شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
السعودية

السعودية "عاصمة المخدرات" في الشرق الأوسط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 22 ديسمبر 202111:03 ص

في إحصائيةٍ منشورة في عام 2019، أفاد نحو 7 إلى 8% من السعوديين، بأنهم يتعاطون المخدّرات، وخصوصاً الكبتاغون والكحول والحشيش، والهيروين، لتصبح أكثر الدول العربية طلباً للمواد المخدّرة. 

وتكشّفت ثلاث عمليات ضبط مخدّرات متتالية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن الطلب على الموادّ المخدّرة، خصوصاً الكبتاغون، تضاعف في المملكة، وزاد من نسبة الإنتاج في كلٍّ من لبنان وسوريا، وفقاً لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

في بادرة تعاون نادرة، صادرت الحكومة السورية أكثر من 500 كيلوغرام من الأمفيتامينات المسبّبة للإدمان، والمعروفة باسم الكبتاغون، والتي كانت مخبّأةً في شحنة معكرونة متّجهة إلى الرياض. 

وبعد أيام قليلة، صادرت السلطات السعودية أكثر من 30 مليون قرص أمفيتامين مخبّأة في شحنةٍ مستوردة. وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر الحالي، أحبطت قوى الأمن الداخلي اللبناني محاولة تهريب أربعة ملايين حبة كبتاغون إلى الرياض، عبر الأردن، مخبّأة في أكياس القهوة.

 مشكلة الإدمان في السعودية، ترجع إلى التضييق الداخلي، والملل، وغياب وسائل الترفيه، لكن آخرين يقولون إن الانفتاح على الثقافة الغربية زاد من حدة استهلاك هذه المواد

يشير الباحثون إلى أن مشكلة الإدمان في السعودية، ترجع إلى التضييق الداخلي، والملل، وغياب وسائل الترفيه، لكن آخرين يقولون إن الانفتاح على الثقافة الغربية زاد من حدة استهلاك هذه المواد، واشتكى آخرون من عدم وجود تفسيرٍ واضح لتحريمها في الإسلام.

تشير الأبحاث إلى أن حبوب الكبتاغون، صغيرة الحجم، وسهلة الصنع، يتم إنتاجها بكميات كبيرة في سوريا ولبنان، بدعمٍ من طلب السوق السعودي المُرتفع. أصبحت المملكة العربية السعودية سوقاً مربحاً لتُجار المخدرات، وظهرت كعاصمة لاستهلاك المخدرات في المنطقة، على حد وصف فورين بوليسي الأمريكية.

حبوب الكبتاغون، صغيرة الحجم، وسهلة الصنع، يتم إنتاجها بكميات كبيرة في سوريا ولبنان، بدعمٍ من طلب السوق السعودي المُرتفع

يعود الإقبال على الكبتاغون في أغنى دولة عربية، إلى أنه مُحسِّن جيّد للمزاج، ويبقيك مستيقظاً ومبتهجاً، ولكنه يسبّب مخاطر صحية دائمة. 

وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بين عامي 2015 و 2019، كان أكثر من نصف إجمالي كميات الكبتاغون الذي تم ضبطها في الشرق الأوسط، في السعودية. 

وعلى الرغم من تضاعف الطلب على الكبتاغون في المملكة، إلا أن ذلك لم يقلّل من الطلب على القنّب (الحشيش)، والقات. يأتي القنّب عبر طرق متعددة: من أفغانستان إلى إيران إلى العراق ثم إلى السعودية، أو من لبنان وسوريا وغالباً عبر الأردن. في الآونة الأخيرة، ازداد جلب القنّب عبر اليمن التي يأتي منها أيضاً القات بالكامل تقريباً، ووفقاً لفورين بوليسي فإن شحنات المخدرات يتم توجيهها الآن إلى الرياض عبر الأردن ومصر، وكذلك أوروبا، لتضليل السلطات السعودية.

تنتمي غالبية متعاطي المخدرات السعوديين إلى الفئة العمرية من 12 إلى 22 عاماً، ويتعاطى 40% من مدمني المخدرات السعوديين الكبتاغون.

يُرحب بعض الباحثين بالتغييرات التي أدخلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويقولون إنه مع فتح المزيد من قاعات السينما، والسماح لكلي الجنسين بالاختلاط، سيقلّ الاعتماد على المخدرات. 

يعتقد بعض الباحثين أن الملل والقيود الاجتماعية هي السبب الرئيسي لتعاطي المخدرات في المملكة العربية السعودية، ويرحّبون بالتغييرات التي أدخلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويقولون إنه مع فتح المزيد من قاعات السينما، والسماح لكلي الجنسين بالاختلاط، سيقلّ الاعتماد على المخدرات. 

في المقابل، يتبنّى آخرون وجهة نظر معاكسة تماماً، ويقولون إن التغييرات الاجتماعية، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، والحفلات الموسيقية، تسبب صداماً ثقافياً أدّى إلى نتيجةٍ غير مقصودة لارتفاع معدل تعاطي المخدرات. ويؤكدون أنه مع "ابتعاد الشباب السعودي عن أسلوب الحياة الإسلامية، والميل نحو الثقافة الغربية"، والتي تقول إحدى المراجعات الأدبية أنها تروّج لتعاطي المخدرات، و"آثارها الرائعة"، فإن تعاطي المخدرات سيزداد.

تنتمي غالبية متعاطي المخدرات السعوديين إلى الفئة العمرية من 12 إلى 22 عاماً، ويتعاطى 40% من مدمني المخدرات السعوديين الكبتاغون.

لكن البيانات تشير إلى تفشي تعاطي المخدرات قبل إدخال الإصلاحات الاجتماعية. ويُعاقَب على تهريب المخدرات بالإعدام في المملكة العربية السعودية، لكن في معظم الحالات، تكتفي السلطات بالتحذير. وهناك أيضاً مشكلة القبول الثقافي للقات، والقنّب، لدرجة أن العديد من الشباب السعودي يعتقدون أن المخدرات مقبولة في الإسلام.

ويُعدّ إعلام الناس بالآثار الضارّة التي تسببها المخدرات، تحدياً صعباً للسلطات السعودية، والأكثر صعوبةً هو محاربة القبائل ذات العلاقات الجيدة التي تحصل على أكياس مليئة بالمال، لتسهيل مرور المخدرات، وتوزيعها.

أصبح المهرّبون أذكى أيضاً. على سبيل المثال، منذ أن حظر السعوديون الواردات الزراعية من لبنان، ابتكر منتجو الكبتاغون أماكن اختباء بارعة، منها إخفاء الحبوب داخل الأثاث، وحتى مضخّات المياه، حسب فورين بوليسي.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد وجماعته، لذلك اتّجهوا نحو تجارة المخدرات. وتُتّهم الحكومة السورية بالتورّط بنشاطٍ في تهريب المخدرات، أو على الأقلّ من الاستفادة منه، وغضّ الطرف عنه. 

في العام الماضي فحسب، بلغت قيمة الحبوب المضبوطة التي اُنتجت في سوريا، 3.46 مليار دولار. في المقابل، في عام 2019، كانت صادرات سوريا ولبنان من هذه المواد، أقلّ من خمسة مليارات دولار.

أصبحت سوريا، والمناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله المدعوم من إيران، في لبنان، مراكز إنتاج رئيسية للمخدرات. في العام الماضي فحسب، بلغت قيمة الحبوب المضبوطة التي اُنتجت في سوريا، 3.46 مليار دولار. في المقابل، في عام 2019، كانت صادرات سوريا ولبنان من هذه المواد، أقلّ من خمسة مليارات دولار.

تخشى الحكومة السعودية من أنّ المخدرات تساعد المليشيات والجماعات ضدها، وتموّل من تعدّهم شبكات إرهابية. لكن الأهم من ذلك كله، أن السعوديين قلقون بشأن تأثير هذه العقاقير التي تسبب الإدمان على أجيالهم الشابة، وفقاً لفورين بوليسي.

تمارس الرياض ضغوطاً دبلوماسية لمحاربة استيراد المخدرات؛ على سبيل المثال، حظرت المنتجات الزراعية من لبنان، ووجّهت تهديدات باستمرار عزلة النظام السوري، إذا لم يقم باحتواء تدفق الحشيش والكبتاغون إلى خارج سوريا. 

وجّهت الرياض تهديدات باستمرار عزلة النظام السوري، إذا لم يقم باحتواء تدفق الحشيش والكبتاغون إلى خارج سوريا. 

في الآونة الأخيرة ازداد التعاون الأمني السعودي مع النظام السوري، ففي الرابع من أيار/ مايو الماضي، كشف مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية في الشرق الأوسط، مارتن شولوف، أن رئيس المخابرات السعودية سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري، في أوّل اجتماعٍ معروف من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية، قبل نحو عقدٍ من الزمن.

وفي الشهر الماضي ظهر مدير إدارة المخابرات العامة السورية، حسام لوقا، مع رئيس المخابرات السعودية، خالد الحميدان، في مصر، حيث انتشرت صور تجمع المسؤولين في اجتماع رسمي.

لكن يظل النضال الأكبر داخليّ؛ كيف يمكن للرياض أن تخفّض الطلب بين مواطنيها على المخدرات، وذلك قبل أن تعاقب الدول التي تأتي منها هذه العقاقير المدمّرة للصحة؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image