شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
لم يَزل

لم يَزل "منصور" ولم يُهزم... علاء عبد الفتّاح يبدأ الفصل الأخير في نضاله من أجل الحرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الثلاثاء 1 نوفمبر 202211:34 ص

 أعلن المبرمج والناشط السياسي السجين علاء عبد الفتاح، أمس الاثنين، 31 تشرين الأول/ أكتوبر، تصعيده الإضراب عن الطعام الذي كان بدأه قبل سبعة شهور، ليُتحول بصورة تدريجية إلى إضراب تام حتى عن المشروبات والمياه، تبدأ من اليوم الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، بالامتناع الكامل عن تناول أي سعرات حرارية، والبدء يوم الأحد 6 تشرين الثاني/ نوفمبر في الامتناع الكامل عن تناول المياه أيضاً، ما يضع حياته على المحك. 

أعلن علاء الخبر لوالدته في خطاب تسلمته والدته من محبسه في مجمع سجون وادي النطرون أمس الإثنين. ونقلت الدكتورة ليلى سويف، والدة علاء، الخبر عبر حسابها على فيسبوك، موضحة أن قرار علاء يُمثّل تهديداً فعلياً لحياته، إذ كانت هناك محاولات متعددة لإنقاذها على مدار الفترة الماضية، لكن دونما استجابة من السلطات المصرية، وأمام ما يبدو عجزاً أو تقاعساً من السلطات البريطانية التي يحمل علاء جنسية دولتها منذ نهاية العام الماضي.

قرار علاء يُمثّل تهديداً فعلياً لحياته، لكنه اتخذه بعد محاولات متعددة لإنقاذ روحه على مدار الفترة الماضية، لكن دونما استجابة من السلطات المصرية، وأمام ما يبدو عجزاً أو تقاعساً من السلطات البريطانية التي يحمل علاء جنسية دولتها منذ نهاية العام الماضي 

إضراب متصاعد

 بدأ علاء إضرابه مع بداية شهر رمضان الماضي، يوم 2 نيسان/ إبريل 2022، إذ امتنع عن تسلّم المأكولات التي أتته خلال زيارة أسرته له، حسبما أثبت محاميه خالد علي في بلاغ تقدّم به إلى النائب العام حمل رقم 16270 لسنة 2022، وطلب منذ ذلك الحين توفير الرعاية الطبية له أثناء الإضراب، وتقديم تقارير دورية عنه للنيابة.

 وكشفت سويف عبر حسابها  قرار علاء بعد زيارتها له أمس، والذي علمت به من خطاب نشرت شقيقته سناء جزءاً منه، وكان مما ورد في نَصّها "النهارده آخر يوم هشرب فيه مشاريب ساخنة أو تحديداً يعني بما إني هعد الأيام؛ من فتح النور 10 صباحاً يبقى بكره الثلاثاء 1 نوفمبر هشرب آخر كباية شاي في الآسر قبل فتح النور. وبعد 5 أيام بالضبط (مع فتح النور يوم الأحد 6 نوفمبر) هشرب آخر كباية مياه. بعد كدا في علم الغيب".

 ويوم الأحد المقبل، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، موعد بدء علاء إضرابه الكامل حتى عن شرب المياه، يتزامن مع انطلاق أعمال مؤتمر المناخ COP 27  في مدينة شرم الشيخ المصرية، في ظل تعرّض مصر لانتقادات دولية، حد اعتبار البعض في هذا المؤتمر فرصة لـ"غسل سمعة" النظام المصري بسبب سجلّه الحقوقي الذي كان سبباً في اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية في أيلول/ سبتمبر 2021 قرارًا بحجب جزء من مساعداتها العسكرية لمصر.

 والولايات المتحدة هي التي رصدت وزارة خارجيتها في تقريرها لعام 2021 عن حالة حقوق الإنسان في مصر عدّة انتهاكات، كان أبرزها "التعذيب، لا سيما في السجون"، وقالت عنها إن الأوضاع فيها "قاسية ومُهدِّدة للحياة"، وكان ممن خصّتهم فيه بالذكر علاء عبد الفتاح.

 وأعلنت سناء سيف، شقيقة علاء الصغرى، في منتصف أغسطس/ آب الماضي، أنه "سيكتفي بالحصول على 100 سعرة حرارية فقط يوميّاً"، في تصعيد لهذا الإضراب الذي بدأه احتجاجاً على سجنه وسوء معاملته فيه، وللمطالبة بالإفراج عنه وكذلك "عمّن تخطوا مدة الحبس الاحتياطي، وكل من صدرت عليهم أحكام بإجراءات تقاضٍ غير دستورية".

يبدأ علاء إضرابه عن المياه - ما يهدد فرص استمراره في الحياة إن لم يطلق سراحه- تزامناً مع بدء فعاليات اليوم الأول لقمة المناخ المقرر انعاقدها في شرم الشيخ يوم 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري

خصومة مستمرة

ألقت الشرطة المصرية القبض على علاء عبد الفتاح في أيلول/ سبتمبر 2019 بالتزامن مع دعوة لم يكن علاء على صلة بها - آنذاك- إلى مظاهرات ضد سياسات السلطات المصرية، عُرِفَت إعلامياً بـ"أحداث 20 سبتمبر"، ليتم حبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 1365 لسنة 2019 حصر أمن دولة عُليا، بتهمة "نشر أخبار كاذبة" وذلك بعد القبض عليه خلال خضوعه للمراقبة الشرطية بعد الإفراج عنه من حكم خمس سنين سجن أداها في قضية "أحداث مجلس الشورى". 

وفيما اعتبرته منظمات حقوقية "استنساخ قضية من أخرى بغرض التغلب على انتهاء الفترة القانونية لمدة الحبس الاحتياطي"، ضمت السلطات علاء- وبالاتهام نفسه- إلى قضية جديدة هي 1228 لسنة 2021، ليصدر حُكم ضده فيها يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2021، بالحبس خمس سنوات، وذلك من محكمة استثنائية هي أمن دولة طوارئ، لا يمكن الطعن أحكامها. 

لكن الخصومة مع علاء لم تبدأ قبل ثلاث سنوات فحسب، بل قبل أكثر من عقد وفي قضايا عديدة، أبرزها قضية أخرى شهيرة عُرِفَت بـ"أحداث ماسبيرو"، ووقعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، حين اتهمه المجلس العسكري الحاكم بقتل المتظاهرين المصريين من الأقباط في منطقة ماسبيرو على الرغم من شهود العيان والمقاطع المصورة التي تثبت مسؤولية القوات التابعة للمجلس نفسه عن المذبحة.

محاولات للإنقاذ

والخصومة المتواصلة مع علاء هي التي بلغت حد حرمانه من حقوقه كسجين، حتى رغم إضرابه عن الطعام، كما كشفت أسرته مما حدث معها في زيارة تمت في نيسان/ أبريل الماضي.

وأمام هذه الإجراءات، والمنع المتكرر من جانب السلطات التي أطلقت قبل شهور "إستراتيجية لحقوق الإنسان" حاولت جهات عديدة دولية ومحلية اتخاذ خطوات لإنقاذ حياته، لاسيما أن أسرته أعلنت قبل عام تقريباً عن "تدهور في حالته النفسية بصورة تُهدد حياته"، لكن دونما أي تطور في قضيته أو وضعه.

ففي أغسطس/ آب 2022، طالب رئيس الوزراء البريطاني- آنذاك- بوريس جونسون، وبصورة رسمية لأول مرة، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بضرورة حل قضية علاء، وهو الحاصل على الجنسية البريطانية قبل شهور، من والدته ليلى سويف التي تقدمت منذ 2019 بطلبات للحكومة البريطانية كي تمنحها له.

قبل هذا الطلب البريطاني، وفي 27 أيار/ مايو 2022 وجّهت منظمات حقوقية محلية مصرية ودولية خطابًا إلى وزارة الخارجية البريطانية، للتحذير من احتمال تعرّضه "لخطر الموت" في ظل تعرّضه لاعتداءات جسدية، وحينها طالبت الوزارة بـ"التحرك لإطلاق سراحه".

وقبل هذا الطلب الحقوقي بأيام، في 18 من أيار/ مايو، حثّ 10 أعضاء في برلمان المملكة المتّحدة و 17 عضواً في مجلس اللوردات، وزيرة الخارجية إليزابيث تراس والحكومة البريطانية على التحرّك لفوري لضمان الإفراج عن عبد الفتاح.

أمّا في مصر، فكانت الدعوات والتحركات السلمية كثيرة على مدار الأعوام الماضية، سواء بمحاولات أُسرية كان من بينها عام 2020 الاعتصام أمام بوابة الليمان المسجون فيه، وهذا فقط للحصول على خطاب يطمئنهم عليه عندما كان محروماً من التواصل معهم ليكون رد الفعل بالتعدي على الأسرة.

وفي ذلك العام، كانت أيضاً هناك محاولة من الأسرة والمتضامنين معها بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء للمطالبة بالإفراج عنه وعن السجناء السياسيين والمحبوسين احتياطياً في إطار الحد من انتشار فيروس كورونا في السجون المصرية، فكان الرد باعتقال عدد منهم.

ومن المحاولات الأخيرة، كان في 29 حزيران/ يونيو 2022 بالتزامن مع اليوم 90 لإضراب علاء عن الطعام، وذلك بالتوجه إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان (مصري رسمي)، لتسليم رئيسته عريضة موقعة من مئات الشخصيات تطالب بإنقاذ حياته، لتنتهي زيارة المجلس دون ردود من رئيسته، التي كانت ردت على التماس سابق بخصوص علاء بقولها إنه "يحصل على حقوقه بأكثر قدر متاح".

-------

المقطع الأول من العنوان مأخوذ بتصرف عن قصيدة "حيوا أهل الشام" للشاعر الكبير الراحل فؤاد حداد


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image