تحدياً لضعف مناعة المريض وهشاشة جسده تبرز محاولات فنية عدة لتقوية روحه، وبث الأمل فيها ليتعامل مع مرض السرطان، الذي يراه الجميع غولاً، كأي مرض آخر، وأنّ الإصابة به ليست آخر الدنيا، وأنَّ الشفاء منه ليس بالمعجزة الصعبة التحقق.
ولأن كلمة سرطان وحدها تشكل رعباً، ولها وقع قاسٍ، أطلق الفنان الشاب خالد النيرب أغنية "صعب العنوان" بفيديو كليب عن مراحل تطور المرض، والحالة النفسية للمريض بسبب التغير الجسدي الذي يعاني منه خلال العلاج، خصوصاً تساقط الشعر.
يقول النيرب (23 عاماً) لرصيف22: "اخترت هذا المرض لمضمون الأغنية، والكليب بسبب انتشاره الكبير، فعلى المستوى الشخصي توفي والدي وجدي به، ولدي العديد من الأصدقاء مصابون به، وكم أشعر بحاجتهم لكل دعم نفسي ليتحدوا المرض".
ويضيف: "هنا في غزة، المريض لا يواجه المرض فقط بل يواجه قلة الإمكانيات وشح العلاج وصعوبة التحويل للعلاج في الخارج بسبب الحصار، وبالتالي هو أحوج ما يكون للجو النفسي الإيجابي الذي يدعمه، ويخفف عنه".
الإصابة به ليست آخر الدنيا، والشفاء منه ليس بالمعجزة الصعبة التحقق، ولأن كلمة سرطان وحدها تشكل رعباً، ولها وقع قاسٍ، أطلق الفنان الشاب خالد النيرب أغنية "صعب العنوان"
وعن دور الفن في دعم المرضى، يقول: "الفن يمتلك الدور الأكبر والأسمى في تقديم الدعم للمرضى، ويكفي أن الموسيقى غذاء الروح، تتجاوز كل اللغات، وكل الجنسيات لتدعم المرضى أينما كانوا".
أما عن مضمون كليب "صعب العنوان"، فيشير النيرب إلى أنه فيديو لأغنية راب، تدور قصتها حول شاب في العشرين من عمره، أصيب بمرض السرطان، وبدأ يعاني من أعراض المرض وآثار العلاج الكيماوي، وفجأة قرر أن يكون سنداً لنفسه، وأن يخرج قوته الداخلية التي يستطيع من خلالها تحدي هذا المرض، وبالفعل نجح تفكيره، وأصبح قادراً على تحدي المرض.
ويضيف: "أردنا أن نقول لمريض السرطان، نحن معك وبجانبك، ولكن يجب أن تكون أنت إلى جانب نفسك أولاً وادعم نفسك بنفسك ولا تستسلم".
قصّة شعر إجبارية
وعند الحديث عن الفن والسرطان في غزة لا يمكن إلا أن يتذكر الناس هنا الفنانة التشكيلية آية عبد الرحمن، التي توفيت بمرض السرطان قبل عامين، وكانت قد أولت في سنواتها الأخيرة اهتماماً بدعم مرضى السرطان عبر رسوماتها، التي تجسد صعوبة المرض.
مها برزق، والدة آية لم يوقفها الحزن على ابنتها من استكمال رسالتها، فاتخذت من فيسبوك منبراً لإعادة نشر رسومات آية، وتفاصيل التجربة الصعبة.
تقول مها برزق: "ابنتي آية اختارت ريشتها، وألوانها في معركتها مع المرض، للأسف بعض الناس لا تزال تعتبر مرض السرطان سراً، يجب عدم البوح به، خصوصاً إذا كانت المريضة فتاة، لكن آية تعاملت معه على أنه حالة ترسمها في لوحاتها، وتخرج على الورق مكنونات نفسها، وما يعتمله المرض في جسدها دون خوف أو تردد". مضيفة: "ليس المريض وحده من يعيش الألم، فهو يتوجع جسدياً، ولكن عائلته أيضاً تتألم بسبب مرضه، وبسبب ما تتخيله عن أن المرض نهاية الحياة، ولا نجاة منه، وهذا ما عشناه مع آية لحظة بلحظة، ولا تزال رسوماتها شاهدة على ذلك".
Posted by Maha Barzaq on Saturday, 20 March 2021
وتؤكد أن ابنتها "قامت بدور الفنان الحقيقي، الذي يلامس أوجاع الناس، ويخفف عن المرضى، ويبث الأمل في قلوبهم، ويدعمهم نفسياً"، مشيرة إلى أن رسوماتها لم تعبر عنها فقط بل تجسد الحالة النفسية والجسدية لكل مرضى السرطان، ومراحل تطور المرض وأعراضه وآثار العلاج جسدياً ونفسياً.
وأعادت والدة آية عرض أعمال ابنتها الراحلة عبر فيسبوك لتظل حاضرة أمام محبيها، وكوسيلة لدعم المرضى، خصوصاً لجهة قصة شعر إجبارية، التي تقول عنها: "رسمت آية مجموعة من خمس لوحات تحمل قصة طفلة اسمها يارا كانت مريضة بالسرطان، وبدأت من عمر شهر بتلقي العلاج الكيماوي، وعندما أصبحت في الرابعة من عمرها كانت في أوج معركتها مع المرض بسبب صعوبة توفير العلاج حتى فقدت الأمل بالشفاء، ولكن فجأة تم توريد علاج جديد استخدم معها، أدى إلى شفائها وانتصارها على المرض".
حاولت آية عبر اللوحات أن ترصد مراحل التغير الجسدي والنفسي للمريضة، خصوصاً كطفلة فقدت حياتها الطبيعية، ولم تعشها كبقية الأطفال، وعن مدى العذاب الذي يواجهه المرضى ليحصلوا على حقهم في تلقي العلاج والسفر من أجل ذلك.
"رسومات آية سافرت عبر العالم بلغة الفن التي يفهمها الجميع حتى أن أحد الفنانين الفرنسيين اختار بعض أعمالها، وصمم لها فيديو تقديراً وتخليداً لاسمها ولفنها"، تقول والدة آية وهي تبكي.
روعات اية #آيةعبدالرحمن
Posted by الفنانة التشكيلية آية محمد عبد الرحمن on Thursday, 25 June 2020
عرس وسرطان رحم
في ذروة انشغال العروس بالتحضير لليلة العمر، اكتشفت أنها مصابة بالسرطان قبل فرحها بعشرين يوماً، لتبدأ مشواراً من العذاب في مواجهة المجتمع والحصول على العلاج.
كانت هذه قصة فيلم "20 يوم" للمخرجة الشابة ريما محمود، التي تناول فيلمها قصة شابة، لم يتبق ليوم زفافها إلا 20 يوماً، إذ تُصدم لدى إصابتها بسرطان الرحم، الذي يتمثل علاجه في استئصال الرحم. تقول ريما عن هذه التجربة: "الفيلم قدم حالة إنسانية بحتة تتمثل في مشاعر الصدمة وانكسار فرحة العروس المريضة، واضطرارها للإخفاء عن الجميع لأنها تعرف ردة فعلهم مسبقاً".
في ذروة انشغال العروس بالتحضير لليلة العمر، اكتشفت أنها مصابة بسرطان الرحم قبل فرحها بعشرين يوماً، لتبدأ مشواراً من العذاب في مواجهة المجتمع والحصول على العلاج
وتكمل ريما أن هدفها من الفيلم لفت الانتباه لهذا المرض الخطير، وكيف نتعامل مع المصابين به، ونقدم لهم الدعم النفسي اللازم حتى لا ينفصلوا عن المجتمع، ويتقوقعوا على أنفسهم لأن هذا لن يؤدي إلا لتدهور حالتهم الصحية.
ريما قدمت في الفيلم نهاية غير معتادة، إذ تم زواج البطلة من خطيبها، الذي رفض إلا أن يشاركها رحلة العلاج حتى الشفاء. بهذا هدفت ريما إلى إيصال رسالة للمجتمع بدعم المريض وتقبل مرضه، خصوصاً لأنه لا يد له فيه بل إن في مساندته ودعمه نصف العلاج.
وعلى وقع المشهد الأخير أرادت ريما وفريق الفيلم بث الأمل أيضاً في نفوس المرضى، بأن السرطان ليس نهاية العالم، والحياة معه ليست بهذه السوداوية، ما دامت هنالك عزيمة وتحدٍ وأمل بأن الشفاء ليس بالمستحيل.
مشاهير أصابهم المرض
ليست آية فقط من تناولت مرض السرطان عبر لوحاتها بل على المستوى العالمي والعربي، برز العديد من المشاهير الذين أصابهم المرض، وأصبحوا عبر فنهم داعمين لغيرهم من المرضى، ولعل أبرزهم الفنانة اللبنانية أليسا، التي خرجت بأغنية "لكل اللي بيحبوني"، لتعلن للجمهور تعافيها من مرض سرطان الثدي، بعد أن صمدت عامين.
وكشفت أليسا من خلال الكليب أنها علمت أنها في مرحلة مبكرة من سرطان الثدي في عام 2017، وأظهرت أنها أنهت معركتها معه عبر الدعم الذي تلقته من أصدقائها ومحبيها إذ استعانت بمقطع صوتي حقيقي لها، تروي فيه تفاصيل مرضها، وهي تبكي وفيديوهات تخضع فيها لجلسات كيماوية. وغردت على "تويتر": "لا تبكوا من أجل الكليب، إنه سبب لتبتسموا وتكونوا سعداء، يمكننا محاربة السرطان إذا اكتشفناه مبكراً، أحبكم جميعاً".
وهناك مشاهير آخرون قرروا مواجهة السرطان بالفن والعمل، منهم ياسمين غيث التي جذبت الجمهور في مسلسل "حلاوة الدنيا" في رمضان 2017، إذ تناول المسلسل قضية مرض السرطان، ولم يكتف بأن يجسد معاناتهم ممثلون محترفون، فاستعان بياسمين، وهي مريضة سرطان حقيقية، وكان المسلسل مشاركتها الفنية الأولى.
ياسمين اكتشفت، وهي في التاسعة والعشرين من عمرها، إصابتها بمرض سرطان الثدي. وقالت: "بالصدفة وأنا باغير هدومي حسيت، فعملت فحوصات"، على إثر الفحص قررت إجراء عملية لاستئصال الورم في أسرع وقت. الصدمة لم توقفها أمام المرض رغم صعوبته. بل صمدت حتى باتت ملهمة لغيرها من المرضى، معتبرةً أن الحياة لا تتوقف عند المرض، وأن السرطان ليس آخر العالم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومعن أي نظام تتكلم عن السيدة الكاتبة ، النظام الجديد موجود منذ سنوات ،وهذه الحروب هدفها تمكين هذا...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ 3 اسابيعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...