أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمس الثلاثاء 6 تموز/يوليو، بياناً استثنائياً يعرض فيه تقديم المساعدة الإنسانية إلى لبنان، عبر قوات حفظ السلام "يونيفيل" التابعة للأمم المتحدة "كي تتخطى البلاد الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها".
يأتي عرض غانتس في ظل توقعات بانفجار الوضع الاجتماعي في لبنان جراء الأزمتين الاقتصادية والسياسية اللتين تمر بهما البلاد. وقال غانتس في بيانه: "في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان، وبالنظر إلى محاولات حزب الله لتعميق الاستثمارات الإيرانية في البلاد، فقد تواصلت مع اليونيفيل عبر مسؤولي الجيش الإسرائيلي وناقشت اقتراح نقل مساعدات إنسانية إلى لبنان".
تعاني إسرائيل من ارتداد المشاكل في لبنان إليها، على شكل حوادث عرضية على طول الحدود، إذ يحاول العمال السودانيون والأتراك الذين يجدون صعوبة في كسب لقمة العيش في لبنان التسلل إلى إسرائيل للعثور على عمل.
قبل ذلك بيوم واحد، قال غانتس المُتهم بارتكاب جرائم حرب، في حفل تأبين لجنود احتلال سقطوا في معارك في لبنان، إن "مشهد الجياع في شوارع لبنان يؤذي قلبي"، وإن إسرائيل "مستعدة للعمل مع دول أخرى لمحاولة تحسين الوضع".
من المتوقع أن ترفض الحكومة اللبنانية العرض الإسرائيلي مثلما رفضت على الفور مساعدة تل أبيب التي عرضت عليها بعد الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت في آب/أغسطس الماضي.
الوضع في لبنان
في وقت سابق، لفت رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب إلى أن لبنان على بعد أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية فيه.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 77٪ من الأسر اللبنانية ليس لديها ما يكفي من الطعام، أو المال لشراء الطعام. وحذرت من أن مخزون الأدوية مستنفد بالكامل تقريباً.
ووصف البنك الدولي أزمة لبنان بأنها من أسوأ حالات الكساد في التاريخ الحديث، وذلك بعدما فقدت العملة المحلية أكثر من 90 ٪ من قيمتها، وانحدر أكثر من نصف السكان إلى الفقر.
وتشهد محطات الوقود في لبنان نقصاً حاداً في الإمدادات، ما أدى إلى نشوب تضارب بالأيدي بين المواطنين، وتوقفت آلاف السيارات في انتظار الحصول على البنزين. وبدا أن رئيس الوزراء يحذر من احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات.
من المتوقع أن ترفض الحكومة اللبنانية العرض الإسرائيلي مثلما رفضت على الفور مساعدة تل أبيب التي عرضت عليها بعد الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت في آب/أغسطس الماضي.
لماذا يعرض غانتس المساعدة؟
يرفض اللبنانيون أي مساعدة من إسرائيل، أو أي اتصال منها باستثناء المحادثات المستأنفة مؤخرًا حول ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين لاستخراج احتياطيات الغاز البحرية. ولا يعتقد أن الحكومة اللبنانية سوف تغير سياستها في رفض المساعدة الإسرائيلية على الرغم من محنتها.
في مقال نشره الصحافي الإسرائيلي عاموس هرئيل بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأربعاء 7 الشهر الجاري، رأى أن تصريح غانتس يعكس تغييراً في كيفية رؤية إسرائيل للأحداث في لبنان. ويفسر دوافع التصريح بأن إسرائيل قلقة أن تفتح شدة الأزمة اللبنانية الداخلية الباب لإيران "أن تُصوِّر نفسها منقذة البلاد".
ولفت إلى أنه يمكن أن يميل حزب الله إلى الاستيلاء على زمام الأمور في بيروت، مستغلًا ضعف حكومة تصريف الأعمال ونمو السكان الشيعة في البلاد (تقسيم السلطة في لبنان)، زاعماً أن نسبة الشيعة نمت بينما انخفضت نسبة المسيحيين.
إسرائيل قلقة أن تفتح شدة الأزمة اللبنانية الداخلية الباب لإيران "أن تُصوِّر نفسها منقذة البلاد".
ترى إسرائيل أن رفع معظم العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على إيران بعد العودة المرتقبة للاتفاق النووي، ستضخ تدريجياً مليارات الدولارات في الاقتصاد الإيراني.
ومن المرجح أن تجد بعض هذه الأموال طريقها إلى حزب الله اللبناني، ومن ثم قد تُستخدم في المستقبل لزيادة النفوذ الإيراني في بيروت.
وفقاً لكاتب هآرتس، تفضل إسرائيل أن تأتي الأموال لإعادة تأهيل الدولة اللبنانية وجيشها من الغرب ودول الخليج، بدلاً من إيران أو روسيا أو الصين. وعلى الرغم من انتقادها للجيش اللبناني لـ"فشله" في منع التسلل عبر الحدود وعلاقته بحزب الله، فإن إسرائيل تفضل وجوده هناك كعامل مساعد على الاستقرار، "خاصة عندما يكون البديل هو زيادة نفوذ حزب الله".
تنقل هآرتس عن تقرير للجيش الإسرائيلي، أن الوضع المالي للمواطنين اللبنانيين العاديين أسوأ مما كان عليه قبل عام، عندما أدى انفجار الميناء إلى خروج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع للاحتجاج. وبعدما انهارت قيمة الليرة اللبنانية يواجه الناس صعوبة في شراء الضروريات الأساسية في السوق السوداء.
راهناً، تعاني إسرائيل من ارتداد المشاكل في لبنان إليها، على شكل حوادث عرضية على طول الحدود، إذ يحاول العمال السودانيون والأتراك الذين يجدون صعوبة في كسب لقمة العيش في لبنان التسلل إلى إسرائيل للعثور على عمل.
ويشير كاتب هآرتس إلى أن هناك ارتفاعاً في تهريب المخدرات والأسلحة من لبنان إلى إسرائيل، وأن الأزمة الاقتصادية في لبنان تقف وراء ذلك.
وكشف أن المسؤولين الإسرائيليين يثيرون في اجتماعاتهم السياسية والأمنية مع نظرائهم من الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى، الحاجة إلى منح لبنان المساعدة لضمان استقراره ومنع سيطرة حزب الله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...