شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
أزمة

أزمة "سعاد" أمام القضاء تمنع عرضه في السينمات المصرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 23 ديسمبر 202110:22 م

خلال أكثر من عام ونصف، استطاع فيلم "سعاد"، ثاني الأفلام الروائية الطويلة للمخرجة أيتن أمين، أن يحقق سلسلة نجاحات عالمية على المستويين النقدي والجماهيري، بدأت بانتقائه ضمن الاختيارات الرسمية للدورة رقم 73 لمهرجان كان السينمائي الدولي، التي لم تعقد لظروف جائحة كورونا، وانتهاء باختياره لتمثيل مصر في المنافسة على جوائز الأوسكار، إلا أن حلم التمثيل في الأوسكار بات مهدداً بعد نزاع على الملكية الفكرية بين أحد منتجي الفيلم وكاتب السيناريو، وصل إلى ساحات القضاء، ما أثر على عرض الفيلم في دور العرض المصرية.


تشترط أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة المانحة لجوائز الأوسكار، أن تكون الأفلام المتقدمة للمنافسة على جوائزها، قد عرضت في دولة الإنتاج قبل 31 كانون الأول/ ديسمبر، السابق على موعد المسابقة. ولهذا كان من المفترض أن يعرض "سعاد" في الأسبوع الماضي، بداية من 15 كانون الأول/ ديسمبر، طبقاً لتصريحات سابقة للمنتج المشارك في الفيلم محمد حفظي.

ولكن فوجئ محبي السينما ممن ينتظرون الفيلم برفع إعلاناته من سينما زاوية، من دون الإعلان عن موعد جديد للعرض. وبالتزامن؛ تفجرت على شبكات التواصل الاجتماعي تفاصيل أزمة بين صناع الفيلم، بدا أنها تقف وراء التغيير المفاجئ. ومع تصاعدها، حُرم الفيلم من المشاركة في جوائز الأوسكار، بعد الإعلان عن القائمة القصيرة للأفلام المتنافسة، من دون اسم "سعاد".

مفاجأة السيناريو

مع تزايد التساؤلات حول سحب الفيلم بشكل مفاجئ من دور العرض؛ أكد محمود عزت كاتب سيناريو الفيلم - بالشراكة مع صاحبة الفكرة المخرجة أيتن أمين- عبر صفحته على فيسبوك، أن الفيلم لن يعرض خلال الشهر الجاري بسبب أزمة كبيرة مع أحد المنتجين المشاركين. مبيناً أن الأزمة باتت منظورة أمام القضاء، وأن فريق العمل لن يتمكن من الحصول على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية يسمح بالعرض العام، إلا بعد الفصل في القضية.

كشف عزت أنه بعد مراجعة كافة الأوراق مع باقي المنتجين وفريق العمل؛ فوجئ بوجود عقدين موقعين باسمه لصالح شركة "فيج ليف" المملوكة لمارك لطفي، "لا أعرف عنهما شيئاً، ولم أحصل على المبالغ المالية المذكورة فيهما"

وأوضح عزت أن مارك لطفي المنتج المشارك في الفيلم قام بتسجيل السيناريو في الرقابة باسمه – على غير الحقيقة- كمؤلف للفيلم، ونشر محمود صورة من الرد الرسمي للرقابة الذي يؤكد قيام مارك بنسب الفيلم إلى نفسه كمؤلف، عندما تقدم بطلب إيداع السيناريو برقم 276 بتاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 تحت اسم شركة إنتاج "فيج ليف" التابعة له، حيث يتضمن الرد جملة واضحة منسوبة للرقابة تقول "كاتب السيناريو هو مقدم الطلب".


يسعى عزت حالياً لإثبات حقه ككاتب للسيناريو من خلال القضاء، بينما أعلن أفراد من فريق العمل على رأسهم المخرجة أيتن أمين دعمهم له. وكتبت أمين في منشور على صفحتها في فيسبوك أن "سعاد" هو "مشروع عمرها" الذى عملت عليه لأكثر من 5 سنوات، وأنها تعده أهم ما قدمت حتى الأن، مؤكدة أن الفيلم "موجه في الأساس للمصريين وللبنات اللاتى يحكي عنهم، لذلك من المحزن جدا أنها غير قادرة على عرضه لهم حتى الأن، لأنها لا تملك حق عرضه داخل مصر".

وأضافت "أعلن كامل دعمي لمحمود عزت، وأتمنى أن يسجل الفيلم باسمينا في الرقابة على المصنفات، لأننا حتى الآن أمام الرقابة ‘ناس بركة’ على الفيلم: لا نمتلك السيناريو، وغير قادرين على تحديد مصير عرضه. على عكس ما هو الحال أمام جهاز مصنفات الملكية الفكرية في مصر، واتحاد الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية".

ووجهت أمين الشكر لمحمود عزت الذي ساندها "للحفاظ على الفيلم وحمايته من التهديدات، وعدم قبول محاولات الابتزاز من طرف لا يسعى إلا للحفاظ على مظهره في الصناعة، والحصول على مكاسب مادية من تضحياتهم وتعبهم"، كما وجهت الشكر للمنتج الرئيسي للفيلم سامح عواض "الذي دافع عن الفيلم في مواجهة التهديدات بوقف عروضه داخل مصر وخارجها، سواء في المهرجانات أو العروض التجارية، وكان سبباً في عرضه في العديد من دول العالم".

وأعلنت أمين رفضها التام لمحاولات الصلح "مع طرف يلجأ للتهديد والابتزاز بالأوراق"- في إشارة إلى مارك لطفي-، واعتبرت أن هناك "لجوء للابتزاز وليَّ الذراع". 

الصدمة الأولى

يقول محمود عزت لرصيف22 إن الصدمة الأولى كانت عندما توجه مع أيتن لتسجيل الفيلم في الرقابة على المصنفات الفنية، واكتشف وجود ملف مسجل بالفعل يحمل اسم مارك لطفي ككاتب للسيناريو، في حين أن السيناريو مسجل باسم عزت لدى مكتب براءات الملكية الفكرية، كما أن أيتن أمين كانت قد سجلت الفكرة منذ سنوات في اتحاد الكتاب بالولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح عزت أن مارك لطفي "هو أحد المنتجين المشاركين في الفيلم، لكنه ليس المنتج الرئيسي"، وأن المنتج الرئيسي هو سامح عواض الذي تابع كل مراحل الفيلم، و"تدخل لإنقاذ الفيلم في مرحلة صعبة".

وكشف عزت أنه بعد مراجعة كافة الأوراق مع باقي المنتجين وفريق العمل؛ فوجئ بوجود عقدين موقعين باسمه لصالح شركة "فيج ليف" المملوكة لمارك لطفي، "لا أعرف عنهما شيئاً، ولم أحصل على المبالغ المالية المذكورة فيهما".   

وأضاف السيناريست الذي يعرض له حالياً "أبو صدام"، أن هذا تزامن مع وصول إيميل للمنتج  محمد حفظي (المنتج المشارك بالفيلم) من محام ألماني تبين أنه ممثل قانوني لمارك لطفي، يهدد حفظي وباقي المنتجين المشاركين بسحب الفيلم من المشاركة في الدورة 71 لمهرجان برلين السينمائي التي عقدت في أذار/ مارس الماضي، ولهذا السبب عرض الفيلم في هذه الدورة الافتراضية للمهرجان بدون مقدمة أو نهاية، "وفضلت عدم ذكر اسمي في قائمة فريق العمل في صفحة الفيلم على موقع المهرجان، لحماية الفيلم والحفاظ على حقه في العرض، بعد أن أكدت إدارة المهرجان أن هذا النزاع من الممكن أن يضر بعرض الفيلم في برنامج المهرجان".

المنتج مارك لطفي: سبب الأزمة أن فريق العمل يحاول إقصائي وهضم حقي كمنتج رئيسي 

وأخيراً، أكد السيناريست أنه تقدم ببلاغ للنائب العام (رقم 717 لسنة 2021 حصر جرائم اقتصادية) متهماً لطفي بتزوير عقود  من دون علمه أوتوقيعه، والاعتداء علي حقوقه الأدبية والمالية في سيناريو الفيلم. كما تقدم بأوراق قضية أخرى بسرقة مارك لطفي لحقوق السيناريو، وهي القضية التى يدعي الأخير أن عزت خسرها، رغم أن "ما حدث أنه تم الحكم فيها بعدم اختصاص المحكمة، لأن الجهة المختصة للفصل فيها هى المحكمة الاقتصادية"، مشيرا إلى أن مارك لطفي توجه إلى الرقابة في 24 أذار/ مارس2021، وتقدم بمذكرة تؤكد أن السيناريو ملك لمحمود عزت وأيتن أمين، وتم قيد طلبه برقم وارد 132 لمكتب رئيس الرقابة، لكن عزت غير قادر على استخراج ورقة رسمية تثبت هذا حتى الآن، من دون مبرر رسمي واضح.

وعلم رصيف22 من مصدر في هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، أن الهيئة لن تصدر أية أوراق رسمية تخص الفيلم، ما دام هناك نزاع بشأنه منظور أمام القضاء. 

مارك يرد

من جانبه يؤكد مارك لطفي لرصيف22 أنه منتج رئيسي لفيلم "سعاد"، وليس منتجاً مشاركاً، وأن "الأزمة بدأت بسبب محاولات فريق الفيلم إقصائي، وكانت هناك محاولات للصلح توسط فيها المنتج محمد حفظي، لكنهم نقضوا العقد بعد ذلك وغيروا وصفي من منتج إلى منتج مشارك ضمن قائمة المنتجين بشكل غير قانوني، وحاولوا تبرير موقفهم بكيل الاتهامات الزائفة".

ونفى لطفي ان يكون متسبباً في منع الفيلم من العرض، وتفسيره لسحب الفيلم  هو "أنهم اكتشفوا بعد أن وقع هذا الخلاف، أن الفيلم مسجل في الجهات الرسمية مثل نقابة المهن السينمائية والرقابة على أني (لطفي) منتج الفيلم، وبالتالي تسقط إدعاءات أي طرف آخر بشيء خلاف هذا". وهو ما وضع فريق الفيلم والمنتجين في الأزمة الحالية ولم يتمكنوا من عرض الفيلم، مشيراً إلى أنه يرى أن السبب في "محاولات إقصائه"، هو "الخلط بين الأمور الشخصية والمهنية ومحاولات أحد المنتجين الانفراد بالفيلم لنفسه، وهو أمر شائع في سوق السينما".


وتساءل لطفي عن "السبب في ظهور الاتهامات الزائفة الموجهة ضده الآن بعد العمل على الفيلم لأكثر من 5 سنوات". مؤكداً أنه كان المنتج الوحيد للفيلم في البداية منذ عام 2015 وقبل انضمام باقي المنتجين. نافياً اتهام عزت له بتسجيل اسمه ككاتب لسيناريو الفيلم في الرقابة على المصنفات الفنية، مؤكداً أن كل الأوراق الرسمية تحمل أسماء المؤلفين الأصليين (عزت وأيتن أمين)، ومنها تصريح التصوير الذي نشره لطفي على فيس بوك ويحمل اسم أيتن. مضيفاً أن "هناك خلط لدي من يتهموني بين حقوق الملكية والحقوق الفكرية، وهى منسوبة لأصحابها وهم المؤلفين. لكن استخراج الأوراق الرسمية من حق المنتج فقط وشركة فيج ليف هي المنتج في الملف المسجل في الرقابة".

كما نفى لطفي اتهامه بأنه هدد عبر ممثله القانوني بوقف عرض الفيلم في مهرجان برلين، وقال إن "الهدف من الإيميل الذى قام بإرساله (ممثله القانوني) لإدارة المهرجان؛ هو الإشارة للظلم الواقع عليه بتغير صفته في فريق الإنتاج".

وقال إن عرض الفيلم يتطلب توقيع تنازل من المنتج إلى الموزع، وبما أن فريق الفيلم "قام بتغير وصفي بشكل غير قانوني، يحاولون الآن إجباري على تغير صفتي في لوحة العمل من منتج إلى منتج مشارك، وهو ما لا أقبله، وأوقعهم الآن في هذه الأزمة القانونية وحال دون عرض الفيلم".

شارك "سعاد" في عدد من المهرجانات الدولية منها برنامج البانوراما بمهرجان برلين السينمائي الدولي، وحازت بطلتا الفيلم بسنت أحمد وبسملة الغايش على جائزة أفضل ممثلة مناصفة من مهرجاني ترايبيكا وفالنسيا لسينما البحر المتوسط، وحاز عنه خالد معيط على جائزة أفضل مونتاج في مهرجان فيسباكو، وشارك في مهرجانات تشيتشيستر، مونبلييه، براغ، ولشبونة للسينما المستقلة، وترشح لجائزة أفضل فيلم دولي مستقل ضمن جوائز السينما البريطانية المستقلة (BIFA)، وهذا بعد عرضه تجارياً في بريطانيا وأيرلندا بالتعاون مع معهد السينما البريطاني (BFI).

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard