شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"لا فائدة من المناكفة"... هل زار دحلان موسكو لأجل "مصالحة" مع الرئيس عباس؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 7 نوفمبر 202109:43 م

في تطور لافت، التقى زعيم تيار الإصلاح الديمقراطي لحركة فتح الفلسطينية محمد دحلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، في زيارة قيل إنها تهدف لمصالحة دحلان والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ما عزز هذه التكهنات أن الزيارة جرت في وقت متزامن مع الإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني إلى موسكو، يرجح أن تكون نهاية الشهر الجاري، لإجراء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

واعتبر مركز القدس للشؤون العامة، وهو معهد أبحاث إسرائيلي متخصص في السياسة الخارجية، أن زيارة دحلان لروسيا "لا يمكن الاستهانة بها"، مُلمحاً إلى وجود نفوذ تاريخي لموسكو لدى عباس بما قد يسمح لها بالتدخل في ملف المصالحة مع عدوه اللدود -دحلان- في ظل تراجع الدور الأمريكي في الشأن الفلسطيني.

وتأتي زيارة دحلان ولاحقاً عباس في وقت تستعد فيه "فتح" لعقد جمعيتها العامة الثامنة في آذار/مارس 2022، ما يعزز التكهنات بوجود مساعي روسية لترتيب البيت الفتحاوي.

ما غرض الزيارة؟

في تقرير نشره موقع "صوت فتح الإخباري" التابع لدحلان، نُقل عن الكاتب والمحلل السياسي، عدلي صادق، قوله إن الاجتماع بين دحلان ولافروف "ركّز على بناء شراكة وطنية فلسطينية، على أرضية الوقائع الراهنة"، مضيفاً أنه حين سأل لافروف دحلان: "هل أنتم معنيون بالمصالحة الفتحاوية؟"، كان رد الأخير: "سريعاً ومشروحاً بقبول المصالحة الفتحاوية بدون أيّ شروط تتجاوز أمنيات جميع الوطنيين".

"تمتلك موسكو علاقات مع كافة الأطراف وموقفاً إيجابياً من القضية الفلسطينية"... أنباء عن وساطة روسية لإنجاز "مصالحة" بين الرئيس الفلسطيني وخصمه اللدود محمد دحلان

ورد على لسان صادق أيضاً أن دحلان قال للجانب الروسي: "المهم أنّ نتعامل جميعاً كفتحاويين مع الأمر الواقع. فحركتا حماس والجهاد، معهما نحو نصف الشعب الفلسطيني أو أكثر، وحركة فتح ما تزال تقول إنها الطليعة والرائدة المفترضة، وهذا صحيح بالمعيار التاريخي، لكنها اليوم طليعة معطلة".

وأوضح الكاتب الفلسطيني المقرب من دحلان أن الأخير "قال للروس إنّ وحدة حركة فتح وإعادة الاعتبار والحيوية لها، وإنهاء مرحلة الإحباط، يُضفي المصداقية على تمسك الحركة بفكرة أنّها الطليعة، وإنَّ الشراكة الفعالة التي نتوخاها، هي تلك التي تقوم على القواسم المشتركة، وكذلك على أساس سياسي مقبول يمكن طرحه والذود عنه".

"إنّ لم نفعل ذلك، ولم تتغير أحوالنا، لن نستطيع الحديث مع العالم، ولن نُغير شيئاً، ولن نُواجه الغطرسة الإسرائيلية"، والكلام لا يزال لصادق نقلاً عما زعم أن دحلان قاله وأضاف عليه: "لقد بلغت سن الستين، ولا أريد شيئاً من السلطة. لكنني أريد لشعبي أن يمتلك أدواته السياسية وأنّ يُرمم كيانه الوطني، ناهيك عن كون السلطة اليوم، وبكل أسف، ليس فيها ما يُغري للسعي الشخصي إليه".

في التقرير نفسه، شدد صادق على أن دحلان "أكّد للروس أنّه لا فائدة من المناكفة" وأن الأهم راهناً "الذهاب إلى جمع الشمل الفلسطيني، والانتخابات، والشراكة السياسية، التي تضبضها الوثيقة الدستورية والمؤسسات".

في تقرير آخر للموقع نفسه، ورد أن الوفدين ناقشا آخر التطورات الفلسطينية وإمكانيات "دعوة اللجنة الرباعية الدولية (المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا) لإعادة دورها وإحياء عملية السلام" بدايةً بـ"المصالحة الفلسطينية وحشد الدعم العربي والإقليمي".

ذكر عدلي صادق أن دحلان "تلقى دعوة رسمية من روسيا لزيارة أراضيها"، وهو ما كرره القيادي في تيار الإصلاح والأكاديمي أيمن الرقب في تصريحات لرصيف22 أوضح خلالها أن زيارة دحلان لموسكو "ليست الأولى ولا الثانية ولن تكون الأخيرة". فضّل الرقب عدم التطرق إلى ما إذا كان دحلان طلب وساطة روسية للمصالحة مع غريمه السياسي، عباس.

واستدرك بالقول: "هذه الزيارة المعلنة مع لافروف تناولت عدة قضايا إقليمية وداخلية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كانت المصالحة داخل حركة فتح -والتي يعطلها عباس ويمنع ترتيب البيت الفتحاوي والمصالحة الفلسطينية بعد أن عطّل إجراء الانتخابات في أيار/ مايو الماضي- القضية الأولى على مائدة المحادثات".

لم ينف الرقب أن "الفلسطينيين يبحثون عن من يحرك ملفات المصالحة الفلسطينية ومفاوضات السلام بعدما بدا أن الأمريكيين يسحبون يدهم من القضية".

على الجانب الآخر، وصف القيادي في حركة فتح والأكاديمي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع، وهو معارض لدحلان، الأنباء حول وساطة روسية مزعومة لمصالحة دحلان وعباس بأنها "غير دقيقة"، مبرزاً أن الإعلام الروسي كشف أن اللقاء كانت مدته 20 دقيقة وأن دحلان، الذي يعمل مستشاراً لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، نقل خلالها دعوة من الإمارات لزيارة دبي.

وأضاف مطاوع لرصيف22 أن صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية هي أول من نشر خبر الوساطة، متابعاً "أنا أعتقد أن هذا الموضوع قد حسمه الرئيس الفلسطيني منذ فترة كبيرة وتدخلت فيه سابقاً عدة دول عربية لها ثقلها ولم يتغير موقف الرئيس الفلسطيني".

مصادر مقربة من دحلان أكدت قبوله "المصالحة الفتحاوية بدون أيّ شروط" بعدما أيقن أن "لا فائدة من المناكفة"، بينما قال موالون لمحمود عباس إن "هذا الموضوع قد حسمه الرئيس الفلسطيني منذ فترة كبيرة" بالرفض

وكانت الصحيفة الإسرائيلية قد نسبت لمصدر مقرب من دحلان -لم تسمه- قوله إن لافروف يحاول إنهاء الخلاف بين الخصمين السياسيين، مرجحةً أن دحلان يرغب في حل خلافه مع عباس قبل انعقاد الجمعية العامة لفتح آملاً العودة إليها بما يخوله له الانضمام إلى قائمة المرشحين لخلافة الرئيس البالغ من العمر 85 عاماً.

تشمل القائمة أيضاً رئيس المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، وكبار قادة فتح حسين الشيخ، وجبريل الرجوب، ومحمود العالول، وكذلك رئيس الوزراء الحالي محمد اشتية.

دحلان و"توتر" العلاقة مع الإمارات

وعن تركيز الموقع الموالي لدحلان على ترويج ادعاءات المصالحة، أوضح مطاوع: "في ظل غيابه (يقصد دحلان) الواضح عن الإعلام وتواتر الأخبار عن تقلص دوره في المنطقة في ظل المصالحات والتغييرات الجارية، مثل هذا الخبر يعيده مرة أخرى إلى الأضواء خصوصاً أن حركة فتح تحضر لإجراء أهم مؤتمر لها وهو المؤتمر الثامن للحركة والذي سيعطي صورة أوضح وأكثر ثباتاً لشمل القيادة الفتحاوية في المرحلة المقبلة".

كان مطاوع يشير بحديثه عن "تقلص دور دحلان في المنطقة" إلى تقارير في وسائل إعلام إماراتية معارضة حديثة زعمت أن السلطات في أبوظبي طلبت من دحلان تجميد نشاطه في الإمارات ووضعته تحت الإقامة الجبرية.

وكان دحلان قد انتقل إلى البلد الخليجي عام 2011، بعد أن داهمت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية منزله في ضاحية رام الله في الطيرة واعتقلت بعض مساعديه.

أعقبت تلك المداهمة رفض محكمة الانضباط في فتح استئناف دحلان ضد قرار اللجنة المركزية للحركة طرده منها. وفي عام 2016، حكمت محكمة في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية على دحلان غيابياً بالسجن ثلاث سنوات بتهمة اختلاس أموال عامة. نفى دحلان هذه الاتهامات.

جيروزلم بوست هي الأخرى أشارت إلى أن زيارة دحلان الأخيرة إلى موسكو جاءت وسط تقارير غير مؤكدة عن توترات بينه وبين الإمارات.

الروس وإمكانية إنجاز المصالحة

إلى ذلك، عبّر الرقب عن اعتقاده بإمكانية لعب روسيا دور في المصالحة وعودة الاتصال مع عباس، مشيراً "تمتلك موسكو علاقات مع كافة الأطراف وموقفاً إيجابياً من القضية الفلسطينية وهي قطب في الرباعية الدولية". وأكد أن لقاءات أخرى ستجري لهذا الغرض مستقبلاً.

"إذا تفاعلت روسيا مع دحلان، فإن هذا يعكس وجود إجماع من القوى العالمية والدول العربية الكبرى على نهاية مسيرة عباس السياسية. قد يفسر هذا أيضاً سبب سعي عباس للحصول على مساعدة روسيا لتنشيط اللجنة الرباعية"

مركز القدس الإسرائيلي رأى أيضاً أنه لا ينبغي الاستخفاف بزيارة دحلان إلى روسيا، لأن "العلاقة القوية مع موسكو لطالما كانت إحدى ركائز سياسة محمود عباس".

في تقريره، أشار المركز إلى تحليل للصحافيين الإسرائيليين إيزابيلا جينور وجدعون ريمز، وهما باحثان في معهد ترومان البحثي في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، زعما خلاله حصولهما على وثائق سوفيتية تُظهر أنه عندما كان عباس في دمشق في عام 1983 تقريباً، عمل مع السوفييت كـ"عميل مخلص ومتعاون ومفيد".

ولفت المركز إلى أن "إحدى العقبات التي تعترض استئناف المحادثات مع إسرائيل حالياً هي رفض عباس الدائم لدور الولايات المتحدة في "قيادة" محادثات السلام". وأبرز أن الرئيس الفلسطيني يسعى بدلاً من ذلك إلى منح اللجنة الرباعية الدولية التي تضم روسيا هذا الدور، بما يمنح موسكو مكانة مساوية لواشنطن في المحادثات.

مع ذلك، قلل المركز البحثي الإسرائيلي من قدرة روسيا على إنجاز المصالحة منبهاً إلى أن عباس يعتبر دحلان خصمه اللدود وهو ما دفعه إلى إطاحته من فتح، ومحاولة اعتقاله في رام الله -لولا هروب دحلان إلى الإمارات- واتهامه بالفساد، ومطالبة الإنتربول باعتقاله.

ونبه المركز إلى أنه "إذا تفاعلت روسيا مع دحلان، فإن هذا يعكس وجود إجماع من القوى العالمية والدول العربية الكبرى على نهاية مسيرة عباس السياسية. قد يفسر هذا أيضاً سبب سعي عباس للحصول على مساعدة روسيا لتنشيط اللجنة الرباعية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard