شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"حسن بيك"... قصة المسجد الذي "صُعق" لرؤيته سفير الإمارات لدى إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 2 يونيو 202105:21 م

"حين وصلت إلى هنا صُعقت تماماً… ما توقعت أشوف مسجد في مكان في وسط في قلب تل أبيب. للأسف، بعض القنوات التلفزيونية، وبعض الأشخاص في (قناة) الجزيرة أو (جماعة) الإخوان المسلمين يحاولون إظهار صورة مغايرة لأبناء منطقتنا".

هذا ما قاله سفير الإمارات لدى إسرائيل محمد الخاجة بينما كان يتغنى بـ"الحياة" و"الناس الطيبين ذوي القلوب الدافئة" في إسرائيل في حضرة رئيس مجلس حكماء التوراة، الحاخام الأكبر شالوم كوهين، في منزله بالقدس المحتلة.

وكان الخاجة قد زار الحاخام الإسرائيلي الأحد 30 أيار/ مايو، لـ"تلقي بركة الكهنة" و"مناقشة الاتفاقات الإبراهيمية". كما دعاه إلى افتتاح "معبد الديانات الإبراهيمية الثلاث بأبو ظبي".

أقدم من إسرائيل والإمارات

هذا المسجد الذي غاب عن السفير الإماراتي أن يذكر اسمه، بينما يجهل تاريخه، هو مسجد "حسن بيك" الذي يكبر "دولتي" إسرائيل والإمارات عمراً، بحسب ما أوضح موقع "متراس" الفلسطيني.

يقع المسجد في يافا، إحدى أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية التي تتبع في التقسيم الإداري للاحتلال بلدية "تل أبيب - يافا". وهو أحد أكثر المساجد التاريخية شهرةً في فلسطين ويافا. ويوصف بأنه "شاهد على عروبة يافا".

وكان قد بناه حسن بيك الجابي الدمشقي، الحاكم العربي العسكري ليافا، في حيّ المنشيّة، شمال المدينة، منذ عام 1913 حتى افتتاحه عام 1916. وذلك على الطراز العثماني على مساحة تزيد عن ألفي متر مربع.

أقدم من إسرائيل والإمارات وشاهد على جرائم الاحتلال ومساعي "التهويد"… تعرفوا على قصة مسجد "حسن بيك" الذي "صُعق" السفير الإماراتي في إسرائيل، محمد الخاجة، لدى رؤيته

 حين بُني المسجد، لم يكن هناك مما يُعرف اليوم بـ"تل أبيب" إلا حي استيطاني صغير يسكنه المهاجرون اليهود. وكان المقاتلون العرب قد تحصنوا بالمسجد واستخدموا مئذنته المرتفعة لقنص أفراد العصابات الصهيونية خلال معارك النكبة.

شاهد على فظائع الاحتلال

وبينما تباهى السفير الإماراتي بوجود المسجد كدليل، في رأيه، على التعايش في دولة الاحتلال، يشهد "حسن بيك" وفي كل مراحله التاريخية وإلى الآن على جرائم إسرائيل.

بدايةً من عام 1948، هدم الإسرائيليون حيّ المنشيّة بأكمله وهجّروا سكانه إذ لم يتبق سوى بقايا بيوت مهدمة، وهذا المسجد الذي أغلقه الاحتلال وأهمله بل سعى إلى هدمه عدة مرات تحت ذريعة "تطوير المدينة". وقد جرى انهيار سقفه في خمسينيّات القرن الماضي، وتحويله إلى إسطبل للخيول ووكر للعصابات ومتعاطي المخدرات.

أما في عام 1973، فطُرح مشروع لتحويل المسجد إلى مركز تسوق إسرائيلي بعقد إيجار مقابل "شيكل واحد" ولمدة "99 عاماً". عقب ظهور الصفقة للعلن، نظّم الفلسطينيون احتجاجات كبيرة، واحتشد المئات داخله لصلاة الجمعة ولأول مرة بعد عقود من الإغلاق، فألغي المشروع.

"إنشالله ترجعون أقوى في المنطقة كلها"... انحناء سفير الإمارات لدى إسرائيل أمام حاخام لنيل "البركة" لا يزال يثير ردود فعل واسعة لليوم الثالث، لا سيّما إشادة السفير بـ"لطف" و"طيبة قلب" مواطني دولة الاحتلال

بعد ذلك هُدمت مئذنة المسجد في عام 1981، وتذرع الاحتلال بأن الهدم تسبب به الهواء، لكن التحقيقات أفادت بأنه "حادث يقف وراءه متطرفون يهود". عقب هذه الحادثة، أنشأ أهالي يافا "لجنة الهيئة الإسلامية" للإشراف على المقدسات الإسلامية والاعتناء بها.

وجرى ترميم المسجد بين عامي 1981 و2010 حتى أصبح في صورته الحالية إذ يضم باحة كبيرة ومكتبة ومرافق أخرى، وتقام فيه الصلوات بانتظام منذ ذاك الحين. علماً أن الاحتلال يمنع رفع الأذان بصوت عال منه، بحجة "عدم إزعاج" روّاد الفنادق الضخمة الفاخرة ومراكز اللهو المُحيطة به.

وتجدر الإشارة إلى أن اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على المسجد لا تتوقف، وقد تعرض مراراً لأكثر من محاولة إحراق وتكسير النوافذ والممتلكات، وتدنيسبرأس الخنزير، واقتحام، وخط عبارات عنصرية عليه. وهو ما يدفع أهالي المدينة الفلسطينية المحتلة إلى التناوب على حمايته.

بينما تباهى السفير الإماراتي بوجود المسجد كدليل، في رأيه، على التعايش في دولة الاحتلال، يشهد "حسن بيك" وفي كل مراحله التاريخية على جرائم إسرائيل والمستوطنين ومحاولات التدنيس والإحراق والتهويد

يُذكر أن مقابلة السفير الإماراتي الحاخام الإسرائيلي وانحناءه لنيل "البركة" أو "المباركة" منه لا تزال تثير ردود فعل مستنكرة وساخرة على نطاق واسع لليوم الثالث على التوالي، لا سيّما أن السفير الإماراتي تمنى للإسرائيليين "إنشالله ترجعون أقوى في المنطقة كلها".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image