شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ثلاثة نماذج ديستوبيّة عن عالم بلا إجهاض

ثلاثة نماذج ديستوبيّة عن عالم بلا إجهاض

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 29 يونيو 202201:13 م

هذا المقال هو واحد من ثلاثة قامت رصيف22 بنشرها متزامنة على هامش قرار المحكمة الأمريكية العليا إلغاء الحق الدستوري للمرأة بالإجهاض، وهو القرار الذي ترك صداه في كل العالم.

طرحت المحكمة الدوليّة العليا لشؤون الإنسان والفصائل الحيّة، بالتعاون مع منظمة "أثرياء رقميين بلا حدود"، ثلاثة نماذج يمكن عبرها حلّ الإشكالية التي تواجه النوع البشري حالياً، المتمثلة بالحياة والحفاظ على استمرارها،

جاءت هذه النماذج كمحاولة لضمان حريّة البشر (أي إرضاء الليبراليين) والحفاظ على استمرار الحياة (إرضاء المحافظين واليمينيين)، فعلى الرغم من تحول العالم إلى مخيم اعتقال كبير، وخلق مساحات استثناء متعددة (مساحات للقتل بلا جريمة، حدائق الإجهاض، طائرات نفاثة تهريب اللاجئين) وندرة الموارد، إلا أن التيارات الرئيسية المتصارعة ما زالت قائمة ومتمسكة بمبادئها، ما ترك العالم أمام ثلاثة نماذج تحاول تحرير الأفراد، ذكوراً وإناثاً وسايبورغ، من العبء الحيوي المرتبط بالإنجاب، الإرضاع، الحق بالأمومة، الحق بالأبوة، إنتاج النطاف... إلخ ودفعهم لإعادة النظر في مفاهيم الحياة والموت وكيفية انتشار النسل، هذه النماذج لا تدّعي أنها نهائية، لكنها محاولة لإعادة النظر في النوع البشري ومشكلاته.

النموذج 1: الاستنساخ- ما بعد جدلية من يمنح الحياة

يقترح النموذج الأوّل، المسمى بـ"حرية السوائل وميوعة حق الحياة"، عملية خصاء كيميائي لكل من الرجل والنساء، بحيث يقتصر الاتصال الجسدي بينهم وتبادل السوائل على المتعة والعنف، وتتحرر المرأة من مسؤولية احتضان الجنين ثم ولادته وإرضاعه، ويرمى عن كاهل الرجل مسؤولية إنتاج النطاف وما يرتبط به من مركزيات، إي أن يجد كل من الجنسين نفسيهما متساويين في الحق بالإنجاب عبر الاستنساخ، والاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في نقي العظام، ما يعني أنه بإمكان المرأة أن تنجب لوحدها، وبإمكان الرجل أن ينجب لوحده بمساعدة أم حاضنة.

يضمن هذا النموذج انتقال الصفات الجينية بصورة حرفيّة، في ذات الوقت يؤدي إلى تعديل النظام القانوني، مفهوم "الحياة" يتغير، وإمكانيات إنتاجها لا متناهيّة، أي يمكن للشخص الواحد أن يستنسخ نفسه متى يريد وأينما يريد. الأهم، مفاهيم كالقتل (أي قتل النسخة) والإجهاض (قتل الحياة قبل تشكلها)، الكرامة الإنسانية ( هل يمكن لأحدهم أن يذلّ نسخته) بحاجة لإعادة نظر ومقاربات لا ترى في فرادة النوع البشري مركزاً لها.

استقبلت المحكمة الدولية التساؤلات التاليّة بخصوص هذا النموذج:

1- هل يعتبر قتل النسخة جريمة قتل، أم يتم استبدالها بأخرى؟

2- هل تمتلك النسخة ذات حقوق الأصل وواجباته؟

3- هل اغتصاب النسخة وحملها يعتبر إلقاحاً وتنطبق عليه ذات قوانين الأصل أم لا؟

عملية خصاء كيميائي لكل من الرجل والنساء وهنغارات تحوي مئات الأرحام الاصطناعيّة محمية من الجيش، ومزارع للنطاف... ثلاثة نماذج يمكن عبرها حلّ الإشكالية التي تواجه النوع البشري حالياً، المتمثلة بالحياة والحفاظ على استمرارها

النموذج 2: الأرحام الخارجية-تحطيم أيديولوجيا الأسرة

يقترح النموذج الثاني بناء هنغارات تحوي مئات الأرحام الاصطناعيّة، بصورة أدق، أرحام خارجية، محمية من قبل الجيش في سبيل الحفاظ على التعداد لا النسل، ضمن هذه الهنغارات التي تشكل مساحات استثناء، الإلقاح خارجي، أي يتم التبرع بالنطاف والبويضة في مخابر محددة، ثم يتم الإلقاح، ويتوفر للأب والأم بث مباشر على هواتفهم النقالة لمراقبة تطور الجنين.

يمنع هذا النموذج الإنجاب خارج الأرحام، وأي جنين ينتمي إلى "الخارج" يتم تحويله إلى مادة هيولية تشكل جزءاً من الرحم الاصطناعي، أما الأب والأم، فيعاقبان بالنفي على بعد 3 محيطات، أو يتم سجنهم فيما يُسمى "الأرض ما وراء الأرض"، هناك تعطل الدولة صلاحياتها، وتترك لمن هم هناك حرية التكاثر وتكوين أسر نووية، وتبادل الميراث والأخلاق التقليدية، التزايد السكاني في تلك المساحة غير مضبوط، لا يوجد أرقام دقيقة حوله، لكن الدولة المركزية تقطع المياه كل عام لمدة 6 أشهر عن تلك المساحة، في محاولة لإشغال الناس في جهد تأمين المياه، وضمان انتشار العطش وجفاف الأثداء.

استقبلت المحكمة الدولية التساؤلات التاليّة بخصوص هذا النموذج:

تتيح الأرحام الخارجيّة تفكيك الأسرة النووية وتدفع الأفراد إلى إعادة التفكير بمفهوم النسل ودوره الأيديولوجي، ليتحول البشر إلى أفراد فقط، لا أقرباء تجمعهم صلات دم مباشرة

1- هل رغبة المرأة أو الرجل بالتخلص من الجنين تعتبر إجهاضاً؟ وفي أي مرحلة من مراحل تكون الجنين يحق لهما قرار الإجهاض؟ وهل هو قرار مشترك؟

2- الجنين الناتج عن اغتصاب، هل يحق للمرأة إجهاضه أم يتم وضعه في الرحم الاصطناعي ؟

3- هل سيتم ضبط عدد مرات التبرع بالبويضات والنطاف، أم أن القرار يعود للراغبين بالإنجاب؟

النموذج 3: مزارع النطاف- نحو مساواة في السائل الأبيض

يقترح النموذج الثالث ما يسمى "مزارع النطاف"، الاسم خادع لكنها عبارة عن سيارات متنقلة أو أكشاك تنتشر في المدن، يزورها الرجال مرة واحدة في اليوم، للتبرع بالنطاف، واخذ الحقنة الكيميائية التي تميت النطاف إلى حين تشكلها في اليوم الثاني، هذه المزارع، تتيح الإلقاح الخارجي، دون الالتزام بنموذج الأسرة وأخلاقها، وتمنع عمليات الحمل غير المرغوب به، بالتالي الإجهاض، بحيث يكون الإنجاب قرار المرأة لوحدها فقط.

لا يعني هذا النموذج الحرمان من الممارسة الجنسية، بل تبقى قائمة دوماً وبكل أبعادها اللذوية والعنيفة أيضاً، لكنه يتيح للمرأة التحكم بقرار الإنجاب بشكل كامل، وخلق الشروط الملائمة بدقة لها، خصوصاً أن هكذا مزارع تضبط السوائل الجسديّة، وتتيح اكتشاف مساحات مختلفة من اللذة.

نموذج مزارع النطاف يقنن السائل الأبيض، ويحوله إلى سائل وظيفي لا يمتلك قيمة سوى التكاثر، ما يمنع كل ما يمكن أن ينتج عن سوء استخدامه

استقبلت المحكمة الدولية التساؤلات التاليّة بخصوص هذا النموذج:

1- هل يعتبر الاستمناء فعلاً مخالفاً للقانون؟

2- هل تمتلك من تتعرض للاغتصاب أو وجدت نفسها حاملاً حق الإجهاض، خصوصاً أنه في هذا النموذج لا جنين بدون أب؟

3- كيف يمكن للمثليين والمثليات إنشاء أسرة؟ وهل تضمن هذه المزارع حقهم بالتبني؟

هامش:

لم تتمكن المحكمة الدولية العليا من تطبيق أي واحد من النماذج، خصوصاً أنها لم تقدم حلولاً لمشكلات التحرش والاغتصاب والاعتداءات اللفظية والجنسية بين الرجال والنساء والسايبورغ، والتي كشفت التحقيقات المحايدة التي قام بها الذكاء الاصطناعي (أيزو-نانو 7439) انتشارها بشكل واسع ضمن دهاليز المحكمة وقاعاتها، وبقيت النماذج ومخططاتها محفوظة في الأرشيف العلني للمكتبة الفرنسية الوطنية ما بعد الإنسانوية BNF-PH، وهي متاحة للجميع حالياً من أجل الاطلاع عليها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image