في جلسة جمعت بعض أفراد الأسرة، سألتْ أكبر الأطفال (في العاشرة من العمر) عما تعرفه عن "6 أكتوبر"، فكان ردها ورد باقي الأطفال: "أجازة"، أكبرهم عرفت أنها إجازة بسبب "الحرب اللي أخدناها في المدرسة"، بينما لم يعرف بقية الأطفال عن الموضوع سوى أنه فرصة للإجازة.
الكبار الذين يعرفون أكثر، لم يذكروا عن مناسبة 6 تشرين الأول/أكتوبر سوى أنها إجازة رسمية، تأتي مشفوعة بمسلسل "رأفت الهجان"، وطائرات تمر أحياناً على ارتفاعات منخفضة فوق البيوت، لتُحدِث اهتزازات غير مرحب بها في بعض الأحوال، وبضع صور ساخرة (ميمز) تكيل النكات ضد الإسرائيليين عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
بقليل من الشغف، وكثير من الصخب، يمر يوم "السادس من أكتوبر" هذا العام كحال أيام العطلات المصرية في المناسبات الرسمية، فهو يوم تزدحم فيه الشاشة بأفلام قديمة يتصدر غالبيتها الفنان المصري الراحل محمود ياسين، ترصد جانباً من قصة العبور العظيم لقناة السويس ورفع العلم المصري على الجبهة الشرقية منها، وفي السهرة تتجه الأنظار إلى الأوبريت الرسمي الذي يحييه فنانون ومغنون مصريون وعرب يكررون نفس "التيمات" المقدمة منذ عقود، بينما تحتضن بعض الميادين منصات متحركة ملفوفة بالعلم المصري، يتراقص عليها نجوم المهرجان الشعبي.
تبدو هذه الخريطة ثابتة في السنوات الأخيرة، مع قليل من التعديلات لتحسين صورة اليوم الرمزي المعبر عن العيد القومي الرسمي لمصر وفي سوريا، والذي تسجله الأدبيات العربية باعتباره انتصاراً عسكرياً وحيداً للعرب في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
يتزامن الاحتفال بالذكرى الـ49 للنصر المصري هذا العام مع متغيرات كثيرة على الصعيد الإقليمي، تجعل منه احتفالاً مشوشاً، فالعدو الذي نحتفل بإلحاق الهزيمة به، تُرفع راياته في الكثير من البلدان العربية، وتُطبِّع معه الكثير من الأقلام، ويصف هذا العدو علاقاته مع مصر حالياً بأنها الأفضل في تاريخ العلاقات بين البلدين، أما البرامج التلفزيونية المعتادة التي تذكِّر بـ"انتصارات أكتوبر"، باتت تستخدم الحدث للحديث بشكل عام عن الجيش المصري كدرع للوطن، من دون تركيز واسع على المواجهات العسكرية، وتخلت عن استخدام التعبير المعتاد: "العدو الإسرائيلي".
فكيف ومتى خبا احتفال نصر أكتوبر إلى هذه الدرجة؟ ومن المتسبب في ذلك؟
كيف ومتى خبا احتفال نصر أكتوبر إلى هذه الدرجة؟ ومن المتسبب في ذلك؟
ابحث عن "الشرعية"
يعزو الصحافي المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون العسكرية خالد أبو بكر تراجع الزخم الرسمي والشعبي حول نصر أكتوبر إلى عدة أسباب، في مقدمتها تأثير الأحداث السياسية البارزة كثورة 25 يناير، وما تلاها من أحداث متشابكة أثرت على اهتمام المواطنين.
أما السبب الجوهري الذي ينبهنا إليه أبو بكر، هو أن "الأنظمة السياسية في مصر اعتادت أن تصنع انتصارات خاصة بها تستمد منه شرعيتها، وهو الرابط بين كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر منذ جمال عبدالناصر إلى عبدالفتاح السيسي". إذ وجه ناصر الدفة إلى التصدي للعدوان الثلاثي في 1956، مستبدلاً بها ثورة 23 يوليو، باعتبار حرب السويس حدثاً مفصلياً في مشروع حكمه.
"الأنظمة السياسية في مصر اعتادت أن تصنع انتصارات خاصة بها تستمد منه شرعيتها، وهو الرابط بين كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر منذ جمال عبدالناصر إلى عبدالفتاح السيسي". وبات الحدث المحوري في مصر هو ثورة 30 يونيو التي جاءت بالرئيس الحالي إلى الحكم
وفقا لأبو بكر، فإن السادت أيضا استخدم نصر تشرين الأول/أكتوبر في تأسيس شرعية جديدة لنظام حكمه، ألغى بها شرعية ثورة يوليو، وبات يلقب برجل الحرب والسلام. وتحول كل شيء في مصر إلى "6 أكتوبر" بما فيها من أسماء المدن جديدة والكباري والشوارع والمصانع، ولم يتمكن مبارك رغم محاولاته العديدة من تأسيس شرعية خاصة، فكان كونه قائد القوات الجوية في حرب أكتوبر، وبناء سردية جديدة تتضاءل فيها مساهمة الشعب وأبنائه المجندين في الانتصار لصالح الجيش النظامي المحترف أولاً، ثم تضاؤل بطولات أفرع هذا الجيش كله لصالح القوات الجوية ثانياً، هو شرعيته الأساسية التي انبنى عليها حكمه، باعتباره "قائد الضربة الجوية الأولى" حسبما لُقِّب في الإعلام.
ولهذا استمر مبارك في الحرص على الحفاظ على زخم أكتوبر، وحرص على أن يظل الاحتفال بالنصر براقاً وملتصقاً بشخصه طوال فترة حكمه التي امتدت ثلاثين عاماً، انتهت أمام الغضب الشعبي في ثورة 25 يناير.
وعلى النهج نفسه سار الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، فأصبح الحدث التاريخي المحوري في مصر هو "ثورة 30 يونيو"، وهو الذي يشهد القدر الأكبر من الاحتفال والاحتفاء، وباتت الدراما والأفلام تُنتج لتمجيده وتخليده، باعتباره الحدث الذي أوصل الرئيس إلى الحكم، ولا يزال هو المحرك الأساسي لشرعية حكمه، فهو التاريخ الذي قاده إلى السلطة بعد إطاحة الإخوان المسلمين، لتتراجع ذكرى النصر إلى المرتبة الثانية، عكس ما كانت عليه في عهدي السادات ومبارك. ويشير الصحافي المختص في العلاقات السياسية الدولية إلى أن الأحداث الخاصة لا تلغي قيمة النصر، وإيمان الدولة به. لكنه لا يكتسب الزخم نفسه والدعاية السياسية ذاتها.
أفول سريع
يتفق قسم من المحللين على أن وهج ذكرى انتصار السادس من أكتوبر، خفت بفعل الأحداث السياسية المهمة التي حجزت موقعها في صدارة اهتمامات الشعوب، بما فيها من ثورات وانقلابات وصعود قوى سياسية وانزواء أخرى، إلا أن بعض المحسوبين على التيار الناصري يرجعون تلاشي آثار الانتصار إلى تاريخ أبعد من ذلك بكثير، يعود إلى السنوات العشر التي تلت الحرب، حسبما يذكر الكاتب والمُنظِّر الناصري عبدالله السناوي.
عبدالله السناوي: "جيل الحرب عاد من ميادين القتال، ليجد أن ما حارب من أجله قد تبدد"
يتفق السناوي في حديثه لرصيف22، مع رموز في اليسار المصري، يرون أن سياسات ما بعد 1973 كرست "الانقلاب على شرعية يوليو"، بما لها من إرث سياسي واجتماعي، ومحاولة فرض شرعية أخرى عنونت بـ"شرعية أكتوبر"، تجسدت في تحويل بوصلة الدولة من السوفيت إلى الأميركان، والانخراط في سياسة اقتصادية مغايرة لتك التي انتهجها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إذ باتت السياسات الاقتصادية والاجتماعية قائمة على الانفتاح ورأسمالية السوق.
يقول السناوي: "جيل الحرب عاد من ميادين القتال، ليجد أن ما حارب من أجله قد تبدد".
ويفسر الكاتب الناصري البارز ذلك بأن جيل الحرب شاهد مكاسب نصر أكتوبر العسكرية والاجتماعية تتلاشى سريعاً جداً، ففي العالم التالي للحرب دشن الرئيس الراحل أنور السادات سياسات الانفتاح الاقتصادي، التي أدت إلى اتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وصعود شريحة التجار إلى قمة الهرم. وبعد 6 سنوات بالضبط، أقدمت مصر على توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل برعاية أميركية "كامب ديفيد 1979".
يواصل السناوي في حديثه لرصيف22، "موت الأجيال التي حاربت، والقادة الذين شاركوا في التخطيط لها (الحرب)، كفيل بتغيير الحالة الشعورية ناحية الانتصار وثقافة العدو الأزلي للعرب، خاصة أن الأنظمة السياسية فشلت في الاستثمار السياسي والدعائي والاستراتيجي للانتصار العسكري، بالشكل الذي كان بإمكانه رسم خريطة مغايرة، صاحب ذلك عملية تجريف وتشكيك، فما حدث هو انقضاض على معنى الحرب نفسها، وبتنا نسأل: لماذا حارب المصريون؟ وماذا كان الحصاد بعد سنوات التضحية الكبيرة؟!".
عسكرياً، يشير السناوي إلى أن الحرب "تعرضت لعملية توظيف سياسي أحبطت الكثير من رجالاتها والحقب والأجيال التي مثلتها، فجرى اختزالها دعائياً فى رجلين هما أنور السادات ــ بطل الحرب والسلام، ثم حسنى مبارك ــ بطل الضربة الجوية الأولى. وضريبة هذا التوظيف غاب اسم المشير أحمد إسماعيل علي، الرجل الذي كان يتحمل مسئولية القيادة العامة للقوات المسلحة فى لحظة الحدث الكبير، وتوارت أدوار المشير محمد عبدالغني الجمسي، مدير العمليات أثناء الحرب ووزير الدفاع بعدها، وغيره من القادة الذين لعبوا دوراً كبيراً في التخطيط وقيادة المعارك. وهو التجاهل الذي طال حرب الاستنزاف، رغم أنها مثلت بروفة أخيرة للحرب".
"ما حدث هو انقضاض على معنى الحرب نفسها وبتنا نسأل: لماذا حارب المصريون؟ وماذا كان الحصاد بعد سنوات التضحية الكبيرة؟!"
ينتقد السناوي أيضاً عدم الكشف عن الوثائق الرسمية للحرب بعيداً عن الشهادات التي ينطق بها قادة سابقون حتى الآن، برغم اقترابنا من 50 عاماً مرت عليها، وعدم وجود رواية مصرية موثقة وكاملة للحروب التي خاضتها مصر. في المقابل يحيي الإسرائيليون أنفسهم ذكرى الحرب "يوم كيبور" كل عام بالإفراج عن مزيد من الوثائق.
ما تفرج عنه إسرائيل من وثائق في مقابل تكرار الأحاديث الدعائية المصرية من دون جديد، جعل السردية المصرية نفسها عن الحرب والانتصار العسكري الحاسم فيها تتعرض للزعزعة والتشكيك، خاصة لدى طبقة المتعلمين الحريصين على الاشتباك مع التكنولوجيا الحديثة وما باتت توفره من معرفة تتخطى الحدود. أما بالنسبة لعموم الشعب، فبات التكرار وسيلة مضمونة لنزع الحماس من الصدور. يقول السناوي "الشعب لا يعرف لماذا حارب؟ وكيف هزم في نكسة 1967 وعاد وانتصر في 1973؟ إلى أن تحولت هذه المناسبة إلى مجرد فلكلور في السنوات الأخيرة".
ما تفرج عنه إسرائيل من وثائق في مقابل تكرار الأحاديث الدعائية المصرية من دون جديد، جعل السردية المصرية نفسها عن الانتصار العسكري الحاسم، تتعرض للزعزعة والتشكيك لدى طبقة لا يستهان بها من المتعلمين الحريصين على الاشتباك مع التكنولوجيا وما توفره من معرفة تتخطى الحدود
نصر أكتوبر في الأسر
على هذا النهج، يسير الكاتب المصري بلال فضل في تحليله لخفوت وهج انتصار أكتوبر بمرور السنوات، إذ يرى أنه لا مهرب من استعادة النصر "وجهه الإنساني"، بذكر تضحيات "العاديين" وبطولاتهم على الجبهة وفي ميادين القتال، فزخم النصر بالنسبة لفضل، نصر فُرِّغ بسبب الاستبداد والفساد وغياب الرؤية وانعدام الرقابة الشعبية على من يحكم، وتحول إلى واقع مرير مليء بالهزائم التي تسبب فيها المحتلون المحليون، طالما لم يتم استعادة التذكير بهدف العبور ومعناه وتفاصيله وبطولاته بل وعثراته أيضا.
يواصل فضل، في مقاله: متى يتم تحرير نصر أكتوبر من قبضة خاطفيه؟ أنه بدون استعادة هذا الوجه الإنساني سيظل السادس من أكتوبر بالنسبة للكثيرين مجرد يوم إجازة يزدحم بالأفلام البايخة والأغاني الكذابة، خصوصاً من أبناء الأجيال التي لم تشهد سنوات الهزيمة المريرة التي سبقت العبور، والتي ضاعفت من أثر النصر الذي هز إسرائيل كما لم يحدث لها من قبل، وهو ما لن يتحقق إلا بإحياء سيرة المواطنين الذين صنعوا ذلك النصر.
في هذا السياق، يؤكد خالد أبو بكر صاحب كتابي "الجنرال الثائر سعد الدين الشاذلي" و"خلف خطوط العدو"، في حديثه لرصيف22، أنه لم يتم إنصاف المقاتلين العاديين، والصفوف الثانية من القيادات الذين خضبت دمائهم سيناء، وسجلت المعارك ملاحم بطولية لم ترو ولم تقدر بالشكل المطلوب، بينما حظى القيادات بالتقدير ذاته لدورهم في إدارة العمليات العسكرية.
هذا ما يجعل الكاتب المتخصص في الشؤون العسكرية يملأه الحماس لإنتاج مشروع كبير هو "موسوعة أبطال حرب أكتوبر"، لأرشفة وتوثيق إنجازات أبرز العسكريين الذين ساهموا في هذا النصر، من أجل "تنشيط الذاكرة الوطنية، وتصدير الحرب بروايات جديدة تمنحها الطزاجة اللازمة"، فهي لم تكشف عن كل أسرارها حتى الآن رغم مرور 49 عاماً على هذا الحدث.
آثار اجتماعية مفقودة ومعاهدات ترمم صورة العدو
في رأي الكاتب والمحلل السياسي عبدالعظيم حماد، فإن الآثار الاجتماعية للحرب "تلاشت تماماً بعدما اكتفت مصر باسترداد الأراضي التي احتلتها إسرائيل، وهي مكاسب مؤقتة لا تقارن بحجم التضحيات والمعارك الطويلة التي خاضها الشعب، نتيجة لعدم الاستثمار في هذا النصر العسكري والتفريط في كل عوامل النصر واللحمة الاجتماعية للمصريين، فلم تخلف مجتمعاً حقيقياً ونظاماً سياسياً قائماً على الشفافية، ويسمح بتداول السلطة بشكل ديمقراطي".
لكن حماد يختلف مع السردية الناصرية التي تُحمِّل السادات مسؤولية "تقزيم النصر"، إذ يرى في حديثه لرصيف22 أن الانفتاح الاقتصادي "كان لا بد أن يحدث. ولم تكن مصر قادرة على إدارة ظهرها لأميركا بعد حرب طويلة أنهكت الاقتصاد، فهي أهم من أن تُتجاهل. والسادات كان لا يريد أن تكون مصر معزولة على غرار دول الاتحاد السوفيتي، لكن ما شاب هذا التحول هو تحول مصر لمجتمع منفتح استهلاكياً، وليس صناعياً، فجُرِّفَت النهضة الصناعية التي بدأتها عبدالناصر".
الهزائم السياسية والاجتماعية التي خلفت الانتصار العسكري المصري في 1973، لا تختلف كثيراً عن الهزائم التي منيت بها منظومة الإعلام في تعاملها مع هذا الملف، فالقاهرة لم تتبن استراتيجية واضحة في تسويق نصرها واستثماره، بخلاف استغلاله في ترميم صورة الحُكَّام
وفقا لحماد، ما طرأ مؤخراً على هذه الإحداثيات يزيد أيضا من السجال المصري الإسرائيلي، فأمام التحالفات الإقليمية التي دشنت مؤخراً لبناء شرق أوسط جديد، "لم تعُد إسرائيل عدواً إلا في قاموس فصائل سياسية مثل القوميين واليساريين والإسلاميين"، فالتحالفات الجديدة تنظر لإسرائيل كفرصة ورصيد استراتيجي، لا دولة توسعية عدوانية، من أجل ترتيب نظام أمن استراتيجي وتعاون اقتصادي يشمل إسرائيل ويضع إيران وتركيا في خندق معارض.
هزيمة إعلامية
الهزائم السياسية والاجتماعية التي خلفت الانتصار العسكري المصري في 1973 لا تختلف كثيراً عن الهزائم التي منيت بها منظومة الإعلام في تعاملها مع هذا الملف، فالقاهرة لم تتبن استراتيجية واضحة في تسويق نصرها واستثماره، ودحض النظريات الإسرائيلية عن المعارك الحربية طوال العقود الماضية.
يقول حسن مكاوي، العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن القاهرة بموازاة استعدادها للحرب خاضت معركة إعلامية قادها محمد عبد القادر حاتم، أول من وضع البنية الأساسية للإعلام المصرى فى الخمسينات، وصاحب خطة الخداع الاستراتيجي في الإعلام أثناء حرب أكتوبر 1973، اعتمدت منهجها على تضليل العدو بأن مصر غير مستعدة للحرب.
يلفت مكاوي إلى أن هذه الاستراتيجية تعد الأنجح في تاريخ الإعلام المصري ولم يتبعها أية خطط أخرى، حيث خلت الساحة الإعلامية في مصر من روح المبادرة والرسائل الاستراتيجية، لأسباب عزاها إلى غياب أصحاب الخبرات والكفاءات عن المشهد الإعلامي، فضلا عن الصراعات بين أجهزة الدولة على الإدارة.
يتحدث مكاوي لرصيف 22 عن وجود أسباب جوهرية دفعت إلى تحويل انتصار أكتوبر إلى "كرنفال احتفالي" على الشاشات المصرية في السنوات الأخيرة، منها عدم إتاحة الوثائق العسكرية للحرب في ظل عدم إقرار قانون حرية تداول المعلومات، ما أفقد مصر القدرة على التنافس مع إعلام الكيان الإسرائيلي، وحول الإعلام من فعل إلى رد فعل.
"الجانب الإسرائيلي يتحكم في المعلومات وأقرب مثال هو الكشف عن مقبرة للجنود المصريين في منطقة بين القدس وتل أبيب قتلوا أثناء حرب 1967 بعدما رفعت الرقابة العسكرية عنها بمرور 55 عاماً، بينما صمت الإعلام أمام هذه الواقعة قبل أن تتفاعل الرئاسة رسميا وتطلب تحقيقاً من الجانب الإسرائيلي في الواقعة"، يواصل مكاوي حديثه بينما يلتمس العذر للإعلام المصري الذي تم تحجيمه في السنوات الأخيرة.
مع التجريف السياسي والإعلامي الذي نال الكثير من النصر، يؤمن عبد العظيم حماد بأن المجتمع المصري لا يزال يعتبر إسرائيل العدو والخطر المباشر، فلا يعرف من إسرائيل إلا أنها عدو مغتصب حتى لو جرفت الحكومات هذه المصطلحات، حيث إن الشعب المصري مؤسساته الأهلية وشبه الرسمية تقاطع إسرائيل، والدفء يسرى بين الحكومات فقط.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...