شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"الهوس بمتابعة المؤثرين/ات"... هل أصبحنا في عالم يسعى وراء الترندات؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 1 يوليو 202203:35 م

منذ مدة قليلة، اجتاح منصات التواصل الاجتماعي أهم ترند في العالم: قضية جوني ديب وأمبر هيرد، بعدما انتهت التغريدات والمنشورات المختلفة بتحليلات الجميع بالإضافة إلى الكوميكس، بالإضافة إلى ترند آخر عن عروس كفر الدوار بعدها فيديوهات منتشرة ليارا وزوجها الذي تُطلق عليه اسم "دادي"، ومن ترند لآخر وجدتني أقع في حلقة مفرغة من الترندات التي لن تنتهي في العالم أجمع.

لماذا أصبحنا شغوفين/ات بمتابعة الترندات إلى هذا الحدّ؟ وهل تحول الأمر لدينا لهوس متابعة الإنفلونسرز Influencers؟

تأثير الترند والسوشيال ميديا على الشباب

هل وجدت نفسك ذات يوم ترغب في إشغال وقت الفراغ، فتسللت يدك إلى الهاتف لفتح بعض منصات التواصل الاجتماعي ومتابعة أشهر ترندات، وربما استمررت في التمرير لأسفل "Scrolling" حتى لو كان لديك عمل آخر يناديك وعليك إنجازه.

جميعنا نقع في هذه المعضلة، وهي الرغبة في معرفة كل ما يدور حولنا، في سياق ما يُعرف بمتلازمة فومو "FOMO"، والتي تعني أننا نخشى بشدة أن يفوتنا أي ترند أو خبر بسيط عابر، زواج أحد أصدقائنا أو فضيحة ما في العمل أو الجامعة.

لماذا أصبحنا شغوفين/ات بمتابعة الترندات إلى هذا الحدّ؟ وهل تحول الأمر لدينا لهوس متابعة الإنفلونسرز Influencers؟

ستجد نفسك بعد انتهائك من التصفح للسوشيال ميديا محبطاً وغاضباً بعض الشيء، خاصة بعد متابعة أحد الإنفلونسرز أو الترندات، لكنك تجهل السبب الحقيقي وراء هذا الشعور.

تعليقاً على هذه النقطة، قالت المدرّسة إيمان (36 عاماً) لرصيف22: "دائماً ما أتصفح السوشيال ميديا بمختلف منصاتها وذلك في أوقات مختلفة، وحتى أثناء ساعات عملي وطهي الطعام؛ كي أتخلص من ضوضاء حياتي، لكنني سرعان ما أجدني محبطة ومكتئبة بعد الانتهاء من التصفح".

وتساءلت: "أريد أن أعلم لماذا قد أفقد حماسي أو أشعر بهذا الانطفاء الغريب بعد التصفح؟"، وتابعت بالقول: "حاولت ملاحظة الأسباب التي تجعلني حزينة، فربما يكون خبر ما صادفته أحزنني، وأحياناً ما يصادفني خبر خطبة أقاربي أو أصدقاء العمل الأصغر سناً مني، لكن سرعان ما أجد أموراً أخرى تحزنني أو لا أجد شيئاً على الإطلاق".

بدوره، قال أمجد، (23 عاماً)، وهو عازف بيانو: "عندما أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وأجد المشاهير والإنفلونسرز وأبحث عن سبب شهرتهم، لا أجد شيئاً ملموساً وحينها أصاب بالحزن، فمعظمهم من دون موهبة أو علم على الرغم من أنهم مؤثرون، وهذا يقتضي العلم والمعرفة في مجال ما؛ ليؤثروا في الآخرين"، وأضاف لرصيف22: "حقاً لا أدري لماذا لا يلتفت الناس إلى الموهبة والعلم ويفضلون الهراء؟".

مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي

نشاهد على منصات السوشيال ميديا أخباراً وصوراً عديدة منقحة ومعدلة، وتخفي أكثر مما تظهر، وقد نعتقد أنها حقيقة ونبدأ في إجراء المقارنات، والتي تجعل ثقتنا بأنفسنا تهتز، ومن مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً ما يلي:

1. احتمال الإصابة بالأمراض النفسية مثل: الاكتئاب والقلق والتوتر.

2. الوقوع في فخ المقارنات، ما ينتج عنه الحزن، الخلافات بين العائلة، الأزواج أو الأصدقاء.

3. قلة الثقة بالنفس وعدم الشعور بالاستحقاق.

4. تدمير الصورة الذاتية عن شكل الوجه والجسم، ما قد يؤدي إلى اللجوء لعمليات التجميل للوصول إلى الجسم "المثالي".

5. الإصابة باضطرابات الطعام سواء نتيجة السعي وراء الجسم النحيف، أو الإصابة بالنهم نتيجة أمراض نفسية من متابعة منصات التواصل الاجتماعي.

6. قلة التركيز وضعف الذاكرة.

7. تأخر النوم والإصابة بالأرق.

8. التعرض للابتزاز والمضايقات الإلكترونية.

9. زيادة خطر الانتحار، فالمراهق الذي يقضي حوالي ساعتين يومياً على السوشيال ميديا لديه خطر أعلى للانتحار عندما يكبر.

قالت الدكتورة هالة السعيد صياح، مستشارة في الطب النفسي، في حوارها مع رصيف22: "قابلت حالات لديها شغف كبير بمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة إلى حدّ يشبه الوسواس، وخاصة ما يتعلق بشكل الجسم والوجه، وانتظار علامات الإعجاب بالمنشورات من الآخرين".

وأضافت: "مظهر الممثلات والخصر النحيف يكون ناتجاً عن عمليات التجميل وليس طبيعياً، وذلك ينتج عنه عدم الرضا عن شكل الجسم، أما عن عمليات حقن الوجه لإخفاء التجاعيد، فأصبحت ترنداً، ما جعل المرأة العادية تشعر بالخجل من شكل تجاعيد الوجه مع التقدم في السن مع إنها طبيعية جداً".

تأثير الإنفلونسر على حياة الناس

لا شك أن الإنفلونسر والمشاهير لديهم تأثير كبير على حياة الناس وخاصة على المراهقين/ات.

في هذا الصدد، قالت المحامية سمية (45 عاماً) لرصيف22: "أعاني كثيراً مع ابني الذي يبلغ من العمر 14 عاماً؛ لأنه يرغب في تقليد أي منتج يستخدمه الإنفلونسر المحبب إليه، فإذا تناول الطعام في أحد المطاعم يرغب في الذهاب إليه في الحال، وإذا اشترى هاتفاً باهظ الثمن لا يكف عن النحيب إلا إذا اشتريته له".

تبيّن أن المستهلكين/ات يفضلون/ن الشراء بناء على تفضيلات ونصائح الإنفلونسرز أكثر من أي شيء آخر، حيث يدر الإنفلونسرز دخلاً مميزاً للشركات والمؤسسات جراء الإعلان عن منتجاتهم على صفحاتهم المكتظة بالمتابعين/ات.

تعد منصة فيسبوك من أهم المنصات التي يستخدمها الإنفلونسرز؛ لتمكنهم من مشاركة حياتهم الشخصية بكافة تفاصيلها، وخلق تفاعل مع المتابعين/ات وهو الأمر الذي يجعلهم/نّ يرتبطون/ن أكثر بالإنفلونسر ويتبعون آراءه و"يقدسون" منتجاته.

فقد اتضح أن 7 من كل 10 من المستهلكين على السوشيال ميديا يقتنعون بآراء الإنفلونسر كاقتناعهم برأي أو ترشيح أحد أصدقائهم على أرض الواقع، ما يجعلنا نتساءل عن حياة الإنفلونسرز الحقيقة.

التأثير النفسي للترند على الإنفلونسر

في حديثه مع رصيف22، تحدث البلوغر أحمد (اسم مستعار) عن لعبة الترندات: "كثيراً ما أجدني محاصراً بين الترندات وأخشى أن يندثر اسمي، فأحاول الوصول إلى أي ترند مختلق كي أتمكن من زيادة المشاهدات والوصول إلى أكبر قدر ممكن من المتابعين/ات، وما لا يعلمه الكثيرون أن الإنفلونسرز والترندات هي صناعة ومهنة حقيقة، وقد تحتاج إلى دراسة أمور عديدة، كعلم النفس والتسويق، لفهم المتابعين وجذبهم حتى لو كان الترند تافهاً".

ليست حياة الإنفلونسر صانع الترندات وردية كما قد يظهر لدى الكثير، والحقيقة أن بها عدة تزييفات، وحتى إن حاول الظهور بشخصيته الحقيقة، فإنه قد يقع في مصيدة العلامات التجارية التي تفرض عليه زياً محدداً أو ساعة يروّج لها لا تنتمي إلى شخصيته وذوقه الخاص، ويضطر أحياناً لقبول العرض المقدم ويبدأ بصنع الإعلانات.

يعاني أيضاً الإنفلونسر من استهزاء بعض الأفراد من مهنته، فهم يرون أنها ليست وظيفة على الإطلاق، وإنما هي تسلية لجلب المال السهل دون أي متاعب، كذلك نجد الإنفلونسرز يعانون مثل المتابعين/ات من متلازمة فومو.

وكلما زاد عدد المتابعين/ات للإنفلونسر كلما ازداد خوفه من فقدانهم/نّ جراء أي خطأ يرتكبه قد يشوه صورته أمام المتابعين/ات الذين قد يرونه شخصاً لا يخطئ ومثالياً، ما يدفع الكثير من الإنفلونسرز للهوس والتوتر والقلق تجاه صفحاتهم وتنقيح الصور والمنشورات بعناية فائقة.

"ما لا يعلمه الكثيرون أن الإنفلونسرز والترندات هي صناعة ومهنة حقيقة، وقد تحتاج إلى دراسة أمور عديدة، كعلم النفس والتسويق، لفهم المتابعين وجذبهم حتى لو كان الترند تافهاً"

في حوارها مع رصيف22، تقول مدوّنة الموضة ياسمين (اسم مستعار): "يرغب العديد من الأشخاص أن يكونوا مؤثرين ولديهم عدد كبير من المتابعين ويرون الحياة من الخارج، حيث نملأها بتزييف السعادة كي نزيد المتابعين، وأحياناً بالمشاكل كي نجلب المشاهدات، لكنهم لا يعلمون كم التنافس والضغط النفسي الذي قد نواجهه خشية فقدان الشهرة، أو كيفية صنع محتوى يجذب المتابعين على صفحاتنا".

يعاني الإنفلونسرز أيضاً كالمتابعين/ات من نفس تأثير السوشيال ميديا النفسي السلبي عليهم مثل:

• الشعور بالحسد تجاه الآخرين.

• وجود مقارنات مع الإنفلونسرز الآخرين ذوي الشهرة.

• قلة الثقة بالنفس.

• انخفاض الرضا عن الذات.

• تغيرات مزاجية حادة.

• الشعور بعد الأمان والقلق.

استخدام السوشيال ميديا والضغط النفسي

وجد مركز بيو للأبحاث أن هناك علاقة بين استخدام التكنولوجيا ونشأة الضغط النفسي في يومنا هذا، وكذلك لاحظ الباحثون أن النساء هم الأكثر شعوراً بالضغط النفسي مقارنة بالرجال بنسبة 7%.

كما تبيّن أيضاً أن العاملين بوظائف يكون شعورهم بالضغط النفسي أقل من الأشخاص غير العاملين، وكذلك فإن الأفراد الذين لديهم مستوى عال من التعليم أو المنخرطين في علاقات عاطفية يكون شعورهم بالضغط النفسي أقل من المعتاد، وعليه، قد يكون للعلاقات الاجتماعية والانشغال بالحياة الواقعية أثر على تقليل وطأة السوشيال ميديا والترندات المنتشرة.

كلما زاد عدد المتابعين/ات للإنفلونسر كلما ازداد خوفه من فقدانهم/نّ جراء أي خطأ يرتكبه قد يشوه صورته أمام المتابعين/ات الذين قد يرونه شخصاً لا يخطئ

تعليقاً على هذه النقطة، قالت الدكتورة هالة السعيد صياح: "ظاهرة الترند تعمل في الأصل على إلهاء الناس عن مشاكل جوهرية في حياتهم، فينشغلون بالخرافات والإشاعات عن مواضيع أهم وأولى تخص حياتهم اليومية".

أخيراً، لا يمكننا إنكار حقيقة أن السوشيال ميديا ومتابعة الترندات أصبحت مرضاً نفسياً يتوغل في أرواحنا، وقد يفقدنا سعادتنا وأدميتنا التي نحيا بها، سواء كمتابعين/ات أو كإنفلونسرز، ولكن إذا تعرفنا إلى مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحكمنا في الوقت الذي نقضيه عليها، وعلمنا جيداً بالخداع الممارس، سنتمكن حتماً من تقليل تأثيرها الضار. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image