في مؤشر على احتمال تراجع العلاقات السعودية الإماراتية، رجحت مجلة "بلومبرغ" الأمريكية نشوب صراع نفطي بين السعودية والإمارات، يؤدي الى تراجع سيطرة الرياض على إمدادات النفط في الشرق الأوسط.
وكشفت بلومبرغ الخميس 18 مارس/آذار أن شركة أبوظبي الوطنية للطاقة "طاقة" تدرس بيع أصول لها في الخارج، بعدما تعرضت لخسائر فادحة إثر هبوط أسعار النفط بسبب جائحة كورونا.
التعليقات الواردة في تقارير الوكالة تفيد أن الإمارات غاضبة من تقليل السعودية حصة الإمارات في بيع النفط عالمياً، كما أن السعودية قررت الضغط على الشركات الأجنبية لنقل مقارّها إلى الرياض، علماً أن دبي يعتمد اقتصادها على اجتذاب الاستثمارات عبر توطين المراكز الإقليمية للعديد من الشركات والبنوك الكبرى.
نفط مربان
كشفت بلومبرغ أن السعودية من المحتمل أن تفقد سيطرتها نهائياً على النفط، بعدما يبدأ المتداولون اعتبارًا من 29 آذار/مارس الحالي في بورصة "إنتركونتيننتال ice" شراء وبيع العقود الآجلة، على أساس "خام مربان" الذي تنتجه شركة بترول أبوظبي الوطنية.
وأشارت الوكالة إلى أن مشتري خام مربان سيتمكنون من بيعه في أي مكان في المنطقة والعالم، على غرار خام غرب تكساس في الولايات المتحدة، وهو لا يخضع لقواعد منظمة "أوبك" التي تتحكم فيها السعودية، وتحدد من خلالها كميات النفط التي تصدرها كل دولة.
وشددت على أن هذا الإجراء "عاجلاً أم آجلاً يضعف أوبك وتحالف الدول المصدرة للنفط".
ونقلت عن خبير اقتصاد الطاقة فيليب فيرليغر، من شركة بي. كيه فيرليجر، قوله إن قدرة أوبك والتحالف على الحفاظ على الأسعار ستنهار مع بدء نشاط الخام الإماراتي.
الإمارات تدرس بيع أصول في قطاعي النفط والغاز في الخارج بسبب تفاقم الخسائر، وتطرح خام جديد سيشعل أزمة وصراع مع السعودية
أبو ظبي غاضبة
وقالت المجلة إن أبو ظبي غاضبة من محاولات السعوديين دعم أسعار النفط بالحد من الإنتاج، وأن نصيب الإمارات من الطاقة التخزينية أقل من حصة السعوديين.
وتتوقع بلومبرغ أن تضعف عقود مربان الآجلة من إستراتيجية السعودية في مضاعفة الأرباح من خلال البيع للعملاء بأسعار مختلفة حسب الظروف المحلية، ومنع إعادة البيع.
وفي رأي الوكالة الأمريكية، من المرجح أن يتفوق أداء خام مربان الإماراتي على خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت. وأن يصبح أهم معيار لأسعار النفط في العالم.
وأعلنت الإمارات عن تحويل خام مربان إلى خام قياس في 2019، كما كان من المقرر أن يبدأ التداول به في 2020، لكن تم تأجيله إلى هذا العام.
ويعتبر خام مربان مهماً كزيت خفيف الوزن مع حموضة نسبية، لكنها أقل من حموضة خام دبي وعمان، لذلك تفضله الأسواق الآسيوية.
وأطلق على النفط الإماراتي اسم مربان نسبة إلى الحقل الذي اكتشف فيه، وهو حقل يقع غرب أبوظبي، وتقدر احتياطياته بنحو 11 مليار برميل، وينتج أكثر من 1.7 مليون برميل يومياً.
تعويض الخسائر؟
أفادت بلومبرغ وموقع قناة العربية السعودية أن شركة أبوظبي الوطنية للطاقة "طاقة" تدرس خيارات لأصولها من النفط والغاز، بما في ذلك البيع المحتمل، حيث أصبحت الشركة تعاني خسائر كبيرة على خلفية هبوط الأسعار بسبب جائحة كورونا.
وكشفت مصادر لبلومبرغ أن محفظة الشركة الإماراتية من الأصول في قطاع النفط والغاز، من المحتمل أن تكون أقل بكثير من مليارات الدولارات التي أنفقتها الشركة على بنائها.
وفي عام 2020 ، حققت "طاقة" إيرادات بلغت نحو 4.2 مليار درهم (1.1 مليار دولار) ، بانخفاض 31٪ عن العام السابق. وانخفضت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء بنسبة 71٪، ووصلت إلى 700 مليون درهم.
وكانت الشركة الإماراتية تبني وحدتها الخاصة في مجالي النفط والغاز، وذلك عبر عمليات استحواذ على أصول شركات أخرى. على سبيل المثال اشترت شركة "Northrock Resources" ومقرها كالغاري الكندية مقابل مليارَي دولار في عام 2007.
واستحوذت على أصول "BP Plc" في بحر الشمال مقابل 1.1 مليار دولار في عام 2012. وفي المملكة المتحدة، تشغل الشركة أيضاً خط أنابيب "Brent System"، الذي ينقل حوالي 5٪ من نفط البلاد.
رداً على السعودية
يأتي القرار الإماراتي بعدما قررت الحكومة السعودية في الشهر الماضي، الضغط على الشركات الدولية لتحويل مراكزها ومقارها في الشرق الأوسط إلى المملكة، مما يشكل تحدياً مباشرًا لدول المنطقة مع احتدام التنافس الإقليمي.
وأعلنت الحكومة السعودية أنها ستتوقف الحكومية اعتباراً من بداية عام 2024، عن توقيع العقود مع الشركات الأجنبية التي تتخذ مقارَّ إقليمية لها في أي دولة أخرى في منطقة الشرق الأوسط، ولا يوجد مقر لها في المملكة.
وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في مقابلة هاتفية مع وكالة بلومبرغ الأمريكية: "ليس من الطبيعي أن تحصل الشركات - التي ليس لديها مركز صنع قرار في بلدنا - على العقود الأولية من الحكومة والجهات الحكومية".
وأضاف الوزير السعودي: "ستكون (العقود) مكافأة لأولئك الذين يختارون أن يكونوا هنا (ينشئون مقارّ في المملكة)".
الحرب المعلنة بدأت بالضغط السعودي على الشركات العالمية لتنقل مقارها الإقليمية من الإمارات إلى الرياض
الوكالة الأمريكية لفتت إلى أن القرار السعودي يؤثر على الشركات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، مشيرة إلى أن مدينة دبي أصبحت منذ فترة طويلة هي مركز أعمال في الخليج لكل شيء، من الخدمات المصرفية إلى النقل. لكن الأمير محمد بن سلمان خصص 800 مليار دولار ليجعل بلده مركزاً للشركات.
خلال السنوات الماضية، كانت السعودية والإمارات على اتصال بالسياسة الخارجية. ونجحت الصداقة الوثيقة بين حكامهما الفعليين، محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في خلق أهم تحالف في الشرق الأوسط.
يشترك الزعيمان الشابان في الخوف من إيران وكراهية تركيا والإخوان المسلمين، وشكلا تحالفات مع دول عربية أخرى لخوض حرب في اليمن وفرضا حظراً على قطر.
خارج منطقة الشرق الأوسط، تعاونا للتوسط في اتفاق سلام بين إثيوبيا إريتريا ومتابعة التحالفات العسكرية والأمنية في آسيا وأفريقيا، بل إنهما، في بعض الأحيان، قد تعهدا شراكة اقتصادية في الداخل وفي أماكن أبعد.
وعلى الرغم من هذا التحالف البعيد الأمد، هناك هدف مشترك يهدد بالانقسام بينهما، وهو أن كليهما حريص على تقليل اعتماده على صادرات النفط والغاز من خلال تنويع الاقتصاد، وهذا يضعهما في مسار تصادمي.
يسعى السعوديون والإماراتيون إلى توسيع الاعتماد اقتصادياً على السياحة، والخدمات المالية، والخدمات اللوجستية، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا. ونظرًا لأن كليهما يفتقر إلى مجموعات المواهب المطلوبة لخدمة هذه الصناعات، يجب عليهما التنافس للحصول على خبرة المغتربين وكذلك الاستثمار.
من المتوقع أن تزداد حدة المنافسة مع استنزاف البلدان النفطية لثرواتها المتراكمة من صادرات النفط والغاز. ويعتقد صندوق النقد الدولي أن هذا الكنز سيكون خاليًا بحلول عام 2034. وقد أدى وباء كورونا إلى هبوط أسعار النفط، وهو ما شجع جميع دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة التنويع.
تتمتع الإمارات بميزة المحرك الأول، فهي بالفعل تجتذب العمال المهرة منذ عقود، وهي مركز إقليمي مفضل للشركات المتعددة الجنسيات.
على مدار العامين الماضيين فقط، كانت هناك منافسة شديدة على المواهب بين دبي والسعودية، حيث قدم الأخيرة سوقاً أكبر لتعويض نمط الحياة الأكثر ليبرالية في الإمارات بحسب وكالة بلومبيرج.
وفقا للوكالة، يشعر المسؤولون السعوديون بالإحباط من الاستشاريين والمديرين التنفيذيين الذين يعملون في مشاريع سعودية واستقروا في دبي.
وقال بعض رجال الأعمال إن السعودية عملاق نائم يستيقظ، إذ تمتلك سوقاً استهلاكياً يبلغ ثلاثة أضعاف حجم الإمارات، ومشاريع ضخمة مخططة بمئات المليارات من الدولارات ومجتمعاً شاباً، "تغير سريعاً ولا يمكن التعرف عليه الآن"، بعدما كانت المملكة شديدة المحافظة منذ خمس سنوات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين