احتفاء واسع بقرار نجم كرة القدم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، أن تتسلم زوجته ماغي جائزة القدم الذهبية التي فاز بها كأول لاعب عربي وثالث لاعب أفريقي في تاريخ الجائزة.
روّج للأمر على أنه "تكريم" من صلاح لزوجته و"عرفان" بدورها في مسيرته الكروية، لا سيّما أنه كان حاضراً الحفل ولم يصعد المنصة وقدّمها على نفسه في ذلك. اعتبر تصرفه أيضاً "دليل" حب واحترام ووفاء وأصالة… إلخ.
البعض تطرق إلى خسارة ماغي الكثير من الوزن واعتبر أنها سجّلت "ظهوراً مشرفاً" بإطلالتها "الشيك" و"فقدانها الكثير من الوزن". وذهب معلقون أبعد بزعمهم أن حضور ماغي "المحجبة المحتشمة" لحفل توزيع الجوائز العالمي الذي تتابعه الملايين حول العالم هو "تكريم للمرأة والحجاب".
سقطة دعم المتحرش لا تسقط بالتقادم
بعد الاعتراف بأن صلاح يستحق كل تقدير وإشادة سواء عن مسيرته الاحترافية الناجحة بل المبهرة، أو عن رحلة كفاحه واجتهاده الملهمة، من المهم أن أوضح أنه لا ينبغي أن يكون نموذجاً يحتذى به في ما يخص قضايا المرأة.
"سقطة" الدفاع عن "فرصة ثانية" لمتحرش والمطالبة بها هي بكل المقاييس خطوة لا يقدم عليها شخص داعم لحقوق النساء. عام 2019، خضع الاتحاد المصري لكرة القدم لـ"ضغوط" من لاعبين في المنتخب، يقال إن صلاح أبرزهم، بغية رفع الإيقاف عن اللاعب عمرو وردة الذي كانت عارضة أزياء مصرية مقيمة في الإمارات قد اتهمته بالتحرش بها في تلك الفترة.
سعيدة جداً بمشهد ماغي وهي تتسلم الجائزة، لكن يزعجني بشدة أن يستغل المشهد من أجل الترويج لصلاح كنموذج يحتذى به في التعامل مع المرأة، لأن دعم متحرش هو خطيئة لا تسقط بالتقادم
آنذاك، غرّد صلاح: "نحن بحاجة للإيمان بـ(الفرصة الثانية)، وبحاجة للتثقيف والتوجيه. الاستبعاد ليس حلاً أبداً". منذ ذاك الحين، لم يعتذر صلاح عن هذا الدعم الصريح لمتحرش، بينما تكررت المناسبات التي اتهم فيها وردة بالتحرش، وهو ما يؤكد خطأ "نظرية" صلاح في مسامحة المتحرش عوضاً عن معاقبته ونبذه.
قد يقول البعض إن صلاح ربما لم يعتذر، لكنه أدرك خطأه ولن يكرره أو تغيرت أفكاره المتعلقة بقضايا النساء. هذا وارد، لكن ما من جديد أقدم عليه اللاعب المصري يثبت ذلك.
صحيح أنه شارك، في 8 آذار/ مارس 2021، في إحياء "اليوم الدولي للمرأة" لحساب شركة الاتصالات الراعية له، عندما بعث برسالة تعكس قدرة الفتاة/ المرأة على فعل أي شيء تطمح إليه إذا رغبت.
لكن سبق أن شارك، عام 2017، في حملة "لأني رجل"، التابعة للمجلس القومي لحقوق المرأة في مصر وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، معلقاً عليها: "لأني راجل فاهم إن الراجل والست ليهم نفس الحقوق والواجبات". وبعد ذلك دعم وردة.
قد يسأل البعض إذاً لماذا قرر صلاح أن تتسلم زوجته الجائزة الأخيرة لأول مرة منذ صعود نجمه عالمياً. أغلب الظن أنها خطوة "ذكية" غازل بها "مو" المجتمع الغربي. هذا المجتمع الذي شنّ ضده حملة قوية إبّان أزمة وردة. وفي وقت بلغ قمة توهجه الكروي ووسعت شعبيته مداها ولم يقترب حتى من أفضل ثلاثة مراكز في ترتيب المرشحين للكرة الذهبية لعام 2021.
لماذا الآن؟ أؤمن أن صلاح يتمتع بقدرة عالية على إدارة موهبته وتسويق نفسه، وأن هذا سر وصوله إلى هذه المكانة العالمية مقارنةً بأي موهبة مصرية أخرى.
عدّ البعض تصرّف صلاح "تكريماً" لزوجته و"عرفاناً" لدورها في مسيرته الملهمة، لكنني أظنه "مغازلة" للغرب الذي يجيد صلاح التعامل معه تماماً كما يجيد التعامل مع عشاقه في الشرق بتقديم النموذج الذي يعجب كلاً منهما
إنه يجيد التعامل مع عشاقه في الشرق كما في الغرب. فهو "الرجل الشرقي" الذي يمشي خلف زوجته "المحتشمة" يكمل "ستر" ما ظهر من رقبتها بحجابها، وهو أيضاً الرجل الذي يقرر أن زوجته ستتسلم في حضوره جائزته الرفيعة اتساقاً مع ثقافة تقول إن الزوجة شريكة في الكفاح والنجاح على السواء.
حتى أولئك "الرجعيين" الذين لاموا صلاح على الخطوة، كان مضموناً أنهم سيجدون من يرد عنه باعتبار أن ظهور امرأة محجبة على منصة عالمية دعم للحجاب والمحجبات. وهو ما حدث.
سعيدة جداً بمشهد ماغي وهي تتسلم الجائزة، ولا يهمني كثيراً هل كان قرار صلاح نابعاً عن عرفان حقيقي بدور زوجته في تفوقه الرياضي، أو مغازلة للغرب الذي شكك معلقون رياضيون ومشجعون أخيراً في أن لديه "معايير خاصة" في مستوى النجاح الذي قد يصل إليه لاعب عربي مسلم وأنه لن يسمح بفوز صلاح بجائزة الكرة الذهبية لذلك.
لكن يزعجني بشدة أن يُستغل المشهد من أجل الترويج لصلاح كنموذج يحتذى به في التعامل مع المرأة، لأن دعم متحرش هو خطيئة لا تسقط بالتقادم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 23 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت