شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الطريق الصعب... رحلة طفل مسيحي من

الطريق الصعب... رحلة طفل مسيحي من "ملجأ" إلى بيت وأسرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 26 يونيو 202205:43 م

رغم سهولة إجراءات التبني حيث تعيش وتعمل ماري بيشاي كموظفة موارد بشرية بمنظمة إغاثة الطفولة في إنجلترا، إلا أنها قررت السير في الطريق الصعب، وكفالة طفل من إحدى دور الرعاية المسيحية المصرية، رغم رفض المسؤولين عن تلك الدور خروج الأطفال المقيمين بها لنظام الأسر البديلة الذي أقرته وزارة التضامن الاجتماعي وفق إجراءات رسمية أقرها قانون الطفل الصادر برقم 12 لعام 1996.

لم يكن طريق ماري سهلاً للوصول إلى ابنها جون، فقد عانت في البداية لمعرفة الإجراءات المتبعة الخاصة بمشروع الأسر البديلة بالنسبة للمسيحيين، موضحة أن مبادرة "كفالة طفل مسيحي" أعطتها المعلومات اللازمة للبدء في تحقيق حلمها واحتضان طفلها جون.

وتقول ماري لرصيف22: "أفكر في التبني منذ 2018، وبعد البحث الدقيق ورغم منع التبني في مصر بحكم القانون، إلا أنني وجدت بديل له متمثل في الكفالة أو ما يعرف باسم الاحتضان، ونظام الأسر البديلة التابع لوزارة التضامن الاجتماعي".

وتتابع ماري: "بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية للكفالة، بدأت رحلة المعاناة الحقيقية مع دور الرعاية المسيحية، حيث أن القائمين على تلك الدور لم يكن لديهم المعرفة الكافية بإمكانية الكفالة في المجتمع المسيحي، ووقعوا في الخلط بينها وبين التبني".

وتضيف: "أبلغت عملي أنني سأعمل من المنزل. وعلى مدار ستة أشهر، انتقلت فيهم للعيش في مصر، اتقفل في وشي السكة من دور رعاية كتير جداً، ودايماً كان الرد: ‘الكفالة للمسلمين بس’، لدرجة أني لم أتمكن من الدخول إلى أي دار رعاية مسيحية بعد معرفتهم نيتي في الكفالة".

الأم الحاضنة ماري بيشاي: "بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية، بدأت رحلة المعاناة الحقيقية مع دور الرعاية المسيحية. القائمين على تلك الدور ليست لديهم المعرفة الكافية بإمكانية الكفالة في المجتمع المسيحي، ووقعوا في الخلط بينها وبين التبني"

توضح ماري، أنه من ضمن العقبات التي واجهتها وأسرتها، عدم وضوح معنى تعبير "الأطفال فاقدي الرعاية الأسرية" الموجود في القانون، فهناك أطفال متواجدين في دور الرعاية أودعتهم عائلاتهم، بحسب ماري، " منهم أطفال لم يروا عائلاتهم ولو لمرة واحدة، فبأي حق يكون لتلك العائلة سلطة رفض أو قبول خروج أطفالهم إلى الكفالة المنزلية عن طريق التنازل؟".

بحسب المادة 86 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، أنه "ينتفع بنظام الأسر البديلة، اللقطاء، والأطفال الذين يتخلى عنهم ذووهم، والأطفال الضالون الذين لا يمكنهم الإرشاد عن ذويهم، وتعجز السلطات المختصة عن الاستدلال على محل إقامتهم، والأطفال الذين تثبت من البحث الاجتماعي استحالة رعايتهم في أسرهم الأصلية، مثل أولاد المسجونين، وأولاد نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية، والأطفال الذين لا يوجد من يرعاهم من ذوي قرباهم، أو المشردين نتيجة انفصال الأبوين".

العثور على "جون"

تحكي بيشاي عن لقائها بابنها للمرة الأولى، تقول: "ذهبنا إلى الدار المقيم بها جون في وقت متأخر من الليل، وبمجرد ما رأيته وقعت في غرامه، لا أعرف السبب في الحقيقة، وبعد ربع ساعة فقط نام جون في حضن زوجي، ومن هنا قرروا استكمال الإجراءات مهما كان الأمر صعباً حتى يصبح جون ابننا في بيتنا".

وتشير إلى أن جون كان الطفل الوحيد الذي يمكن كفالته بسبب ما تصفه بـ"ظروف استثنائية"، موضحة أنها وزوجها كانا يرغبان في احتضان طفلة أصغر لا تزيد عن ثلاث سنوات، للحفاظ على نفسية الطفلة وسهولة التأقلم أيضاً في ذلك السن.

تبدي ماري استغرابها من عدم إمكانية إعطاء الطفل لقب العائلة أو أول اسم للأب، موضحة أن اللقب لن يفرق في ورث أو نسب، مؤكدة أن اختلاط الأنساب محرم أيضاً في المسيحية

وتبدي ماري استغرابها من عدم إمكانية إعطاء الطفل لقب العائلة أو أول اسم للأب، موضحة أن اللقب لن يفرق في ورث أو نسب، مؤكدة أن اختلاط الأنساب محرم أيضاً في المسيحية، مطالبة بضرورة تقييم القوانين الخاصة بالاسم وجعلها أكثر مرونة وإعطاء الطفل معلوم النسب لقب العائلة الكافلة.

وينص قانون الطفل في مادته 92: "يجوز أن يحمل الطفل اليتيم أو مجهول النسب ذكراً كان أو أنثى لقب عائلة الأسرة الكافلة في نهاية اسمه، ويثبت ذلك في ملف الطفل دون أن يترتب على ذلك أي أُثر من آثار التبني".

وفي هذه النقطة توضح ماري أن الطفل من حقه أن يعرف حقيقته، حتى لا يكتشف الأمر بعد أن يكبر مما يعرضه للصدمة وفقدان للثقة في أسرته الكافلة، مؤكدة أن ذلك لن يقلل من محبته لدى أسرته البديلة، مؤكدة أنها إذا أنجبت فلن تحب ابنها البيولوجي أكثر مما تحب جون.

غياب المعلومات

تعود ماري في حديثها إلى ما تصفه بـ"عدم الوعي" بإتاحة الكفالة بصورة قانونية في المجتمع المسيحي، مشيرة إلى ردود أفعال عائلتها عند مفاتحتها لهم في الأمر، تقول ماري لرصيف22 "واحدة قريبتي اعتقدت أني هعلن إسلامي بعد سماعها لكلمة الكفالة"، إلا أن ماري شرحت للعائلة أن الكفالة هي البديل القانوني في مصر للتبني.

أما عن والدتها، فطلبت منها ماري مشاهدة الجزء الثاني من مسلسل "ليه لأ" والذي شرح الكفالة بصورة واضحة، وأوضحت لها أنها ستقوم بما جاء في المسلسل بالضبط، ورغم عدم استيعاب العائلة للفكرة في البداية وظهور بعض الاعتراضات إلا أنهم في النهاية رحبوا بـ"جون" كحفيد لهم.

المشاكل الحقيقية التي تواجه الأسر المسيحية مازالت موجودة، ومازالت دور الرعاية ترفض خروج الأطفال إلى الكفالة المنزلية، وتستوى دور رعاية الأطفال المسلمين والمسيحيين في وضع العراقيل أمام الأسر الراغبة في الكفالة

وتتابع ماري: "أقامت إحدى قريباتي عزومة كبيرة ودعت فيها أطفال العائلة للتعرف على جون"، مؤكدة أن وجود أطفال في سن جون ساعد كثيراً على التأقلم بسرعة مع العائلة.

ورغم سهولة إجراءات التبني في إنجلترا حيث تعيش ماري وزوجها، وصعوبة الإجراءات الخاصة بالكفالة والعقبات التي واجهتها ماري في مصر أثناء البحث عن ابنها جون، إلا أنها أصرت على كفالة طفل مصري قائلة :"عايزة طفل مصري، يكون شبهي، ودمه خفيف زينا".

موضحة أنها تعيش الآن مع جون مشاعر جميلة فيلعبان معاً، ويخرجان، ويقومان بكل شيء مع بعضهما، مشيرة إلى أنها لا زالت تستكمل الإجراءات الكثيرة المطلوبة في الوزارة، وكذلك تقدمت بطلب في إنجلترا لإنهاء إجراءات أوراق جون هناك أيضاً، حتى يستطيعوا السفر معاً كأسرة واحدة.

وفي نهاية حديثها أوضحت ماري أنه رغم خروج ابنها كأول طفل مسيحي للكفالة، إلا أن المشاكل الحقيقية التي تواجه الأسر المسيحية مازالت موجودة، ومازالت دور الرعاية ترفض خروج الأطفال إلى الكفالة المنزلية، مطالبة بضرورة التدخل من قبل الحكومة وتحفيز دور الرعاية المسيحية على تقبل نظام الأسر البديلة، مشيرة إلى وجود دور رعاية مسلمة ترفض أيضاً خروج الأطفال للكفالة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard