جدد الرئيس التونسي قيس سعيد انتقاداته إلى دستور بلاده قائلًا إن التجربة أثبتت ان الدستور التونسي الحالي "غير مناسب وغير ملائم".
جاءت تصريحات سعيد، أمس الاثنين 21 يونيو / حزيران، خلال استقباله للسياسي التونسي لطفي زيتون، المستشار السابق لحركة النهضة التونسية، وهي أحد الاطراف الرئيسة للصراع السياسي الذي تشهده تونس منذ يناير/ كانون الأول الماضي. وأتى لقاء الرئيس التونسي مع القيادة السابق بالنهضة، في إطار لقاءات الحوار الوطني التي بدأت في تونس العاصمة لاحتواء الشقاق السياسي بين رئيس الوزراء هشام المشيشي المدعوم من حركة النهضة المحسوبة على الإخوان المسلمين، والرئيس التونسي وفي جبهته أحزاب علمانية يقود بعضها محسوبون على نظام الرئيس الأسبق – المطاح في ثورة شعبية- زين العابدين بن علي.
خلال الحوار الوطني الذي تم في القصر الرئاسي في 15 يونيو/ حزيران الجاري، تمسك الرئيس قيس سعيد بحوار وطني آخر يقود إلى تعديل النظام السياسي الحالي من برلماني إلى رئاسي بعد أن " أثبتت التجربة أن التنظيم السياسي الحالي وطريقة الاقتراع المعتمدة أديا إلى الانقسام وتعطل السير العادي لدواليب الدولة".
وتقترب تونس من سيناريو الدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة، بسبب حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد.
وخلال الحوار الوطني الذي تم في القصر الرئاسي في 15 يونيو/ حزيران الجاري، تمسك الرئيس قيس سعيد بحوار وطني آخر يقود إلى تعديل دستور 2014، والنظام السياسي الحالي من برلماني إلى رئاسي بعد أن " أثبتت التجربة أن التنظيم السياسي الحالي وطريقة الاقتراع المعتمدة أديا إلى الانقسام وتعطل السير العادي لدواليب الدولة"، حسب بيان الرئاسة.
وفي ظل تمسك الرئيس بمطلبه الذي كان قد دعا إليه أثناء حملته الانتخابية، تصاعدت الدعوات إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة، ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر منظمة نقابية بالبلاد، إلى "الإسراع في تجاوز الأزمة السياسية والدستورية القائمة في تونس بأقرب الآجال، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة".
ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر منظمة نقابية بالبلاد، إلى "الإسراع في تجاوز الأزمة السياسية والدستورية القائمة في تونس بأقرب الآجال، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة".
وعبر الاتحاد في بيان عن رفضه استمرار الأزمة السياسية، متهمًا مختلف الأطراف الحاكمة بالعمل على تعميقها "بمواصلة المناورات والتجاذبات والتراشق بالتهم وتعطيل أي حلّ ينقذ البلاد"، مدينًا تصريحات رئيس الجمهورية التي شككت في الحوار الوطني الذي قاده الاتحاد التونسي عام 2013، وتصريحات رئيس حركة النهضة التي "شوهت عمال تونس"، وفق وصف البيان.
ودان الاتحاد أيضًا ما وصفه بـ "سياسة القمع والمعالجة الأمنية التي تعاملت بها الحكومة مع التحرّكات الاحتجاجية الشعبية والمدنية والحزبية"، وحث أطراف الصراع على تجاوز الأزمة السياسية الحالية في أسرع وقت.
وتمر تونس بأزمة سياسية إثر الخلافات بين سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من حركة النهضة، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، ورفضه الرئيس سعيد.
ويرى سياسيون تونسيون أن الدستور يتضمن الكثير من النقاط الجدلية، التي تحتاج إلى تعديل يتعلق بتوزيع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث، "للخروج من الانسداد السياسي" الحاصل بالبلاد منذ أكثر من أربع سنوات.
حقوق دستورية
قالت الكاتبة والمحللة السياسية التونسية ضحى طليق لرصيف22 إن الدعوة إلى انتخابات مبكرة وتعديل الدستور، لا تتعارض مع أحكام الدستور القائم، الذي يمنح رئيس الدولة صلاحية الدعوة. وقد أعطى الدستور للرئيس الحق في الدعوة إلى تعديل الدستور بحسب ما نصت عليه المادة143 منه، ومفادها: "لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب حقّ المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية النظر".
سبق أن تعرضت تونس لأزمة سياسية عنيفة في عام 2013 على خلفية اغتيال المعارض شكري بلعيد، والنائب محمد البراهمي، ووقع اختلاف عميق بين السلطة المتمثلة في تحالف حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات من جانب، والمعارضة المشكلة من أحزاب واتحادات أخرى من جانب آخر. فقاطع المعارضون المجلس التأسيسي لإعداد الدستور، ووصلت البلاد إلى الانسداد السياسي، حينذاك قاد الرباعي الراعي للحوار - الفائز بجائزة نوبل للسلام في عام 2015 - الحوار الوطني، الذي توِّج بالمصادقة على دستور 2014 وتكوين حكومة تونسية مستقلة وهي حكومة مهدي جمعة، إلا أن تداعيات الحوار أسفرت عن تجذّر حركة النهضة، وهو أمر لا يرضي الكثير من السياسيين في تونس.
تقول طليق لرصيف22 إن تونس جربت خيار الحوار السياسي، الذي مثّل طوق نجاة للأطراف السياسية التي كانت تحكم من 2011 إلى 2013 (تقصد حركة النهضة) وأعادها من جديد للحكم "لتواصل إدارتها الفاشلة لدواليب الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر"، لذا فإن خيار الانتخابات المبكرة - حسب طليق - هو الأفضل لتلافي إعادة إنتاج نفس المشهد ونفس الفاعلين، أو على الأقل جزء منهم.
"النهضة" هي الهدف
تحظى حكومة هشام المشيشي بدعم حزام سياسي مكون من حركة النهضة وحزب قلب تونس، وهو تحالف يشكل أغلبية البرلمان. وحتى يتم تعديل الدستور، لا بد من موافقة ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب، حسب المادة 144 من الدستور.
قال محسن النابتي الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي في تونس إن المنظومة الحاكمة في تونس غير قادرة على إنجاز أي شي، مشيرًا إلى أن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، لا بد أن تسبقها إجراءات عدة حتى لا تتكرر نفس نتائج الحوار الوطني في عام 2013.
أول هذه الإجراءات حسبما ذكرها النابتي لرصيف22 هو "محاسبة النخبة الحاكمة على الجرائم السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد"، ثم إحداث تغيير شامل في القانون الانتخابي والنظام السياسي، فالدعوة إلى استفتاء على الدستور.
فيادي بالتيار الشعبي: "لا بد من محاسبة النخبة الحاكمة على الجرائم السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد"، ثم إحداث تغيير شامل في القانون الانتخابي والنظام السياسي، فالدعوة إلى استفتاء على الدستور.
لكن النابتي عاد وقال إن تونس تحتاج إلى تغيير شامل في المنظومة الحاكمة قبل الدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة، "لأن المشكلة ليست في إجراء الانتخابات وتعديل القانون الانتخابي فقط، فلا يمكن للبرلمان الذي يتزعمه الإخوان أن يوافق على تنقيح القانون. وإنما المشكلة في النظام السياسي الحالي البرلماني الذي أدى إلى تنازع الاختصاصات بين الرئاسات الثلاث".
وشدد على أن الحوار الوطني في ظل المنظومة الحالية مستحيل، والهدف منه إعادة إنتاج منظومة الحكم الحالية من جديد. وبالتالي حسب النابتي "لا بد من خروج الشعب ضد الإخوان، ثم إعادة صياغة قانون انتخابي جديد وتعديل الدستور من برلماني معدل إلى رئاسي".
النهضة تتراجع
في غضون ذلك، أعرب الناطق باسم حركة النهضة الإسلامية فتحي العيادي تأييد حركته لإجراء انتخابات عامة مبكرة في حال فشل الحوار الوطني، شريطة تعديل القانون الانتخابي قبل القيام بهذه الخطوة.
وترى ضحى طليق أن موافقة حركة النهضة على خيار الانتخابات العامة يؤكد ازدواجية خطاب الحركة، التي كانت في البداية ضد فكرة إجراء الانتخابات، والآن لا تعارضها بسبب فشلها في إقناع الناس بجدوى خياراتها.
وقالت إن حركة النهضة لم يعد " لديها أي خيار إذ عليها القبول بالذهاب إلى انتخابات مبكرة لكنها في نفس الوقت تعمل جاهدة مع حلفائها باتجاه خيار الحوار الوطني، علمًا أن رئيس الجمهورية يسير في اتجاه انتخابات مبكرة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...