شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الروائي السوداني أمير تاج السر... أيامي التي أنفقتها معتزلاً الحياة لأكتب لم تضع سدى

الروائي السوداني أمير تاج السر... أيامي التي أنفقتها معتزلاً الحياة لأكتب لم تضع سدى

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 26 مايو 202202:30 م

نحت أمير تاج السر (1960) لنفسه موقعاً بارزاً في المشهد الروائي العربي، فبرصيد يضم أكثر من 10 روايات، وعدة كتب أخرى تدخل في تصنيف " non fiction"، استطاع الروائي السوداني، أن يضع اسمه في الصدارة بين أغلب كتاب بلده والعالم العربي.

وُلد تاج السر في شمال السودان ودرس في مدارسها، قبل أن ينتقل إلى مصر في الفترة بين 1980 - 1987، في مرحلة الدراسة الجامعية ويتخرج في كلية الطب بجامعة طنطا، وفي تلك المرحلة أصدر روايته الأولى.

لاحقاً، سافر الكاتب السوداني إلى قطر واستقر في الدوحة ليباشر عمله كطبيب، وعن الفترة التي قضاها في قطر يقول: "أنا مدين للدوحة بالامتنان حتى آخر العمر"، مشيراً إلى ما وفرته له من أمن واستقرار ساعداه على التركيز على مشروعه الروائي.

وصلت روايات أمير تاج السر إلى قوائم الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" عدة مرات، كما وصلت أيضاً إلى قائمة الشيخ زايد وغيرها من الجوائز. ومؤخراً، أصدر روايته الأحدث "حراس الحزن" عن دار هاشيت أنطوان نوفل في بيروت، وهي رواية ذات أجواء عبثية، تشتغل على إنتاج رموز ودلالات ربما قصد بها صاحب "منتجع الساحرات" أن يتناول الوضع في السودان بشكل غير مباشر.

الروائي السوداني أمير تاج السر: السودان الآن في منعطف خطير، وما هو ممكن اليوم قد لا يعود ممكناً غداً

وكان لنا مع أمير تاج السر هذا الحوار.

تخيم روح "عبثية" على أحدث أعمالك الروائية "حراس الحزن"... هل جاء هذا العبث للتعبير عن أحداث وقعت في الماضي (1972) عن الراهن السوداني والرؤية الضبابية والتجاذبات التي تمر بها البلاد؟

نعم بكل تأكيد، فقد اعتدنا على استخدام التاريخ في النصوص الحياتية المعاصرة، وقد يقتطع الروائي أحداثاً مشابهة في فترة زمنية ما، ليكتبها بإحساس اليوم، السودان الآن في منعطف خطير، وما هو ممكن اليوم قد لا يعود ممكناً غداً، الشباب لم يقصروا، صنعوا ثورة لم تحدث من قبل، صنعوا تاريخاً ومجداً، وكان من الممكن أن يتوج الانتصار التاريخي هذا بحلول الديمقراطية في البلاد، وتستقر الأوضاع، وهذا ما حلمنا به طوال حياتنا، لكن الأمور لم تسر كما رسم لها، وكما خططها الحلم الذي كان قريب المنال وابتعد فجأة. الكاتب الروائي كما تعرف، لا ينفصل عن بلاده حتى لو عاش بعيداً عنها، إنها حاضرة دائماً في باله، وتحضر في نصوصه بكثرة، أنا أكتب هكذا، أكتب ما يجعل حاضري شبيهاً بحاضر أبنائي الذين ما زالوا في حالة ثورة.

نلحظ في الرواية غلالة من الحزن، الحاضر بدءاً من العنوان ومروراً بروح النص قبل أحداثه، فهل تختار الرواية لونها ومدرستها أم أن للكاتب تدخلاً واعياً في ضبط تلك المعادلة؟

شخصياً لست من الذين يخططون للعمل الروائي، لا أضع أي تصور لأحداث أو لأفكار قد يتم تناولها، أنتظر الفكرة الأساسية حتى تأتي ثم أبحث عن مدخل للرواية، وحين يأتي المدخل أكتب ما يرد إلى ذهني، وحين أنتهي من النص أعود إليه لأزن ما أجده مضطرباً أو لا يتماشى مع الطرح.

في هذه الرواية تحديداً، أردت كتابة قصة عن أحد أقاربي الذي تاه مع سائقه في صحراء العتمور القاحلة، وكانا ذاهبين إلى بلدة في شمال السودان ليستلم قريبنا وظيفة ضابط إداري. كان هذا في بداية سبعينيات القرن الماضي، لكن تاه الرجلان في الصحراء وماتا من الجوع والعطش، وعثر على جثتيهما بعد ذلك، ومعها مذكرات كتبها الضابط الإداري، الذي كان يكتب حتى غاب عن الوعي. بدأت الرواية وكان من المفروض أن يأتي السائق بالعربة إلى بيت الضابط الإداري، ليصحبه لكن السائق سعد لم يحضر، وهكذا اتخذت القصة مساراً آخراً مختلفاً تماماً عن الفكرة الأم، وولدت "حراس الحزن" بشكلها الحالي، ولو كان السائق أتى في موعده لما عثرت على تلك الشخصيات الغريبة، أمثال التائه، وعبد العال، وسلوى بطرس، كنت ستعثر على عوالم الصحراء الموحشة. لقد سعدت بذلك المسار الجديد وكتبته بانتشاء.

بين الأسماء الغريبة، أو الشخصيات التي لم يحسم الراوي لها اسماً بسبب النسيان أو عدم الاكتراث... هل كان القصد من ذلك تمرير إشارة إلى مسألة الهوية واضطرابها؟

أظنني ألمّح إلى عدم الإخلاص في أشياء كثيرة، فالناس لم يعودوا مخلصين لقيمهم، وحتى الأشرار لم يعودوا مخلصين لشرهم، هناك ضبابية وقلة اكتراث في الإمساك بالمعاني المطلوبة لتشييد شخصية ما. التائه ليس مخلصاً لاسمه الذي سُمي به، عبد العال كذلك، له ثلاثة أسماء، هويته في حد ذاتها مضطربة، وسعد لقبه "نزوة" بسبب نزواته وحياته الغريبة التي توجت بزواجه من امرأة في السادسة والستين. عدد من الشخصيات منهزمة وتلاحق السراب، وحتى من كانوا نجوماً فيما مضى فقدوا إخلاصهم لكل شيء. أظنني كنت صادقاً في تناولي لتلك الأفكار ولم أبالغ، وصراحة كانت عندي أفكار كثيرة أود كتابتها لكن أحجمت حتى لا تترهل روايتي أو يصاب قارئها بالهلع.

الروائي أمير تاج السر: أكتب لأنني يجب أن أكتب، ولا أنتظر شيئاً. وأحب أن أذكر أنني أهتم بالقراء كثيراً، حتى الذين يكتبون عن تجربتي بسلبية، وأعرف تماماً أن القراءة أذواق وأساليب مثلما هي الكتابة

ثمة ثيمات مشتركة بين عدد غير قليل من أعمالك، مثل الدخلاء في "زحف النمل" و"حراس الحزن"، أو حضور المشردين بين "تاكيكارديا" و "حراس الحزن". هل يمكننا القول إن هذه التنويعات على ثيمات بعينها هي من ضمن معالم العالم الروائي لأمير تاج السر؟

أكتب في عوالم كثيرة ومتنوعة ولا أخص عالماً معيناً بكتابتي، ولعل عملي في بيئات متعددة ودراستي كذلك، ساعدا في تكوين مخزون معرفي جيد. لدي خطوط عريضة هي خطوط بيئتي التي نشأت فيها، لدي مساحات مسوّرة بعلامات ما، مثل الشخصيات الهامشية، الأحياء الفقيرة، المرضى، والمستشفيات، وأملأ تلك المساحات بأفكار جديدة، قد تنهض بشخوص جديدة أو شخوص موجودة من قبل أو يوجد شبيه لها من قبل في أعمال أخرى، لكن لم أكتب أبداً رواية تشبه الأخرى، كل رواية لها نكهتها التي تميزها وموضوعها الذي تتحدث عنه داخل الأسلوب نفسه. وحتى المشردين في "زحف النمل" لا يشبهون أولئك في "تاكيكارديا" أو "حراس الحزن"، بمعنى حتى التشرد له نكهات مختلفة. أيضاً تجد عندي كثيراً شخصية القبطي، وهي من صميم نسيج الشعب السوداني، إنها في توترات القبطي، و366، والعطر الفرنسي، بعض الناس يقولون لماذا؟ وأقول لأنها من لحم الشعب فقط، يميزها شيء ما.

وظفت معرفتك الطبية في عدد من أعمالك، فكيف ترى الفارق بين الرواية المتكئة على ذات الكاتب وخبراته ومعارفه، والروايات بعيدة الصلة تماماً عن كاتبها للدرجة التي قد يحتاج معها لقراءة مراجع بعينها والكثير من الدراسة والبحث وربما السفر لمعاينة مسرح الأحداث؟

أكتب أعمالاً من وحي مهنتي وأخرى لا علاقة لها بالمهنة، وأخوض في التاريخ والجغرافيا والمعرفة عموماً، لكن ما أكتبه بوحي من مهنتي لا يحتاج لبحث كبير، إنها أمراض أخبرها وأعالجها، وحتى تلك التي لم أر منها حالات في الواقع أستطيع كتابتها، مثل مرض الحمى النزيفية الذي كتبته في "إيبولا 76"، تلك الرواية التي لم أكن أتوقع أن تغزو العالم بهذه الصورة، لكن جائحة كورونا ساهمت في انتشارها، كون الأجواء العامة للهلع في إيبولا شبيهة بالتي سادت مع انتشار كورونا. أستطيع أيضاً اختراع أمراض وعلاجات لها مثلما فعلت في توترات القبطي ومهر الصياح، وجزء مؤلم من حكاية، إنه عالم كبير لم يتشكل بين يوم وليلة، ولكن بتراكم الخبرات والسنوات، وسعدت كثيراً أن هناك من يتذوقه ويحبه، ولا أنكر أن هناك من لم يستوعبه أو يحبه. عموماً أكتب لأنني يجب أن أكتب، ولا أنتظر شيئاً. وأحب أن أذكر أنني أهتم بالقراء كثيراً، حتى الذين يكتبون عن تجربتي بسلبية، وأعرف تماماً أن القراءة أذواق وأساليب مثلما هي الكتابة.

الروائي السوداني أمير تاج السر: جرى تقرير ثلاثة من أعمالي في المناهج الثانوية لثلاثة بلدان، وكلما فكرت في الأمر أحسست أن أيامي التي أنفقتها معتزلاً الحياة لأكتب، لم تضع سدى. هذا أقصى ما يتمناه الكاتب، أن تُدرّس أعماله في المدارس للطلاب

فزت بجائزة كتارا عن رواية "366"، كما وصلت أكثر من مرة لقوائم جائزة البوكر، وكذلك قائمة جائزة الشيخ زايد وقائمة الجائزة العالمية للكتاب المترجم، فكيف ترى قيمة الجائزة بالنسبة للكاتب؟ وهل يستطيع القارئ اعتبار تلك الجوائز مرجعاً حقيقياً ومؤشراً على جودة العمل الأدبي؟

الجوائز مهمة لكنها ليست غاية في حد ذاتها، فإن جاءت الجائزة تمنح الكاتب شعوراً من الغبطة لا يعادله أي شعور، خاصة إذا كانت ضخمة مثل جائزة الشيخ زايد، أو ذات صيت مثل البوكر وكتارا، يبدو الأمر إضافة جيدة، فالكتاب هنا لا يتعثر في المكتبات أو المعارض، وإنما يصل إلى القرّاء بسهولة أكبر. ويتعبر البعض الجائزة معياراً للجودة، وهي ليست كذلك أبداً، إنها حافز قد يصيب من يقصده وقد يخطئ، ولدينا أمثلة كثيرة عن أشخاص فازوا بالجوائز ولم يتقدموا شبراً وآخرون تُقرأ أعمالهم وتترجم بلا جوائز. كنت أتساءل دائماً لماذا لا يحصل سليم بركات على جائزة، ولديه من اللغة ما يدحر أي ركاكة قائمة، لكن أعماله تُقرأ ولها محبون. التحكيم في الجوائز أيضاً له وضعه الذي يعتمد على تذوق المُحكّم في الاختيار، وعموماً لا يجب أن يكتب الناس من أجل جائزة، ليكتبوا من أجل متعة أنفسهم أولاً من دون تركيز على الكسب المادي.

ما تقييمك لجائزة بقيمة جائزة الطيب صالح (زين) بعد مرور أكثر من 10 دورات منذ تأسيسها؟ هل ترى أنها خدمت الأدب السوداني والعربي بالشكل الأنسب من وجهة نظرك؟

جائزة الطيب صالح مهمة جداً، برغم أن كثيرين يقاطعونها، إنها جائزة عربية يستطيع كل الناس التقديم لها ونيلها، كما أن الفعاليات المصاحبة لها مهمة جداً، وتثير زخماً في الحياة الثقافية السودانية، لقد كنت مداوماً على حضورها في السنوات الأولى وعملت محكماً للرواية في إحدى الدورات مع زميلي محمد المنسي قنديل وزميلتي سميحة خريس، وكنا سعداء أن اتفقنا على نصوص معينة، أتمنى أن تستمر هذه الجائزة وتتطور، وتزداد قيمتها المالية، لأن الزمن يتغير.

جرى تقرير بعض أعمالك الأدبية ضمن مناهج التعليم في عدة بلدان.. ما قيمة ذلك بالنسبة لك؟

هذا أقصى ما يتمناه الكاتب، أن تُدرّس أعماله في المدارس للطلاب، بصراحة شديدة، إنه حلم يراود كل كاتب. كنت محظوظاً أن حدث معي ذلك وقررت ثلاثة من أعمالي في المناهج الثانوية لثلاثة بلدان، وكلما فكرت في الأمر أحسست أن أيامي التي أنفقتها معتزلاً الحياة لأكتب، لم تضع سدى.

ألا يفكر أمير تاج السر في كتابة القصة القصيرة، والسيناريو التلفزيوني أو السينمائي؟

لا طبعاً، هذا ليس وارداً على الإطلاق، الشعر كان هوايتي التي بدأت بها وما زلت أكتبه أحياناً لكن القصة والمسرحية، لم أفكر أبداً، مرة كتبت سيناريو عن ممرضة فرنسية تعمل في مجال الإغاثة، سميته العطر الفرنسي، كان ذلك عام 2008، كنت مزهواً به ثم فجأة احترق القرص الصلب للكومبيوتر، وضاع السيناريو، وعدت لأكتبه لكن بدلاً عن ذلك كتبت الموضوع رواية هي "العطر الفرنسي" المعروفة، والتي انتشرت كثيراً وطبعتها الأولى كانت 2009. وبالطبع لم أعد لتجربة مماثلة مرة أخرى.

تعيش في الدوحة منذ سنوات، هل للبيئة التي يعيش فيها الكاتب أثر على نتاجه الأدبي؟

مؤكد، حين تعثر على الأمان وتستطيع تخصيص بعض الوقت خلال اليوم لتطوير كتابتك، وهذا ما حدث معي في الدوحة، إنها محطة التحول في شخصيتي وكتابتي وأدين لها بالامتنان حتى آخر العمر.

بمعنى لو انتقلت للإقامة في بلد آخر ستختلف نصوصك ونوعيتها عن تلك التي كتبتها أثناء إقامتك في مصر أو قطر؟

ربما، لا أعرف، لقد قلت لك مسألة الأمن والحياة المريحة بلا شقاء يومي، لأن كثيراً من المبدعين يضيعون بسبب السعي لكسب قوت اليوم، ويهملون إبداعهم.

هل يعاني الكاتب العربي من صعوبات خاصة وعراقيل تعوقه عن الكتابة مقارنة بالكتاب من ثقافات أخرى؟

في الماضي كانت هناك خطوط حمراء واضحة لا يجب على الكاتب تجاوزها، لكن ثورات الربيع العربي، أزالت خط السياسة ولم يعد أحد يخاف من تلك النقطة، هناك من يكتبون الجنس بفجاجة، وهذا غير مقبول، ومن يتطاولون على الدين وهذا أيضاً غير مقبول، الكتابة الإبداعية ينبغي أن تنحت في الإبداع، وتهتم بالتجريب، وليس البحث عن القارئ المتلهف للممنوع.

من الظواهر الملفتة، وجود ارتباط كبير بين مصر والأسماء الأبرز في الأدب السوداني، بدءاً بالطيب صالح وتقديم رجاء النقاش لرائعته "موسم الهجرة إلى الشمال"، مروراً بك وبسنوات دراستك في طنطا، وكذلك يمكن الإشارة إلى فترة إقامة عبد العزيز بركة ساكن في مصر، وإلى وجود حمور زيادة في القاهرة كمدينة يستقر فيها منذ سنوات... ما تعليقك على هذا الارتباط بين الكاتب السوداني ومصر؟

نعم مصر هي قلبنا النابض كما هو معروف للجميع، ولا بد من رعاية ما أو تشجيع هناك حتى ينطلق الكاتب. كنت مصرياً تقريباً لأنني عشت وسط المثقفين سنوات طويلة، وصادقت أجيالاً منهم، وشجعوني على الاستمرار وما زلت أتواصل مع أصدقائي بكل محبة.

 أخيراً، في ظل الوضع القائم الآن في السودان، كيف تقرأ المشهد وإلى أين تتوقع أن تمضي الأمور؟

لا أحد يعرف إلى أين تسير الأمور، أنا أتتبع نبض الحوارات وما يقوله السياسيون، وما يمكن قراءته في المستقبل، ولا أعرف كيف ينتهي الأمر، كلما أعرفه أن السودان يمر بأسوأ أزماته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image