شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"حرام تقدّسوا جلاديكم"... بوح محمود سعد الذي عرّى الآباء المسيئين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن وحرية التعبير

السبت 6 أغسطس 202204:49 م

فتح بوح الإعلامي المصري المخضرم محمود سعد عن علاقة القطيعة والهجر بينه وبين والده الراحل نقاشاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين، حول عدة مواضيع جدلية أبرزها مفهوم "بر الوالدين" وكيفية التعامل مع "الآباء المسيئين".

في مناسبات عديدة سابقة، تحدث سعد عن علاقته بوالده الذي تخلى عنه وعن والدته وإخوته عقب الانفصال، ولم ينفق عليهم رغم ثرائه. هذه المرة، جدد الرجل الذي ناهز الـ70 من عمره حديثه عن أنه لا يسامح والده، وحصد تعاطف فريق من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بينما صبّ عليه آخرون غضبهم متهمينه بـ"عقوق الوالد" و"هتك عرض ميت".

"مبحبوش ولا بحترمه"

مساء الأربعاء 3 آب/ أغسطس الجاري، تحدث محمود سعد في بث مباشر عبر حسابه في فيسبوك عن موضوع هجر الآباء لأبنائهم بعد طلاق أمهاتهم بناء على رسائل متابعيه، قائلاً إن من يفعل ذلك "مبحبوش ولا بحترمه".

ثم تطرق الإعلامي لعلاقته بوالده وروى حادثة وفاته تحديداً قائلاً: "مكنتش حاسس بحاجة (يقصد بحزن) خالص… كنت شاكك في نفسي أنه لما يحصل حاجة زي كدا هتأثر، متأثرتش خالص (...) حتى مش فاكر السنة"، مؤكداً أن بينه وبين والده الراحل "هجر وغدر وطريق هو اللي بدأه".

"مبحبوش ولا بحترمه"... الإعلامي المصري محمود سعد يُحدث ضجّة بحديثه عن علاقة الهجر والقطيعة مع والده الراحل، ويُثير نقاشات حول "عقوق الآباء والأبناء" والتعامل مع "الآباء المسيئين"

وأضاف: "رغم أن أنا مطلعتش مجرم، مطلعتش مدمن، مطلعتش صايع، مطلعتش مليش شغلانة… تربية أمي نجحت وأسرتنا كويسة متحسش أن مفيش أب، بس لغاية دلوقتي لما أسمع أو أقرأ أو أشوف في فيلم حد بيقول ‘أصل أنا أبويا علمني أصل أنا أبويا قالي‘ بتضايق"، موضحاً أن هذا أصابه "ع كبر".

وخاطب "كل أب موجود دلوقتي في الحياة وعنده ولاد مبيسألش عنهم، مبيصرفش عليهم" مستنكراً: "مالك يا عم الحاج؟"، موضحاً أن انتهاء العلاقة بين الزوجين لا ينبغي أن يتبعها قطيعة الأب لأولاده. كما حذّر من أن "العيال دي هتكبر ومش هتنسى وهتروح الدنيا وتيجي وممكن يبقى منهم سفير ووزير ومهندس وظابط عظيم ومش هينسى، وأنت مش هيفيدك حاجة".

وختم "أرجو كل رجل أن يفكر جيداً، خاصةً المقتدر"، مشدداً على أن هذا ليس "رحمةً" أو "مودة" من الأب وإنما "واجب ومسؤولية". 

"قدوة سيئة"؟

وعبّر معلقون على السوشال ميديا عن استيائهم مما قاله سعد الذي اتهموه بـ"عقوق والده" و"فضحه والتشهير به بعد موته"، ووصم بأنه "تربية مطلقة"، وذكّروه بتعاليم الأديان بر الوالدين وإن كانا على خطأ.

كتب مراد علي: "خطأ كبير وقع فيه #محمود_سعد؛ ليس من البر ولا من المروءة أن تفضح أباك بعد موته ولا أن تشهر به بين الناس. فرض علينا #الإسلام بر الوالدين وصحبتهما بالمعروف وإن كانا كافرين، وإن عذّباك لتترك دينك. معلش يا محمود، المجتمع مش ناقص تفسُّخ وقدوات سيئة".

وغرّد أحمد السبيت: "مهما صنع الوالد من سوء يبقى والدك ويجب عليك احترامه. الجهر بالسوء - القول إنك لا تحبه ولا تحترمه- هذا غاية العقوق والسلوك المشين الذي يجب أن لا يكون من إعلامي قد يكون قدوة للناشئة".

بعد الهجوم على #محمود_سعد واتهامه بـ"عقوق والده" و"فضحه ميتاً"، متضامنون يرفضون "ادعاء المثالية" ويطالبون بـ"احترام الصرخات المكتومة سنين" والرفق بمن ذاق "مرارة اليتم في ذمة أب حي"

ولام آخرون والدته على ما اعتبروه "تربية على الكراهية". قالت هالة: "مصدومة من تصريحات محمود سعد. كنت أتصور أن الإنسان لما يتقدم في العمر يزيد من الحكمة وترتقي عنده زينة العقل (...) ربنا يرحم أبوك ويغفر له و

يسامح أمك اللي ربّت جواك كل هذه الكراهية".

"كفى ادعاء مثالية"

على النقيض، أظهر فريق آخر من المعلقين الدعم لسعد، قائلين إنه "إنسان حقيقي متصالح مع مشاعره مش بيمثل"، معتبرين أن "فقدان الأب وهو حي" ربما يكون أشد قسوة من اليتم. ولفت هؤلاء إلى أنه "مفيش حد هيحس بالكلام اللي قاله محمود سعد عن والده إلا لما يكون عاش نفس تجربته"، وحثوا منتقديه "بدل ما تحاكموه حطوا نفسكم مكانه الأول" و"كفاية ادعاء مثالية". 

كما رفضوا الهجوم على الأم ومطالبتها بـ"خلق المبررات وتجميل صورة الأب أمام أبنائه مهما هجرهم وتخلى عنهم".

وطالبت المذيعة إيمان نبيل بـ"احترام صرخات الناس المكتومة سنين"، لافتةً إلى أن "هناك شريحة كبيرة جداً من المجتمع تألمت من أب خمورجى أو بخيل أو مزعج أو معنِّف أو جاحد وغبي أو نرجسي لا يرى إلا نفسه".

ورفضت نبيل ثقافة "اذكروا محاسن موتاكم"، مناشدةً "حرام تقدّسوا جلاديكم، وتهتفوا لمستغليكم وطاحنيكم. ما فعله محمود أنا أمدحه لأنه قد يتسبب في إفاقة آباء كثر غافلين ليلحقوا ما تبقى من إنسانيتهم وما تبقى من نفسيات أولادهم وبناتهم. لازم نتعلم نصرخ  بالحق عشان نعلم ونتعلم ولا تتكرر الأخطاء".

وشدد محمد إبراهيم: "ربنا أمرنا بالبر والإحسان، مأمرناش بالحب لأنه مش بإيدينا. ميبقاش أبويا راميني في الشارع 30 سنة وأمي بتجري علينا وفقيرة وهو غني ومطالب إني أحبه، ده قمة الظلم. كفاية تدليس ولعب بمشاعر الناس باسم الأبوة".

"المرارة من الآباء قد لا تزول بالتقادم… نحن كأبناء لا نولد ومعنا البر أو العقوق… إن برَّ الآباء أبناءهم في طفولتهم ومراهقتهم، ردوا إليهم هذا أضعافاً، والعكس. كيف تنتظر عسلاً من أرض سُقيت علقماً؟" #محمود_سعد

بدورها، دعمت الكاتبة الصحافية سحر الجعارة زميلها قائلةً: "لم أر في كلمات محمود إلا مرارة اليتم في ذمة أب حي... كلماته هذه إنذار لكل من يعتبر روابط الدم مجرد اسم في البطاقة الشخصية بلا عطاء ولا اهتمام ولا حنو. إلى كل أب تعلم جيداً درس الإعلامي الكبير محمود سعد".

"المرارة من الآباء قد لا تزول بالتقادم"

في غضون ذلك، شدد معلقون على أن الأذى النفسي الذي قد يسببه الأهل في نفوس الأبناء لا يزول أثره. منهم الصحافية ناريمان ناجي التي حثت: "رفقاً بمحمود سعد والذين مثله: المرارة من الآباء قد لا تزول بالتقادم… نحن كأبناء لا نولد ومعنا البر أو العقوق، نحن نولد كالطين أو العجين في يد الفخراني وكالأرض التي تنتظر ساقيها وراعيها. البر والعقوق سهم برأسين، طرف للآباء والثاني للأبناء. فإن برَّ الآباء أبناءهم في طفولتهم ومراهقتهم، ردوا إليهم هذا أضعافاً، والعكس. وطبعاً، لكل قاعدة استثناء"، وتساءلت: كيف تنتظر عسلاً من أرض سُقيت علقماً؟

وأميرة ممدوح التي كتبت: "أب عاق لم يقم بدوره كما يجب، مش موجود في حياتهم، أذاهم أذى نفسي مش قادرين ينسوه، فنتيجة طبيعية جداً أنه لا يكن له أي مشاعر. المشاعر مش متبرمجة أوبشن كدا نازل في البني آدميين حب الأب وحب الأم، لا دي مرتبطة بدور الأب والأم في حياة أولادهم. الأذى النفسي اللي بيجي من الأب أو الأم ما بيتعالجش بسهولة وبيفضل الشخص شايله معاه وبيأثر على سلوكه طول حياته".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard