"هلأ أنا إذا بدهن يقولولي أنو أنت بدك تتحرش، بقلهن جيبوا بنت، بتحرش بشاب؟". بهذه الكلمات برر الممثل السوري يزن السيد، في مقابلة تلفزيونية مع المقدم اللبناني هشام حداد في برنامجه "راحت علينا"، ظهوره في إعلان لشركة تاكسي في لبنان، بدور شوفير (سائق) يتحرش جنسياً بشاب، وليس بفتاة. تم عرض الحلقة على يوتيوب في 10 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، واستعرض فيها الفنان يزن السيد ذكوريته المطلقة، وحبّه لـ"تلطيش" الفتيات، لأنه، وحسب ادعائه، يحب الجمال، ويقدره.
يقول السيد حول الإعلان الذي شارك فيه، إنه "أُسيء فهمه وأثار جدلاً"، على حد تعبيره، وإنه لم يكن قاصداً الظهور بدور المتحرش بشاب. وإذا حصل ذلك، وكان لا بد من تمثيل دور المتحرش، فحتماً يجب أن يكون التحرش بفتاة "لأننا مجتمع شرقي، ما بقدر اتحرش بشاب". يسقط يزن مرة أخرى في كلامه.
أما هشام حداد، الذي غض النظر عن كلمة "تحرش"، وراح يسأل السيد عن إمكانية لعبه دور "مثليي الجنس"، بقوله إن المثليين هم فئة موجودة في المجتمع، فرد عليه السيد أنه لعب مرة دور "شاب نعنوع وهيك"، وأنه يحترم فئات المجتمع جميعها. ولكن من يحترم فئات المجتمع جميعها، لا يصرح بمثل هذه التصاريح، ويصور المثليين دائماً بالصورة النمطية "نعنوع"، مع إيماءات، وحركات ساخرة.
إن سقوط هشام حداد في هذا الحوار، والمتجسد في عدم تجرّؤه على مناقشة السيد وتبريراته، لم يكن إلا دعماً لمسألة التحرش في المجتمع الشرقي، والذي حسب تعبيره، لا يتقبل مثليي الجنس، لكنه يتقبل التحرش بفتاة، ويعدّ الأمر عادياً.
يقول السيد حول الإعلان الذي شارك فيه، إنه "أُسيء فهمه وأثار جدلاً"، حسب تعبيره، وإنه لم يكن قاصداً الظهور بدور المتحرش بشاب. وإذا حصل ذلك، وكان لا بد من تمثيل دور المتحرش، فحتماً يجب أن يكون التحرش بفتاة
لكن الدور الذي لعبه يزن في هذا الإعلان، لم يكن عن المثلية الجنسية، بل كما قال حداد والسيد، "لقد أسيء فهمه على أنه تحرش بشاب، وأن في ذلك إساءة إلى السوريين". فكيف للمحاور هشام أن يقفز من موضوع التحرش، إلى المثلية الجنسية؟ وهل يرى كل مثليي الجنس متحرشين؟
ما جرى في هذا اللقاء، يمكن تلخيصه في نقاط عدة: الأولى وهي دعم فكرة التحرش بالفتيات، في مجتمع تتزايد فيه يومياً صرخات الإناث لوضع حد لهذه المسألة، وأن اللوم يقع، بالدرجة الأولى والأخيرة، على الشاب، وتربيته المنزلية، والمجتمعية، وليس على لبس الفتاة، أو مظهرها. النقطة الثانية هي الإساءة إلى المثلية الجنسية، ومقارنتها بالتحرش، وترسيخ رفض المجتمع لها عبر تصريحات من أشخاص يُعدون شخصيات مؤثرة في الوسط العربي عموماً، والسوري واللبناني خصوصاً، وقادرين على المساهمة بتقدم، أو تراجع المجتمع. أما النقطة الثالثة فهي ربط "تلطيش" الشاب للفتاة بتقدير الجمال، فلا أعلم كيف لشخص أن يقدر أحداً من خلال الإساءة، والتحرش. والنقطة الرابعة هي تقديم مثليي الجنس من خلال صورة وحركات ساخرة. يحدث هذا الوصف ليس في برنامج "راحت علينا" وحسب، بل في العديد من البرامج التلفزيونية والمسرحيات، سواء في لبنان أم سوريا.
لم يخفِ ياخور اشمئزازه من المثلية الجنسية، بل وصفها بالمرض في إحدى الحلقات
ننتقل من برنامج "راحت علينا" إلى برنامج "أكلناها"، الذي يقدمه الممثل السوري باسم ياخور. لم يخفِ ياخور اشمئزازه من المثلية الجنسية، بل وصفها بالمرض في إحدى الحلقات التي صُورت مصادفة مع الإعلامي هشام حداد، فيعاتبه فيها حداد، ويقول له: كان من الأفضل ألا تجاهر بهذا الرأي. وفي البرنامج نفسه، يستضيف باسم الممثلة السورية ديمة بياعة، التي دافعت عن المثليين جنسياً، وقالت إن هذا خيارهم، وتابعت بإحراج ياخور عندما طرحت العديد من القضايا الإشكالية في المجتمع الشرقي، من بينها زواج القاصرات، وتعنيف الزوج لزوجته، وتساءلت لماذا يتقبل المجتمع هذه القضايا، ويرفض رفضاً قاطعاً المثليين جنسياً؟ ما أجبر ياخور على اعترافه باحترام وجهة نظر بياعة. لكن بعد تعبيره سابقاً عن قرفه منهم، لم يعد احترام ياخور، أو عدمه، يشكل فارقاً بالنسبة إليّ. فياخور يبحث في نهاية المطاف عمن يدعم برنامجه باللايكات، وعن تصفيق الناس بالحرارة نفسها، لرأيين متعاكسين تماماً، وكأنهم صم لا يسمعون.
خلاصة القول، أنه من المؤسف في مجتمعات تحاول النهوض للأفضل، والتسامح بين أفرادها، بغض النظر عن الدين، أو الجنس، أو اللون، ومع زيادة الوعي يومياً، والنشاط في مجال العدالة والمساواة بين الأفراد جميعهم، من شابات وشبان يحاولون دفع عجلة تقبل الآخر إلى الأمام، خاصةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن يكون إعلامها، ومحطاتها التلفزيونية، منبراً لشخصيات مؤثرة تنشر أفكاراً سلبية تعاند قوة الأجيال الجديدة، التي حلمها بسيط، ألا وهو العيش بأمان، وعدالة، ومساواة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 10 ساعاتمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
Ahmed Adel -
منذ 3 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ أسبوعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعاخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.