شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
كلهم أثرياء كساويرس ويحملون اسم

كلهم أثرياء كساويرس ويحملون اسم "جورج"... هل الأقباط محجوبون عن الأنظار؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 16 مارس 202211:00 ص

يقول د. سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، في مقدمة  كتاب كنت طفلاً قبطياً في المنيا للأديب مينا عادل جيد، إن هناك ندرة شديدة في الكتابة الجادة حول المجتمع القبطي في مصر، خاصة فيما يتعلق بالقضايا والمشكلات الاجتماعية وأساليب الحياة السائدة بين مختلف فئات الأقباط. وهناك إحجام لافت عن البحث والكتابة في هذه الموضوعات من جانب المشتغلين بالعلوم الاجتماعية، وبالأخص المتخصصين في علم الاجتماع، باستثناءات قليلة .

والإحجام يشمل الباحثين والكتاب المسلمين والمسيحيين على السواء، ولا ندري هل يعد ذلك جزءاً من سياسة عامة تميل نحو عدم الخوض في مشكلات الأقليات تفادياً لأي سوء فهم يتم تأويله من منظور طائفي، أم هو إهمال متعمد من الأجندة السائدة للاهتمامات العلمية والفكرية والثقافية لأسباب تتعلق بالتهميش الثقافي؟

 وقد يكون السبب راجعاً إلي الأقباط أنفسهم، على اعتبار أن الأقليات في كثير من المجتمعات تميل في الغالب إلى الانكفاء على الذات وعدم إتاحة فرص التواصل مع العالم خارجها، وهذا بالتأكيد لا ينطبق على الحالة المصرية، ذلك أن الأقباط ليسوا جماعة منغلقة، بل هم منفتحون على المجتمع المصري اجتماعيا واقتصاديا وثقافياً،  ولا يفصلهم عن المسلمين سوى جوانب محددة من العقيدة الدينية.

ومع ذلك هناك قواسم مشتركة في كثير من جوانب نسق المعتقدات الدينية بين المسيحية واليهودية والإسلام، باعتبارها ديانات سماوية كبرى. ورغم ذلك فإن ما يسترعي الانتباه أن الأقباط محجوبون عن الأنظار، ليس فقط من حيث الكتابات عنهم، وإنما أيضاً من خلال التناول الإعلامي لقضاياهم وهمومهم الاجتماعية. ولقد ترتب على ذلك سوء فهم حول حياتهم وثقافتهم من واقع التصورات السائدة لدى فئات كثيرة من المسلمين في مصر.

وبطبيعة الحال، فإن سوء الفهم يمثل بيئة خصبة لنمو التطرف والتعصب والعنصرية الثقافية، فيما بين المسلمين والمسيحيين. كما أن سوء الفهم، عن جهل أو وعي، يولد مشاعر من النفور المتبادل ويعمق الانقسام الاجتماعي على أساس ديني.

هناك ندرة شديدة في الكتابة الجادة حول المجتمع القبطي في مصر، خاصة فيما يتعلق بالقضايا والمشكلات الاجتماعية وأساليب الحياة السائدة بين مختلف فئات الأقباط

يأخذنا كتاب "كنت طفلاً قبطياً في المنيا" إلى داخل المجتمع القبطي بأعياده وموالده ونذوره وعلاقاته اليومية، مع المجتمع المسلم وهي علاقات فيها مجاملات ومصالح وانطباعات، وفيها أيضا قدر لا بأس به من الخرافات والتقاليد المشتركة.

يقول المؤلف ليس كل الأقباط ملائكة خيرين مثل الدكتور مجدي يعقوب ،ولا عباقرة مثل المهندس هاني عازر، وليس كل الأقباط أثرياء مثل رجل الأعمال نجيب ساويرس، ولا كلهم جواهرجية واسمهم جورج، كما تجسدهم السينما المصرية. كثير من المسلمين يكونون فكرة خاطئة عن الأقباط ويتعاملون معهم باعتبارهم إما شخصيات مثالية تقول: "فلنشكر الرب"، ولا يدخنون ولا يسرقون ولا يكذبون، أو كشخصيات سيئة ورائحتهم كريهة وأخلاقهم منحلة وحياتهم ضائعة في الخمور والجنس، على نحو ما تصورهم الأفلام الأجنبية التي تقدم مسيحيي الغرب كمهاويس بالجنس، وهذه صورة مشوشة عن الغرب أيضاً.

من خلال الكتاب، يستعيد المؤلف ذاكرة طفولته، من خلال 18 حكاية، يحكي عن حياة أسرته كأسرة مصرية قبطية تعيش في محافظة المنيا، خلال الفترة من 1993 إلى 1999، فيرصد الكاتب عدة حكايات عن نشأته وعادات الأقباط المصريين ومعتقداتهم الدينية والشعبية.

طرح مينا سؤالاً غريباً يتعرض له وهو: "لماذا كل المسيحيين 012؟"، موضحاً أنه شخصيا لا يعرف الإجابة، لكن لديه أصدقاء مسلمين يعتقدون في أن سبب ذلك هو ثراء كافة المسيحيين، الذين ساعدتهم إمكانياتهم للاشتراك في أول شبكة محمول في مصر (موبينيل)، وأرجع مينا السبب في ذلك هو عدم معرفة المسلمين الكثير عن حياة شركائهم في الوطن من الأقباط، بعكس ما يعلمه الأقباط عن حياة المسلمين، وأرجع السبب في ذلك بسبب التجاهل الإعلامي والدرامي الذي لا يظهر الحياة القبطية بشكل كامل وصحيح.

يرصد مينا من خلال الكتاب بعض الحكايات الخاصة بالأقباط ومنها:

يأخذنا كتاب "كنت طفلاً قبطياً في المنيا" إلى داخل المجتمع القبطي بأعياده وموالده ونذوره وعلاقاته اليومية، مع المجتمع المسلم وهي علاقات فيها مجاملات ومصالح وانطباعات، وفيها أيضا قدر لا بأس به من الخرافات والتقاليد المشتركة

حكاية "مولد العدرا بجبل الطير"

يوضح مينا قصة الاحتفال بمولد العدرا بجبل الطير، والذي تعود حكايته إلى قرية جبل الطير في مركز سمالوط بالمنيا، والتي يعتقد أن العائلة المقدسة زارتها أثناء رحلة هروبها من مصر، حيث توجد عدة أماكن بالقرية يعتقد أن العائلة المقدسة استخدمتها أثناء رحلة هروبها إلى مصر، منها المغارة التي اختبأت فيها السيدة العذراء والطفل يسوع ويوسف النجار، يستمر المولد لمدة أسبوع في المنطقة، ويترك القادمون للمولد بيوتهم ويستأجرون بيوتاً عند أصحاب القرية ليقضوا فترة المولد هناك .

وشم الصليب

ذكر الكاتب  أنه لا يجد أصل لهذا التقليد، إذ نشأ ووجد أن القبطي يوشم بوشم الصليب، ورجّح الكاتب عدة معتقدات لأصل الوشم، منها أن الأقباط، خاصة الفلاحين، لديهم اعتقاد بأن الأحباش (المسيحيين) سيغزون مصر "لتحرير الأقباط من الاحتلال الإسلامي"، وسيقتلون الأقباط مع المسلمين إذا لم يظهروا لهم هذه العلامة على رسغهم.

ليس كل الأقباط ملائكة خيرين مثل الدكتور مجدي يعقوب ،ولا عباقرة مثل المهندس هاني عازر، وليس كل الأقباط أثرياء مثل رجل الأعمال نجيب ساويرس، ولا كلهم جواهرجية واسمهم جورج، كما تجسدهم السينما المصرية

كما يتحدث الكتاب عن "عيد الغطاس"، أحد أبرز الأعياد القبطية، و"حد الزعف"  الذي يسبق عيد القيامة و"جمعة الآلام" وهى الجمعة التي تسبق عيد القيامة، ويصوم فيها الأقباط حتى الساعة السادسة مساء، و"الشفاعة بين القبول والرفض بين الطوائف المسيحية ومظاهرها"، و"الحسد والعين"، و"الحلم والرؤية" والفرق بينها و"المعتقدات الخرافية عند الأقباط"، وكيف يتحول الأطفال التوأم إلى قطط أثناء النوم، وغيرها من العادات والتقاليد الخاصة بالأقباط.

قواسم مشتركة

يتحدث المؤلف عن القواسم المشتركة الثقافية بين الأقباط والمسلمين، عن وعي علمي دقيق من واقع دراسته لعلم الأنثروبولوجيا الثقافية، كما أنه بوصفه قبطياً لم يرغب بأن يقدم نفسه ككاتب قبطي، وإنما هو كاتب مصري، ولد في أسرة قبطية من الطبقة المتوسطة في المنيا، وعاش طفولته حياة قبطية يستخلص منها شواهد وأحداثاً وممارسات شتى، بقدر كبير من التشابهات الثقافية بين المسلمين والأقباط، وهذا ما يضع الكتاب في مصاف النصوص الإثنوجرافية الدقيقة التي يكتبها غير المتخصصين في علم الأنثروبولوجيا الثقافية.

مينا عادل صدرت له كتب أخرى: "استحمار كوكب الـFacebook" و"يوتوبياالسوشيال ميديا" و"نواحي البطرخانة"، وأحدث أعماله رواية "بيت المساكين".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard