تسبح في الفضاء الإلكتروني مئات المعلومات المضللة المتعلقة بالعلم والصحة العامة، وبشكل أكبر وأسرع من الحقائق الموثوق بها بما يشكل "خطراً حقيقياً" للمرضى. لكن مرضى السرطان باتوا "هدفاً رئيسياً" للمعلومات الطبية الزائفة والمضللة، لا سيّما تلك التي يروّجها بائعو "العلاجات البديلة".
في أحدث إصداراتها، حذّرت منصة "مسبار" لتقصي الحقائق من أن رواج المعلومات الزائفة حول السرطان قد يؤدي إلى تأخير علاجه أو حتى إيقافه في بعض الحالات، والتأثير بالسلب على معنويات المرضى، وبالتالي تشكل "تهديداً مباشراً" لحياة هؤلاء المرضى.
"علاج سحري" و"توزيع أكفان"
خلال الفترة الماضية راجت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية مجموعة من المنشورات المضللة حول السرطان، والتي رصدتها منصة "مسبار" وفنّدت أوجه التضليل فيها. وانقسمت هذه المنشورات إلى تبشير كاذب بعلاجات وهمية للسرطان، ومنشورات تبث اليأس في نفوس محاربيه.
تحذير: لا تروجوا المعلومات الزائفة حول السرطان لأنها قد تؤدي إلى تأخير علاجه أو حتى إيقافه في بعض الحالات، والتأثير السلبي على معنويات محاربي السرطان، وبالتالي تشكل "تهديداً مباشراً" لحياتهم
بعض المنشورات الزائفة زعم أن العالِم الجزائري طه مرغوب اكتشف حلاً للسرطان خلال قيادته فريقاً بحثياً من 20 عالِماً. وجد مسبار أن الادعاء هدفه الإثارة، لأن الفريق البحثي في الولايات المتحدة، الذي يقوده عالم المناعة الجزائري طه مرغوب، وآخرون، توصّل فقط إلى علاج يُساعد بعض الخلايا المناعية في تجاويف الجسم على قمع المناعة المضادة للسرطان.
وانتشرت صورة لفتاة بدون شعر في فستان زفاف، وزُعم أنها عروس مصابة بالسرطان. وبعد التحقق، وجدت منصة تقصي الحقائق أن الفتاة ليست مريضة سرطان وإنما عارضة أزياء هندية قررت التبرع بشعرها لصالح مريضات السرطان.
في منشورات أخرى رائجة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات، قيل إن السرطان "كذبة راجت بعد الحرب العالمية الثانية"، وإن سببه نقص فيتامين بي 17، وعلاجه متوفر في مواد طبيعية تمنعها شركات الأدوية لتحقيق مكاسب عبر علاجات السرطان. وأكد مسبار أن هذا الادعاء ليس سوى خرافة لا أصل لها.
وروّج بعض المدونات وعدد كبير من مستخدمي الإنترنت العرب إلى أن ماء جوز الهند الساخن يحتوي موادَّ يمكنها معالجة مرضى السرطان. والادعاء لا أساس له من الصحة، وهو في الأساس مشتق من خبرٍ زائف انتشر أولاً بالإنكليزية، ادعى أنّ طبيباً هندياً اكتشف "العلاج السحري" للسرطان، وفق ما تأكد لمسبار.
اللافت أن بعض الأخبار الكاذبة حول مرض السرطان كانت غير قابلة للتصديق ومثيرة للاستهجان على نحو خاص. للمثال، أشاع البعض أن صورة متداولة لرجلٍ يحمل كفناً أثناء عيادته لمريض في مستشفى، هي جزء من مبادرة لتوزيع الأكفان بغرض "دعم معنويات مرضى السرطان". وتبين لمسبار أن المنشور كان مجرد منشور ساخر لصفحة ساخرة على فيسبوك، نُشر بدايةً في آذار/ مارس عام 2019، وأعادت حسابات تداوله أخيراً على أنه حقيقي.
في الأثناء، لفت مسبار إلى أن المنشورات الزائفة المتعلقة بالسرطان، التي فندها، كان غرضها إما تحقيق الانتشار (اللايكات والمشاركة) أو الإثارة، مشدداً على أن بعضها قد يكون له آثار نفسية سلبية على مرضى السرطان، وبعضها الآخر قد يتجاوز تأثيره إلى وصف علاجات غير صحيحة بل خطرة.
"مبادرة لتوزيع الأكفان دعماً لمعنويات مرضى السرطان"... هل تصدقون أن منشوراً هذا مضمونه راج وحقق تفاعلاً واسعاً!
كيف نكتشف الأخبار المضللة؟
في مقال بعنوان: "كيف تتحقق مما إذا كانت معلومات السرطان على مواقع التواصل الاجتماعي ‘أخباراً زائفة‘؟"، أشارت الطبيبة الفلبينية آن ميريديث غارسيا إلى نوعين من الأخبار الكاذبة حول السرطان: الأخبار غير الصحيحة على الإطلاق والمُختلَقة تماماً بهدف خداع الناس أو إيذائهم، والأخبار التي تتضمن بعض الحقيقة لكنها ليست دقيقة تماماً.
بحسب الطبيبة، فبرغم عدم وجود طريقة مضمونة لتفادي الأخبار الزائفة بشكل كامل، هناك طرق لاكتشافها، بما في ذلك قراءة ما وراء العناوين الرئيسية مع الحذر من العناوين المثيرة، والتحقق من الكاتب عن طريق إجراء بحث سريع عنه والاطلاع على أعماله الأخرى، والانتباه إلى تاريخ النشر، والتحقق من مصدر الصورة حيث تُستخدم أحياناً صور جذابة لكن مفبركة أو أجريت عليها تعديلات.
"اكتشاف علاج سحري للسرطان"/ "السرطان كذبة من الحرب العالمية الثانية"/ "شركات الأدوية تمنع موادَّ طبيعية تعالج السرطان لتحقيق مكاسب"... لا تنشروا الأخبار الزائفة حول السرطان، فقد تهددون حيوات محاربيه لصالح "عشاق اللايكات" ومروجي "العلاجات البديلة"
وللتحقق من الصور يمكن البحث العكسي عنها عبر "غوغل صور" (Google image) الذي يساعد في العثور على المصدر الأصلي للصور المثيرة للشكوك.
وتوصي الطبيبة غارسيا أيضاً بالتحقق من مضمون المقالات والأخبار المتعلقة بالسرطان، وليس الصور والمؤلف فقط، وذلك عن طريق البحث عبر الإنترنت في الادعاءات التي يُوردها، للتأكد من أنها موثوق بها.
كذلك نبهت إلى ضرورة التحقق من الأسلوب الذي كُتب به المقال للتحذير من احتمال أن يكون المقال ساخراً في الأساس.
في سياق متصل، كان موقع مؤسسة جونز هوبكنز الطبية قد فنّد العديد من الأخبار التي نُسبت إليه كذباً حول السرطان، مبرزاً أن المؤسسة لم تنصح بما في هذه الأخبار من إجراءات للوقاية من السرطان، ولا تؤيدها أصلاً، ومنبهاً إلى حيلة متبعة في هذه الأخبار الزائفة إذ يُكتب اسم المؤسسة عادةً بتهجئة خاطئة، مثلاً استخدام "جون" هوبكنز بدلاً من "جونز" هوبكنز.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 4 ساعاتربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 14 ساعةحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ يومينبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ أسبوعمقال رائع فعلا وواقعي