شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
بدعوى مكافحة

بدعوى مكافحة "كورونا"... الأردن توظف "أوامر الدفاع" لتقييد الحريات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 12 ديسمبر 202105:31 م

في السادس عشر من شهر مارس/آذار، العام الماضي، أكد وزير الإعلام السابق، أمجد العضايلة، في مؤتمر صحفي، أن الحكومة قد تضطر قريباً إلى تفعيل قانون الدفاع، وأنها "تستند إلى قانون الصحة العامة في الإجراءات، ومجلس الدفاع المدني، وقانون الأمن العام".

بعدها بيوم واحد، صدرت إرادة ملكية  بالموافقة على قرار مجلس الوزراء بالعمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، في جميع أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية.

ووجه الملك عبد الله  الثاني رسالة إلى رئيس الحكومة السابق عمر الرزاز، طالب فيها أن يكون تطبيق قانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير. وهي الحقوق التي يكفلها الدستور الأردني.
وخلال مؤتمر صحفي، أكد الرزاز أنّ الحقوق السياسية للمواطنين محفوظة، والحق في التعبير عن الآراء والحق في الملكيات الخاصة الخاصّة لن تمسّ، كما أكد أن "قانون الدفاع لم يستخدم إلا لغايات صحية واقتصادية فقط، وليس لغايات سياسية".
التطمينات الرسمية حول حماية الحقوق والحريات العامة للأردنيين تكررت أكثر من مرة، منذ تفعيل قانون الدفاع، لكن اصطدمت تلك التطمينات بمطالبات لقوى سياسية وحزبية بوقف العمل بقانون الدفاع، فبعد نحو عام ونصف على تفعيل القانون، خرجت مسيرة  للمطالبة بذلك رغم قرار محافظ العاصمة، ياسر العدوان، منعها بسبب الحالة الوبائية.

وجه الملك عبد الله  رسالة إلى رئيس الحكومة السابق، طالب فيها أن يكون تطبيق قانون الدفاع في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية

لماذا قانون الدفاع وليس الصحة العامة؟

"كفا لقانون الدفاع"، بهذه العبارات صرح الناطق الرسمي باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، ثابت عساف، قائلا إن "قانون الدفاع أدى أغراضه المرتبطة بالوباء، وإن "جزءاً كبيراً من أوامر الدفاع فيها تضييق على المواطنين والحريات، رغم ان قانون الصحة العامة يمكن الاعتماد عليه للقيام بالأدوار المطلوبة".
وحسب تصريحات الحكومة السابقة، فإنها استندت في إجراءاتها لقانون الصحة العامة، إلا أنها فعّلت قانون الدفاع لمكافحة جائحة كورونا، إلا أن النائب صالح العرموطي يعتقد أن  الحكومة "لم تستند في إجراءاتها لقانون الصحة العامة بل لقانون الدفاع الاستثنائي، الذي عطل عمل السلطات كافة، وانحصرت بيد شخص واحد وهو رئيس الحكومة، وهو أمر لا يجوز لمدة تزيد عن عام وسبعة أشهر".

ويرى العرموطي في حديثه لرصيف22 أنه بإمكان الحكومة تفعيل قانون الصحة العامة إضافة للقوانين الموجودة، فهو يعالج الحالة الوبائية التي نعيشها خاصة المادة (22 و23) من القانون، أما فيما يتعلق بالجوانب الأخرى فمصيرها القوانين الموجودة.

وتنص المادة (22) من قانون الصحة العامة :

أ . 1. إذا تفشى مرض وبائي في المملكة أو أي منطقة فيها فعلى الوزير أن يتخذ جميع الإجراءات وبصورة عاجلة، لمكافحته ومنع انتشاره والإعلان عن هذا الوباء بوسائل الإعلام المختلفة ويتم نشر الاعلان في الجريدة الرسمية.

2. يكون الوزير مخولاً باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للقضاء على الوباء، وله في سبيل ذلك عزل المصابين أو المعرضين للاصابة أو المشكوك في إصابتهم ومنع انتقالهم وإعطاء الأمصال والمطاعيم والمعالجة والتفتيش وإتلاف المواد الملوثة ودفن الموتى ومعاينة وسائل النقل ووضع اليد على العقارات ووسائل النقل للمدة التي تقتضيها الضرورة مقابل تعويض عادل.

ب. كل من أخفى عن قصد مصاباً أو عرض شخصاً للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ أي إجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى يعتبر أنه ارتكب جرماً يعاقب عليه بمقتضى أحكام هذا القانون.

كما أن المادة (23) من قانون الصحة تنص على أنه: يصدر الوزير التعليمات اللازمة لفرض إجراءات الرقابة الوبائية بما في ذلك أخذ عينات مخبرية وتنفيذ إجراءات الحجر الصحي، إذا اقتضت الضرورة، لمنع تسرب الأمراض إلى المملكة ومنع انتقالها إلى الدول الأخرى عن طريق البر أو البحر أو الجو، وتنفيذ الاتفاقيات والالتزامات الدولية ذات العلاقة بهذا الشأن والتي ارتبطت بها المملكة والتزمت بتنفيذها.

ناطق باسم "جبهة العمل الإسلامي": "جزءٌ كبيرٌ من أوامر الدفاع فيها تضييق على المواطنين والحريات، رغم أن قانون الصحة العامة يمكن الاعتماد عليه للقيام بالأدوار المطلوبة"

رئيس ديوان التشريع والرأي السابق، نوفان العجارمة، يخالف النائب العرموطي، إذ يقول إن هناك جوانب لا يمكن تغطيتها في قانون الصحة العامة مثال ذلك؛ "الإغلاقات بشكل إجمالي، قضايا سوق العمل، الأجور، قضايا التعليم، القيود وغيرها".

ويضيف العجارمة لـرصيف22: "تحتاج الأردن لقانون الدفاع وأوامره، فقانون الصحة العامة لا يكفي بحكم أنه يغطي بعض الجوانب الطبية فقط".

ويعتقد أنه لم يستخدم قانون أو أوامر الدفاع، لغاية اللحظة، كقيد على الحريات العامة أو التجمع السلمي، مشيراً إلى أنه ليس من شأن قانون الدفاع أن تشكل قيدًا على الحياة السياسية في الأردن.
لكن العرموطي يؤكد أن هناك ازدواجية في التعامل بقانون الدفاع، إذ تُمنع النقابات العمالية من إجراء انتخاباتها، لكن يسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية، ويسمح للمهرجانات والحفلات الغنائية تقام، لكن تمنع الفعاليات الحزبية والسياسية أو المظاهرات، وهو ما يخالف قانون الاجتماعات العامة والدستور.

برلماني: هناك ازدواجية في التعامل بقانون الدفاع، إذ تُمنع النقابات العمالية من إجراء انتخاباتها، لكن يسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية، ويسمح للمهرجانات والحفلات الغنائية تقام، لكن تمنع الفعاليات الحزبية والسياسية 

تخوفات حقوقية من منع التجمع

ورغم التزامات الحكومة الحالية بتنفيذ قانون الدفاع في أضيق الحدود، بحسب تصريح رئيس الحكومة بشر الخصاونة في مقابلة مع التلفزيون الأردني، لكن تظهر تخوفات حقوقية من استمرار ما وصفوه بسياسة "المنع والتضييق على حرية المواطنين وحقهم في التجمع السلمي".

وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان، أصدر بيانًا يدعو فيه إلى احترام حقوق الأفراد في الاجتماع بالطرق السلمية والمشروعة التي لا تخالف القانون ولا تمس حقوق الأفراد وحرياتهم، مؤكدًا إن الحق في الاجتماع يعتبر "تجسيداً لمقتضيات الدستور الأردني والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها الأردن وأصبحت جزءاً من المنظومة التشريعية الوطنية".

بدورها، تنوه ميسر أعمال مفوضية الحماية في المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني، إلى أن جائحة كورونا فرضت حالة استثنائية، سمحت بفرض بعض القيود والمحددات المؤقتة على بعض الحقوق بهدف الحفاظ على السلامة العامة، لافتة إلى أن رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين "واضحة بأن المحددات مقبولة ولكن من دون المساس بالحقوق الأصيلة للمواطنين والتي من بينها حق التجمعات السلمية".

قانونية التجمع السلمي

وتشير المومني إلى أن قانون الدفاع؛ لحماية الحقوق طالما لم يمس حقوق المواطنين الأصيلة، وأنه وجد لحماية حقوق المواطنين، إلا أن الحقوق في بعض الأحيان تتداخل بحيث يصبح لبعض الحقوق أولوية على غيرها. وتشدد على ضرورة إعادة دراسة أوامر قانون الدفاع وفقا لتغييرات الوضع الوبائي، مع ضرورة أن تكون الدراسات علمية قائمة معايير رصينة وواضحة.

قانونياً، كفل الدستور الأردني حق التجمع، إذ نصت المادة 16 من الدستور الأردني على أنه: للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون، كما كفل قانون الاجتماعات العامة رقم7 لسنة 2004 وتعديلاته، الحق في التجمع السلمي والذي لا تتطلب ممارسته والتعبير عنه أو مباشرته إذنا أو رخصة مسبقة، بل يكتفى بإشعار السلطات المعنية بموعد ومكان إقامة أي نشاط فقط.

واستقبل المركز الوطني لحقوق الإنسان، شكوتين في العام 2020 حول منع الحق في التجمع السلمي، وشكوى واحدة في العام 2021.

ورصد رصيف22 الفعاليات التي منعت منذ بداية العام يناير/كانون ثاني ولغاية منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني:

- منع فعالية لحملة "غاز العدو احتلال" أمام مجلس النواب  5 يناير/كانون الثاني
- فض تجمعات للمعلمين احتجاجا على حل نقابتهم في الكرك وعمان  10/يناير كانون الثاني
- فض مسيرة للحراك الشعبي أمام مسجد إربد الكبير 22 فبراير/ شباط
- فض "تجمع احتجاجي في السلط بعد حادثة نقص الغاز الأوكسجين في المستشفى 16 مارس/آذار
- فض فعالية للحراك الشعبي الأردني لإحياء ذكرى أحداث 24 مارس/آذار
- فض اعتصام لعمال "مغنيسيا الأردن" أمام وزارة العمل 30 مايو/ أيار
- منع فعالية "داعمة لحقوق الشواذ جنسيا" عبر محافظ العاصمة 13 يوليو/ حزيران
- منع وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية 22 يوليو/حزيران
- منع إقامة مهرجان "نصرة الأقصى" في الكرك 8 أغسطس/آب
- منع حفل توقيع كتاب الكيانات الوظيفية لهشام البستاني 20 أغسطس/آب
- منع اعتصام لجماهير النادي الفيصلي  28 أغسطس/ آب
-  منع إقامة مؤتمر اتحاد النقابات المستقلة العادي الثاني 23 أكتوبر/تشرين أول
- منع احتفال بذكرى المولد النبوي لحزب جبهة العمل الإسلامي 21 أكتوبر/تشرين أول
- منع اعتصام لنقابة أصحاب المطاعم والحلويات.. ومحافظ العاصمة يوضح  26 سبتمبر/أيلول
- منع مؤتمر صحفي لمجلس نقابة المعلمين.. محافظ العاصمة يوضح 8 نوفمبر/تشرين ثاني
- منع مسيرة تطالب بوقف العمل بقانون الدفاع.. ومحافظ العاصمة يوضح 11 نوفمبر/تشرين ثاني

حق التجمع بين فكي كماشة

ينتقد الأمين العام لحزب، جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، قرارات المنع والتي وصفها بـ"المزاجية"، ضاربًا أمثلة على فعاليات عدة للحزب منعت دون فهم المسوغ لها؛ مثال الاحتفال بالمولد النبوي في المدرج الروماني ومهرجان نصرة للمسجد الأقصى في محافظة الكرك.

أمين "جبهة العمل الإسلامي": ليست هناك معايير واضحة للتعامل مع الفعاليات "سوى المزاجية الأمنية"

ويقول العضايلة إنه ليس هناك معايير واضحة للتعامل مع الفعاليات "سوى المزاجية الأمنية"، حيث يسمح قانون الدفاع للحكومة بالتعدي على حق الأردنيين بالتجمع السلمي.

ويطالب الأمين العام بضرورة إلغاء قانون الدفاع وتطبيق قانون السلامة العامة، خاصة وأنه من غير المقبول أن "يستمر انتهاك حق الأردنيين بالتجمع السلمي ونحن ندخل مرحلة جديدة من التحديث وتطوير الحياة السياسية".

بالجهة الاخرى، يتوقع العجارمة أن الأمر مرتبط بالزمان والمكان وذلك هو شأن إداري، وتعود تلك القرارات للرؤية والسياق الذي جاء فيه، الأمر الذي يؤكده محافظ العاصمة عمّان، ياسر العدوان لـرصيف22.
ويقول العدوان إن الفعاليات التي منعت خلال الفترة الماضية، جاءت "لسبب واحد مهم؛ وهو الحالة الوبائية التي تمر بها المملكة، وحفاظاً على منع انتشار العدوى بين المواطنين".
وفي الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين ثاني، العام الماضي، منعت الأجهزة الأمنية، مؤتمرًا صحفياً لحزب أردن أقوى، وفقًا لحديث الأمين العام للحزب، رولا الحروب، مؤكدة أن قرار منع إقامة المؤتمر الصحفي كان بأمر من محافظ العاصمة، رغم تأكيدات الحزب للجهات المعنية التزامه بكافة شروط السلامة العامة، وحصر عدد الحضور بـ 20 شخصاً فقط، ولكن قوات الدرك منعت المرشحين والصحفيين من الوصول لمقر الحزب.

وشددت الحروب خلال حديثها لرصيف22 على أن المملكة ليست بحاجة إلى "قانون طوارئ" ،كما تسميه، للتعامل مع جائحة كورونا، لأن هناك عدة قوانين يمكن تفعيلها، للتعامل مع جائحة كورونا، ومن بين تلك القوانين قانون الصحة العامة.
وأكدت الأمين العام لحزب أردن أقوى، أن حق التجمع كفله الدستور والقانون، والحكومة وأجهزتها "تستخدم قانون الدفاع سياسيًا كـسيف مسلط" على الفعاليات الحزبية والسياسية، في حين غضت الطرف وسمحت وسهلت  بإقامة فعاليات أخرى أكبر بالعدد، وهو ما يشكل انتهاكا صارخا على الحريات العامة.

"منع ليس بجديد"

تؤكد المومني، أن منع التجمع السلمي خلال جائحة كورونا لم يكن جديدًا، بل كان موجودًا خلال السنوات الماضية، وقد رصد المركز، خلال سنوات طويلة قرارات المنع.

حيث يشير تقرير المركز الوطنيّ لحقوق الإنسان أنه تم منع: 8 فعاليات في 2018 - 13 فعالية في 2017 - 11 فعالية في 2016 - 7 فعاليات في 2015
وقد تنوعت الفعاليات التي مُنعت ما بين (وقفات احتجاجية أو مسيرات أو محاضرات أو ندوات أو مهرجانات خطابية.


* أنجزت هذه المادة ضمن مشروع دعم حرية الإعلام الذي ينفذه مركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع (NED).


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image