شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
بوابة إيران إلى سوريا مُقفلة... وشحنات الأسلحة معلّقة حتى إشعار آخر

بوابة إيران إلى سوريا مُقفلة... وشحنات الأسلحة معلّقة حتى إشعار آخر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 15 يونيو 202206:25 م

تعود جذور الصراع الإيراني الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، إلى نجاح الثورة الإسلامية في العام 1979، إلا أنه اقتصر على ما يُسمّى الحروب بالوكالة، ووصل إلى حدوده القصوى بعد الحرب السورية عام 2011، وتصاعد في السنوات الأخيرة بعد أن استشعرت إسرائيل بالخطر نتيجة سيطرة الميليشيات الإيرانية على مناطق واسعة في سوريا.

ووصف الإسرائيليون مواجهاتهم مع إيران بالـ"حرب ما بين الحروب"، وتهدف إلى تحجيم النشاط العسكري لإيران من خلال ضرب مواقع الحرس الثوري ومقراته والميليشيات الأجنبية الطائفية التي تعمل إلى جانبه، عبر استهداف مواقع الأسلحة التكتيكية والمعسكرات ومنصات الصواريخ الإيرانية وشحنات الأسلحة القادمة عبر بوابات إيران إلى سوريا، كمنفذ البوكمال الحدودي ومطار دمشق الدولي.

بوابة إيران

الواضح من الإستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع الوجود الإيراني على مقربة من حدودها، أنها تنتهج حرب استنزاف، إذ بلغ معدل الغارات الإسرائيلية، شهرياً، نحو 6 هجمات.

ولا تفارق طائرات الاستطلاع والتجسس الأجواء السورية، وتترصد حركة الأرتال العسكرية وتتبع الشحنات وما أن تتجمع في موقع ما حتى تتبعها طائرات F-15 Eagle لتدمرها. وعلى هذا النحو وذاك، طال القصف مواقع البحوث العلمية التي سيطرت عليها ميليشيا الحرس الثوري في كل من تدمر ودير الزور وحلب ومصياف وريف دمشق، وقواعد أخرى كجبل عزان في حلب وقاعدة الإمام علي في دير الزور والبوكمال ومرفأ اللاذقية.

تعود جذور الصراع الإيراني الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، إلى نجاح الثورة الإسلامية في العام 1979، إلا أنه اقتصر على ما يُسمّى الحروب بالوكالة، ووصل إلى حدوده القصوى بعد الحرب السورية

في السنوات القليلة الماضية، حولت إيران مطار دمشق الدولي إلى بوابة خاصة بها، فهي تسيطر على إدارته الأمنية واحتلت قرى كاملةً في محيط المطار أبرزها "حران العواميد والغزلانية وتل مسكن"، وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية ومستودعات ذخائر، وتحط في المطار طائرات الشحن العسكري القادمة من طهران ومنه تتجه الذخائر وعلى وجه الخصوص الصواريخ الباليستية التي تشكل هاجساً ورعباً لإسرائيل التي تصل الليل بالنهار في تتبعها من أجل تدميرها، بحسب أحد العسكريين الذين خدموا في المطار سابقاً.

يقول وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات، لرصيف22: "مطار دمشق الدولي ومحيط مطار دمشق الدولي وكذلك المواقع العسكرية التي تتخذها إيران وميليشياتها كالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني قواعد لنقل الأسلحة وتخزينها وتطويرها، تأتي على رأس قائمة الأهداف الإسرائيلية على الخريطة السورية، فإسرائيل اليوم تراقب عن كثب كل التحركات الإيرانية والتي ازدادت بشكل كبير جداً بعد الانشغال الروسي في الحرب الأوكرانية".

ويضيف: "التمدد الإيراني وعمليات نقل الأسلحة وتخزينها خلال الشهرين الماضيين كانت بالتنسيق مع روسيا في محاولة للضغط على حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في جنوب سوريا، من خلال فتح المجال لإيران وحلفائها في المنطقة سواء بعمليات الأسلحة وحتى في موضوع النفوذ والسيطرة الجغرافية على نقاط تماس مع هؤلاء الحلفاء".

ويصف العسكري المنشق سياسة إسرائيل في سوريا "بسياسة جز العشب فهي لم تتعمد خلال السنوات القليلة الماضية إنهاء النفوذ الإيراني، وإنما كانت تراقب ازدياد التحركات الإيرانية وخاصةً نقل الأسلحة النوعية والتي تشكل تهديداً لأمن إسرائيل إذ كانت تتعامل معها من خلال القصف".

الهجوم الكبير

منتصف ليل 11 حزيران/ يونيو الجاري، شنّت المقاتلات الحربية الإسرائيلية غارات جويةً استهدفت مطار دمشق الدولي، وهي المرة الأولى التي يشهد فيها المطار غارات عنيفةً إلى هذا الحد، إذ تركز القصف على استهداف البنية التحتية للمطار عبر تعطيل المدرجين اللذين يعمل بهما المطار، بالإضافة إلى تدمير برج المراقبة الوحيد، ومبنى تشغيل الإنارة الملاحية، مع تضرر حظائر الطائرات ومبنى المسافرين.

إعلام النظام السوري أعلن مباشرةً عن تعطل المطار عن الخدمة، إذ قالت وزارة النقل السورية عبر صفحتها في فيسبوك: "تسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم باستهداف البنية التحتية لمطار دمشق الدولي وخروج مهابط الطائرات عن الخدمة حيث تضررت في أكثر من موقع وبشكل كبير، مع الإنارة الملاحية".

وأضافت أن "القصف استهدف أيضاً مبنى الصالة الثانية للمطار، وتسبب بأضرار مادية، ونتيجةً لهذه الأضرار تم تعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار حتى إشعارٍ آخر".

وبحسب علوان، فإن "قصف المطار الأخير هو الضربة الأكبر والأبرز خلال العام الجاري، وهي الضربة الأكثر ألماً بعد الضربة التي استهدفت ميناء اللاذقية خلال العام الماضي، وهي ضمن إستراتيجية إسرائيل في ضرب القواعد وخطوط نقل الأسلحة".

أهمية المطار عسكرياً

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مطار دمشق الدولي لغارات إسرائيلية، لكنها المرة الأولى التي تخرجه فيها عن الخدمة بشكل كامل، وعلى مدار السنوات الخمس الأخيرة تعرض المطار للقصف بأكثر من أربعين غارةً جويةً تركزت في معظمها على تدمير شحنات أسلحة فقط، وعلى ما يبدو فإنّ إسرائيل ومن خلال سياستها في التعامل مع التوسع الإيراني في المنطقة أرادت التضييق أكثر على إيران، بحسب الضابط المنشق.

تستخدم إيران مطار دمشق الدولي منذ سنوات كمعبر لتوريد الأسلحة إلى ميليشياتها في سوريا وأيضاً في لبنان، وتحوّل مع الوقت ليكون مركزاً عسكرياً محاطاً بثكنات يتواجد فيها عناصرها، ومنها تتوزع المهام والعتاد لتمكينها من السيطرة على مناطق أوسع ومنها لتعزيز أوراقها التفاوضية

في العام 2020، أعلن مندوب حكومة بشار الأسد في الأمم المتحدة بشار الجعفري، عن عودة مطار حلب الدولي إلى العمل، والذي نال أيضاً حصةً من الغارات الإسرائيلية سابقاً، وتزامناً مع إعلان وزارة النقل السورية وصول أول رحلة مدنية إلى مطار حلب وتشغيله بشكل كامل، قامت إسرائيل بإخراج المطار الرئيسي في سوريا من العمل.

وسابقاً، تعرّض مطار دمشق الدولي وأكبر مطار في سوريا للقصف أربع مرات في العام 2017، وتعرض المطار ومحيطه من القرى والثكنات العسكرية في العام 2018، للقصف ثماني مرّات بأكثر من عشرين غارةً جويةً دمرّت منصات إطلاق صواريخ باليستية وبطاريات دفاع جوي وحاويات ذخائر إيرانية قبل خروجها من المطار.

وفي العام 2019، تعرض المطار ومحيطه للقصف من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية ثلاث مرات، كانت أكثرها ضراوةً في شهر كانون الأول/ ديسمبر، حين دمرت شحنة أسلحة إيرانية يرجّح أنها صواريخ باليستية وعطلت المطار عن العمل جزئياً.

في العامين 2020 و2021، تعرض المطار للقصف خمس مرات، وتركز القصف خلالها على حظائر الطائرات التي لجأت إيران إلى تخزين الأسلحة والذخائر فيها نظراً لتحصينها العالي وقدرتها على تحمل القصف.

بحسب الضابط المنشق الذي يعمل على توثيق ومتابعة كُل ما يجري في المطار، "تكمن أهمية مطار دمشق العسكرية في قربه من العاصمة السورية، وهو منفذ الدعم اللوجستي السريع إليها لكونها تبعد عن المنافذ الحدودية والموانئ البحرية، ولا يمكن لإيران الاستغناء عنه بسهولة، فوصول شحنات الأسلحة عبر الحدود مع العراق يعرضها لخطر الاستهداف المباشر من قبل القوات الأمريكية في العراق وشرق سوريا، كما أنّ خطوط الإمداد عبر البادية السورية تُعدّ خطيرةً للغاية ولا يمكن توقع هجمات تنظيم داعش في المنطقة، وعبر السواحل السورية يُعدّ موضوع النقل العسكري أكثر خطراً فالقوات البحرية الإسرائيلية لها بالمرصاد بمجرد عبورها قناة السويس".

بقي المطار يعمل بمعدل رحلة مدنية واحدة في كل أسبوع إلى خمسة عشر يوماً، وحسب الحاجة بين الإمارات العربية المتحدة ودمشق، ومطار العاصمة طهران ودمشق، لنقل المقاتلين وعائلاتهم

أهميته المدنية

سقطت أهمية المطار المدنية منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، كونه أصبح آخطر نقطة عبور أمنية في سوريا بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على شركة الطيران المدني الوحيدة في سوريا، مما دفع معظم المسافرين إلى استخدام مطار بيروت في رحلاتهم.

بقي المطار يعمل بمعدل رحلة مدنية واحدة في كل أسبوع إلى خمسة عشر يوماً، وحسب الحاجة بين الإمارات العربية المتحدة ودمشق، ومطار العاصمة طهران ودمشق، لنقل المقاتلين وعائلاتهم أو زوار الأماكن الشيعية المقدسة في سوريا.

وبحسب الناشط فايز الدغيم، "لا يبدو من صور الدمار الذي لحق بالمطار والمباني التشغيلية والمهابط أنه من الممكن أن يعود إلى العمل في المنظور القريب، كما أنّ الحاجة المدنية والتجارية إليه لا تلبّي مصاريف الإصلاح التي تقدَّر بملايين الدولارات".

ويضيف: "حتى إيران ليست مستعدةً لتحمل نفقة إصلاحه والمجازفة في تعريض شحنات أسلحة جديدة للقصف الإسرائيلي، ومن الغباء ألا تتفهم إيران الرسالة الإسرائيلية في منعها من تكثيف وجودها في منطقة الجنوب السوري".

في المقابل، يعتقد علوان أنه "بالرغم من أن الضربة أوقفت المطار عن العمل ولكن هذا التوقف هو لفترة محدودة وستعود إيران إلى تأهيله من جديد، كما تقوم حالياً بخطة تعتمد على توزيع المهام العسكرية والأمنية على مطارات عدة، كمطارات السين والتيفور والضمير العسكري، وكذلك مطارات وسط سوريا وشمالها وأبرزها مطارا النيرب في حلب ومطار حماة العسكري".

ويشير إلى أن "الضربة بشكل رئيسي هي رسالة مؤلمة من إسرائيل من أجل أن تقنن إيران عمليات نقل الأسلحة، وستتصاعد هذه الضربات كماً ونوعاً كلّما ازداد التمدد الإيراني في سوريا، كذلك هي تحذير لمليشيات إيران أو النظام السوري من أي خطوة تصعيدية ضدها".

ويُعدّ مطار دمشق أكبر مطار دولي في سوريا، وهو يبعد عن العاصمة نحو 25 كم في الاتجاه الشرقي، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1970، ويُعدّ ثاني مطار يتم إنشاؤه في سوريا والمقر الرئيسي ومركز عمليات الخطوط الجوية السورية، وأجنحة الشام. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard