مر يومان على مشاركة لاعب كرة القدم المصري في صفوف ليفربول الإنجليزي محمد صلاح متابعيه عبر انستغرام صورةً أمام شجرة الميلاد المضاءة في ما يبدو أنها داخل منزله، من دون أن تهدأ التعليقات الناقدة له والتي بلغت حد التكفير والتحسر على "ضياع دينه وأخلاقه".
وأثارت الصورة التي يظهر فيها "مو" أمام الشجرة بين زوجته ماغي وابنته مكة جدلاً حاداً بين المعلقين في حين عبّر بعضهم عن صدمته من مثل هذه التعليقات المتشددة في بلد يعيش فيه المسلمون إلى جوار المسيحيين.
حصدت الصورة بُعيد نشرها إعجابات كثيرة وانهالت عليها التعليقات. ومن نحو 4 ملايين تسجيل إعجاب و58 ألف تعليق (حتى نشر هذا التقرير)، برزت النبرة المنتقدة بحدة في تعليقات كثيرة لما وصف بـ"مشاركة صلاح في أعياد غير المسلمين" مع تنبيهات إلى "خطورة أن تكون الصورة التالية له وهو يصلي في كنيسة".
تجاوز الأمر لدى البعض إلى اتهام اللاعب، الذي طالما امتدح لملازمة المصحف وارتداء زوجته الحجاب باعتباره مظاهر تدين، بـ"الكفر وضياع الدين".
وقال المنتقدون إنهم "صدموا في حقيقة صلاح" وإنه "نزل من نظرهم" بعد هذه الصورة.
كذلك قارنوه باللاعب الألماني التركي الأصل مسعود أوزيل الذي أعرب قبل أسابيع عن تضامنه مع ما تتعرض له أقلية الأويغور المسلمة في الصين من اضطهاد على أيدي السلطات الصينية، وهذا ما أضر بمستقبله الكروي مع فريق أرسنال الإنكليزي. وتساءلوا: "لماذا لم يعرب صلاح عن تضامنه مع مسلمي الصين حتى الآن؟"، معتبرين أنه "لم يعد فخر العرب".
على الجانب الآخر، أعرب ناشطون عن تضامنهم مع اللاعب، واصفين الهجوم عليه بـ"الجهل والتخلف"، ومعربين عن شعورهم بـ"الخزي" منها خصوصاً أن التعليقات "المتطرفة" على صورة صلاح قرأها آلاف وربما ملايين من متابعيه.
وأبدى هؤلاء تخوفاً من أن يكوّن متابعو صلاح غير المسلمين وجهة نظر سلبية عن الإسلام والمسلمين بسبب هذه التعليقات.
واستغرب كثيرون أن يقابل اللاعب بـ"كل هذا الكره"، لافتين إلى إمكانية التوادّ والتراحم بين أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة فيما الفرد متمسك بتعاليم دينه. ودعوه إلى عيش حياته بالطريقة التي تروقه بمعزل عن الآراء "المتعصبة".
وتحدث بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المسيحيين المصريين عن "شعورهم بالقلق للعيش وسط مجتمع يحمل هذا الرأي المتعصب حيال تهنئة بعيد مسيحي".
انتقادات لاذعة وجّهت إلى اللاعب المحبوب محمد صلاح بسبب مشاركته صورة مع زوجته وابنته وخلفهم شجرة الميلاد. البعض اعتبر أن مو "لم يعد فخر العرب" وتحسر على "ضياع دينه وأخلاقه"
على الجانب الآخر، حظي مو بتضامن كبير في مواجهة "التعصب والتخلف"، مع دعوات إلى الفصل بين أدائه في الملعب وحريته في عيش حياته كما يحب
صلاح ليس وحده
ومن المتضامنين مع صلاح، الداعية الإماراتي وسيم يوسف، خطيب جامع الشيخ زايد الكبير، الذي شارك الصورة معلقاً عليها: "حينما ينفتح الإنسان على الشعوب يعلم أن الكون يتسع للجميع، وأن الله هو قِبلةُ الجميع ولو اختلفت الطرق".
حينما ينفتح الإنسان على الشعوب .. يعلم أن الكون يتسع للجميع ..
— د. وســيـم يــوســف (@waseem_yousef) December 26, 2019
وأن الله هو قِبلةُ الجميع ولو اختلفت الطرق ..
صورة لـ / محمد صلاح pic.twitter.com/x0s47dJKFJ
وكان يوسف قد تعرض للانتقاد الحاد أيضاً بعدما هنأ "الإخوة المسيحيين"، متمنياً لهم عيد ميلاد مجيداً. واستشهد يوسف في تبيان سلامة موقفه بزيارة شيخ الأزهر أحمد الطيب للكاتدرائية المرقسية وتقديمه التهنئة للبابا تواضروس في مناسبة أعياد الميلاد.
لكن الداعية السلفي المصري وليد إسماعيل وصف يوسف بـ"المنافق" لتهنئته المسيحيين، فيما اكتفى بوصف شيخ الأزهر بـ"المخطىء".
صلاح "النموذج"
بالعودة إلى مو صلاح، ليست هذه المرة الأولى التي يُهاجَم فيها بداعي "التخلي" عن تعاليم دينه أو عادات مجتمعه الأصلي.
فقد انتُقد صلاح بشدة عقب نشر صور له مع عارضة الأزياء البرازيلية أليساندرا أمبروسيو على غلاف مجلة GQ العالمية، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قال الذين انتقدوها إنها تظهره في "أوضاع مخلة بالأدب مع سيدة أجنبية بملابس مثيرة".
وهاجمه البعض حين بدأ يصطحب كتباً في مواضيع تنمية الذات أو المهارات في رحلاته بعدما كان مشهوراً بملازمة المصحف.
كذلك انتقد لارتدائه قميصاً أسود كتب عليه "مشروع بلاي بوي"، في إشارة إلى المجلة الإباحية الشهيرة، ولم ينتبه كثيرون إلى رمز في جوار هذه العبارة يشير إلى أن "المواقع الإباحية قاتلة".
علماً أن فريقاً واسعاً من عشاق مو صلاح "رسم" له شخصيةً محددة يرفض أن يخرج عن فلكها. ولرغم أن اللاعب لم يظهر خروجاً عن هذه الشخصية التي تقترب كثيراً من اللاعب المصري المحبوب أيضاً محمد أبو تريكة، وملامحها التدين والخجل، يرفض أفراد هذا الفريق أي مظاهر للتحول، ولو كان بسيطاً، عن الصورة التي رسموها له.
بمعزل عن التعليقات على احتفاله بالكريسماس، دعا ناشطون إلى الفصل بين شخصيتي أبو تريكة وصلاح، وتشجيع الأخير بشكل غير مشروط من دون التدخل في حياته الخاصة أو إصدار الأحكام لمصلحته أو ضده بناء على تصرفاته.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 20 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت