شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
ناتو شرق أوسطي للدفاع الجوي فحسب... من يستفيد: العرب أم إسرائيل؟

ناتو شرق أوسطي للدفاع الجوي فحسب... من يستفيد: العرب أم إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 5 يوليو 202205:30 م

تنتشر الأخبار حول إنشاء تحالف عسكري شرق أوسطي جديد برعاية أمريكية، على غرار حلف شمال الأطلسي، يشمل إسرائيل ضد أعداء مشتركين، لم يتم الكشف عن هويتهم، لكن التسريبات قالت إن المستهدفين إيران وأذرعها في المنطقة.

وبحسب المتداول من معلومات، يبدو أن الحلف الجديد يقتصر على منظومة دفاع جوي مشتركة ضد الصواريخ وطائرات من دون طيار كالتي استهدفت السعودية والإمارات مؤخراً، ومنظومة رادار وإنذار مبكر في الخليج لرصد أي أهداف قادمة من إيران، ولا حديث حتى الآن عن احتمال توسيعه ليشمل قوات بريةً أو بحريةً أو جوية.

ويحتاج توسيع الحلف إلى توافق حول السياسات والمخاطر والأعداء، إذ تصنّف إسرائيل حركة حماس الفلسطينية، منظمةً إرهابيةً، لكن معظم الدول العربية تعدّها فصيلاً مقاوماً، فيما لا تُصنّف الولايات المتحدة أو الأردن وغيرهما، جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي كما تفعل مصر والسعودية والإمارات.

حلف المواجهة؟

يقتصر الحلف الجديد على منظومة دفاع جوي مشتركة ضد الصواريخ وطائرات من دون طيار كالتي استهدفت السعودية والإمارات مؤخراً، ومنظومة رادار وإنذار مبكر 

خلال الشهر الماضي، تصدّر ملك الأردن عبد الله الثاني، عناوين وسائل الإعلام بعدما قال في لقاء مع محطة "سي إن بي سي" الأمريكية: "سأكون من أوائل الأشخاص الذين سيصادقون على إنشاء حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط إذا عرض عليّ".

في الفترة ذاتها، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إن "إسرائيل انضمت إلى شبكة جديدة بقيادة الولايات المتحدة أُطلق عليها اسم تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط".

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في تقرير لها في 26 حزيران/ يونيو الماضي، أن هناك اجتماعات سريةً عُقدت في مصر بين مسؤولين عسكريين من إسرائيل والسعودية وقطر والأردن ومصر والإمارات والبحرين، لمناقشة التعاون في المجال الدفاعي.

وقال الخبراء إن أي تحالف دفاعي من هذا القبيل، من المرجح أن يشمل الدول التي لديها بالفعل علاقة من نوع ما مع إسرائيل. ويشمل ذلك الموقعين على اتفاقيات إبراهيم (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب)، بالإضافة إلى الأردن ومصر، وهما دولتان تربطهما بالفعل علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

لكن وول ستريت جورنال، أشارت إلى دولتين أخريَين لم تطبعا العلاقات رسمياً مع تل أبيب، وحضرتا الاجتماعات مع ضباط الجيش الإسرائيلي لمناقشة التعاون الدفاعي، ما يعني أن الرياض والدوحة هما الأقرب للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.

ولم يتم ذكر ثلاثة بلدان أخرى، وهي الكويت التي يُعتقد أنها ستكون آخر دول الخليج في تطبيع العلاقات مع إسرائيل لاعتبارات داخلية، وسلطنة عمان التي لطالما قدمت نفسها كوسيط بين إيران وخصومها الإقليميين والدوليين، كذلك العراق الذي يجرّم برلمانه التطبيع مع تل أبيب.

طبيعة التحالف

قال العميد متقاعد في الجيش العراقي، إسماعيل الإسكندراني، لرصيف22، إن "هذا التحالف الذي كثر الحديث عنه ليس تحالفاً عسكرياً متكاملاً بل هو تحالف جزئي يخص الدفاع ضد الهجمات الجوية والطائرات المسيرة التي تستهدف بعض منشآت دول المنطقة".

في هذا السياق، قالت الباحثة الإيطالية سينزيا بيانكو، الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، والتي تركز على أمن دول الخليج، للإذاعة الألمانية، إن "المناقشات حتى الآن تركزت حول التعاون الفني في الدفاع الجوي، والرادارات وتطوير نظام اتصالات لتبادل الإنذار المبكر من أي تهديد قادم".

من جانبها، أكدت الباحثة الأمريكية بيكا واسر، زميلة برنامج الدفاع في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث مقرّه واشنطن، للإذاعة الألمانية أيضاً، أن "النية هنا رادعة بطبيعتها إلى حد كبير، وطمأنة الدول على أمنها في مواجهة الهجمات من إيران ووكلائها".

التحالف الذي كثر الحديث عنه ليس تحالفاً عسكرياً متكاملاً بل هو تحالف جزئي يخص الدفاع ضد الهجمات الجوية والطائرات المسيرة التي تستهدف بعض منشآت دول المنطقة، فهل يكون بوابة تطبيع يخدم إسرائيل أكثر من غيرها؟

وقال المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات، لرصيف22، إن "الحديث كثر حول إنشاء هذا الحلف، لكن من المستبعد أن يرى النور في الوقت القريب، لاختلاف الأهداف والمصالح والتحديات في المنطقة".

وأضاف: "الغاية من إنشاء هذا الحلف هي مواجهة إيران، وإسرائيل هي التي تشجع على إنشائه، وتريد من دول المنطقة أن تنخرط في هذه المواجهة، ويكون مدخلاً للتطبيع، ومظلةً أمريكيةً لمن يريد الدعم والحماية".

هل يرى النور؟

تشكلت في خمسينيات القرن الماضي، منظمة المعاهدة المركزية "CENTO"، أو ما يُعرف بـ"حلف بغداد"، لمواجهة التوسع السوفياتي في المنطقة، لكن لم تُعدّ فعالةً بشكل خاص، وتم حلّها في عام 1979. وروّجت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ايضاً لتحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي "MESA"، ولم يرَ النور كذلك.

وكان لدى الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما، اقتراح لمثل هذا التحالف، إذ أعلنت إن أهل المنطقة هم الذين يجب أن يدافعوا عنها بدعم من واشنطن، وهو ما جرى في الحرب ضد تنظيم داعش في عام 2014.

وتمتلك دول الخليج العربي تحالفاً يُدعى "درع الجزيرة"، يبلغ عدد قوّاته 40 ألفاً، وهي مجهزة تجهيزاً جيداً، لكن لم يحقق أي نجاح يُذكر في السنوات الماضية في اعتراض الصواريخ والطائرات من دون طيار التي أطلقها الحوثيون في اليمن في اتجاه السعودية والإمارات، وينسب إليه كبح التظاهرات التي قادتها أحزاب شيعية في البحرين إبان الربيع العربي.

واقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في قمة جامعة الدول العربية في عام 2015، إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب، وعقد قادة أركان الجيوش العربية بالفعل اجتماعات عدة من دون أن تسفر عن أي شيء.

وتجدر الإشارة إلى تطورين مهمين في المنطقة؛ أولاً، قامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية وتتجه نحو ترتيبات مماثلة مع دول أخرى. ثانياً، الخطر الذي تمثله إيران أوضح وأقوى من أي وقت مضى، لأنها تقترب من القنبلة النووية واستهدفت طائراتها وصواريخها بالفعل السعودية والإمارات.

ومع ذلك، قال الباحث المصري والمحاضر في العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية والسياسات الدفاعية، أنس القصاص، لرصيف22، إن "هناك تعقيدات كثيرةً تمنع إنشاء هذا الحلف من ضمنها وجود إسرائيل فيه"، مضيفاً أن "العقيدة العسكرية لدى مصر تختلف عن نظيرتها الإسرائيلية، فضلاً عن أن البلدين خصمين لن يجتمعا في أي تحالف عسكري على الرغم من وجود اتفاق سلام بين الحكومتين".

برأيه، "الحديث حول هذا التحالف سيهدأ بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى السعودية، منتصف الشهر الجاري، من دون تحقيق أي تقدم فعلي لإنشائه، ولن يرى النور".

وقال الخبير العسكري العراقي إسماعيل السوداني، لرصيف22: "بالتأكيد إيران ستعمل على إفشال هذه الفكرة وهذا التحالف، من خلال إيجاد طرق وتكتيكات لتحقيق ثغرات في نظام الدفاع الجوي المعتمد".

أين مصلحة العرب؟

على الرغم من أن مصر قد تستفيد، على غرار إسرائيل، من الحلف في تأمين قناة السويس ومدنها، من خلال امتلاك أنظمة إنذار مبكر في الخليج لرصد أي اعتداءات صاروخية قادمة من إيران مبكراً، والتعامل معها بالحصول على أنظمة دفاعية أمريكية مثل الباتريوت، إلا أن المحللين المصريين يستبعدون الانخراط في هذا "الناتو".

وبحسب القصاص، فإن "مصر لن تذهب في حلف يضعها في مواجهة أو في عداء مباشر مع إيران، ليست هناك مصلحة في ذلك، وهناك أولويات وتحديات أمنية أخرى للقاهرة، ربما تكون هناك مصلحة السعودية كونها تعرضت لهجمات عديدة".

من جانبه، حذر السوداني من أن "فكرة إنشاء ناتو شرق أوسطي ستُدخل المنطقة في أزمات جديدة ومنعطفات تهدد أمنها ولن تؤدي إلى توازن القوى أو تحقق فكرة الردع".

يُجري حزب الله اللبناني الموالي لإيران، مصالحةً بين حركة حماس الفلسطينية والنظام السوري لأنه يرى أن ذلك سيخدم المحور الذي تقوده إيران لمواجهة التحالف

وأضاف: "هناك نقطة حساسة أخرى، وهي انضمام إسرائيل إلى هذا التحالف، وهو ما ستستغله إيران في تأجيج الرأي العام في الدول الأعضاء، وتخلق فجوةً بين الحكومات والشعوب، وتلعب دور الضحية، وتؤكد فكرة أنها مستهدفة من دول الاستكبار العالمي كما هو واضح في خطاب طهران الإعلامي".

الأمور معقّدة

ويُجري حزب الله اللبناني الموالي لإيران، مصالحةً بين حركة حماس الفلسطينية والنظام السوري لأنه يرى أن ذلك سيخدم المحور الذي تقوده إيران في ظل المحاولات الجارية لتشكيل تحالف مناهض لطهران في المنطقة.

وبرأي الحوارات: "هناك فراغ جيو-سياسي في المنطقة، ترك تداعيات خطيرةً، جعل الدول القوية تتصارع على الدول الصغيرة، ومن بينها الأردن. ما نشهده هو صراع تركي-إسرائيلي-إيراني، على المنطقة في غياب طرف عربي موازن. هناك احتلال إسرائيلي واقعي لفلسطين، وتهديد إيراني".

وأشار إلى أن "هذا الحلف لن تكون له فائدة على العرب، وليست هناك للأردن مصلحة في الانخراط في أي حلف، لكن الأردن دولة صغيرة، ويعتمد في اقتصاده على المساعدات الإقليمية والغربية، ربما تُفرض عليه وعلى غيره من متلقي المساعدات الإقليميين، تداعيات جدية ولا يستطيعون الخروج عن الإجماع الدولي والإقليمي".

وتابع: "هناك خطر إيراني واقع على حدود الأردن في سوريا، عبر وجود مليشيات إيرانية تقوم بأعمال عدائية منها تهريب الأسلحة والمخدرات وإيجاد بيئة معادية، وعليه يمثل هذا الأمر خطراً على الأردن وأمنه واستقراره، والسؤال: هل سيدعم الحلف الأردن في تأمين حدوده؟".

"كي تكون لدينا إجابة عن هذا السؤال، هناك حاجة أولاً إلى معرفة سياسات هذا الحلف التي سيتم الاتفاق عليها، وإستراتيجياته، والعداوات المشتركة، وهوية الدول المشاركة"، بحسب الحوارات.   

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard