أقدمت قوات إسرائيلية، في الثالثة والنصف فجر الأربعاء 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، على هدم منزلين لعائلة صالحية الفلسطينية في حي الشيخ جراح، بعد يومين من هدم مشتل العائلة ومحاصرة أفرادها والاصطدام معهم بشكل متكرر.
عدة جرائم مركّبة ارتكبتها القوات الإسرائيلية بهدم المنزلين، علاوة على تشريد 13 شخصاً هم أفراد عائلة صالحية قسراً، واعتقالها تعسفياً 27 شخصاً بينهم رب العائلة و26 من المتضامنين السلميين معه. يثبّت الهدم الحاصل جرائم التمييز العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين والتطهير العرقي بحقهم.
تكمن خطورة عملية الهدم بالمنطقة التي تشهد تطورات متسارعة منذ الاثنين 17 كانون الثاني/ يناير، في أنها مقدمة لإخلاء الحي وهدم منازل الفلسطينيين ومن ثم محاصرة القدس بحزام استيطاني توسعي، وعزلها عن وسطها الفلسطيني وتهجير سكانها الأصليين ليحل المستوطنون الإسرائيليون محلهم، وفق ناشطين فلسطينيين.
وكانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت أمس الثلاثاء من المنطقة بعدما هدد أحد المعتصمين في المنزل بتفجير إسطوانة غاز إذا اقتحمه الإسرائيليون. ثم فوجىء السكان الفلسطينيون وهم نيام باقتحام المنزل بوحشية واعتقال من فيه وطرد النساء والعجائز في طقس شديد البرودة. كما منعت قوات الاحتلال أطقم الإسعاف والصحافيين من الوصول إلى المنطقة.
وبالرغم من أن عائلة صالحية تواجه التهديدات بالطرد منذ عام 2017، بذريعة تخصيص أرض منزله لبناء مدرسة، قضت محكمة إسرائيلية بمصادرة الأرض، مع مهلة للعائلة للخروج من منزلها تنتهي في 25 من الشهر الجاري. ويقول أفراد من العائلة أن إجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب أمس دفعها للعودة من أجل "الانتقام" من خلال هذا الهدم الوحشي في كنف الظلام.
"مدينة الليل فيها مسرح جريمة"... إسرائيل تهدم منزلَي عائلة صالحة الفلسطينية في حي الشيخ جراح فجراً، وتعتقل المعتصمين فيه، وتشرّد نساء العائلة في الصقيع. إدانات فلسطينية وعربية، لكن من يوقف التطهير العرقي بحق فلسطينيي القدس؟
إدانات فلسطينية وعربية
ونددت رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله بما حدث، معتبرةً أنه "جريمة حرب تتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن تداعياتها الخطيرة"، ولافتةً إلى أن ما يشهده "الشيخ جراح" من هدم وتشريد وترويع للمواطنين المقدسيين "يضع إدارة الرئيس (الأمريكي جو) بايدن والتزاماتها أمام المحك، إذا لم تسعَ إلى ترجمة أقوالها أفعالاً".
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية "الجريمة البشعة" التي قالت إنها تأتي ضمن "إجراءات وحشية وعقوبات جماعية فرضتها إسرائيل على المنطقة" في إطار "عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري وضرب مقومات صمود المواطن المقدسي في مدينته لدفعه للابتعاد عنها وهجرها".
ولفتت الوزارة إلى ما يعانيه أهل الشيخ جراح الفلسطينيين على أيدي "سلطات الاحتلال وميليشيات وعناصر المستوطنين" في إطار مخطط أكبر لـ"استكمال أسرلة القدس وتهويدها وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديمغرافي القائم على نحو يخدم رواية الاحتلال" ويعزلها تماماً عن محيطها الفلسطيني.
وحثت الوزارةُ الإدارةَ الأمريكية على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه المواطنين الفلسطينيين المدنيين العُزل بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف استقوائها الاستيطاني في القدس.
بدورها، اعتبرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن الاستمرار في تهجير عائلات حي الشيخ جراح وإحلال المستوطنين محلهم "جريمة حرب وتطهير عرقي خطير في سلسلة الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود"
وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية سعيد أبو علي: "هدم منزلين لعائلة صالحية في حي الشيخ جراح وتشريد 13 من أفرادها في ظل أجواء الصقيع واعتقال 27 مواطناً تحت مسميات ومبررات واهية، هذه كلها تأتي لتحقيق نتيجة واحدة هي تهجير الفلسطينيين من وطنهم".
وناشد أبو علي المجتمع الدولي والجنائية الدولية التحرك الفوري لوضع حد لهذا التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
"هدم منزل صالحية، ‘إسرائيل‘ تُعيد مشهد ولادتها، تسلل فجراً كاللصوص، اعتقال الجميع من أسرّتهم، تطويق المنزل، إبعاد وكسر عظام المتضامنين. ثم كاميرا إسرائيلية تصوّر جندية تضع وشاحاً على كتف فلسطينية عجوز بعد هدم منزلها. يا لعدالة الاستعمار الرحيم!"
"تُعيد مشهد ولادتها"
وعبر وسوم #SaveSheikhJarrah و#عائله_صالحيه_تستغيث و#انقذوا_حي_الشيخ_جراح، استنكر ناشطون فلسطينيون هدم منزلي الصالحية، مطالبين برفع الصوت ونُصرة بقية السكان الفلسطينيين المهددين بالتهجير القسري في الشيخ جراح وسلوان وغيرهما من أحياء القدس المحتلة.
وغردت الناشطة والإعلامية الفلسطينية منى حوا: "في هدم منزل الصالحية، ‘إسرائيل‘ تُعيد مشهد ولادتها، تسلل فجراً كاللصوص، اعتقال الجميع من أسرّتهم، تطويق المنزل بالسواتر، منع الصحافة، إبعاد وكسر عظام المتضامنين. ثم كاميرا إعلام عبري تصوّر جندية احتلال تضع وشاحاً على كتف فلسطينية عجوز بعد هدم منزلها. يا لعدالة الاستعمار الرحيم!".
وعقّب الناشط والباحث الفلسطيني رازي نابلسي: "خفافيش الليل، بالعتمة، هدموا منزل محمود الصالحية بالشيخ جرّاح. وهذا اللي ضَل منُّه، باب برّاد، ملان ذكريات، وصور. باب برّاد سالم، عليه صورة طفل بشعر منكوش يضحك، وكومة حجار، كانت قبل ما ييجي الوحش، بيت ومأوى، سُترة، وسقف يحمي من تقلّبات الدنيا وغدرها. طوّقوه بالليل، اعتقلوا الجميع، ونزّلوا جرّافات الهدم فوقه والكُل نايم، ع مدينة الليل فيها مسرح جريمة. ومحلُّه، رح يرفعوا كمان وحش، يحطُّوا فوقه حارس، وسياج عالي. هدموا البيت، ليكبرولنا السجن".
وشددت الناشطة أماني خليفة: "الشرطة الصهيونية تأكدت أنها توثق وتنشر لحظة اقتحام بيت عائلة الصالحية بالتفاصيل، بدهن إيانا نتذكر هي اللحظة، بدهن يعلمونا درس ‘تبعيات الرفض‘. شخصياً، رح أتذكر صوت محمود من سطح بيته، صامد ورافض يتنازل عن حقه. فصول لم تكتمل من حكاية البلد".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين