يستمر مسلسل "فتح الأندلس"، للمخرج محمد العنزي، والذي يُعرَض في الموسم الرمضاني الحالي على القناة الأولى المغربية، في إثارة موجة من الرفض والسخط، وصلت إلى حد إطلاق دعوات صريحة لوقف عرضه بحجة أنه مليء بـ"المغالطات التاريخية"، و"تغيير الوقائع التاريخية"، وتجاهل دور الأمازيغ في عملية الفتح.
إن أصبحت قصة "فتح الأندلس" محرّكاً لتجاذبات سياسية مرتبطة بالهويات المعاصرة، فماذا عن الأصل؟ هل هو غزو أم فتح؟ وماذا عن الفاتحين؛ هل هم عرب أم أمازيغ؟ وما هي الروايات المتناقضة عن هذا الجزء المؤسس للوعي والتاريخ في المجتمعات الإسلامية؟
فتح أم غزو.. ولربما سيطرة ناعمة؟
عند الحديث عن تاريخ الفتح-الغزو الإسلامي لبلاد الأندلس، أو إسبانيا اليوم، نجد أنفسنا في الغالب أمام وجهتَي نظر متناقضتَين، تحمل كل منهما نزعةً قوميةً واضحةً، سواء أكانت عربيةً أو أمازيغيةً. ولكلٍّ من هاتين النظرتين ما يبررهما تاريخياً.
فـ"الأندلس المفقود" ما زال يعيش حتى اليوم في المخيال الجمعي العربي بنظرة مثالية مسرفة، كمجد غابر، وكحضارة لا تزال إسبانيا تعج بأوابدها وآثارها حتى عصرنا الراهن، وقد طغت عليه الملامح العربية لغةً وفكراً وأدباً وفلسفةً، وفقاً لما تركته لنا المصادر التاريخية العربية.
إن أصبحت قصة "فتح الأندلس" محرّكاً لتجاذبات سياسية مرتبطة بالهويات المعاصرة، فماذا عن الأصل؟ هل هو غزو أم فتح؟ وماذا عن الفاتحين؛ هل هم عرب أم أمازيغ؟
وعليه، فقد زيّنته بصفته "إنجازاً عربياً صرفاً"، مدفوعةً بنزعة قومية أغفلت فيها الكثير من التفاصيل والأحداث التاريخية ودور القوميات الأخرى لا سيما الدور الأمازيغي صاحب الباع الأكبر، والحاسم، في عملية النصر العسكري والتمدد داخل إسبانيا على يد الجيش الذي قاده القائد الأمازيغي، طارق بن زياد الزناتي، سنة 92 للهجرة.
فالعرب وإن حكموا الأندلس بقوة السلطة الأموية في دمشق في بادئ الأمر، وإن غلبت ثقافتهم كون العربية لغة الدين والقرآن والثقافة، إلا أنها بقيت لغةً "نخبويةً"، إذ إن الرابطة الإسلامية الجامعة هي التي كانت الأقوى والأشد تأثيراً كما تذهب المصادر التاريخية المتعلقة بتلك الحقبة. وهو ما يدلل عليه محمد حقي، في كتابه "البربر في الأندلس". إذ يُنظر إلى موسى بن نصير ومن قبله عقبة بن نافع اللذين توليا أمر الغزوات الإسلامية في المغرب، بأنهما من "القتلة والمجرمين" من وجهة نظر السكان الأصليين.
وجلّ ما خلّفه الغزو-الفتح قصور، هي في غالبيتها آثار عمرانية شمال إفريقية "مُورِيَّة" الطابع أو موريسكية (مغربية) الطابع، وفي داخلها أعمال فنية ونقوش وبلاط دمشقي من شغل الصنّاع المهرة الذين استجلبوهم من الشام بعد دخول عبد الرّحمن الداخل إلى الأندلس، وتأسيسه لتتمة حكم المروانيين. بعد ذلك دام الحكم الإسلامي لثمانمئة سنة، وتوالت على حكم الأندلس دول مختلفة، منها دول الموحدين والمرابطين وملوك الطوائف.
مقابل ما سبق، يقدم لنا الباحث الإسباني إغناسيو أولاغي، في كتابه "العرب لم يستعمروا إسبانيا-ثورة الإسلام"، ترجمة إسماعيل الأمين، وجهة نظر تُعدّ "ثوريةً" قياساً بما نعرفه، نافيةً حادث الغزو-الفتح من الأساس، وقد عدّ أن العرب لم يجتازوا شبه الجزيرة الإيبيرية، وإنما يتعلق الموضوع بغزو ثقافي ناعم، يرتبط بالتشابه العميق بين الدين الإسلامي والعقيدة الإيروسية التي اعتنقها سكان إسبانيا الأصليون.
يقول أولاغي: "لو تم غزو شبه جزيرة إيبيريا عربياً سنة 711 م، لكان الكثير من المؤرخين الذين عاصروا تلك الفترة شهدوا على ذلك الحدث الكبير، وبالرغم من أن الحرب الأهلية الإسبانية أتلفت جميع الشهادات، كان ينبغي أن تشير أخبار القرن الثامن التالي إلى ذلك، ولو في نص واحد على الأقل، فعندما يتعلق الأمر بغزو ما فلا يمكن أن يكون دور الغُزاة غامضاً بهذا الشكل"!
على العكس منه تماماً، وصف ليفي بروفانس في كتابه "تاريخ إسبانيا الإسلامية"، "الفتح الإسلامي" بالمعجزة، وربطه بالأوضاع الداخلية للدولة القوطية آنذاك، قائلاً: "لا يوجد مثالٌ واحد في التاريخ يخبرنا بأن دولةً منظمةً قد تركت باستكانةٍ أراضيها تُغتصَب من قبل بعض فصائل الفرسان الشجاعة، لو كانت تنعم بالصحة وهيكلها سليم معافى، ولحكامها الهيبة والطاعة، فالفتوحاتُ الكبرى قد صادفت دائماً تحللاً سياسياً واجتماعياً للأمم التي هبطت فوقها. وهذا ما حدث بالفعل لإسبانيا القوطية".
أمازيغ وعرب مسلمون
المعلوم تاريخياً أن السيطرة النهائية –عسكرياً- على المغرب الأقصى، طالت مدتها سبعين عاماً ويتعلق السبب بطبيعة البلاد الجغرافية الصعبة، والمقاومة الشرسة التي أظهرها الأمازيغ للعرب رفضاً لدخولهم إلى بلادهم، وهناك سبب داخلي يرتبط بالأوضاع الداخلية التي رافقت الصراع الذي قام بين علي ومعاوية، سنة 35 للهجرة.
تتجلى الادعاءات التي ذكرتها المصادر العربية الحديثة، "بالرغبة في تخليص البربر-الأمازيغ من الحكم الروماني الذي عاث فساداً في البلاد، والتمدد إلى البلاد المعروفة بغناها وأهميتها الإستراتيجية"، ولكن الباحث المغربي أحمد عصيد، يؤكد أن الأمازيغ كانوا أهل مقاومة ورفض لأي وجود أجنبي. وأنهم رفضوا العرب وقاوموهم كما قاوموا الرومان من قبلهم، وهذا ما توثقه المصادر التاريخية، وحتى العربية منها.
"كان ينبغي أن تشير أخبار القرن الثامن التالي إلى ذلك، ولو في نص واحد على الأقل، فعندما يتعلق الأمر بغزو ما فلا يمكن أن يكون دور الغُزاة غامضاً بهذا الشكل"!
بعد أن تمَّ "فتح" المغرب، ونجحَ العرب في إدخال الكثير من قبائل الأمازيغ في الإسلام، تذكر الدكتورة نهى الزيني في كتابها "أيام الأمازيغ"، التالي: "أما القائد العظيم موسى بن نصير الذي ولّاه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان على إفريقيا عام 86 للهجرة الموافق 705م، فقد أدرك أن إخماد ثورة البربر واستقرار المغرب الكبير لن يتحقق بغير تعليمهم قواعد الإسلام وبغير التطبيق الدقيق والواعي لمبادئ المؤاخاة الإسلامية".
تتابع قائلةً: "تجلّت حنكته السياسية المستندة إلى ركيزة إسلامية متينة في تولية القائد البربري طارق بن زياد على طنجة، وجعله أميراً على الجيش في المغرب الأقصى". غير أن ابن خلدون في تاريخه يذكر أن البربر خرجوا عن الإسلام غير مرّة خلال الحكم العربي، وأن الإسلام لم يثبت في نفوسهم إلا على يد المرابطين.
تشكك الكثير من الدراسات الأكاديمية والنقدية في رواية فتح الأندلس المستمدة من التراث العربي الإسلامي. من بينها اسم طارق ابن زياد، ويرى الباحث والكاتب الإسباني أنطونيو غالا، أن اسم طارق هو اسم حديث في اللغة العربية الفراهيدية
ففي سنة 90 هـ، وصل إلى مدينة طنجة، ففتحها ووضعَ فيها حاميةً من 12،000 رجل بقيادة طارق بن زياد. وحسبَ ما رواه الذهبي فقد جهَّزَ موسى بن نصير ابنه عبد الله للفتح منذ عام 86 هـ، عندما أمره بفتح جزيرتَي ميورقة ومنورقة الواقعتين على ساحل الأندلس.
هناك أيضاً رواية أخرى أيضاً -رواها ابن الأثير في "الكامل في التاريخ"- تذكر أنَّ أمير مدينة سبتة "يوليان"، دعا ابن نصير بنفسه لفتح الأندلس وتخليصه من حكم القوط الغربيين نتيجة خلافه مع رودريغ ملك القوط والمعروف بـ"لزديق"، في المصادر العربية، وأخبره بأن البلاد كانت في حالة من الفوضى والنزاعات الداخلية، وأنها لن تشهد مقاومةً كبيرةً. وقد استأذن ابن نصير الخليفة في الفتح، فأذن له إن تأكد من حسن نوايا يوليان، فأرسل حملةً استطلاعيةً من 500 رجل بقيادة طريف بن مالك، الذي أكد له أقوال يوليان، فأرسل طارق بن زياد 7،000 جندي إلى الأندلس في شهر رجب سنة 92 هـ (أيار/ مايو 711 م).
على الضفة المقابلة في إسبانيا، لم يكن الوضع في شبه الجزيرة الإيبيرية مستقراً، إذ يذكر المؤرخ الهولندي رينهارت دوزي، في كتابه "أبحاث في التاريخ السياسي والأدبي لأسبانيا خلال العصر الوسيط"، أن رجال الدين المسيحيين كانوا يشتكون من تفشي الفساد والانحلال الأخلاقي عند الطبقة القوطية الحاكمة وانغماسها في الترف، بينما كانت تعاني الطبقات الوسطى والفقيرة والأرقّاء من الاستغلال، فيذكر عن وضع طبقة الأرقاء قائلاً: "إن وضع طبقة الأرقاء لم يكن محتملاً أيام القوط، ويتجلى ذلك عندما يتأمل الإنسان قوانينهم الفظة تجاه العبيد".
ويذكر السير توماس أرنولد، في كتابه "بحث في تاريخ نشر العقيدة الإسلامية"، تسامح المسلمين بعد فتح الأندلس: "في الحق فإن سياسة التسامح الديني التي أظهرها هؤلاء الفاتحون نحو الديانة المسيحية كان لها أكبر الأثر في تسهيل استيلائهم على هذه البلاد، وإن الشكوى الوحيدة التي شكى منها المسيحيون هي فرض الجزية عليهم، والتي كانت تبلغ 48 درهماً عن الأغنياء، و24 درهماً عن الطبقة الوسطى، و12 درهماً عن العمال مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية، على أن هذه الجزية لم تُفرَض إلا على القادرين من الرجال، في حين أعفي منها النساء والأطفال والرهبان والمقعدون والعميان والمساكين والمرضى والأرقاء، مع العلم بأن الموظفين المكلفين بجمع الضرائب كانوا من المسيحيين أنفسهم، مما خفف من وطأتها على الناس".
لغز طارق بن زياد
تشكك الكثير من الدراسات الأكاديمية والنقدية في رواية فتح الأندلس المستمدة من التراث العربي الإسلامي. فبينما يرى الباحث والكاتب الإسباني أنطونيو غالا، أن اسم طارق هو اسم حديث في اللغة العربية الفراهيدية، إذا ما تمت مقارنتها مع سائر القواميس الأقدم منها، كقاموس ابن منظور وقاموس المحيط للفيروز أبادي.
ويرى أنه من المستبعد أن يُكنّى به شخص من أصول "أعجمية"، وخصوصاً إذا كان أمازيغياً، فاسم طارق كما يؤكد غالا، "هو تصحيف لاسم قائد قوطي منشق يدعى (تاريكس)، على وزن رودريكس (لزديق)، كما يرد في المصادر العربية، وهو أخر ملوك القوط الغربيين في إسبانيا".
بينما تؤكد بعض الروايات التاريخية العربية، كرواية ابن خلكان، أن أصل طارق بن زياد من قبيلة الصدف الحضرمية اليمنية، إلاّ أن المؤكد أنه أمازيغي من قبيلة مغربية. وكان طارق بن زياد فارساً شجاعاً ومقداماً، وعندما دخلت القبائل الوثنية البربرية في الإسلام، ومن بينها قبيلة طارق بن زياد، ذلك الفارس الشاب الذي أَعجب موسى بن نصير بشجاعته، فأوكل إليه مهمة قيادة جيوش الفتح.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي، أن طارق بن زياد وُلد في إحدى مدن المغرب، والتي كانت تسكنها قبيلة نفزة في منتصف القرن الهجري الأول. كما يذكر الحميري في "الروض المعطار في خبر الأقطار". ويورد ابن عذاري المراكشي، صاحب كتاب "البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب"، نسب طارق بن زياد، ويقول: "قد اختُلف في نسبه، فالأكثرون على أنه بربري من نفزة، وأنه مولى لموسى بن نصير من سبي البربر، وقال آخرون إنه فارسي... هو طارق بن زياد بن عبد الله بن رفهو بن ورفجوم بن ينزغاسن بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو".
أسطورة الجيوش الفاتحة؟
كان ابن حبيب، واضع كتاب في التاريخ ضمّنه المعلومات التي سمعها في شأن ذلك الغزو، ويُعدّ هذا الكتاب مفتاح كل ما بُني بعد ذلك في مسألة "فتح" العرب لإسبانيا.
يشكك المؤرخ أولاغي، في تعليقه على كتاب ابن حبيب في ما يخص مسألة عبور جيش طارق بن زياد المضيق بناءً على رواية ابن حبيب بقوله: "للوصول إلى إيبيريا كان على العرب أن يجتازوا المضيق البحري الذي يفصل إفريقيا عن أوروبا، لكن أمازيغ شمال إفريقيا لم تكن لديهم سفن بحرية، وحتى لو امتلكوا السفن اللازمة فقد كان عليهم إيجاد الربابنة المهرة، خاصةً وأن مضيق جبل طارق يصل بين البحر المتوسط (الخالي من المد والجزر)، وبين المحيط الأطلسي الذي يشكل ممراً لتيارات قوية في الاتجاهين، وقد اشتهر تاريخياً بأنه كان ‘مقبرةً للسفن’".
"قد اختُلف في نسبه، فالأكثرون على أنه بربري من نفزة، وأنه مولى لموسى بن نصير من سبي البربر، وقال آخرون إنه فارسي... هو طارق بن زياد بن عبد الله بن رفهو بن ورفجوم بن ينزغاسن بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو"
بحسب ما ورد في أخبار المجموعة المنسوبة إلى ابن حبيب، فقد أعار المدعو "يوليان"، "المُهاجمين"، أربعة زوارق، وعلى هذا أيضاً يعقب أولاغي قائلاً: "كان الحد الأقصى لحمولة الزورق الواحد من ذلك النموذج، خمسين 50 رجلاً وعلى هذا فإن (طارق) ورجاله كانوا يحتاجون إلى أن يقوم بخمسة وثلاثين (35) رحلةً لنقل جيشه، أي كان سيستغرقه ذلك سبعين 70 يوماً تقريباً، بسبب أن ذلك النوع من الزوارق كان يحتاج إلى يوم كامل ليقطع تلك المسافة، هذا بالإضافة إلى حسابات الطقس الرديء التي تتوقف فيها الرحلات، وفي تلك الحالة كان ينبغي عليه القيام بمئة رحلة على الأقل لنقل رجاله السبعة آلاف، والبحارة الماهرون الوحيدون الذين كانوا يستطيعون القيام بذلك هم أبناء مدينة قادش الساحلية التي تقع جنوب إسبانيا. ولكن لماذا يُسدي أبناء قادش هذه الخدمة إلى من جاؤوا لغزوهم؟".
ويؤكد المؤرخ الإسباني محللاً أنه حتى لو سلّمنا بأنّ طارق خدعهم ولم يرِهم نواياه، فلماذا ساعد هؤلاء القائد الذي تلاه موسى بن النصير بعد أشهر عدة من تقديمهم الدعم لطارق؟ ثم لماذا يقوم طارق بحرق السفن بعد إتمامه عملية الإنزال هذه، ولم يتركها راسيةً على الشاطئ أو يأمر البحارة بالعودة فيها إلى سواحل المغرب؟ وكيف يقوم بإحراق قوارب ليست ملكه أصلاً، بل كان قد استعارها من (يوليان) كما علمنا من رواية ابن حبيب؟
خطبة أسطورية
يرد في "نفح الطيب"، للمقري، ما يوصف بأنه الخطبة التي ألقاها طارق بن زياد بعد أن قام بإحراق سفنه ليضع نفسه وجنوده في مواجهة الحصار والعدو في آن واحد: "أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام".
فمن أين لطارق ابن زياد الأمازيغي هذه البلاغة بالعربية الفُصحى؟ وكيف كان يخاطب جنوداً كانوا في غالبيتهم العُظمى من الأمازيغ الذين لا يفقهون أي شيء من اللغة العربية؟ كما يقول الدكتور مصطفى شاكر الذي يستطرد قائلاً: "إنها بليغة وجميلة وشائعة، ولكن الشكوك تحفّ بها بدورها. فمن أين لابن زياد هذه البلاغة؟ وكيف يخاطب جنداً كانوا في جمهرتهم من الأمازيغ الذين لا يفقهون العربية؟!".
ويعلق على ذلك عبد اللطيف أكنوش، أستاذ العلوم السياسية، في مقال عن هذا الموضوع: "هذه الخطبة تبدو عربيةً قحةً لا يُشق لها غبار، فكيف لرجل أمازيغي جديد العهد بالإسلام وبلغته العربية، أن يكون قادراً على نسج خطبة بهذا المستوى من اللغة بإيحاءاتها ومفرداتها الغريبة وإعرابها ونحوها"؟
ويربط أكنوش مع ما يرد لدى الطبري والذهبي وابن الأثير، حول استنجاد سيف بن ذي يزن بكسرى فارس لمحاربة الأحباش، وقد جعل كسرى على رأس من أرسلهم رجلاً يُدعى "بهرام بن رستم"، وكان رجلاً فارسياً لا يفقه العربية، وعند رسو سفنه على سواحل اليمن قام بإحراق السفن وتوجه إلى جيشه بخطبة قال فيها –كما ذكر مترجمو خطبته لاحقاً): "يا أيها الناس أين المفر؟! البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، فوالله ليس لكم إلا الصّبر، فأنتم أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام".
هذا ما قاله بالفارسية ذلك القائد الفارسي، وهي تُطابِق تماماً الخطبة التي أُلصِقَت في ما بعد برجل تقول الروايات إنه كان قوطياً أو أمازيغياً أو حتى فارسياً، بفارق قرنين من الزمن، أي أن خطبة بهرام بن رستم سبقت زمن طارق بن زياد بنحو مئتي سنة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت