"أحاول جاهدة الوقوف، فأسقط، ثم أعاود النهوض مرة أخرى فلا تعينني قدماي. كلما تقدمت خطوة إلى الأمام أجدني أتعثر بعد ما كنت أستطيع الجري لمسافات طويلة وصعود السلالم والهبوط منها، فهل أصبت بالشلل؟ لا ليس شللاً بالتأكيد، فأنا ما زلت أتحرك ولكن أشعر بوهن شديد في كل عضلات جسمي، بالإضافة إلى صعوبة في الكلام.
مرت عدة أشهر على حالتي، حتى شخصت بمرض التصلب الجانبي الضموري، وجلّ ما أقلقني أن ليس بإمكاني العلاج وقد لا أتمكن من الحركة"، هذا في الغالب أبرز ما قد يقوله الشخص المصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري حين يصف المعاناة التي يواجهها.
وعليه، يستعرض هذا المقال تفاصيل هذا المرض الغريب الذي أصاب لاعب الكرة المصري مؤمن زكريا وأسبابه وكيفية إبطائه؟
ما هو مرض التصلب الجانبي الضموري؟
مرض التصلب الجانبي الضموري هو مرض ينتمي إلى أمراض الأعصاب الحركية، حيث تصاب الخلايا العصبية في المخ والنخاع الشوكي بخلل يتلفها، ما يعطل إرسال الإشارات العصبية إلى العضلات الإرادية، كالتي توجد في اليد، القدم، الوجه، العضلات المتحكمة في التنفس والبلع.
يعرف هذا المرض باسم مرض "لو غيريغ"، نسبة إلى لاعب البيسبول المشهور الذي أصيب به، وفي هذا المرض تتلف الخلايا العصبية مع الوقت وتموت، وتتوقف عن إرسال الإشارات العصبية إلى العضلات، ولا يتمكن المخ من التحكم في العضلات ومن ثم تضعف وتضمر.
"لقد قابلت في عيادتي عدة حالات من مرض التصلب الجانبي الضموري، والمشكلة النفسية الأكبر التي يعاني منها المريض عندما يكتشف أنه لا يوجد علاج نهائي للمرض، والأسوأ عندما يعلم أن مرضه سيستمر في التدهور"
في حوار تلفزيوني، أجراه صانع ألعاب النادي الأهلي، مؤمن زكريا، مع مهيب عبد الهادي، قال: "الحمد لله هو وقت صعب عدى عليا، وإن شاء الله خير، ومش عارف الإصابة حجمها ايه والدنيا ماشية إزاي".
وعندما قال له الإعلامي المصري: "أنت لست مؤمن الذي نعرفه وهناك أمر غريب"، (حيث بدت عليه علامات الاكتئاب والحزن الشديد خلال اللقاء)، أجاب مؤمن: "حزين، كنت بلعب كرة وبتمرن عادي جداً ومرة واحدة وقعت".
في حديثه مع رصيف22، قال الطبيب روماني عدلي يوسف، استشاري المخ والأعصاب والعمود الفقري والقسطرة المخية: "لقد قابلت في عيادتي عدة حالات من مرض التصلب الجانبي الضموري، والمشكلة النفسية الأكبر التي يعاني منها المريض عندما يكتشف أنه لا يوجد علاج نهائي للمرض، والأسوأ عندما يعلم أن مرضه سيستمر في التدهور".
وأضاف الدكتور روماني: "من المشكلات التي يواجهها المرضى أنهم يبحثون كثيراً عن تشخيص لهم قبل أن يجدوا تفسيراً لحالتهم".
أسباب مرض التصلب الجانبي الضموري
تظل أسباب الإصابة بهذا المرض مجهولة، بحيث يرجح العلماء عدة أسباب مختلفة للإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري:
1. الجينات: ينقسم هذا المرض إلى نوعين أساسيين، وأحد هذين النوعين هو مرض التصلب الضموري الوراثي العائلي، حيث يحمل الابن جينات من الأب تجعله يصاب بهذا المرض، ولكن يمثل هذا النوع نسبة 5% فقط من الحالات، أما النوع الآخر والذي يمثل 95% من الحالات غير معروف أسبابه تحديداً.
2. زيادة الأكسدة: ينتج عن الأكسدة بعض المواد الضارة التي تسبب تلف الخلايا وزيادة الأكسدة تعني تدمر الخلايا العصبية الحركية.
3. الخدمة العسكرية: غير معروف العلاقة بالتحديد بين الخدمة العسكرية والإصابة بهذا المرض، ولكن يرجح الأطباء أن السبب قد يكون التعرض لمواد كيميائية، أو معادن ثقيلة تسهم في الإصابة بهذا المرض.
4. اضطراب كيمياء المخ: قد يحدث خلل في المواد الكيميائية في الجسم خاصة مادة الغلوتامات، وهي مادة توجد في المخ وقريبة من الأعصاب الحركية، وعندما توجد بنسبة عالية تكون سامة للأعصاب.
5. خلل الجهاز المناعي: قد يحدث خلل في الجهاز المناعي بجسم الإنسان؛ ما يجعله يهاجم الخلايا الصحية بالجسم عن طريق الخطأ فيدمرها، ومنها الخلايا العصبية.
أعراض التصلب الجانبي الضموري
أصيبت ريهام (35 عاماً) بمرض التصلب الجانبي الضموري، وإثر ذلك تبدلت حياتها رأساً على عقب، كما كشفت لرصيف22: "حياتي كانت هادئة ومستقرة وكنت أمارس مهنتي وهوايتي في آن واحد بسهولة، فأنا أعشق الرسم منذ صغري، ولكن بعد إصابتي بالتصلب الجانبي الضموري تبدل كل شيء ودخلت في حالة اكتئاب صعبة، خاصة أن ما كان يسعدنى لن أتمكن من فعله من جديد".
يعد ضعف العضلات من السمات الأساسية التي تظهر في حالة الإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري، ولكن قد لا يكون العرض الأول.
قد لا يلاحظ الشخص في بداية المرض وجود أي مشاكل، ولكن مع تطور المرض تبدأ الأعراض بالظهور، وهي كما يلي:
• صعوبة في أداء الأنشطة اليومية مثل: المشي وصعود السلالم.
• وجود ضعف في عضلات الأقدام، والساقين، والكاحلين، وكذلك اليدين.
• زيادة السقوط، والمشي بشكل غريب.
• الشعور بالألم والإرهاق.
• تقلصات في العضلات.
• صعوبة الحفاظ على وضع ووقفة جيدة.
• التلعثم وصعوبة التحدث وإصدار الصوت.
• صعوبة في اتخاذ القرارات والتذكر.
• تغير في التفكير والذاكرة، وقد يصاب البعض بمرض الخرف.
• نوبات مفاجئة من الضحك أو البكاء غير إرادية.
• ظهور مشاكل في البلع والتنفس في المراحل المتأخرة، بالإضافة إلى تراكم اللعاب.
هل التصلب الجانبي الضموري خطير؟
يعدّ هذا المرض من الأمراض الصعبة بعض الشيء؛ بسبب صعوبة العلاج، فهو ليس عدوى بكتيرية يمكن التخلص منها خلال عدة أيام أو أسابيع، وكذلك تكمن خطورته في تدهور المرض بسرعة كبيرة وقلة توافر العلاج المناسب له، ولكن تظل الأبحاث مستمرة في محاولة لإيجاد علاج يحمي من هذا التدهور.
قد يكون العمر المتوقع للفرد المصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري من الأمور التي تجعله خطيراً أيضاً، ولكن هذا الأمر يختلف بصورة كبيرة فهو يتراوح من 3 أعوام بعد التشخيص إلى 20 عاماً.
على سبيل المثال، كان العالم ستيفن هوكينغ من بين المصابين بهذا المرض، وقد عاش مدة فاقت كل توقعات الطب، فقد شُخص بهذا المرض في عمر الـ 21 عاماً وأخبره الطبيب أنه لن يعيش أكثر من عامين، ولكن توفي عن عمر يناهز الـ 76 عاماً، ويمكن مشاهدة قصة حياته في فيلم "The theory of everything".
هل يوجد علاج للتصلب الجانبي الضموري؟
تكمن مشكلة المرض في التوصل إلى علاج شاف له، حيث لا يوجد علاج جذري للمرض، وإنما أدوية تساعد على تقليل حدة الأعراض، وتحسين ممارسة الحياة قدر الإمكان، إضافة إلى تقليل تدهور حالة المريض وإحساسه بالألم.
تعليقاً على هذه النقطة، قال الدكتور روماني عدلي، استشاري المخ والأعصاب والعمود الفقري والقسطرة المخية: "لا يوجد علاج شاف إلى الآن لهذا المرض، والأدوية المتاحة والتي وافقت عليها منظمة الدواء والغذاء الـ FDA هما دواء ريلوزول ودواء إيدارافون، وهي أدوية تؤخر تطور المرض وتحسن الأداء اليومي للمريض".
في الواقع، يعتمد إبطاء المرض على استخدام ما يلي:
1. الأدوية: دواء ريلوزول وهو يبطئ من تطور المرض وقد يعمل على تقليل مستوى الغلوتامات الضار، ودواء راديكافا "إيدارافون" الذي يبطئ تدهور النشاط البدني.
2. العلاج الطبيعي: حيث يسهم في إجراء بعض التمارين لتحسين الحالة الصحية بصورة عامة، واستخدام وسائل الحركة كالكرسي المتحرك.
3. العلاج الوظيفي: يساعد المعالج الوظيفي المريض على التكيّف مع مرضه، وكيفية مواجهة الصعوبات المتعلقة بالمرض، كتعويض ضعف اليد والذراع.
4. علاج النطق: في مرحلة ما من المرض يصبح التحدث صعباً، لذا يجب أن يتعلم المريض طرق أخرى للتواصل، والكتابة والتعامل مع معدات الكومبيوتر.
5. التنفس الصناعي: يكون من الصعب على المريض التنفس في المراحل المتأخرة، لذا قد يلجأ الأطباء إلى استخدام أجهزة مساعدة للتنفس أثناء الليل للمريض، وكذلك قد يلجأ لإجراء فتح في القصبة الهوائية ليتنفس من خلاله المريض.
أدوية تحت الاختبار
لا يتوقف العلم عن التقدم يوماً بعد يوم وتتطور الأدوية بصورة مستمرة، فقد اكتشف مؤخراً دواء قد يكون علاجاً فعالاً لمرض التصلب الجانبي الضموري، وهو دواء NU-9، ولكن ما زالت الأبحاث قائمة عليه، ويطمح العلماء في تطبيقه على الإنسان بحلول العام 2023.
كان العالم ستيفن هوكينغ من بين المصابين بهذا المرض، وقد عاش مدة فاقت كل توقعات الطب، فقد شُخص بهذا المرض في عمر الـ 21 عاماً وأخبره الطبيب أنه لن يعيش أكثر من عامين، ولكن توفي عن عمر يناهز الـ 76 عاماً
وقد تم اختبار دواء NU-9 على الفئران وأثمرت النتائج عن أمل لإمكانية علاج المرض؛ لأن هذا الدواء يعمل على علاج الأعصاب التالفة من خلال إطالة عمرها، ومنع تدهورها ويحسن من صحتها.
وكان العالم أوزدينلر القائم على البحث، قد أكد "أن عمل الدواء ضروري لربط الدماغ بالحبل الشوكي، ولتنشيط دوائر الخلايا العصبية الحركية التي تتدهور لدى المرضى".
يوجد دواء آخر وهو NP001 الذي قد يقلل من تدهور المرض، ويرجح العلماء أن عمل الدواء يكون أفضل عند استخدامه من عمر 40 عاماً إلى 65 عاماً، ويفضل تناوله مع الأدوية الأخرى المستخدمة في العلاج، حيث تكون النتائج أفضل.
وبحسب العالم مايكل إس ماكغراث، فإن دواء NP001 يبطئ من تدهور المرض بنسبة 36%، وأظهرت النتائج تحسناً في النشاط البدني للمرضى، بالإضافة أنه يحسن من وظيفة الجهاز التنفسي بنسبة 51%..
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com