شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إبراهيم بن محمد بن عبدالله خليفة آخر الزمان

إبراهيم بن محمد بن عبدالله خليفة آخر الزمان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 18 نوفمبر 202101:49 م

تندرج المادة في ملف "كان صرحًا من خيال... لعبة التاريخ البديل"

ماذا لو عاش إبراهيم بن محمد (رسول الله) بن عبد الله، أكان هنالك من أثر يُذكر في تاريخنا الإسلامي لسقيفة بني ساعدة، قميص عثمان، حرب الجمل، صفين وغيرها من أحداث؟

الــ(لو) التي تفتح عمل التاريخ  

ولد إبراهيم في السنة الثامنة للهجرة من جارية مصرية تدعى مارية القبطية، كان قد أهداها المقوقس إلى الرسول. وقد كان عمره ثلاث سنوات عندما توفي الرسول في السنة الحادية عشرة للهجرة. أصابت الرسول حمّى شديدة، قبل موته بأيام. وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم، بأنّ الرسول قد طلب صحيفة ليكتب بها كتاباً، لن يختلف المسلمون بعده: "هلم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده ، قال عمر‏: ‏إنّ النبي ‏‏غلبه الوجع وعندكم القرآن، فحسبنا كتاب الله". اختلف الصحابة الذين كانوا يعودون الرسول في مرضه بين من يريد أن يحضر الصحيفة، ومن اتّبع قول عمر. وعندما اشتدّ النزاع ‏قال الرسول: "قوموا عنّي". خرج الصحابة  من دون كتاب يكتبه النبي يحفظهم من الخلاف. وقد كان ابن عباس يقول تعليقاً على هذه الواقعة التي سميت "رزية يوم الخميس": "إنّ الرزية كلّ الرزية، ما حال بين رسول الله‏ ‏وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم".

ما الذي كان يريد أن يدونه الرسول؟ هل هو تأكيد حديث الثقلين الذي اختلف في صيغته فيما بعد، بين "كتاب الله وعِترتي؛ أهلَ بيتي" و"كِتَابَ الله، وسُنَّتي"، أم أنّه كان سيوصي بالخلافة إلى أحد الصحابة إلى أن يرشد ابنه إبراهيم؟ 

اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وعقد لواء الخلافة لسعد بن عبادة، وثنيت له وسادة، بينما كان آل هاشم يدفنون جثمان الرسول. خرج أبو بكر وعمر يتقاودان حتى وصلا السقيفة، بعد أن سمعا بأخبار بيعة الأنصار لسعد بن عبادة. وعندما وصلا حدث جدال عرض فيه المهاجرون والأنصار مناقبهم، وانتهى اجتماع سقيفة بني ساعدة بمبايعة أبي بكر ليكون خليفة المسلمين، مستندين في ذلك إلى أنّ الرسول كان خاتم النبيين، ولن يكون إبراهيم نبيّاً، أمّا إبراهيم فشأنه شأن أي مسلم آخر، له منهم المحبة والحماية، فهو عترة الرسول. وقد قال عمر عن واقعة مبايعة أبي بكر في السقيفة: "إنّما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت"، وكأنّ عمر كان يقصد أنّ بيعة أبي بكر كانت من دون شورى.

سمع بنو هاشم بما حدث في السقيفة؛ وكما جاء في "الكامل" لابن الأثير، أنّ الزبير بن العوام شهر سيفه وأقسم ألّا يرجعه حتى تتم مبايعة علي وصيّاً، إلى أن يرشد إبراهيم.  

احتجّ الهاشميون، وخرج علي مع زوجته فاطمة وابنيه الحسن والحسين ومارية القبطية تحمل ابنها إبراهيم بين يديها، يدورون على أحياء المدينة، يذكّرون البدريين الذين شهدوا غزوة بدر بأنّهم العترة الطاهرة، وبأنّ الرسول آخى بينه وبين علي، فعلي بمنزلة هارون من موسى، ومن أولى من الوزير أن يكون وصيّاً على الخلافة، حتى يرشد ابن الرسول. واعده أربعون نفراً على القتال حتى الموت، فطلب منهم أن يأتوه حليقي الرأس، فلم يحفظ الوعد غير أربعة رجال جاؤوه حليقي الرأس.

خطبة أبي بكر

هدأت الأمور قليلاً، وصعد أبو بكر المنبر وخطب بالمسلمين: "أمّا بعد أيها الناس فإنّي قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني...."، وفي هذه اللحظة دخلت مارية القبطية المسجد النبوي، تحمل على صدرها ابنها إبراهيم، ورفعته عالياً قائلة: "من أحبّ الرسول، أحبّ ابنه ووالاه".

ماذا لو عاش إبراهيم بن محمد (رسول الله) بن عبد الله، أكان هنالك من أثر يُذكر في تاريخنا الإسلامي لسقيفة بني ساعدة، قميص عثمان، حرب الجمل، صفين وغيرها من أحداث؟ "كان صرحًا من خيال" ملف التاريخ البديل في ر22

فتصدّى لها عمر وقال لها: "عودي يا امرأة، وقرّي في بيتك، فلم تنته عدّتك"، فأجابته مارية: "العدّة لمن يحل لها الزواج بعد وفاة زوجها، ونحن نساء الرسول لا يحلّ لنا نكاح من بعده، فلا عدّة تستوجب، وحقّ ابني أولى بالسعي به، فقد سعت هاجر بين الصفا والمروة حتى استجاب الله لها، وفجّر تحت قدمي إسماعيل ماء زمزم. وسأعتكف في المسجد حتى تحلّوا ما عقدتوه من بيعة لأبي قحافة، وتبايعوا إبراهيم بن محمد بن عبد الله". في تلك الأثناء كان علي ومن واعده حليقي الرأس قد تجمهروا خلف مارية، فقال علي: "فديت أباه صغيراً، وسأفدي ابنه كبيراً".

تلجلج صدر أبي بكر وهمّ بالنزول عن المنبر، إلا أنّ عمر أوقفه، وقال: "من يريد أن يسفك الدماء في مسجد رسول الله، ليس من الإسلام بشيء"، ثم تلا الآية: "وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنَهُمْ". صمتت مارية القبطية ومن والاها إثر موقف عمر بن الخطاب، حيث لم يسمع من يعارضه من الجموع التي حضرت الخطبة. أكمل أبو بكر خطبته: "وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".

تصرّمت الأيام، ونشبت حروب الردّة، وانشغل المسلمون بها وتناسوا حقّ إبراهيم، وجاءت خلافة عمر والفتوحات الإسلامية، ومن ثمّ فتنة قميص عثمان التي اشترك فيها المصريون، أخوال إبراهيم، مطالبين بحقّه في الخلافة، وختمت هذه الأحداث بحرب الجمل.

شبّ إبراهيم وبدأ الناس يتجمعون حوله، وقد أعدّ علي العدّة بعد توليه الخلافة للحظة المناسبة لتولية إبراهيم بن محمد بن عبد الله خليفة على المسلمين. لكنّ عائشة وطلحة والزبير خرجوا عليه يريدون الثأر بسبب مقتل عثمان. انتهت معركة الجمل بانتصار علي، لكنّ معاوية قد تهيأ للحرب. ومن ثمّ كانت واقعة صفين بعد سنة من معركة الجمل. وبعد أن رفعت المصاحف على الأسنة وجلس الناس للتحكيم، خلع أبو موسى الأشعري خاتم صاحبه علي وألبسه لإبراهيم ابن رسول الله، لكن عمرو بن العاص أثبت خاتم معاوية. وكان من نتائج حرب صفين أن ظهر الخوارج، وانقسم المسلمون إلى سنة وشيعة يشايعون علي ومن بعده إبراهيم.

مات علي بسيف عبد الرحمن بن ملجم، ولم يستطع تثبيت ابن النبي في الخلافة. بايع الناس الحسن الذي تنازل لمعاوية، وفي زمن يزيد خرج الحسين وإبراهيم رافضين بيعة يزيد وكانت معركة كربلاء، حيث جزّ الشمر رأس الحسين ورأس إبراهيم.

الخلافة في آخر الزمان

ماتت مارية القبطية بعد أربع سنوات من وفاة الرسول، ودُفنت في البقيع. وهكذا نشأ إبراهيم في كنف ابن عم الرسول علي، كابن من أبنائه. والسيف الذي قطع رأس الحسين قطع رأسه. وفي آخر الزمان سيظهر المهدي المنتظر ومعه إبراهيم وسيثبته في الخلافة ألف سنة إلى أن ينفخ إسرافيل في الصور.

يقول ماركس: "إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرّة على شكل مأساة، ومرّة على شكل مهزلة". لا نستطيع أن نفصل المأساة عن المهزلة في تاريخنا الإسلامي، ومن هذا المنطلق ألا يحق لنا أن نسأل: هل مات إبراهيم ميتة طبيعية عن عمر يناهز الثمانية عشر شهراً أم قُتل؟ ولو عاش كما تخيّلنا أعلاه، هل كان التاريخ الإسلامي سيتغيّر؟ تبدو فكرة وجود جريمة مستترة في موت إبراهيم وهو طفل مغرية للنقاش أكثر، فالطامعون في خلافة الرسول كانوا كثراً، أكانوا من المهاجرين أم الأنصار! وهنا نستطيع أن نتخيّل، لماذا التاريخ الإسلامي لن يتغيّر حتى لو "كتب الرسول صحيفة لن يضل المسلمون بعدها".

* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image