شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
تضاعف الإيرادات النفطية يرفع أسهم السعودية ويعزز نفوذ بن سلمان إقليمياً ودولياً

تضاعف الإيرادات النفطية يرفع أسهم السعودية ويعزز نفوذ بن سلمان إقليمياً ودولياً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 2 نوفمبر 202112:00 ص

أدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة إيرادات السعودية المالية منه نحو الضعفَيْن، وهو ما حرك النمو الاقتصادي داخل البلاد ودفع المملكة إلى إيداع مليارات الدولارات الأمريكية في البنوك المركزية لحلفائها المتعثرين اقتصادياً مما ينعكس بالضرورة على تعزيز نفوذها السياسي في المنطقة.      

وسجلت المملكة أرباحاً قياسية في الربع الثالث من العام الجاري من صادرات النفط بعدما ارتفع سعر البرميل خلال الأسابيع الماضية نحو 65% إلى أكثر من 85 دولاراً، وهو ما ستكون له انعكاسات مالية ضخمة على البلد الخليجي. 

كذلك سجلت شركة أرامكو السعودية أعلى مكاسب في العالم بعدما ارتفع صافي دخل الشركة في الربع الثالث أكثر من الضعفَيْن ليبلغ 114.1 مليار ريال سعودي (30.4 مليار دولار أمريكي) مقابل 44.2 مليار ريال (نحو 12 مليار دولار) في الفترة نفسها من عام 2020.

بلغ متوسط إنتاج المملكة من النفط الخام 9.6 مليون برميل يومياً بين تموز/ يوليو وأيلول/ سبتمبر الماضيين، ارتفاعاً عن 8.5 مليون في الربع الثاني من العام.

آثار داخلية

في العام الماضي، تسبب هبوط سعر برميل النفط إلى نحو 25 دولاراً في تطبيق المملكة إجراءات تقشفية وإصلاحات اقتصادية كان من بينها مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات وإلغاء بدل غلاء المعيشة للحفاظ على خزائن الدولة التي استُنزفت بسبب الانهيار التاريخي في أسعار النفط وتأثير جائحة كورونا على الإيرادات غير النفطية.

ارتفاع أسعار النفط ينعش الخزانة السعودية ويعزز نفوذ المملكة إقليمياً ودولياً. هل يستغل بن سلمان الفرصة لإجبار بايدن على التراجع عن موقفه من التعامل المباشر معه؟

لكن السعودية سجلت فائضاً في الميزانية قدره 6.7 مليار ريال (1.79 مليار دولار) في الربع الثالث من هذا العام، بفضل أسعار النفط المرتفعة، ومثّل أول فائض ربع سنوي لها منذ أكثر من عامين.

ومن المتوقع أن يتقلص عجز ميزانية السعودية هذا العام إلى 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنةً بتقدير سابق هو 4.9%. يرجح أيضاً خفض إضافي في العام المقبل إلى 1.6% في ظل ارتفاع أسعار النفط وتسارع تعافي البلاد من وباء كورونا، وفقاً لبيان الميزانية الأولي لعام 2022.

وقفزت الإيرادات إلى ما يقدر بنحو 930 مليار ريال (248 مليار دولار) من 849 مليار ريال (نحو 226 مليار دولار) في الميزانية مع زيادة إنتاج النفط وانتعاش الأسعار. ومن المتوقع أن ينخفض عجز الميزانية تدريجياً مع تحقيق فوائض اعتباراً من عام 2023.

يقول الكاتب السعودي عادل الحميدان إن ارتفاع أسعار النفط سيسهم في "تحسن المناخ العام للاستثمار في المملكة، خاصة أنها تشهد حالياً ورش عمل ضخمة في الداخل".

ويلفت إلى أن الأسعار الحالية للنفط لا تشكل إضافة كبيرة ولكن ستكون لها انعكاسات إيجابية على النمو في البلاد تدعم خطط المملكة في قطاع الاستثمار.

وذكرت وكالة أسوشيتدبرس أن ارتفاع أسعار النفط أدى إلى تحسن المعنويات في جميع أنحاء الخليج. وعززت احتياطيات النقد الأجنبي السعودية إلى نحو 466 مليار دولار.

وأشارت الوكالة إلى أن هذا المزاج كان سائداً في منتدى الاستثمار الذي احتضنته العاصمة الرياض الأسبوع الماضي. وقد استقطب المنتدى الذي استمر ثلاثة أيام أكثر من ألف مندوب، من بينهم العديد من المليارديرات الأمريكيين وكبار مديري صناديق التحوط الأمريكية.

جاء ذلك بعد ثلاث سنوات فقط من قيام عمالقة الأعمال أنفسهم بإلغاء حضورهم المنتدى عقب الاحتجاج الدولي على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول نهاية عام 2018.

وأعلنت السعودية، الشهر الماضي، الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي في صفقة استثمارية ضخمة بلغت 300 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 400 مليون دولار).

ووقعت شركة أرامكو السعودية الوطنية وشركة توتال الفرنسية العملاقة للنفط، في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، اتفاقية لبناء مجمع بتروكيماويات عملاق في مدينة الجبيل السعودية بقيمة تسعة مليارات دولار.

وأفادت تقارير إعلامية متطابقة بأن السعودية بدأت في تشييد مدينتها البيئية "ذا لاين" التي تبلغ تكلفتها 100 مليار دولار والتي ستكون جاهزة لاستقبال المقيمين عام 2024 ويبلغ طولها 105 أميال.

"أسعار النفط المرتفعة ستجعل المملكة مشاركة في جهود إعادة الإعمار في الدول العربية سواء ليبيا أو العراق أو الدول العربية والإسلامية الأخرى"

الضغط على بايدن

تبدو أسعار النفط المرتفعة وسيلة تعزز موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتعرض لانتقادات لاذعة من الجمهوريين الأمريكيين بسبب ارتفاع أسعار البنزين، مما يضعه تحت ضغط فتح قنوات اتصال مباشرة مع الأمير السعودي الذي تعهد تجاهله على خلفية مقتل خاشقجي.

اعترف الرئيس الأمريكي بأن علاقته المتوترة مع السعودية مسؤولة جزئياً على الأقل عن ارتفاع أسعار البنزين. واقترح بايدن أن يكون ذلك انتقاماً لقراره الشخصي بعدم التحدث مع ولي العهد بن سلمان أو الاعتراف به.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن خبراء في واشنطن أن تصريحات بايدن تشير إلى أن السعودية تطالب بمزيد من الاهتمام الشخصي من الرئيس، على الرغم من الاجتماعات العديدة في الأسابيع الأخيرة بين كبار مسؤولي الإدارة ونظرائهم السعوديين، بما في ذلك الرحلة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للقاء ولي العهد في الرياض.

وقالت كاتبة التقرير في الغارديان، ستيفاني كيرشغيسنر: "ربما يسعى ولي العهد إلى مكالمة هاتفية مماثلة لتلك التي تلقاها من سلف بايدن، دونالد ترامب، في نيسان/ أبريل 2020، عندما اتصل الرئيس آنذاك بالأمير محمد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودعا إلى عقد اتفاق عالمي لخفض إنتاج النفط حتى ترتفع الأسعار لتفادي أي ضرر لشركات النفط الصخري الأمريكية".

أما جيرالد فايرستاين، السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، فقال للغارديان: "هل يستخدم بن سلمان نفوذه ضد بايدن لإجبار الإدارة الأمريكية على التراجع عن موقفها؟ أود أن أقول إن الجواب نعم بالتأكيد".

لكن الحميدان يقول إن "المملكة تسعى إلى استقرار أسعار الطاقة في السوق العالمية وتدعم كل ما من شأنه تحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين"، مستبعداً "أي استغلال سياسي للنفط".

"هل يستخدم بن سلمان نفوذه ضد بايدن لإجبار الإدارة الأمريكية على التراجع عن موقفها؟ أود أن أقول إن الجواب نعم بالتأكيد".

تعزيز النفوذ الإقليمي

في غضون ذلك، يعتقد الحميدان أن أسعار النفط المرتفعة ستجعل المملكة تشارك في جهود إعادة الإعمار في الدول العربية سواء ليبيا أو العراق أو الدول العربية والإسلامية الأخرى، مستدركاً أن بلاده لم تتخل أيضاً عن التزاماتها تلك عندما كانت أسعار النفط منخفضة. 

في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن السفير الباكستاني لدى السعودية بلال أكبر أن حزمة الدعم السعودية البالغة 4.2 مليار دولار للاقتصاد الباكستاني هي تأكيد على العلاقات الوثيقة بين البلدين.

وقالت وزارة المالية السعودية، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن المملكة أودعت ثلاثة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري ومددت أجل 2.3 مليار دولار أخرى في الودائع السابقة.

ويعتبر مستشار مركز سياسات الخليج في واشنطن، ثيودور كاراسيك، أن أسعار النفط ستؤدي إلى دعم سياسات المملكة في المرحلة المقبلة ولكن ينبغي لها أن تكون حذرة، حسبما قال لرصيف22. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image