نشرت مجلة دير شبيغل الألمانيّة تقريرًا خلاصته أنّ وزير المال الألماني أولاف شولتز حصل على بيانات من مكتب الضرائب الفيدرالي المركزي، تكشف عن عمليات احتيال ضريبيّة ضخمة قام بها عدّة آلاف من الألمان الذين يملكون، من بين أشياء أخرى، أراضي وعقارات في دبي.
بحسب التقرير، فإنّ وزير المالي الألماني يتوقع أن تكشف هذه البيانات عن جرائم ضريبيّة كبيرة عابرة للحدود. وقالت مجلة دير شبيغل إنّ مكتب الضرائب الفيدرالي المركزي حصل على المعلومات من "مُخبر مجهول" مقابل مليوني يورو.
فيما علّق شولتز على الأمر قائلًا إنّ "ألمانيا اشترت مجموعة نفيسة من البيانات التي قد تساعد مسؤولي الخزانة على تعقب التهرب الضريبي المحتمل من قبل المواطنين الألمان الأثرياء".
ويأتي الكشف الالماني بعد أيام معدودة من نشر المفوضية الأوروبية نتائج تحقيق موسع، خلصت فيه إلى "فشل" الإمارات في الالتزام بالمعايير الاوروبية في مكافحة غسيل الأموال.
يأتي الكشف الالماني بعد أيام معدودة من نشر المفوضية الأوروبية نتائج تحقيق موسع، خلصت فيه إلى "فشل" الإمارات في الالتزام بالمعايير الاوروبية في مكافحة غسيل الأموال.
جرائم الأموال في الإمارات
التحقيق الذي نشرت المفوضية الأوروبية نتائجه مطلع هذا الاسبوع يأتي بعد أربعة أشهر من تهديد وجهته المفوضية في شباط/ فبراير الفائت إلى دولة الإمارات العربيّة المتحدة، بإدراجها على قائمة الاتحاد الأوروبي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي قائمة بالدول التي تشكّل وجهة جذابة لـ"الأموال القذرة"، وأنذرت الإمارات أن انضمامها للقائمة سيقع "ما لم تحرز تقدمًا كبيرًا" في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
اعتمدت المفوضيّة على تقارير حصلت عليها من جهات عدّة، أبرزها تقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمعنون بـ"دور دبي في تسهيل الفساد والتدفقات الماليّة العالميّة غير المشروعة"، إذ جاء في التقرير أنّ "الغالبية العظمى من المعاملات الماليّة والتجاريّة والعقاريّة في دبي لا ترتبط بنشاط غير قانوني، لكن جزءًا من دعم ازدهار دبي هو التدفق المستمر للعائدات غير المشروعة الناتجة عن الفساد والجريمة".
وأضاف التقرير أنّ "الجهات الفاعلة والفاسدة والإجراميّة من جميع أنحاء العالم تعمل من خلال دبي أو انطلاقًا منها، مثل أمراء الحرب الأفغان ورجال العصابات الروس والحكّام النيجيريين وغاسلي الأموال الأوربيين ومنتهكي العقوبات الإيرانيين ومهربي الذهب من شرق أفريقيا، كلّهم يجدون دبي مكانًا ملائمًا للعمل".
وكانت الحكومة البريطانيّة قد أعلنت في نيسان/أبريل الماضي عن فرض عقوبات على شخصيّات عالميّة، من بينها أشخاص يقيمون في الإمارات، بتهم غسيل الأموال. وفي تقرير قُدم إلى البرلمان البريطاني تحت عنوان "تقييم المخاطر الوطنيّة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب 2020" جاء فيه التشديد على ضرورة تسليط الضوء والبحث والتحري أكثر في المعاملات المالية المشبوهة التي تتم في الإمارات.
أضاف التقرير أنّ "أمراء الحرب الأفغان ورجال العصابات الروس والحكّام النيجيريين وغاسلي الأموال الأوربيين ومنتهكي العقوبات الإيرانيين، كلّهم يجدون دبي مكانًا ملائمًا للعمل".
كذلك وقع اثنا عشر عضوًا في البرلمان الأوروبي، في العاشر من أيار/ مايو الفائت، على عريضة وُجهت إلى المفوضيّة الأوروبيّة مطالبة إياها بالحد من عمليات غسيل الأموال في الإمارات.
وجاءت العريضة إثر خطاب نشره مركز الشفافيّة الديمقراطيّة Democracy Transparency Center، حول مكافحة غسيل الأموال والأنشطة الماليّة غير القانونيّة وتأثيرها على أوروبا.
في هذا السياق، يذكر أنّ "سامر فوز"، أحد أشهر أثرياء الحرب في سوريا والمقرّب من بشار الأسد، يتخذ من الإمارات مقرًا له ومركزًا لأعماله، وأن الولايات المتحدة كانت قد فرضت عقوبات على شركتين من شركاته التي تتخذ من دبي مقرًا لها. إلا أنها قامت برفع العقوبات الأسبوع الماضي من دون إبلاغ الكونغرس بشكل مفاجئ يعرض إدارة الرئيس الأمريكي للمساءلة البرلمانية. وكذلك يقيم رجل الأعمال السوري فراس طلاس في دولة الإمارات، وطلاس سُجن سابقًا في الإمارات بسبب دوره المشبوه في فضيحة شركة "لافارج" الفرنسيّة، إذ اُتّهم بتنسيق التعاون بين الشركة الفرنسيّة وتنظيم داعش الإرهابي، وإعطاء أموال للتنظيم مقابل استمرار تشغيل المعمل.
التهرب الضريبي في القانون الإماراتي
قرّر المشرّع الإماراتي في شأن ارتكاب جرائم متعلّقة بالتهرب الضريبي، في المادة "26 إجراءات ضريبيّة اتحاد" بفرض عقوبة السجن والغرامة بما لا يتجاوز خمسة أضعاف الضريبة التي لم يسدّدها الخاضع للضريبة، أو تهرّب من سدادها، أو بإحداهما، وذلك من دون الإخلال بأيّة عقوبة أشدّ ينص عليها أي قانون آخر.
وفي إطار تحسين مكافحة غسيل الأموال على أراضيها، أنشأت الإمارات في العام الفائت محكمة خاصة بجرائم غسيل الأموال والتهرب الضريبي، وذلك "في إطار الأولويّة الإستراتيجيّة للدائرة القضائيّة لتحسين عملية التقاضي وإنشاء نظام قضائي عادل ومنصف".
وسبق أن حكمت محكمة في أبو ظبي خلال تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2020، على مواطن بريطاني بالسجن عشر سنوات، ودفع غرامة قدرها خمسة ملايين درهم إماراتي يليها الترحيل، كما حكمت على ثمانية متهمين آخرين (إماراتي وفرنسي وألماني وقرغيزي وكازاخستاني وليتواني وهندي وهولندي) بالسجن سبع سنوات، ودفع غرامة قدرها خمسة ملايين درهم يليها الترحيل (باستثناء المواطن الإماراتي).
كما أمرت المحكمة تسع شركات بدفع غرامة قدرها خمسون مليون درهم لكلّ منها، إضافة إلى مصادرة عائدات جرائمها الماليّة، بما في ذلك الأموال النقديّة والأصول الملموسة وغير الملموسة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...