عن عمر ناهز المئة وعامين، قضى عالم الفلك الكويتي المخضرم صالح العجيري، رائد علم الفلك في الكويت والخليج العربي، إثر مسيرة علمية حافلة بالإنجازات الخميس 10 شباط/ فبراير.
ووجه أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد، برقية تعزية إلى أسرة الفقيد، عبّر فيها عن حزنه لرحيل "أحد رجالات الوطن"، معرباً عن تقدير "مناقب العالِم الفقيد وأعماله الجليلة وإسهاماته المقدرة في خدمة وطنه خلال مسيرته الحافلة بالعطاء في المجال التربوي والرياضيات وعلم الفلك والأهلة".
وشدد الأمير على أن إسهامات العجيري النيرة "ستكون نبراساً ملهماً للأجيال وستظل خالدة في وجدان الجميع".
وقدّم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم "خالص العزاء وصادق المواساة لعائلة العجيري الكريمة وللشعب الكويتي بأسره بوفاة العم الفاضل والعالم الجليل والفلكي الكبير الدكتور صالح محمد العجيري الذي كان بحق قامة كويتية عالية أعطى الكثير لبلده الكويت".
أصدر تقويماً باسمه اعتمدته #الكويت رسمياً وتتلمذ على أيدي علماء فلك مصريين… العم #صالح_العجيري فارق الحياة إثر حياة علمية حافلة "ستكون نبراساً ملهماً للأجيال وستظل خالدة في وجدان الجميع". بمَ رثاه الأمير نواف الأحمد؟
من هو صالح العجيري؟
ولد "العم صالح" - كما اعتاد أن يطلق عليه الكويتيون - في 23 حزيران/ يونيو عام 1920، بحي القبلة في مدينة الكويت. تعلّم الحساب واللغة العربية والفقه في الكُتّاب، ثم التحق بمدرسةٍ أسسها والده واستمر فيها حتى عام 1928، إذ التحق بعدها بالمدرسة المباركية التي تدرّج فيها حتى الصف الثاني الثانوي.
عقب انتهاء دراسته الثانوية، عُيّن العم صالح مدرساً في دائرة المعارف وتنقل بين عدة مدارس. لكن شغفه بعلوم الفلك ظلّ يطارده وهو الذي كان يخشى الرعد والبرق والمطر في طفولته ورغب في دراستها والتعرف عليها علمياً.
في البداية، أرسله والده إلى قبيلة الرشايدة ليتعلم الفرق بين الفصول والمواسم وكل ما يتعلق بالطقس، وهو ما زاد اهتمامه بدراسة علم الفلك. مع ذلك، كان لكتاب "المناهج الحميدية في حسابات النتائج السنوية" الفضل الأكبر في دفعه إلى دراسة الفلك.
حينذاك، قرر العم صالح السفر إلى مصر لمقابلة الفلكي المصري عبد الحميد مرسي غيث مؤلف "المناهج الحميدية"، الذي أصبح لاحقاً معلم للعجيري ومرشداً، بالإضافة إلى عبد الفتاح وحيد أحمد الذي تلقى العجيري على يديه مبادئ الفلك.
بعد ذلك، التحق العجيري بمرصد حلوان وشهد تأسيس مرصد القطامية، وشرع في التواصل مع عدة مراصد حول العالم. وفي الوقت نفسه، حصل على شهادة مدارس المراسلات المصرية من جامعة الملك فؤاد الأول عام 1946، وشهادة من اللجنة الفلكية العليا للاتحاد الفلكي المصري عام 1952.
"قامة كويتية عالية أعطى الكثير لبلده" و"أحد رجالات الوطن"... العم صالح العجيري (مئة وعامان) يرحل بعد حياة حافلة بالإنجازات والتكريمات أبرزها قلادة مجلس التعاون للعلوم والدكتوراه الفخرية من جامعة الكويت
إنجازات وتكريمات
منذ عودته إلى الكويت، سخّر العجيري علمه لخدمة بلاده ومنطقة الخليج حتى أصبح أحد رواد علم الفلك في الكويت والخليج بل في العالمين العربي والإسلامي.
ولعل أبرز إسهاماته تأسيس تقويم العجيري الشهير الذي يتميّز بدقه حساباته، وكان قد طبع أول تقويم له على أوراق صغيرة لكل شهر عام 1943، وفي العام التالي طبع التقويم الثاني على أوراقٍ ملونة في بغداد.
لكن التقويم الذي أصدره عام 1952 وحمل اسمه هو الذي اعتمدته الدولة الكويتية لاحقاً في جميع معاملاتها الرسمية. وفي بدء سبعينيات القرن الماضي، أسس العم صالح مرصداً فلكياً خاصاً به اشترى أجهزته من الولايات المتحدة وبريطانيا من ماله الخاص.
ومن المؤلفات التي أثرى بها المكتبة العربية: "علم الميقات" و"كيف تحسب حوادث الكسوف والخسوف" و"خارطة ألمع نجوم السماء" و"دورة الهلال" و"كيف تستدل على الفصول الوجهات الأربع" و"جدولة الوقت". ومن أهم أبحاثه: "الخطوط والدوائر" و"أهمية ميل الشمس" و"رصد الكواكب والنجوم" و"مداخلات الزمن".
وعدا تميزه في علمَي الفلك والرياضيات، كان العم صالح ملماً بعلوم الجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع، وله في مجال الأخير مقالة شهيرة عن يهود الكويت.
تقديراً لإسهاماته هذه منحته جامعة الكويت الدكتوراه الفخرية في العلوم عام 1981 وكوفىء بقلادة مجلس التعاون للعلوم عام 1988، علاوة على شهادات التقدير والدروع التذكارية والتكريمات في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...