شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
وداعاً للدراما التلفزيونية التقليدية وأهلاً بالمنصّات، هل سنقولها!؟

وداعاً للدراما التلفزيونية التقليدية وأهلاً بالمنصّات، هل سنقولها!؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 10 يوليو 202101:49 ص

أعمال تلفزيونية، سينمائية، مسرحية، والآن أعمال للمنصّات الرقمية ذات نظام المشاهدة المدفوعة. هذا النوع الجديد من الأعمال بات يأخذ حيزاً واضحاً واهتماماً ملموساً في سوق الأعمال الدرامية في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، بعد بزوغ نجم المنصّات العالمية مثل: نتفلكس، هولو، أمازون فيديو برايم، إتش بي أو ناو، آبل...، أصبح لدينا عربياً منصات مثل "شاهد" التابعة لمجموعة إم بي سي، و"اتش إت" التابعة لشبكة قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، "إس إن"، "وياك"... وغيرهم.

ساهم دخول نتفلكس إلى المنطقة العربية وإنتاج أعمال ناطقة بلغتها، مثل المسلسل الأردني "جن" عام 2019، والمصري "ما وراء الطبيعة" عام 2020، بتنبيه القنوات الكبرى وشركات الإنتاج لضرورة التحول إلى نظام المشاهدة المدفوعة عبر المنصّات الرقمية.

هذا التحول يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل الدراما التقليدية، وعن الإضافة التي ستصنعها هذه المنصّات للأعمال الدرامية، وعن مصير الدراما السورية بعد النجاح الذي حققه مسلسل "قيد مجهول" والذي عُرض على منصة "أو إس إن".

أعمال تلفزيونية، سينمائية، مسرحية، والآن أعمال للمنصّات الرقمية ذات نظام المشاهدة المدفوعة... هذا النوع الجديد من الأعمال بات يأخذ حيزاً واضحاً واهتماماً ملموساً في سوق الأعمال الدرامية

المنصّات هي مستقبل الدراما؟

تُعبّر الصحافية الفنية رحاب ضاهر عن رأيها من خلال حديثها لرصيف 22، بأنه حتى الآن حضور المنصّات العربية في العالم العربي ضعيف ولا يحظى بإقبال كبير، إلا في دول معيّنة كالسعودية مثلاً، لأنها سوق كبير، وبالتالي من المبكر الحكم على هذه المنصّات بأنها ستكون هي المستقبل، لأنها ليست بمتناول جميع الشرائح الاجتماعية، إذ ما يزال الجمهور الكلاسيكي والتقليدي يتابع الدراما على التلفزيون، وإذا تحدثنا عن الأعمال التي عُرضت في الفترة الأخيرة على منصة "شاهد" هي أعمال تجارية استهلاكية وليست ذات جودة عالية، ولم تفرض وجودها ولم تحظ بالنجاح المتوقع لها، باستثناء "قيد مجهول" الذي عُرض على منصة "أو إس إن".

يخالف ضاهر بالرأي، المدير التنفيذي لشركة قبنض الإنتاجية، أيهم قبنض، حيث اعتبر أنّ هذه المنصّات هي كل شيء في الوقت الحالي وللمستقبل، مؤكداً على أنّ شركته كانت سبّاقة في ذلك.

الجمهور العربي والمنصّات العالمية

دائماً ما يبحث الجمهور العربي عن كل ما هو مختلف وجديد من أعمال على المنصّات العالمية، لذلك هل ستستطيع المنصّات العربية أن تُعيد المشاهد العربي إلى دياره، وتعمل على سد الفجوة الموجودة؟

ساهم دخول نتفلكس إلى المنطقة العربية وإنتاج أعمال ناطقة بلغتها، مثل المسلسل الأردني "جن" عام 2019، والمصري "ما وراء الطبيعة" عام 2020، بتنبيه القنوات الكبرى وشركات الإنتاج لضرورة التحول إلى نظام المشاهدة المدفوعة عبر المنصّات الرقمية

يقول أيهم قبنض لرصيف 22، إنّ الأمر يحتاج إلى قاعدة كبيرة من الترويج والتسويق، وسيأخذ الموضوع بعض الوقت لكي يعتاد الجمهور على ثقافة الدفع من أجل المشاهدة، فهو معتاد على المشاهدة المجّانية، وجمهور هذه المنصّات المدفوعة متواجد في دول الخليج وقليلاً في لبنان، ويرى بأنّ منصة "شاهد" قد فرضت نفسها على الساحة، حسب وجهة نظره.

من جهتها تعتبر ضاهر أنه من المبكر جداً الحديث عن أنّ هذه المنصّات ستلبي حاجة الجمهور العربي: "لا أريد أن أسبب إحباطاً، لكن هذه المنصّات ينقصها الكثير. على سبيل المثال شريحة الشباب تُشكّل نسبة كبيرة في العالم العربي، ومع ذلك لا يوجد أعمال موجّهة لهم وترضي طموحهم، فهذا الجيل غير مرتبط كثيراً بالدراما العربية لأنها لا تُعبّر عنه، فهو جيل وسائل التواصل الاجتماعي والذي يتابع الأعمال العالمية، ولا يرضيه التسطيح الذي تتضمنه الدراما العربية، وهو أيضاً جيل واع ومثقف فنياً، بالإضافة إلى أنّ الأطفال ليس لهم حصّة في هذه المنصّات".

مصير الدراما المشتركة

تقول ضاهر إن الدراما المشتركة مازالت تحظى بالشعبية رغم الانتقادات التي طالت أعمالها، وبدأ الجمهور يعتاد على الخلطة المشتركة وإن كانت غير مُقنعة، لكن يبدو أنه رضخ للأمر الواقع وأصبح ينسجم معها.

وتُكمل، بحسب المعطيات من خلال الأعمال التي عرضت على منصة "شاهد" فإنّ الدراما المشتركة مطلوبة على المنصّات ومستمرة، وذلك لأن المنتج هو ذاته "شركة ايغل فيلمز" و"شركة الصباح"، وفي المستقبل القريب ستدخل الدراما العراقية على الخط، لأن العراق أصبح سوقاً مهماً للمنتجين.

وتتابع: "أكيد الدراما المشتركة هي سورية-لبنانية، لأنّ الدراما المصرية لم تتدخل اللعبة، ويبدو أنّ المنصّات ترى بأنّ الخلطة السورية-اللبنانية لها جمهور ويتم تسويقها بسهولة، فالدراما اللبنانية الخالصة مازالت ضمن إطار المحلية، والدراما السورية تراجعت في السنوات الأخيرة لظروف الحرب، وهذا ما أثر على تسويقها وعزوف القنوات عنها، فبالتالي الخلطة المشتركة هي الأقوى حالياً للتسويق".

شروط المنصّات وغيرة المنتجين

مع شروط المنصّات الصعبة والتي تتضمن عدد حلقات قليلاً من ناحية النص، جودة الصورة من ناحية الإخراج، أداء تمثيلي عالي المستوى وإنتاج سخي... فهل سنشهد منافسة كبيرة ذات مستوى رفيع، وإنتاجياً، هل ستتولد الغيرة عند المنتجين لتقديم الأفضل لتصدّر تلك المنصّات، من خلال موازنة الكفات بين جميع عناصر العمل الدرامي بشكل صحيح وعادل؟

دائماً ما يبحث الجمهور العربي عن كل ما هو مختلف وجديد من أعمال على المنصّات العالمية، لذلك هل ستستطيع المنصّات العربية أن تُعيد المشاهد العربي إلى دياره، وتعمل على سد الفجوة الموجودة؟

في هذا الشأن ومن ناحية النصوص يُجيب الكاتب محمد أبو لبن لرصيف 22، بأنّ التكثيف في الكتابة ليس مرتبطاً بعدد الحلقات، فمسلسل مثل "بريكينغ باد" مكونة من 62 حلقة. الكثافة والابتعاد عن البهرجة والمجانية هي من أساسيات العمل الفني، وليس فقط المسلسل التلفزيوني.

"أظن من الظلم تحميل مسألة الحشو في المسلسلات للكتّاب وحدهم، فالأمر أعقد من هذا التبسيط. الكاتب في النهاية ليعمل عليه أن يخضع بدرجات متفاوتة لشروط إنتاج ومجموعة من الإملاءات الواضحة، بغض النظر عن مشاريع هذا الكاتب الشخصية وتفضيلاته الفنية".

ويكمل: "العُرف السائد الآن بين منتجين كثيرين وقائمين على هذه الدراما أنّ الكثافة لا يفهمها الجمهور الذي يفترضونه، حيث يعتبرون أنه دائماً ما يقوم بعمل آخر إلى جانب المشاهدة، وبالتالي هذا المشاهد يحتاج دائماً لتذكيره بالشخصيات وما يحدث وتلقيمه المعلومات والصراعات بشكل صريح، ولا ننسى قصص وطرائف كُتّاب الدراما مع طلبات المنتجين التعجيزية وتدخلات النجوم بأدوراهم التي لا تنتهي".

أما المنتج أيهم قبنض فيعتبر بأنّ المسألة مرتبطة بما يطلبه السوق، "إذا السوق يطلب عدد 8 حلقات سوف أعمل هذا العدد".

ويضيف، "هذه الموضوع يُمثل مجازفة بالنسبة لشركة الإنتاج، فنحن نتبع لسياسة المحطات والمنصّات وليس ما نريد نحن فعله، فإن كان هناك محطة جاهزة لعرض العمل سوف نُقدم على هذه الخطوة، أما لوحدنا فالأمر صعب".

من جهتها، ترى ضاهر بأنّ عدد الحلقات القليل هو من ضمن الإيجابيات وليس شرطاً صعباً، "على العكس، الصعوبة تكمُن في المط والتطويل في دراما رمضان".

"أما بخصوص النص وجودة الصورة وما إلى ذلك، فأنا غير متفائلة بتقديم الأفضل، لأنها كما ذكرت هي أعمال تجارية يتم سلقها سلقاً وتصويرها بسرعة، والتنافس حتى الآن هو تنافس تجاري لا أكثر".

30 حلقة والمنافسة خارج رمضان

في هذا الصدد يقول أبو لبن، "لا أرى سبباً لتوقف مسلسلات ال 30 حلقة، لقد صارت طقساً من طقوس شهر رمضان! وبشكل أساسي، هي مرتبطة بقنوات العرض التلفزيونية التقليدية، إنه نوع درامي له شروط إنتاجه وعرضه وتلقيه".

تحتاج المنصّات إلى صيغة مختلفة في العمل، تختلف عن الدراما التلفزيونية التقليدية، فهل استعانت شركات الإنتاج بالأسماء الشابة لأنهم أقدر على فهمها والتعامل معها؟

ويضيف: "لا يجب أن تتحوّل كلمة 30 حلقة إلى ما يشبه المسبة أو الانتقاص بالمطلق. أهم ما في الأمر أنها لم تعد الشكل الوحيد لتقديم مسلسل تلفزيوني، هذا سيعني بالضرورة أنّ مجال المنافسة وتوقيتها ما عادا مرتبطين بشهر رمضان وحزمة التحفّظات المرتبطة به".

أما أيهم قبنض فيرى بأنه أعمال الـ 30 حلقة ستبقى موجودة وذلك لأنّ المحطات مازالت تطلبها.

"كوفيد 25، بين السما والأرض... أعمال مدتها 15 حلقة، ولكن عندما اشترت القنوات هذه الأعمال اشترتها كأعمال مدتها 30 حلقة، أي أنّ هناك عملاً آخر معها مدته 15 حلقة، وهذا له علاقة بخطة عرض القناة والمُعلنين، والأمر كله مرتبط بهم وليس بشركة الإنتاج التي إذا رغبت بإنتاج عدد أقل من 30 حلقة فسوف يكون هناك مجازفة".

من جانبها، تقول ضاهر بأنّ موجة الأعمال الطويلة ستنحسر بالتدريج، "فمثلاً، تامر محسن مخرج المسلسل الأنجح "لعبة نيوتن" والذي عُرض في رمضان 2021، لم يغره هذا النجاح، وأعلن أنّ هذا العمل سيكون آخر عمل طويل له، وقال بأنه سيركّز على الدراما القصيرة".

وتتابع: "شهدنا في رمضان 2021 عملين من 15 حلقة، وهذه أولى الخطوات لتقديم أعمال قصيرة والتخلص من كلاسيكيات الماضي، وبالمقابل هذا لا يعني أن تختفي الأعمال الطويلة".

أما بخصوص المنافسة خارج السباق الرمضاني فتقول: "هي موجودة ولكن بخجل، لأنّ رمضان هو الموسم الدرامي القوي الذي يتمثل بوجود النجوم الكبار ونجوم السينما الذين باتوا حريصين على التواجد في الموسم الرمضاني".

وتؤكد ضاهر بأنّ موضوع المنصّات والتنافس خارج رمضان بحاجة لثورة كبيرة قد تتحقق مستقبلاً، لكن حالياً سيبقى الوضع على ما هو عليه.

جيل الشباب وفرصة الظهور

تحتاج المنصّات إلى صيغة مختلفة في العمل، تختلف عن الدراما التلفزيونية التقليدية، فهل استعانت شركات الإنتاج بالأسماء الشابة لأنهم أقدر على فهمها والتعامل معها؟

في هذا الصدد يجيب الكاتب محمد أبو لبن، أنّ المنصّات فرضت على صناعة المسلسل التلفزيوني قواعد وشروطاً وآفاقاً جديدة، إضافة إلى طبيعة منافسة مختلفة.

ويتابع: "لا أظن أن فهم المعايير الجديدة لهذه الصناعة مرتبط بجيل بعينه، أُفضّل ربطه بوعي القائمين على هذه الصناعة لضرورة تطوير أدواتهم ومواكبة تطور العصر. وخيار شركة الإنتاج 'آي برودكشن' في مسلسل 'قيد مجهول' لم يقع علينا نحن شخصياً، بل على فكرة العمل وطريقتنا في تقديمها".

"باختصار سأقولها لك، لا تختلف الأعمال التي تقدم على المنصّات عن الأعمال التي تقدم على الشاشة سوى بعدد الحلقات القليلة فقط: الوجوه ذاتها والأسماء ذاتها، قد يكون مسلسل 'قيد مجهول' خارج هذا السياق لأنه أعطى فرصة للمخرج الشاب السدير مسعود، لإثبات نفسه". تقول الصحافية ضاهر.

وتضيف: "هذه الأعمال التي تعرض على المنصّات لم تصل لشريحة واسعة من الجمهور، لذلك يبقى التلفزيون هو الفرصة التي يتعرّف فيها الجمهور على جيل الشباب، وأذكر السنة الماضية تعرفنا كجمهور على 'رنا رئيس' في مصر، وهذه السنة على 'جنى العبود' في سوريا، حيث حصلت على فرصتها بعمل 'على صفيح ساخن'".

 من جهته، يرى المنتج قبنض، بأنّه من توجيهات المحطات لهم هو تواجد جيل الشباب بالأعمال، وليس فقط المعروفين والمشهورين، حتى وإن لم يكن لهم علاقة بالمجال، وفقط لديهم متابعين كُثر على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويكمل: "السدير مسعود أصبح رقماً صعباً في عالم الإخراج، وتجربته كانت ناجحة، لأنه مؤسس بشكل صحيح ولديه خلفية جيدة عن مجاله".

على ما يبدو ستبقى الدراما العربية حبيسة مجموعة من الشروط والقوانين التي تفرضها عدة جهات وكأنها سلسلة متصلة مع بعضها البعض، من شروط السوق الدرامية، إلى شروط شركات الإنتاج، وشروط الممثلين

المجتمع العربي وجرأة النصوص والأفكار

لم يمر مشهد الممثل عبد المنعم عمايري في مسلسل "قيد مجهول" وهو جالس على كرسي الحمام مرور الكرام، فهناك من اعتبره مشهداً "غير لائق" ولا يجب وجوده، وأيضاً مشاهد القبلات في مسلسل "شارع شيكاغو" لاقت ردور فعل متباينة وهناك من اعتبرها جريئة ولا تمثل عادات المجتمع العربي وتقاليده، ومع أنّ هذه الأعمال تم عرضها على منصات مدفوعة إلاّ إنها لم تسلم من النقد، لذا مستقبلاً هل سيتقبل الجمهور العربي هذه المشاهد و"الجرأة" على حد تعبيرهم؟

تقول الصحافية ضاهر: "أعتقد أنّ المجتمع العربي أصبح أكثر تقبلاً لكثير من الممنوعات أو التابو، فنحن في عصر فقد فيه المجتمع العربي خصوصيته على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت الحياة الخاصة إلى ما يشبه تلفزيون الواقع، فلماذا لن يتقبل مجتمعنا هذه الجرأة؟".

وتضيف أن الاعتراضات والانتقادات التي تطال الأعمال أحياناً لا تتجاوز هاشتاغ لمدة 24 ساعة على تويتر وينتهي الأمر، "ولكن أين هي النصوص الجريئة، فهل قُدّم عمل عن المثلية الجنسية، أو عن العنف الأسري وتعنيف الأطفال، أين هي الدراما النفسية؟".

من جهته يقول أيهم قبنض، بأنّه يجب على المجتمع العربي أن يكون منفتحاً على موضوع جرأة النصوص، معتبراً الأمر ليس بالجديد، فهو موجود في الأفلام المصرية، وبنظره أن ردود الفعل مبالغ فيها بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي يضخم روادها أي حدث كان.

"بالنسبة لـ'شارع شيكاغو'، كل ما قُدّم طُرح ضمن السياق الدرامي للأحداث، ولم يكن هناك معارضة من الممثلين تجاهها، وسنبقى كشركة إنتاج نقدم أعمالاً جريئة، وأكثر مما حدث في هذا العمل".

وعن المحطات يجيب، بأنّ بعض المحطات طلبت العمل وعرضته كاملاً دون اجتزاء، وأخرى عرضته مع قصقصة "المشاهد الجريئة".

"الأفكار المحافظة والخشية من ملامسة المحظورات كانت وستبقى عقبة في وجه أي إبداع، ولا يمكن للإبداع أن ينفتح على آفاق جديدة دون أن يدفع بحدود الرقابة المتعارف عليها إلى مستويات أبعد، وأرجو ألاّ يقتصر الفهم فيما يتعلق بمسألة الجرأة على مشاهد العُري أو الجنس، فالممنوعات الرقابية في المجتمعات العربية أعقد وأخطر بكثير من ذلك، وتقف عائقاً أمام طرح أسئلة وموضوعات إشكالية مثيرة للاهتمام وتحمل خصوصية هذه المجتمعات"، يقول أبو لبن.

ويضيف أن شروط العرض على المنصّات تقدم حلاً لهذا الأمر، فأولاً: هي منصات يفترض أنها لا تخضع مباشرة لسلطات رقابة المجتمعات العربية، وهي تقدم خدمة مدفوعة، أي أنّ المشاهد اختارها راضياً وعلى دراية تامة بما تحويه من مواد متنوعة، ثانياً: كل مسلسل أو فيلم يحمل تحذيراً مرتبطاً بالفئة العمرية التي يمكنها المشاهدة، ثالثاً: هناك الملخص القصير الذي يوضع على كل مسلسل أو فيلم إضافة إلى الكلمات المفتاحية.

"قيد مجهول" يفكّ قيد الدراما السورية

ثماني حلقات كانت كفيلة بإعادة تسليط الضوء على الدراما السورية، "قيد مجهول" والذي يُعدّ أوّل إنتاجات المنتج محمد مشيش في الدراما السورية، بعدما قدّم العديد من الأعمال في الدراما المصرية.

تم تصنيف هذا العمل تحت بند الإثارة والتشويق، تم عرضه على منصة "أو إس إن"، ولاقى استحسان الجمهور والنقاد.

فهل سنشهد من خلال هذا العمل نهضة للدراما السورية وذلك بمساعدة ودعم هذه المنصّات بعد امتناع المحطات عن شراء الأعمال السورية؟ وهل العمل رفع من سقف المنافسة؟

ضمن هذا المحور يُجيبُنا كاتب العمل محمد أبو لبن، فيقول: "قناعتي الشخصية تجاه 'قيد مجهول' أنه كان تطوراً طبيعياً بل وحتمياً للدراما السورية، لو لم يكن 'قيد مجهول' كان لا بد أن يأتي مشروع آخر ليحرّك ما حرّكه هذا المسلسل".

ويتابع: "لكن مازال من المبكر تقييم أثره على صناعة الدراما السورية، الإنتاجات السورية القادمة هي التي ستُظهر إن كان نقطة تحول أو مجرد تجربة خارج السرب، مهما كانت الإجابة، المهم أنّ الدراما السورية أثبتت بهذه التجربة أنها قادرة على تقديم شيء مختلف يحرّض على الأسئلة".

ويضيف: "تطور الدراما السورية لا يتوقف على تجربة هذا العمل أو غيره، بل يحتاج إلى تغيير حقيقي وواعي في آلية التفكير والإنتاج والتوزيع".

كسر إحدى قواعد الدراما المشتركة

صدّرت الدراما المشتركة صورة واحدة عن الهيئة الخارجية التي يجب أن تتوافر في أبطال العمل، من ممثل سوري وسيم إلى ممثلة لبنانية جميلة، ولكن بعد أداء عبد المنعم عمايري الذي شهد إشادة وتفاعلاً من قبل الجمهور والنقاد، هل سيكسر هذا النجاح تلك القاعدة؟

يقول أبو لبن: "لا أظن أنّ الاهتمام بالممثل/ة السوري/ة تراجع في أي فترة من الفترات، ما قدّمه عبد المنعم عمايري هو تأكيد على قدرة الممثل/ة السوري/ة وخريجي/ات المعهد العالي للفنون المسرحية، على تقديم أداء حِرَفي وحساس".

ويكمل: "لا يمكن للدراما المشتركة أن تكسر قواعدها في اختيار الممثلين وإلا لن تبقى مشتركة، هذا نوع من أنواع الدراما العربية سيستمر في الوجود، وله جمهوره ونجومه، وأظن مع الوقت سيتخلص من افتعال حكاياه وشخصياته ويصير قادراً على تقديم طروحات أصيلة".

دبلجة ومنافسة عالمية

تم دبلجة عمل "قيد مجهول" إلى عدد من اللغات، فهل سيكون هذا الأمر كفيلاً لرواج الأعمال العربية في العالم الغربي، وسيستطيع بالتالي النجوم العرب الوصول والمنافسة عالمياً؟

مسألة رواج الأعمال العربية خارج العالم العربي مرتبطة بشكل أساسي بقدرة هذه الأعمال على جذب انتباه واهتمام مشاهدين من لغات وثقافات ومرجعيات مختلفة.

الأمر أولاً مرتبط بطبيعة المواضيع والقضايا التي تطرحها هذه الأعمال وأصالة هذا الطرح وجدّته، ومرتبط أيضاً وبشكل أساسي بمستوى الإنتاج والتنفيذ، فالمنافسة في منصات مثل "هولو، أمازون، نتفلكس، إتش بي أو"، تختلف عن المنافسة العربية التي اعتدنا عليها في الموسم الرمضاني وعلى قنوات التلفزيون التقليدية. يُجيب أبو لبن.

نجاح أو فشل، تطور أو تراجع... على ما يبدو ستبقى الدراما العربية حبيسة مجموعة من الشروط والقوانين التي تفرضها عدة جهات وكأنها سلسلة متصلة مع بعضها البعض، من شروط السوق الدرامية، إلى شروط شركات الإنتاج، وشروط الممثلين... وعدة شروط وعوامل أخرى.

وبين مجموعة هذه الشروط سيبقى المتلقي، إما الخاسر أو الرابح الوحيد، فهل هناك من يهتمّ لرفع سوية الأعمال المُقدّمة، ومن يرغب في جعل السيء هو الطفرة وليس العكس؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard