أعلنت مؤسسة "هنداوي" حصولها على حقوق نشر جميع مؤلفات المفكر المصري نصر حامد أبو زيد وستضعها في المتناول إلكترونياً عما قريب.
أبوزيد يعدّ واحداً من أبرز الباحثين في علوم الدراسات الإنسانية. دفع ثمناً فادحاً نتيجة تمسكه بالكثير من أفكاره خلال فترة التسعينيات إذ وصل الأمر إلى توجيه اتهامات له بالردة والإلحاد.
كان من أشد لحظات حياة أبو زيد قسوة ذلك اليوم الذي استيقظ فيه من نومه على حكم محكمة تقضي بالتفريق بينه وبين زوجته بدعوى أنه ليس من الجائز للمسلمة أن تتزوج من غير مسلم.
أبوزيد يعدّ واحداً من أبرز الباحثين في علوم الدراسات الإنسانية. دفع ثمناً فادحاً نتيجة تمسكه بالكثير من أفكاره خلال فترة التسعينيات إذ وصل الأمر إلى توجيه اتهامات له بالردة والإلحاد
وجد المفكر الذي جاء من أجل إنارة الطريق لقومه نفسه دون سابق إنذار ضحية لما كان يعرف بقضايا الحسبة في مصر، إذ استغل عدد من المحامين بنوداً قانونية لحصار كل من تسول له أفكاره المجاهرة برؤية نقدية أو اجتهاد مغاير خلال تلك الفترة.
يروي أبو زيد تفاصيل هذه اللحظات العصيبة في حياته بكتاب " أنا نصر أبو زيد" لمؤلفه جمال عمر: "وصلتني خطابات تهديد بالقتل فعينت لي الدولة حراسة وأصبحت أدخل محاضراتي في مدرج ثلاثة عشر في حماية حامل السلاح فلم تعد محاضرة".
ويضيف: "كرهت الحال والتدريس في ظل قيد ومحاولة إسكات صوتي بأي وسيلة، بداية بمصادرة الأستاذية إلى التكفير وما يتبعه من تصفية معنوية تعقبها تصفية جسدية إلى الفصل من الجامعة إلى التحويل للنائب العام واستعداء الأزهر ودعوى الحسبة للتفريق بيني وبين زوجتي".
أفكار حبيسة
وجد أبو زيد بعد ذلك نفسه مضطراً للعيش في منفى اختياري بهولندا مع زوجته الدكتورة ابتهال يونس أستاذة الأدب الفرنسي. لم يكن أمامه مفر بعد أن تحول الوطن بالنسبة له إلى سجن كبير تطبق قضبانه على صدره عقب ضبطه، متلبساً بالتفكير مع سبق الإصرار والترصد.
كعادة المغرمين بالأوطان، عاد الرجل إلى بلده عندما أحس بدنو الأجل، فأصر على أن يدفن في تراب بلد لفظه حياً ورحب به عندما أصبح جثة هامدة. هل السبب في ذلك صمته الأبدي أم عقله الذي توقف عن التفكير ولم يعد مصدر لإثارة قلق دعاة الجمود؟
رحل أبو زيد بما له وما عليه ويقيت أفكاره حبيسة عدد كبير من كتبه التي طال الكثير منها سيف المصادرة وهو ما يفسر جهل معظم الأجيال الشابة بالرجل رغم غزارة إنتاجه الفكري.
رحل أبو زيد بما له وما عليه ويقيت أفكاره حبيسة عدد كبير من كتبه التي طال الكثير منها سيف المصادرة وهو ما يفسر جهل معظم الأجيال الشابة بالرجل رغم غزارة إنتاجه الفكري
منطق الوصاية وسيف المصادرة
اليوم، ومع الطرح المرتقب لمؤلفاته، يشعر الكثير من دعاة حرية الفكر بقدر كبير من الارتياح، فأفكاره التي ظلت حبيسة طوال السنوات الماضية سيتم أخيراً إطلاقها لتحلق في السماء الرحبة كطير ظل رهن الإقامة الجبرية في القفص لفترة طويلة من الزمن.
القاعدة التي تغيب عن أذهان البعض في مجتمعاتنا أن الاجتهاد يظل حقاً مكفولاً لكل مفكر.
طرح مؤلفات أبو زيد وغيره من المبدعين الذين طالهم سيف المصادرة والمنع دعوة للأجيال الجديدة أن تقرأ وتبني قناعاتها على أسس راسخة في ظل حرية يكفلها الدستور والقانون. القاعدة التي تغيب عن أذهان البعض في مجتمعاتنا أن الاجتهاد يظل حقاً مكفولاً لكل مفكر "إن اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر".
سنوات طويلة مضت على صدور مؤلفات أبو زيد التي ظلت في أغلبها محجوبة، بصورة معلنة أو غير معلنة. واليوم، مع صدور طبعاتها الإلكترونية، فإن شيئاً من رد الاعتبار يعود للرجل في قبره.
منطق الوصاية أفسد الكثير من الأشياء خلال السنوات الماضية. ورغم التعديلات التشريعية والقانونية التي قضت على مواد الحسبة التي كانت سبباً في العصف بالكثير من المفكرين، فإننا لا نعدم أوصياء جدداً يظهرون في كل زمان ومكان يغيرون من جلودهم كما تفعل الحرباء.
أخشى أن تتحول هذه المناسبة إلى فرصة جديدة لاغتيال نصر حامد أبو زيد وإعادة محاكمة الرجل في قبره من خلال استنساخ صكوك تكفير من أدانوا الرجل من قبل دون أن يقرؤوا له حرفاً واحداً.
محاكم التفتيش
ليس مقبولاً بأي حال من الأحوال أن نسمح لأحد بإعادتنا إلى عهد محاكم التفتيش في النوايا وسجن الأفكار، خاصة في ظل الثورة المعلوماتية التي يعيشها الكوكب وعصر السماوات المفتوحة والتي أصبح المنع فيها واحداً من رابع المستحيلات.
لست مؤيداً أو رافضاً لأفكار أي مفكر، ولكني ضد المصادرة. وأرفض وصم شخص ما بسبب أفكاره مهما بدت صادمة أو "شاذة" من قبل البعض
لست مؤيداً أو رافضاً لأفكار أي مفكر، ولكني ضد المصادرة. وأرفض وصم شخص ما بسبب أفكاره مهما بدت صادمة أو "شاذة" من قبل البعض. كيف لمجتمع أن يتقدم إذا كان هناك من يكبلون حرية التفكير ويرهبون كل من يحاول إعمال عقله.
منطق الوصاية يشبه تماماً شخصاً يقف متحفزاً وهو يصوب فوهة مسدسه إلى رأسك قائلاً: "تحدث بمنتهى الحرية فأنا أستمع إليك"!
في اللحظة التي يعاد فيها طرح مؤلفات نصر حامد أبو زيد، يجب أن نتعلم درس التاريخ "أقرأ أولاً". تبقى المصادرة المادية والاغتيال المعنوي حيلة المصابين بضعف في الاجتهاد وشلل في التفكير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Emad Abu Esamen -
منذ 10 ساعاتلقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ يومهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ يوممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ يومجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...
Mazen Marraj -
منذ يومينإبدااااع?شرح دقيق وحلول لكل المشاكل الزوجية?ياريت لو الكل يفكر بنفس الطريقة..
بالتوفيق ان شاء الله في حياتكما الزوجية ?
Nawar Almaghout -
منذ يومينرداً على ما ورد من الصحفية زيزي شوشة في موقعكم
الذي أوقع محمد الماغوط وشقيقه عيسى بين براثن الآنسة زيزي وأشباهها
يبدو أن الصحفية ثقافتها لم تسمح لها بالغوص أعمق، و يدل عن بعدها كل البعد عن فهم ما يجري. وهي بسلوكها هذا، على أقل تقدير، تمثل المستنقع الفكري الضحل الذي تعيش فيه
رابط ردي في موقع العربي القديم
https://alarabialqadeem.com/mohmaghbor