شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
حقوقيّ يُثير الشارع العراقي...

حقوقيّ يُثير الشارع العراقي... "كيف للضحية أن تعيش مع مغتصبها؟"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 2 يونيو 202212:42 م

تداول ناشطون/ ات عراقيون/ ات، على مواقع التواصل الاجتماعي، لقاءً تلفزيونياً على إحدى أهم القنوات العراقية في برنامج ظهر فيه المحامي صفاء اللامي، وهو يتحدث عن المادة "398" من القانون العراقي، وهي مادة تجيز للمغتصب أن يتزوج ممن اغتصبها بشرط ألّا يطلّقها إلا بعد ثلاث سنوات، وهكذا يتم إعفاؤه من التهمة المنسوبة إليه.

يقول اللامي، إنه "من دعاة النظرة الإيجابية إلى هذه المادة، والمشرّع العراقي مراعٍ للمجتمع العشائري، وعلى أساس هذا المجتمع تمّ تشريع هذه المواد، وهي الحلّ الأنسب للضحية من خلال الزواج من مغتصبها، من أجل ألّا تكون عرضةً للابتزاز أو تكون منبوذةً".

سألته مقدمة البرنامج: "كيف للضحية أن تعيش مع مغتصبها؟"، فأجاب بثقة: "وكيف لها أن تعيش من دونه؟".

كلام اللامي أثار حالةً من الغضب لدى الناشطات والناشطين والمدافعات عن حقوق المرأة، ليتحوّل هاشتاغ "#إلغاء_المادة_398"، إلى تراند على موقع تويتر، حيث عبّروا عن سخطهم من كلام "الحقوقي"، ورفضهم لمادة تكافئ الجاني بدلاً من معاقبته، بينما علّق مؤيدون قائلين إن "هذا القانون هو للحفاظ على شرف العائلة".

"الزواج يحميها"

تواصل رصيف22، مع اللامي، لتوضيح كلامه والتعليق على ردود الفعل عليه، فكان جوابه أنه "أوضح المادة التي وضعها المشرّع العراقي، وفسّر محتواها، وما يصب من إيجابية منها في مصلحة الضحية"، متمسّكاً برأيه بأن "المجتمع العراقي مجتمع ذو صبغة عشائرية، ومتنوع بين شماله وجنوبه في النظرة والتفكير، وهذا الاختلاف في العادات والتقاليد جعل المشرّع العراقي يشرّع هكذا قانون".

 كلام الحقوقي العراقي حول "تأييد تزويج المغتصب من ضحيته" أثار الشارع العراقي، ليتحوّل هاشتاغ "#إلغاء_المادة_398"، إلى تراند على موقع تويتر

يضيف: "في المناطق الريفية والجنوبية يُنظر إلى الضحية نظرةً مريبةً وسلبيةً، وقد تواجه مشكلات متعددةً منها أن تكون أكثر عرضةً للاستغلال الجنسي والمضايقات، والعزوف عن الإقبال على الزواج منها، والنظرة الدونية والسلبية إليها من قبل مجتمعها، وقد يتم توجيه تهم إليها بأنها أغرت الجاني أو أنها غير ملتزمة أخلاقياً"، من دون أن يفوّت تأكيده بأن هذه القوانين "هي من أجل الحفاظ على السياق العام للشرف".

في العراق اليوم، ترفض الناشطات هذا القانون المفروض عليهن. بالنسبة إليهن فإن "تزويج الضحية من مغتصبها" مدان، ولا يُمكن تقبّله. في العراق اليوم، هناك خوف من أن تستشري هذه الحالة وتتوسّع ويتحوّل ضعاف النفوس، الرجال الأقوياء الذين يقوّيهم القانون وتدعمهم العشيرة، إلى طامعين في أجساد النساء، خاصةً أنهم يدركون أن القانون لن يعاقبهم على أفعالهم.

العقد النفسية

تقول الناشطة السياسية آلاء الياسري، لرصيف22، إن "المادة 398 من القانون العراقي هي إهانة للمرأة العراقية، وهي تُعطي حلولاً بعيدةً عن الواقعية، ولا يُمكن أن يتصورها عاقل، وبدلاً من معاقبة المجرم تُقدّم له الضحية على طبق من ذهب"، مشيرةً إلى أن هذا الأمر يُشكل "ظاهرةً خطيرةً تُنهك المجتمع، إذ يُشجع الجاني على اقتراف جرائم عدة في حق النساء، متكئاً على هذه المادة من القانون لأنها تسمح له بالإفلات من العقاب".

تروي الياسري، أنها وخلال سيرها في شوارع بغداد، لاحظت أن سائق سيارة أجرة قد كتب على الزجاج الخلفي لسيارته عبارة: "إن كنت ترغب في الزواج من فتاة، فاغتصبها وستحصل عليها بالمجان بفضل القانون".

برأيها، "أصحاب العقد النفسية بدلاً من أن تتم معالجتهم من خلال توفير مصحات نفسية وبرامج توعوية، تصدر لهم قوانين تحمي سلوكياتهم الخطرة واللا أخلاقية"، مناشدةً "القضاء بأن يلغي هذة المادة ويتم تشريع قوانين تحمي النساء وتجرّم كل من يعتدي عليهن".

التوعية

من جهتها، تقول الناشطة والمدافعة البارزة عن حقوق النساء، سارة جاسم، لرصيف22، إن "المادة 398 من قانون العقوبات العراقي التي تعفي المُغتصب من العقوبة القانونية في حال زواجه من الضحية، تعاقب الضحية مرتين، وتكافئ الجاني مرتين"، وتضيف: "هي مادة تخالف الدستور لأنها لا تحمي ولا تصون كرامة الإنسان، ولا توجد وصاية للبنت حتى تستطيع أن ترفض قرار أهلها وعشيرتها إذا صارت تسوية بالزواج من المغتصب، فنتيجة الرفض تصل أحياناً إلى التهديد بالقتل".

ظهر حقوقي عراقي في مقابلة تلفزيونية أبدى في خلالها تأييده للمادة 398 من القانون العراقي التي لا تُجرم المغتصب في حال تزوّج من ضحيته. سألته مقدمة البرنامج: "كيف للضحية أن تعيش مع مغتصبها؟"، فأجاب بثقة: "وكيف لها أن تعيش من دونه؟"

بحسب جاسم، "يجب على المشرّع العراقي أن يُقرّ مادةً تكون بمثابة رادع حقيقي للمغتصب، وتعوّض الضحية وتساندها وتعالجها وتوفر لها فرصة عمل وحياةً كريمةً حتى تتغيّر نظرة المجتمع إليها، لأن من واجب القانون إعلاء شأن الضحايا وليس المجرم والمعتدي، فضلاً عن أهمية توفير دُورٍ مختصة، مثل الدور العلاجية الأخرى المختصة بمتابعة ضحايا الصدمة المتأتية من التعرض للاغتصاب والعنف والحرص على تقديم العلاج النفسي لهم بعد الحادثة، بالإضافة إلى التثقيف المكثف في المجتمعات القبلية".

عرف حقن الدماء

في كُل ما حصل، هناك نساء يعتقدن أن هذا القانون يحميهنّ. في الحديث مع اللامي، ذكر ما ورده من اتصالات تؤيد ما يقوله، ومنها رسالة صوتيه وصلته من فتاة من محافظة السماوة، تقول فيها إن "هذا القانون غير مجحف، فأهالينا هم الأكثر إجحافاً لنا، إننا نُقتل يومياً لأبسط الأسباب وأتفهها، وهذا القانون هو عقوبة للمغتصب إذ إنه سيتزوج الضحية ويستر على شرفها، وتالياً سيحقن الدماء بين عائلة الضحية وبين عائلة المغتصب، لأنه من الممكن أن تُزهَق أكثر من عشرات الأرواح بسبب فعلته".

كذلك، تؤيد آلاء الحميري، رأي اللامي، "ففي الوقت الحالي نحن بحاجة إلى المادة 398، لأن الضحية قد أجبرها المجتمع والعادات والتقاليد على التفكير فقط في الزواج، وعدم تزويجها من مغتصبها سيبقيها من دون زواج، وهذا الأمر في المجتمعات العشائرية والريفية هو أكثر ضرراً عليها من فعل الاغتصاب، لأنها تعاني الكثير من الحرمان في بيت أهلها والزواج بأي طريقة هو الخلاص لها".

تلعب الشرطة المجتمعية دوراً بارزاً في إيواء المغتصبات ومساعدتهن في رفع القضايا على المجرمين وإيواء الضحايا إذا كنّ عرضة للخطر 

وتشير إلى "أننا بحاجة إلى تثقيف النساء، وتوعيتهن وانتشالهن من العنف الجائر الذي يتعرضن له في جميع مراحلهن العمرية وتفعيل قانون العنف الأسري ليضمن حمايتهن، ومن ثم يُمكن الحديث عن إلغاء هذه المادة".

دور الشرطة

تلعب الشرطة المجتمعية دوراً بارزاً في إيواء المغتصبات ومساعدتهن في رفع القضايا على المجرمين، وتؤكد الرائد بسمة العبيدي، أن "بعض المغتصبات يرفضن الزواج من مغتصبهن، فتتكفل الشرطة المجتمعية برفع دعوى على المجرم، وإن كانت حياة الضحية في خطر يتم إيداعها في دار الإيواء".

وتشير إلى أن "هناك حالات تطلب أن يتم الزواج منها، فيتم تقديم أوراق الجاني إلى القاضي، إذا كان هذا الأمر متأتياً من رغبة الفتاة الضحية".

من جهته، يقول العميد غالب العطية، مدير الشرطة المجتمعية، إن "الشرطة على أتمّ الاستعداد لإنقاذ المغتصبات فور استنجادهن بنا، وقد خصصنا أرقاماً ليتم التعامل مع هذه الحالات بسرية تامة".

ولم ينكر العطية أن "الشرطة بحاجة إلى دور إيواء في جميع محافظات العراق، وبحاجة إلى دورات مكثّفة للنساء وللمجتمعات القبلية، من أجل تجريم المجرم، والرفق بالضحية".  


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image