل الحرية" وفق بيان صادر عنهن
بيان منظمة العفو الدولية حول حالة علاء عبد الفتاح كان حاضراً في وكالة أنباء أسوشيتد برس، وهو بيان لم تنقله الصحف المصرية، طالبت فيه المنظمة بالإفراج عن علاء عبد الفتاح، كما نقلت الوكالة الأمريكية رداً من الدبلوماسي المصري وائل أبو المجد في معرض سؤاله عن احتجاز الناشط علاء عبد الفتاح قائلاً " قادة العالم يجتمعون لمدة أسبوعين لمواجهة تهديد وجودي للبشرية وهذه هي أولوية الرئاسة".
وفي مصر، أعلنت ثلاث صحافيات هن إيمان عوف، منى سليم، رشا عزب، الدخول في إضراب عن الطعام داخل نقابة الصحافيين المصرية، للمطالبة "بالافراج عن معتقلي الرأي والتعبير في مصر، وتضامناً مع إضراب سجين الرأي علاء عبدالفتاح الذى يصارع الموت من أجل الحرية" وفق بيان صادر عنهن.
وطالبت الصحفيات "بالإفراج الفورى عن علاء عبدالفتاح، وإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين نقابيين وغير نقابيين، ووقف ملاحقة الصحافيين في قضايا النشر، وفتح المجال العام في مصر وقيام نقابة الصحافيين بدورها التاريخي، ووقف الملاحقة الأمنية المستمرة لأصحاب الرأي، وطرح حلول جذرية لقضية السجناء السياسيين وإطلاق سراح كل من لم يتورط في أعمال عنف".
عربياً، شهدت عدة مدن وعواصم عربية مظاهرات تضامنية مع علاء عبد الفتاح، بدأت من بيروت التي شهدت اعتصاماً أمام السفارة البريطانية في العاصمة اللبنانية، تضامناً مع علاء عبد الفتاح، وفي العاصمة تونس دعمت جمعيات حقوقية لوقفة تضامنية يوم الثلاثاء أمام مقر نقابة الصحافيين التونسية، ودعت الجمعيات في بيان "إلى إطلاق السراح الفوري لعلاء عبد الفتاح المدون والمدافع المصري البارز عن حقوق الإنسان وإحدى أيقونات الثورة المصرية التي أطاحت بنظام الدكتاتور حسني مبارك"، كما أعلنت منظمة "سمكس" اللبنانية عن وقف تضامنية مع علاء عبد الفتاح، أمام سفارة المملكة المتحدة في بيروت في تمام الساعة الرابعة عصر يوم الاثنين.
إلى برلين قرر ناشطون وصحافيون تنظيم مظاهرات تضامناً مع علاء عبد الفتاح وسجناء الرأي، في تمام الساعة الثانية عشر ظهراً، تحت عنوان "لا لغسل وجه الديكتاتورية المصرية باستغلال القيم البيئية، الحرية لجميع السجناء السياسيين"، كما سبقها تظاهرة يوم الأحد في لندن أمام مقر الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت، في أول أيام مؤتمر المناخ، وفي لاهاي وكوريا الجنوبية.
كما أعربت الروائية الهندية والناشطة السياسية أرونداتي روي الفائزة بجائزة البوكر سنة 1997 عن روايتها "إله الأشياء الصغيرة" تضامنها مع علاء، وقالت في رسالة مصورة "علاء، هذه الرسالة لك. أتساءل عن معنى حريتنا بينما حريتك ليست ملكك. وأتساءل عن معنى حياتنا بينما تفقد أنت حياتك. وأتساءل عن معنى مؤتمر العدالة المناخية بينما البلد المستضيفة تسجن وتقتل البشر".
نشطاء حاضرون للمؤتمر لم يتمكنوا من الوصول إلى مواقع منظماتهم لنشر فعالياتهم وأنشطتهم عليها، بسبب حجب الحكومة المصرية لمواقع ووسائط عديدة، منها منصة "ميديوم" للنشر. كما انتقد خبراء تقنيون انتهاك الخصوصية الواسع الذي تفرضه الحكومة المصرية عبر تطبيق الهاتف المخصص للمؤتمر
الحجب والمراقبة
بحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية، اكتشف الحاضرون في قمّة المناخ أنّ شبكة الإنترنت "واي فاي" الخاصة بالمؤتمر تمنع الوصول إلى موقع منظّمة هيومن رايتس ووتش، ومواقع إخبارية رئيسية أخرى من المهم زيارتها للحصول على معلومات على هامش المؤتمر. وهي ضمن 1600 موقع حجبتها السلطات المصرية على شبكات الإنترنت المحلية.
وقالت ألكساندريا فيلاسينور الناشطة في مجال المناخ وتقود منظمة "إيرث أبرايزنغ" عبر تويتر، "هناك الكثير من المواقع المحجوبة في مصر في كوب 27، مما يجعل عملنا تحت الرقابة وبالغ الصعوبة. لا يمكننا نشر فعالياتنا ومتابعاتنا على موقعنا في منصة ميديوم Medium لأن الوصول إليها محظور في مصر"، مضيفة "لا يوجد عمل مناخي بدون احترام الحق في الوصول إلى المعلومات".
ووفقاً للغارديان، يخشى المراقبون والحاضرون في المؤتمر من أن الحجب قد يكون جزءاً من جهود السلطات المصرية لفصل مفاوضات المناخ الحيوية عن قضايا حقوق الإنسان، والتحكم في ما يمكن للمشاركين في شرم الشيخ معرفته حول سجل مصر الممتد لعقود من القمع، والحد من فهمهم للبلد الذي تجري فيه المحادثات.
رصد رصيف 22 شكاوى لبعض سكان شرم الشيخ من توقف سيارات الميكروباص العامة بسبب المؤتمر، واستبدالها بحافلات صديقة للبيئة خصصتها الحكومة المصرية لزوار المؤتمر لا يتمكن السكان من استخدامها، وهو ما جعل السكان يشعرون بالضيق بسبب غياب المواصلات العامة
وقال مدير البيئة في هيومن رايتس ووتش، ريتشارد بيرسهاوس، في التقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية، إن السلطات المصرية منعت الوصول إلى حوالي 700 موقع إلكتروني، بما في ذلك وسائل الإعلام الإخبارية المستقلة وجماعات المجتمع المدني، وأضاف "هذا يقيد بشدة الوصول إلى المعلومات التي يجب مناقشتها بما في ذلك قضايا البيئة وحقوق الإنسان".
وأعرب الحاضرون في المؤتمر عن مخاوفهم من أن التطبيق الرسمي الذي دشنته الحكومة المصرية بالتعاون مع الأمم المتحدة لمحادثات المؤتمر، هو وسيلة من الحكومة نفسها في تتبعهم، من خلال طلب التطبيق عند تحميله الوصول إلى موقع المستخدم وتتبع حركته وانتقالاته، وكذلك طلب الوصول إلى الصور والرسائل النصية وحتى رسائل البريد الإلكتروني.
وفقاً للغارديان، يتطلب تطبيق كوب 27 الرسمي "أذونات كاسحة" من المستخدمين قبل تثبيته، وهو ما يعطي لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية القدرة على الاطلاع على المراسلات الشخصية لكل من يستخدم التطبيق، والبحث عن الصور وتحديد مواقع المستخدمين. وقال خبير في تقنية المعلومات فحص التطبيق بشكل مستقل للغارديان، إن التطبيق يرسل البيانات ويخزنها على هادمين مختلفين، احدهما مملوك للحكومة المصرية، و"لا يمكن معرفة كيف ستستخدم تلك البيانات لاحقاً من قبل نظام السيسي لمزيد من قمع المعارضة، في بلد يحتجز بالفعل حوالي 65000 سجين سياسي" بحسب الصحيفة البريطانية.
إغلاق الطرق
وفي يوم الإثنين، أغلقت السلطات المصرية عدة طرق قريبة من انعقاد قمة المناخ، بسبب توجه القادة إلى المؤتمر، وهو ما جعل المندوبين والصحافيين يصلون متأخرين إلى المؤتمر.
مايكل بلومبرج، المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بحلول المناخ، والمرشح المنتظر للانتخابات الأمريكية القادمة والشريك الرئيس لوكالة بلومبرج الاقتصادية، وصل إلى المؤتمر في وقت متأخر بسبب إغلاق الطرق، وقال للمشاركين: "أعتذر عن تأخري... لقد أغلقوا جميع الطرق. لا يرى المرء هذا العدد من الطرق الخالية في حياته".
كما رصد رصيف 22 شكاوى لبعض سكان شرم الشيخ من توقف سيارات الميكروباص العامة بسبب المؤتمر، واستبدالها بحافلات صديقة للبيئة خصصتها الحكومة المصرية لزوار المؤتمر لا يتمكن السكان من استخدامها، وهو ما جعل السكان يشعرون بالضيق بسبب غياب المواصلات العامة.
المتظاهرون غائبون
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن ساحات الاحتجاج الرمزية التي خصصتها الحكومة المصرية للتظاهر شهدت غياباً تاماً للمتظاهرين في قمة المناخ (على غير ما هو معهود في قمم المناخ التي تشهد تظاهرات تطالب بالعدالة المناخية وحقوق الإنسان)، وبالرغم من تخصيص السلطات المصرية ساحة "انيقة" للمتظاهرين الذين من المفترض تسجيل أسمائهم لدى السلطات مسبقاً، إلا أن رحلة الوصول إلى أماكن الاحتجاج كانت طويلة وبعيدة عن مكان القمة الرئيسي، أي أن المتظاهرين سيكونون بعيدين عن القادة الذين يأملون في الضغط عليهم، وفقاً لنيويورك تايمز.
وذكرت الصحيفة أنها شاهدت أشخاصاً بالقرب من ساحة الاحتجاج التي خصصتها السلطات المصرية، كانوا عدداً قليلاً من الصحافيين وعشرات من الشباب الذين ينظرون إلى هواتفهم، وهو - بحسب الصحيفة - مشهد مألوف في مواقع أخرى حساسة سياسياً، حيث تنشر السلطات المصرية في كثير من الأحيان مخبرين بملابس مدنية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون