لا يزال الأردن يعمل على تنشيط السياحة على المستويين الداخلي والخارجي، بعد أن تعرض قطاع السياحة لخسائر فادحة على خلفية جائحة كورونا، الأمر الذي جعل هيئة تنشيط السياحة، المسؤولة عن الترويج للسياحة في الخارج، تبحث عن حلول وبدائل للنهوض بالقطاع، وسط توقعات بأن يحتاج إلى ما بين عامين وأربعة أعوام للعودة إلى مستوى ما قبل الجائحة.
أحدث تلك المبادرات تأتي بالتعاون مع السلطات القطرية التي تتيح المجال للأردن للترويج لمواقعه وأنشطته السياحية بين المشجعين الوافدين لمشاهدة مباريات كأس العالم التي ستُقام في قطر في خريف العام الجاري.
وأعلن مدير عام هيئة تنشيط السياحة عبد الرزاق عربيات الانتهاء من توقيع الاتفاقية وأكد لرصيف22 أنّ التسويق سيكون عبر حملات إعلامية في الشوارع والمطارات وووسائل النقل العامة والمراكز التجارية، منوهاً بأنّ الحملة "ستكون قبل وأثناء بطولة كأس العالم في قطر، إضافة إلى حملات مشابهة في السعودية والكويت وعدة دول أوروبية".
ويتوقع عربيات أنّ تنعكس هذه الحملات بشكل إيجابي على أعداد السياح، خاصة من الدول الأوروبية، كونها تتزامن مع عودة تدريجية للطيران المنخفض التكاليف، إذ يتم التعويل بشكل كبير على شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية.
ويوضح أنّ الحملة تنطلق من اعتبار أن البلدان القريبةً جغرافياً من قطر، ومنها الأردن، تعدّ بيئة جاذبة لجماهير كأس العالم.
تعاون مبكر؟
بدأت خطوات تنفيذ فكرة ترويج الأردن سياحياً عبر فعاليات كأس العالم، منذ عام 2021، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله إلى قطر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وجرى الاتفاق خلالها بين وزير السياحة والآثار الأدرني نايف الفايز، والرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط القطرية للطيران ورئيس مجموعة قطر للسياحة، أكبر باكر، على التعاون المشترك بين البلدين للاستفادة من إمكانات الأردن السياحية ضمن باقات السفر الخاصة بالمونديال.
وبحسب عربيات، يشمل الاتفاق ثلاثة برامج، الأول هو برنامج الإقامة في الأردن قبل حضور مباريات كأس العالم، والثاني أثناء فترة المباريات، أما الثالث فسيكون بعد الانتهاء من حضور المباريات وقبل عودة السائحين إلى بلدانهم.
تتساءل خبيرة سياحية عن كلفة حملة هيئة تنشيط السياحة الأردنية في الدوحة خلال كأس العالم، المقدرة بمليون دينار أردني: "هل ستذهب هباءً؟"، معتبرة أنّ إطلاق حملة إعلانية في الأماكن العامة "مكلف جداً لمحدوديتها، ويصعب قياس أثرها"
ويكشف عربيات أنّ المدة تبدأ من ليلة واحدة لتصل إلى أربع ليال، وسيتم تنفيذ الفكرة بين الملكية الأردنية والخطوط القطرية، عبر حجز التذاكر إلكترونياً من البلدان المشاركة في كأس العالم وحجز تذاكر المباريات، بالإضافة إلى ترتيبات الإقامة في عمان والدوحة.
حظوظ السعودية والإمارات وسلطنة عمان وغيرها من بلدان الخليج تبقى أكبر في استقطاب زوار كأس العالم، وهي تروّج بدورها للسياحة داخلها عبر مونديال قطر، وذلك نظراً للقرب الجغرافي من قطر وبين بلدان الخليج، بالإضافة إلى الإمكانيات المادية التي تتمتع بها دول الخليج مقارنة بالأردن، إذ عمدت السعودية والإمارات إلى توفير جسر جوي بينها وبين قطر وزادت من عدد الرحلات الجوية بشكل كبير.
هل جاءت الحملة متأخرة؟
خبيرة السياحة وسيدة الأعمال رجاء الجزار ترى أنّ الحملة جاءت متأخرة، وكان من المفترض الإعلان عنها مبكراً، إذ تنطلق مباريات كأس العالم في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر وتُختتم في 18 كانون الأول/ ديسمبر، وتقول: "هذا التوقيت سيتزامن مع ذروة الموسم السياحي بالأردن وهو شهر نوفمبر، إذ تعدّ منطقة المثلث الذهبي في الأردن، والتي تضم العقبة والبتراء ووادي رم، أكثر المناطق استقبالا للسياح، فلا تكاد تجد في الشهور الثلاثة (9، 10، 11)، غرفاً وشققاً فندقية شاغرة، علماً أن كلفة الإقامة مرتفعة مقارنة بالأشهر الأخرى".
هذا الأمر يجعل من الضروري العمل على دراسة الحملة التسويقية التي أطلقتها الهيئة من جميع الجوانب لضمان نجاحها. تسأل الجزار: "لماذا تمّ حصر برنامج تسويق الأردن عبر مونديال قطر في الحملات الإعلامية بالمطارات والمترو والمراكز التجارية، وتجاهلت استهداف واستقطاب السياح عبر مواقع التواصل والاجتماعي والفضائيات الناقلة لمباريات كأس العالم".
وتلفت الجزار إلى أن الأردن كان لديه "وقت كاف لعمل خطة تسويقية للاستفادة من هكذا حدث بشكل أكبر"، معتبرةً أنّ وجود إعلانات في شوارع قطر أثناء الحدث ليس كافياً، ولا بدّ من مدّ جسر جوي بين الدوحة وعمان.
وعليه، من الضروري إعداد دراسة عن عدد الزائرين المحتملين من قبل هيئة تنشيط السياحة لمعرفة استفادة الأردن منها، خصوصاً أنّ السائح الأجنبي بطبعه يقوم بالتخطيط لبرنامج رحلته وعدد الدول التي سيزورها قبل عام وأحياناً أكثر.
المبادرة الأردنية أتت بعد أن نجحت دول الخليج المجاورة لقطر في اقتناص الفرصة الذهبية والإعداد للاستفادة من المونديال مبكراً
وتتساءل الخبيرة السياحية عن كلفة حملة هيئة تنشيط السياحة الأردنية في الدوحة خلال كأس العالم، المقدرة بمليون دينار أردني: "هل ستذهب هباءً؟"، معتبرة أنّ إطلاق حملة إعلانية في الأماكن العامة والمفتوحة "مكلف جداً لمحدوديتها، ويصعب قياس أثرها والعائد على الاستثمار منها، وهي تدخل تحت ما يسمى نشر الوعي العام. والسؤال هنا هل فكرنا ببدائل تسويقية أخرى؟ مثل تسويق برامج سياحية مشتركة أو الإعلان عبر شاشة قناة بي أن سبورت التي ستنقل الحدث الذي يشاهده الملايين في كل دول العالم، وحيث نسبة المشاهدة أعلى بآلاف المرات من الموجودين في قطر، إضافة إلى أنّها أقل كلفة ويمكن أن تكون مدتها أطول؟".
ونوهت الجزار أنّ الجماهير التي حجزت تذاكرها ومكان إقامتها بفنادق خارج قطر لأجل الانضمام لاحقاً لحضور مباريات كأس العالم، عمد معظمهم إلى ذلك مبكراً لمحدودية أماكن الإقامة "وكالعادة فإنّ الإمارات والبحرين وعُمان والسعودية سبقت الأردن في إعداد برامج مشتركة وربط جسر جوي يومي بعشرات الرحلات لحضور المباريات والعودة إلى مكان الإقامة في هذه الدول"، مشددةً على أنّ ترويج الأردن سياحياً عبر كأس العالم لا يمكن قياس مردوده إلا بعد الانتهاء من كأس العالم.
بين هيئة تنشيط السياحة والقطاع الخاص
مشروع الترويج للسياحة في الأردن خلال فترة إقامة كأس العالم لم يأتِ وحسب من الجهة التسويقية لوزارة السياحة، ممثلة بـ"هيئة تنشيط السياحة"، بل طرحته مبادرة من شركة 100Jordan التي تقدمت بمبادرة لوزارة الصناعة والتجارة، فوجّهت الأخيرة الأمر إلى وزارة السياحة ومنها إلى هيئة تنشيط السياحة.
وفي هذا السياق، يقول رئيس مجلس إدارة شركة 100 Jordan ومديرها العام نضال ملو العين لرصيف22 أن شركته هي صاحبة فكرة مشروع السياحة الأردني بالتزامن مع مونديال قطر 2022، وهي مَن قام بطرح الفكرة في بداية الأمر.
ويتابع ملو العين أنّ شركته قامت بطرح الموضوع في عام 2019، خلال فترة حكومة عمر الرزاز، بواسطة معالي وزير الصناعة والتجارة وقتها وكاقتراح عبر هيئة تشجيع الاستثمار. وفي 2020، حلّت جائحة كورونا فعطلت إطلاق المشروع، وبعد بداية التعافي أطلقت الشركة مشروع السياحة الأردني بالتزامن مع مونديال قطر 2022، وروّجت له عبر التلفزيون الأردني وعمان تي في وراديو روتانا.
ويشير ملو العين إلى أنّ المشروع أطلق "خدمة للمجتمع دون تحقيق أي إيرادات للشركة، والتكاليف ستغطيها شركات القطاع الخاص للترويج الأردن بأحدث الطرق".
ويقدّر أن المشروع يمكن أن يستقطب بين 100 إلى 500 ألف سائح بإيرادات متوقعة تقارب خمسة مليارات دولار، عبر استقطاب جمهور المونديال بالتوجّه مباشرة للأفراد، واستقطاب المنتخبات وروابط تشجيع المنتخبات المشاركة. ولخلق فرص نجاح له، طلب من الجهات الرسمية التعاون عبر خطوات بينها مدّ جسر جوي بين الدوحة وعمان وزيادة عدد الرحلات.
وعن تواصل هيئة تنشيط السياحة معه، يؤكد ملو العين أنّها لم ترد على مراسلاته، و"أصبحت تعمل لتصبح منافساً للمشروع بدل أن تكون داعمة وراعية له".
لكن المدير العام لهيئة تنشيط السياحة عبد الرزاق عربيات يؤكد في المقابل أنّ هذه الفكرة كانت قديمة وبدأت بعد فوز قطر بحق استضافة المونديال، منوّهاً في كل الحالات إلى أنّه من الصعب تطبيقها إلا في إطار التنسيق مع الجانب القطري، إذ من الضروري تكامل الجهود بين الجانبين لإنجاحها، باعتبار أنّ قطر هي المستضيفة للبطولة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين