في تصريح أثار ضجةً واسعة، قال نائب رئيس الحكومة اللبنانية، سعادة الشامي، إن بلاده ومصرفها المركزي "مفلسان"، لافتاً إلى أن ما تسعى الحكومة الحالية إليه هو فقط محاولة "توزيع الخسائر على الجهات المعنية"، وهي: الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعون.
وفي مقابلة مع برنامج "هلق شو" عبر قناة "الجديد" اللبنانية، مساء الأحد 3 نيسان/ أبريل، قال الشامي: "نحنا بنعرف أنو الدولة ومصرف لبنان - كقطاع عام - إمكانياتهن كتير ضئيلة. للأسف، الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان. فيه عنّا مشاكل، فإذاً بدنا نطلع بنتيجة لحتى أد ما فينا نعوّض على المودعين. الخسارة وقعت، آسف أقولا، لأن في سياسيات على مدى عقود وصلنا لهون".
وبينما لفت الشامي إلى أن ما ذكره "حقيقة لا يمكن تجاهلها" ولا يصلح معها أي "حالة إنكار"، نفى الاستقرار على نسبة الخسائر التي سيتحملها المودعون من أموالهم لدى المصارف. علماً أن بعض التكهنات تُشير إلى أن المودعين سيخسرون ثلث ودائعهم على الأقل.
تصريح الشامي، وإن كان يُعطي لمحةً عن "الاستخفاف" الذي تتعامل به الحكومة مع الوضع المأزوم على جميع الأصعدة الذي يعيشه اللبنانيون منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إلا أنه جرى تناوله بمزيد من التضخيم والتهويل تحت عناوين على غرار: "الحكومة اللبنانية تعلن إفلاسها" في الكثير من الصحف والمواقع اللبنانية والعربية.
"وكأنه يمهد أو يبرر بيع الأصول العائدة لها لإطفاء الدين المتوجب عليها"... نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي يقول إن "الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان". لماذا الآن؟
غاب عن وسائل الإعلام تلك أن إعلان إفلاس كيان ما، لا سيّما إذا كان بحجم دولة ومصرفها المركزي، هو خطوة ينبغي أن تتبع الكثير من الإجراءات والسبل القانونية لا أن تكون محض تصريح سياسي قد تكون له دوافعه أو غاياته. علماً أنه بدا بشكل لا لبس فيه أن الشامي كان يوضح مدى تدهور الوضع الاقتصادي للبلد في سياق حديثه عن المحادثات مع صندوق النقد الدولي لأجل حلحلة أزمة أموال المودعين وتدهور الاقتصاد اللبناني بوجه عام.
غير مفاجئ ومتصل بالانتخابات
في هذا الصدد، أوضح الصحافي والمحلل الاقتصادي اللبناني منير يونس، لرصيف22، أن ما جاء به الشامي ليس مفاجئاً ولا صادماً لأن "لبنان متوقف عن سداد سندات الدين العام بالعملة الأجنبية (اليوروبوندز) منذ آذار/ مارس 2020. الجديد هو تفاقم خسائر المصارف والمصرف المركزي حتى بلغت أكثر من 73 مليار دولار".
قال يونس إن هذا المبلغ الضخم هو، في حقيقة الأمر، ودائع الناس، وقد جاءت ساعة حقيقة الاعتراف بها، على لسان الشامي، والبحث جدياً في كيفية توزيعها، منبهاً إلى أن هذا بالتحديد هو "مكمن الخلاف" راهناً، أي من يتحمل أكثر: الدولة ومصرف لبنان؟ أم المصارف؟ أم أصحاب الودائع؟
لا يستطيع أي سياسي في لبنان التصريح بأنه يجب تحميل المودعين، لا سيما كبارهم، جزءاً من الخسائر، لأن الانتخابات النيابية على الأبواب. كما لا يستطيع أي منهم دعم فكرة بيع أصول الدولة، أو الضغط على المصارف لأن المصالح السياسية والمصرفية متشابكة
ورأى أن دلالة الاعتراف الرسمي بالإفلاس تكمن في أن صندوق النقد الدولي يطلب استعجال توزيع تلك الخسائر وإعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان والدين العام كشرط أساسي للمضي قدماً في مفاوضات تنتهي بتوقيع لبنان اتفاق قرض انقاذي مع الصندوق.
وأردف: "إنها ساعة الحقيقة… توزيع خسائر قيمتها 73 مليار دولار في بلد صغير مثل لبنان يعد ضرباً من المستحيل لأن الأطراف المعنية ترفض الاعتراف بمسؤوليتها. الدولة تقول إنها مفلسة، فكيف تعوض على أصحاب الودائع، مقابل من يريد تحميلها الجزء الأكبر عبر بيع أصول عامة أو تجيير إيرادات عامة لمصلحة المودعين".
في الوقت عينه، ترفض المصارف، والحديث لا يزال ليونس، الاعتراف بمسؤوليتها لأنها تدعي أن أموال المودعين في ذمة مصرف لبنان والدولة من خلال الدين العام وشهادات الإيداع في البنك المركزي. أما البنك المركزي، فيدعي أن الأموال أُنفقت على استقرار سعر صرف الليرة طوال أكثر من عقدين من الزمن، وعلى مصروفات الوقود لكهرباء لبنان المدعومة التعرفة ولتسيير شؤون الدولة الأخرى.
إلى ذلك، لفت المحلل اللبناني إلى أنه لا يستطيع أي سياسي في لبنان الآن التصريح علناً بأنه يجب تحميل المودعين، لا سيما كبارهم، جزءاً من الخسائر، لأن الانتخابات النيابية على الأبواب، في 15 أيار/ مايو المقبل. كما لا يستطيع أي منهم دعم فكرة بيع أصول الدولة، أو الضغط على المصارف لأن المصالح السياسية والمصرفية متشابكة.
وزاد: "إعلان إفلاس لبنان ليس جديداً. الجديد هو بدء مقاربة تحميل المسؤوليات. سيتطلب الوصول إلى ذلك بحث مضنٍ عن معادلة عادلة صعبة جداً مع المزيد من الشد والجذب على الطريقة اللبنانية في السياسة كما في الاقتصاد والاجتماع والأمن".
وختم: "كل طرف سياسي أو طائفي سيستخدم ‘تصريح الإفلاس‘ ليُلقي بالمسؤولية على خصومه… لا صوت يعلو على صوت الانتخابات في لبنان الآن".
"إعلان إفلاس لبنان ليس جديداً. الجديد هو بدء مقاربة تحميل المسؤوليات. سيتطلب الوصول إلى ذلك بحث مضنٍ عن معادلة عادلة صعبة جداً مع المزيد من الشد والجذب على الطريقة اللبنانية"
تمهيد لبيع الأصول العامة؟
في الأثناء، تكهن مختصون وناشطون لبنانيون بأن يكون وراء التصريح الرسمي المثير توطئة لبيع الأصول العامة أو تمهيداً للرأي العام لتقبلها.
أوضحت الصحافية الاقتصادية اللبنانية محاسن مرسل عبر حسابها في تويتر أن "الدولة اللبنانية متعثرة انتقائياً عن سداد الديون. لكن أن يعلن نائب رئيس الحكومة #سعادة_الشامي إفلاسها، كأنه يمهد أو يبرر بيع الأصول العائدة لها لإطفاء الدين المتوجب عليها".
في حين كتب الصحافي والمحاضر داود إبراهيم عبر حسابه في تويتر: "إنو عنجد في ‘مسؤول‘ بالبلد بيصرح إنو الدولة مفلسة ومصرف لبنان مفلس؟ بصراحة ما كنت عم تابع أخبار من فترة بس هيدي الأخبار محرزة خصوصاً إنو اللي عم يروج لها هنّي دولة رياض سلامة. يعني في يفهمنا المسؤول وين أملاك الدولة؟ وين أصولها؟ وين الذهب اللي بيملكه مصرف لبنان؟".
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 7 ساعاتيعني اذا اليسا اللي عملت اغاني وفيديو كليبات عن العنف ضد النساء وقال حملت قضايا المرأة العربية، غنت ودافعت عن المغتصب سعد المجرد... قرطة منافقين.
Farah Alsa'di -
منذ 13 ساعةرغم قديه الحادثة موجعة ومؤسفة إلا أني مبسوطة أنه هاي من المرات القليلة تقريباً اللي المجتمع الأردني بوقف فيها مع "المرأة" الضحية... عشان تعودنا يكون الحق عليها دايماً أكيد!
Line Itani -
منذ يومعجيب في بلد ومجتمع "محافظ" زي المصري انه يكون فيه حرمات على أشياء كثيرة بس الموت لا - ودا بس لأن فيها أرض ومصاري..
jessika valentine -
منذ يومالمشكلة هي المجتمع واللغة انبثقت منه وتغذي هذا الفكر الذكوري. لن تتغير اللغة الا إذا نحن تغيرنا. وزيادة على الأمثلة التي قدمتها للغة العربية، الانكليزية ليست افضل حالا فيُقال للقميص الابيض الذي يُلبس تحت القمصان wife beater باللغة الانكليزية، والنق bitching. وعلى سيرة say no، يقول الذكور المتحدثون باللغة الانكليزية no means yes and yes means anal. على الدجاجة أن تكسر قوالب التربية لبيضها الإناث والذكور لان أحدا سواها لن يفعل.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعit would be interesting to see reasons behind why government expenditure on education seems to be declining -- a decreasing need for spending or a decreasing interest in general?
Benjamin Lotto -
منذ أسبوعجدا مهم البحث