شكّلت جائحة كورونا، المرض الغامض الذي لا نعرف كيف جاء ولا كيف سينتهي، أزمة جديدة للعالم العربي، إضافة لحكّامه وأنظمته الديكتاتورية بالطبع، وخلال سنة حصد المرض عدداً كبيراً من الضحايا، ومن بينهم العديد من المثقفين والكتّاب والفنانين، ولسوء الحظ لم نفقد سياسياً واحداً أو زعيماً أو حتى وزيراً بلا حقيبة.
"مش هتقرأ له تاني"
آخر الضحايا في مصر كان الروائي الشاب أحمد مدحت، صاحب روايتي "التئام" و"بسكاليا"، عن عمر يناهز 27 عاماً، يوم الثلاثاء 8 حزيران/يونيو، نتيجة مضاعفات صحية بعد أيام من إصابته بـكورونا، وعبر هاشتاغ #أحمد_مدحت، الذي شهد تفاعلاً واسعاً على موقعي فيسبوك وتويتر، تفاعل الآلاف بالتدوين عن الروائي الراحل، معبرين عن صدمتهم وحزنهم الشديد.
كتب الكاتب والصحفي سامح فايز، عبر حسابه بفيسبوك: "مش عارف أكتب ايه في وداع أحمد مدحت... رحل كاتب شاب خفيف الحضور محب للناس. ما بيزعلش لما بنقصر معاه ومبنكونش قد العشم".
وفي تدوينة لها، قالت الصحفية رحاب جمال: "بعد إعلانه إصابته بفيروس كورونا يوم 29 أيار/مايو، رحيل الكاتب المؤثر أحمد مدحت. عارف أنت لما بتكون بتنتظر كتابات شخص يومياً، فتصحى في يوم تنتظر وتنتظر على سبيل أنه لما يشفى هيعود من تاني، فتتفاجيء أنه خلاص انتهى أمره بمنتهى السرعة ومش هتقرأ له تاني. أحمد مدحت بالنسبة لي من أفضل الكتاب اللي عبروا عن وجع الروح ونزيف القلب وتيه العقل".
شكّلت جائحة كورونا أزمة جديدة للعالم العربي، إضافة لحكّامه وأنظمته الديكتاتورية بالطبع، وخلال سنة حصد المرض عدداً كبيراً من الضحايا، ومن بينهم العديد من المثقفين والكتّاب والفنانين، ولسوء الحظ لم نفقد سياسياً واحداً أو زعيماً أو حتى وزيراً بلا حقيبة
وفقدت مصر أيضاً أحد أبرز الوجوه الأدبية؛ حيث توفي مؤخراً الأديب والكاتب الصحفي مرعي مدكور، متأثراً بمضاعفات إصابته بكورونا، بعدما أثرى الساحة الأدبية في مصر والوطن العربي بالعديد من المؤلفات، أبرزها: "حصافة الأدب في مصر"، والمجموعة القصصية "عالية المقام".
كما تسبب الوباء في وفاة الكاتب الصحفي المصري حازم منير، بعد أشهر من رحيل شقيقه الكاتب الصحفي محمد منير، الذي توفي في 13 يوليو الماضي، عن عمر ناهز 65 عاماً بعد إصابته بالفيروس، وتدهور حالته الصحية عقب إلقاء القبض عليه على ذمة القضية 535 لسنة 2020، ثم الإفراج عنه.
وفي أعقاب إخلاء سبيله، ظهر الكاتب محمد منير في مقطع فيديو عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك، في السابع من تموز/يوليو، وهو يتنفس بصعوبة، مطالباً بحجزه في مستشفى المنيرة لاستمرار علاجه، لكنه فارق الحياة بعد أقل من أسبوع من نقله إلى مستشفى العجوزة إثر إصابته.
وصُدم المثقفون المصريون لخبر وفاة الشاعر والأديب الدكتور عبدالغني مصطفى، رئيس نادى الأدب السابق بقصر ثقافة كفر الزيات، داخل مستشفى الحميات، متأثرا بإصابته بكوفيد-19؛ حيث نعاه فرع ثقافة الغربية ولفيف من الأدباء والمثقفين في مصر.
وترك عبدالغني وراءه مشروعاً أدبياً ونقدياً مهماً يرصد اتجاهات النقد العربي الحديث والمعاصر، وعدداً من مؤلفات السيرة الذاتية وأدب الرحلة، منها: "قبل الخروج"، و"جسر الجمرات" و"مشرق ومغرب".
وفي آذار/مارس الماضي، رحل الكاتب الصحفي المصري عباس الطرابيلي، رئيس تحرير جريدة الوفد الأسبق، عن عمر يناهز 85 عاماً إثر إصابته بالفيروس، تاركاً وراءه العديد من المؤلفات التاريخية، ومن أبرزها: "أحياء القاهرة المحروسة"، "غرائب الأسماء المصرية والعربية"، "من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق".
وفي ديسمبر الماضي، توفي الكاتب البوليسي المصري ولواء الشرطة السابق أمجد زيد، مؤلف رواية "نزوات شيطانية"، داخل غرفة العناية المركزة متأثراً بإصابته بفيروس كورونا.
سنظل نغني لجفرا
فيما فقد العراق عدداً من مبدعيه جراء الجائحة، ولعل أبرز الراحلين، الكاتب والمترجم "أحمد فاضل"، الذي توفي ببغداد في 12 أيّار 2021، ونعاه الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق.
وتوفي "فاضل" متأثراً بإصابته بالوباء، ومخلّفاً وراءه عدداً من المؤلفات، أهمها: "هوليوود في بغداد.. مقالات مترجمة عن السينما وأهلها"، "هوليود التي لا تنام"، " شكسبير في الحبس الانفرادي-مقالات مترجمة"، " أسماء في دائرة النقد-قراءات نقدية "، "لا محاضرة-قراءات نقدية "، " هموم كافكا-مقالات مترجمة".
كما صُدم المثقفون العراقيون لوفاة الكاتب والناقد العراقي د. حسين سرمك، مدير موقع "الناقد" العراقي، في ديسمبر من العام الماضي، في أحد مستشفيات تركيا بعد إصابته بعجز كلوي إثر مضاعفات كوفيد-19.
يُعتبر سرمك من أبرز المتابعين للمشهد الثقافي في العراق، وله العديد من المؤلفات في الطب النفسي والنقد الأدبي، وأهمها: "التحليل النفسي لملحمة جلجامش"، "قطار الشظايا الندية"، "التحليل النفسي للأمثال الشعبية العراقية"، "التحليل النفسي لأسطورة الإله القتيل... الإسقاطات الأوديبية المحظورة في كتابة وتحليل الأسطورة".
ورحل أيضاً الشاعر والأديب العراقي حسين عمر البرزنجي، الذي تدهور حالته الصحية وفارق الحياة، جراء إصابته بفيروس كورونا.
وأكمل كورونا حصاده يوم الأحد 13 حزيران الجاري، بخطف روح الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف، في لندن، ويعتبر سعدي أحد أبرز الشعراء العرب والذي شكل، إضافة لمحمود درويش، قطباً متفرّداً في الشعر العربي، وقد اجتاحت النعوات وكلمات الرثاء مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد برحيل "الشيوعي الأخير".
رحل شاعر المقاومة الأخير
وجاء رحيل شاعر المقاومة الفلسطينية، الكاتب والشاعر والناقد الأكاديمي الفسطيني عز الدين المناصرة، في العاصمة الأردنية عمان، بمثابة الصدمة والخسارة الأدبية والإنسانية الكبيرة؛ نظراً لكون الأديب الراحل الذي توفي عن عمر ناهز 75 عاماً، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، اقترن اسمه بعمالقة الأدب والشعر الفلسطيني، محمود درويش، سميح القاسم وتوفيق زياد.
ونعاه الكاتب الفلسطيني فخري صالح، قائلاً: "الصديق عز الدين المناصرة، الشاعر والمثقف الفلسطيني والعربي الكبير، وداعاً. رجيل مفجع جديد وخسارة فادحة للشعر والثقافة العربية".
كورونا يخطف "الشيوعي الأخير"، الشاعر العراقي سعدي يوسف. لا عزاء للشعر ولا سكينة للشعراء...
كما خسرت فلسطين أيضاً الكاتب والأكاديمي الفلسطيني الشهير عبد الستار قاسم، الذي توفي في مدينة نابلس عن عمر ناهز 72 عاماً، عقب إصابته بكورونا.
ويعتبر قاسم أحد أبرز المناهضين للاحتلال وتعرض للاعتقال عدة مرات لدى السلطات الإسرائيلية، كما تعرض لثماني اعتداءات، بين الضرب وإطلاق الرصاص المباشر عليه وحرق سيارته وعشرات رسائل التهديد.
وأسدل الوباء الستار على مسيرة الكاتب النضالية والأدبية، لكنه ترك وراءه نحو 25 كتاباً وحوالي 130 بحثاً علمياً وآلاف المقالات، وكان أيضاً الأديب الفلسطيني فرج عبد الحسيب، أحد ضحايا جائحة كورونا؛ حيث توفي في رام الله متأثراً بإصابته بالفيروس. وعبد الحسيب هو رئيس التحرير لمجلة "أدب بيت المقدس"، و"مداد بيت المقدس" للفتيان، ومجلة الأطفال "الرحال الصغير".
حصيلة دامية
أما سوريا فقد خسرت عدداً من مبدعيها بسبب الوباء؛ حيث توفي الكاتب السوري ميشيل كيلو في فرنسا، عن عمر ناهز 81 عاماً، متأثراً بإصابته بكورونا. ويعد كيلو أحد أبرز المعارضين للنظام السوري منذ عقود، تعرض للاعتقال عدة مرات، وكان من أبرز قادة "ربيع دمشق" القصير الأمد.
وكذلك رحل وزير الثقافة السوري الأسبق، محمد رياض عصمت، عن عمر ناهز 73 عاماً، في أحد مشافي شيكاغو الأمريكية، جراء إصابته بكوفيد-19، وسبق أن نشر عصمت 33 مؤلفاً بين مسرحيات وروايات ومراجعات، بالإضافة إلى ترجمته كتابين عن السينما الأمريكية الغربية والمسرح. ومن أشهر مسرحياته: "لعبة الحب والثورة"، "الحداد يليق بأنتيغون"، "السندباد"، "ليالي شهريار"، "جمهورية الموز" و"بحثاً عن زنوبيا".
كما فقدت سوريا أيضاً الأديب والإعلامي نصر الدين البحرة، الذي توفي بدار المُسنّين في العاصمة دمشق، عن عمرٍ يناهز 87 عاماً، وترك الراحل مؤلفات تنوعت ما بين القصة، الشعر، التاريخ، السياسة والدراسات الأدبية.
بينما حزن المثقفون في لبنان لرحيل الكاتب الصحفي والأكاديمي اللبناني رمزي نجّار، إثر إصابته بفيروس كورونا، فيما تفاجئ الوسط الثقافي في السعودية، العام الماضي، بوفاة الكاتب السعودي "صالح الشيحي" متأثراً بإصابته بكورونا، عقب شهرين من الإفراج عنه بعد اعتقال دام منذ عام 2017.
و"الشيحي" هو كاتب صحفي سعودي ينتهج الخط الإصلاحي في كتاباته، كان يكتب زاوية يومية في جريدة الوطن السعودية، وقد أُوقف عن الكتابة لمدة شهر مرتين بسبب انتقاده لوزراء سعوديين، كما اتهم الديوان الملكي بالفساد في مسألة منح الأراضي، ما أدى إلى اعتقاله.
كما توفي في العام نفسه الكاتب والمؤرخ السعودي قينان بن جمعان الزهراني، عن عمر ناهز 95 عاماً، جراء كورونا. وكان الزهراني مهتماً بالتأليف في التاريخ والأنساب في السعودية، كتب عنها مؤلفات عدة، من بينها: "دراسة شاملة عن قبيلة زهران"، "بيت من زهران، عمرو بن حممه الدوسي"، "قبيلة من زهران، بني كنانة"، الإصدار الخامس والمحدّث من موسوعة "من أعلام زهران".
نُقل الثنائي الفني سمير غانم وزوجته دلال عبد العزيز إلى المستشفى مطلع أيار لإصابتهما بالفيروس، قبل أن يرحل سمير وتبقى دلال في العناية الفائقة
أما السودان فقد ودّع في أيار/مايو الماضي، الكاتب الصحافي الطيب مصطفى، الذي وافته المنية في الخرطوم، متأثراً بفيروس كورونا.
وصُدمت الأوساط الأدبية والصحفية المغربية لرحيل الشاعر والكاتب الصحفي، حكيم عنكر، جراء تداعيات إصابته، عقب مشوار إبداعي ومهني امتد لما يربو على العقدين، تاركاً بصمته في العديد من المنابر الإعلامية المغربية والعربية، كما خاض تجربة النضال الطلابي والعمل السياسي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
ومن أبرز أعمال عنكر ديوان "رمل الغريب"، والكتاب الشعري التشكيلي "مدارج الدائرة".
الوسط الفني
أما الوسط الفني، ولا سيما المصري؛ فقد خسر عدداً من نجومه الكبار، الذين رحلوا متأثرين بإصابتهم بـكوفيد-19، ومسببين صدمة للجمهور والفنانين على حدٍ سواء، ولعل أبرزهم الفنانة رجاء الجداوي، التي توفيت عن عمر ناهز 82 عاماً، بعد صراع دام 43 يوماً مع كورونا، وأعقب ذلك وفاة الفنان المصري الكبير يوسف شعبان، عن عمر ناهز التسعين، في إحدى المستشفيات.
كما غيب الموت الفنان المصري، فايق عزب، عن عمر يناهز الـ 77 عاماً، بعد معاناة دامت لأكثر من شهر، إثر إصابته بفيروس "مارسا"، الذي سبب له التهاباً رئوياً بجانب معاناته مع كورونا.
وفي آذار/مارس من العام الجاري، غيّب الموت الفنانة المصرية سوسن ربيع، عن عمر 59 عاماً، متأثرة بإصابتها بـالفيروس، كما توفي أيضاً الفنان الكبير هادي الجيار، عن عمر ناهز الـ 71 عاماً، بعد وقتٍ قصير من إجرائه عملية قلب مفتوح، تاركاً سجلاً حافلاً من الأعمال الفنية.
وُصدم محبو النجم سمير غانم، لوفاته بغرفة العناية المركزة، عن عمر ناهز 84 عاماً، وذلك بعد تعرضه لوعكة صحية ومضاعفات أعقبت إصابته بكورونا، بينما لا تزال زوجته النجمة دلال عبدالعزيز، رهينة العناية المركزة ووضعها الصحي غير المستقر؛ حيث كان الثنائي الفني قد نقل إلى المستشفى مطلع أيار لإصابتهما بالفيروس.
وبصورة عائلية من الطفولة، وجهت الفنانة دنيا سمير غانم، قائلة: "دعائكم بيصبرنا ومخلينا نقدر نقف عشان نساعد مامي. هي لسة في العناية المركزة، حالتها ماتسمحش إننا نقول لها خبر زي ده".
وشهد شهر أيار/مايو أيضاً وفاة الفنانة نادية العراقية، بعد معاناة دامت أسبوعين، متأثرة بمضاعفات فيروس كورونا الذي أدى إلى إصابتها بالتهاب رئوي حاد، وكذلك توفي الفنان محمد ريحان، بعد صراع مع فيروس كورونا وأمراض الكلى، وبمجرد انتهائه من تصوير دوره في مسلسل "موسى"، جرى نقله إلى المستشفى، ليرحل عن عالمنا.
وخلال الشهر نفسه رحل الموسيقار المصري جمال سلامة داخل أحد المستشفيات بالقاهرة، نتيجة إصابته بالفيروس، فيما ودّعت الكويت الفنان مشاري البلام، عمر ناهز 48 عاماً، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، كما توفي الممثل والمخرج الكويتي مشعل الخلف، بعدما أُدخل العناية المركزة إثر شعوره بضيق حاد في التنفس.
وفقدت الكويت أيضاً الفنان سليمان معيوف، الذي رحل متأثراً بإصابته بكورونا عن عمر يناهز 51 عاماً، في إحدى مستشفيات القاهرة.
وصدمت السعودية بوفاة الفنان السعودي والمونولوجست الشهير سعد التمامي، يوم الخميس، متأثراً بإصابته بمرض كوفيد-19، بينما كان قد توفي العام الماضي، الفنان اليمني حسن علوان الذي اشتهر بشخصية "الشيخ طفاح" في مسلسل "همي همك"، بعد إصابته بكورونا.
وخسر المغرب الفنان المسرحي المغربي أحمد بادوج، الذي رحل عن عمر يناهز 70 عاماً؛ جراء مضاعفات صحية ناجمة عن إصابته بالفيروس، كما توفي الفنان اللبناني القدير مروان محفوظ عن عمر ناهز الـ80 عاماً، في العاصمة السورية دمشق بعد إصابته بكورونا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع