شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الرئيس الأمريكي

الرئيس الأمريكي "في مأزق"… هل يشنّ بايدن "حرب نفط" على السعودية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 10 نوفمبر 202102:03 م

ألمح الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى احتمال إطلاق حرب نفط جديدة ضد السعودية وروسيا بعدما ناشدهما زيادة إنتاج النفط الخام، لخفض أسعار البنزين، التي ارتفعت إلى 3.42 دولار أمريكي في الولايات المتحدة، وهو الأعلى في سبع سنوات، ما يهدد بخسارة الحزب الديمقراطي الحاكم الانتخابات المقبلة.

في العام الماضي، أغرقت السعودية وروسيا الأسواق العالمية بالنفط في نفس الوقت الذي انتشر فيه وباء كورونا، وكان ذلك السبب الأكبر لانخفاض إنتاج النفط الأمريكي بنسبة 8%، لكن دفعهما الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى خفض الإنتاج لإنقاذ الشركات الأمريكية. 

يبدو الآن أن إدارة بايدن قلقة من احتمال تعرضها لضرر أكبر من العام الماضي، لدرجة جعلت الرئيس الأمريكي يناشد أوبك والسعودية زيادة الإنتاج لخفض أسعار البنزين.

تخشى الإدارة أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط راهناً إلى رفع التضخم والإضرار بالمستهلك الأمريكي- الناخب الذي يستعد للذهاب إلى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2022، في معركة يستعد الجمهوريون بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب لخوضها بشراسة.

وتحتاج الولايات المتحدة إلى استقرار أسواق النفط وعدم انخفاض الأسعار حتى تتمكن شركات النفط الصخري من الاستثمار والإنتاج، كما تخشى زيادة الأسعار لارتباطها بارتفاع تكلفة البنزين للمواطن الأمريكي.

ما الإجراءات المتاحة أمام بايدن؟

في أيلول/سبتمبر الماضي، أرسل بايدن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان إلى السعودية، أكبر منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في زيارة كانت أسعار النفط في مقدمة أولوياتها. يبدو أن سوليفان فشل في إقناع الرياض بزيادة الإنتاج إذ استمرت سياستها ورفعت الأسعار في آخر رد لها على مطالبة البيت الأبيض.

"الإدارة الأمريكية في مأزق بسبب الطبيعة المتغيرة لأسواق الطاقة"، وبايدن يقول "هناك أدوات أخرى في ترسانتنا...". ما هي خيارات الرئيس الأمريكي لوقف ارتفاع أسعار البنزين؟ وكيف سترد السعودية؟

في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، صرّح بايدن بأنه لم يتوقع أن تستجيب مجموعة "أوبك بلس" والسعودية وروسيا دعوته إلى ضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية. قال: "لم أتوقع أن تستجيب أوبك، وأن تستجيب روسيا والسعودية. سيضخون المزيد من النفط، أما إذا كان ما سيضخونه من النفط كافياً فهذا أمر مختلف". وأضاف: "هناك أدوات أخرى في ترسانتنا. التعامل مع دول أخرى، في الوقت المناسب، سأتحدث عنه".

في غضون ذلك، اتّهم البيت الأبيض أوبك وحلفاءها بتعريض تعافي الاقتصاد العالمي للخطر عبر رفض ضخ المزيد من النفط، وهو الأمر الذي قد يدفع الإدارة لمحاولة معالجة ارتفاع الأسعار من تلقاء نفسها.

ويشير الخطاب المتصاعد للولايات المتحدة إلى أنها تشعر بأنها مضطرة للتحرك. لكن لسوء الحظ، ليس لدى الرؤساء الأمريكيين سوى القليل من الخيارات لمواجهة ارتفاع أسعار البنزين. وقد تأتي معظم تدخلات السوق بنتائج عكسية، وفقاً لتقرير نشره مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (csis) حديثاً.

بحسب التقرير، معظم خيارات  بايدن محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى عواقب غير محمودة، إذ من المحتمل أن يفكر في بيع احتياطيات إستراتيجية من النفط، أو اتخاذ خطوات لتخفيف متطلبات مزج الإيثانول لمصافي التكرير، أو ما يعرف بـ "الخيار النووي" وهو تقييد صادرات النفط الأمريكي الخام إلى الخارج، ولهذا تبعات اقتصادية محتملة على الولايات المتحدة وخاصة قطاع النفط. 

وأشار التقرير أيضاً إلى أن الخيار الأقرب هو بيع نفط من الاحتياطي الإستراتيجي، وهذا خيار للتعامل مع اضطرابات السوق القصيرة الأجل، وليس مشكلات العرض الهيكلية أو الطويلة الأجل.

الخيار الأقرب لبايدن هو البيع من الاحتياطي الإستراتيجي للنفط، وهذا خيار يمكنه التعامل مع اضطرابات السوق القصيرة الأجل، وليس مع مشكلات العرض الهيكلية أو الطويلة الأجل

كيف ترد المملكة؟

في آخر رد على بايدن، أعلنت السعودية خطوة تصعيدية أخرى في سوق النفط بعد يوم واحد فقط من تجاهل "أوبك+" دعوات الرئيس بايدن لمزيد من ضخ النفط، ما أدى إلى ارتفاع حاد في سعر البيع الرسمي لخامات البلاد لجميع المشترين.

وأعلنت شركة أرامكو المملوكة للدولة عزمها رفع أسعار خامها العربي الخفيف الرئيسي للعملاء الآسيويين في كانون الأول/ ديسمبر 2021 بمقدار يراوح بين 1.40 دولار و2.70 دولار. وكان من المتوقع أن يرتفع سعر البرميل بين 50 سنتاً ودولار واحد فحسب. 

ويقول مراقبون إن هذه الزيادة الشهرية ستكون ثانية أكبر زيادة في 20 عاماً باستثناء فترة وجيزة في العام الماضي".

وقالت أمريتا سين، كبيرة محللي النفط في شركة "إنرجي أسبكتس" الاستشارية في لندن، إن "أسعار البيع الرسمية السعودية لشهر ديسمبر أقوى من المتوقع".

وفي رأي مستشار مركز سياسات الخليج في واشنطن، ثيودور كاراسيك، فإنه يجب الانتظار ومعرفة ماذا سيقرره السعوديون لأنهم في "مقعد السائق" أي من يتولون زمام الأمور، على حد وصفه.

وقال لرصيف22: "تراوح خياراتهم (السعوديين) بين عدم القيام بأي شيء وإجراء تعديلات على المبيعات المستقبلية على المدى القريب، لكننا رأينا أرقام طلبات الخريف للشرق الأقصى وهي مرتفعة". وأضاف: "هذا مهم لأنه يظهر موقع السوق. وزير الطاقة السعودي ذكي ماكر ويعرف السوق جيداً". 

في محاولة للدفاع عن موقف المملكة، قال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان إن ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة يرجع إلى انخفاض المخزونات وانقطاع المصافي بسبب إعصار إيدا وارتفاع أسعار الإيثانول. 

وأشارت تقارير إلى أن الاقتصاد السعودي كان ضحية منذ سنوات لانخفاض أسعار النفط إذ كانت المملكة تكافح منذ عام 2014 في سوق غارق عندما زادت الإمدادات للتغلب على منتجي النفط الصخري الأمريكي، وسحبت الرياض على إثرها احتياطياتها النقدية بمئات المليارات واضطرت إلى بيع نسبة صغيرة من أصولها في أرامكو وتأخرت خطة رؤية المملكة 2030 في تحقيق أهدافها لتنويع اقتصادها.

"وزير الطاقة السعودي ذكي ماكر ويعرف السوق جيداً"، والسعوديون هم من يديرون الدفة في هذه القضية… محلل يفنّد لرصيف22 احتمالات نشوب "حرب نفط" جديدة بين واشنطن والرياض

التنسيق الأمني

والعام الماضي، عندما أغرقت السعودية وروسيا السوق بالنفط، ما دفع الأسعار لفترة وجيزة إلى 40 دولاراً للبرميل، هددت إدارة ترامب بوقف التنسيق الأمني مع المملكة. وسرعان ما قلّص السعوديون ودول أخرى العرض على نحو أدى إلى استقرار أسعار النفط ووقف نزيف الخسائر لشركات النفط الصخري الأمريكية.

وبحسب وكالة رويترز، لم تتطرق إدارة بايدن حتى الآن إلى أي تحرك بـ"هذا القدر من الخطورة". ولفتت إلى أن أسعار النفط لا تزال عند 84 دولاراً للبرميل، وأنه من غير المرجح أن يستدعي هذا السعر رداً كهذا.

في السياق ذاته، أشار كاراسيك إلى التقارب السعودي الإماراتي مع روسيا، حيث قد يكون لديهم رد على أي تحرك تتخذه إدارة بايدن، مضيفاً أن "الإدارة الأمريكية في مأزق بسبب الطبيعة المتغيرة لأسواق الطاقة".

وفي إشارة إلى عدم احتمال حدوث خلاف في القضايا الأمنية، أعلنت وزارتا الخارجية والدفاع الأمريكيتان عن الموافقة على صفقة أسلحة للسعودية بـ 650 مليون دولار. وهذه أول صفقة أسلحة أمريكية كبرى للسعودية منذ تولي إدارة بايدن السلطة وتبنيها سياسة عدم بيع سوى الأسلحة الدفاعية لحليفتها الخليجية، وفقاً للإذاعة الألمانية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image