شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
الحرب على الفلسطينيين حوّلت منصة

الحرب على الفلسطينيين حوّلت منصة "لينكد إن" إلى ساحة لعرض جرائم إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 21 مايو 202111:37 ص

تعمّدت منصّات فيسبوك، تويتر، إنستغرام، تليغرام، وتيك توك التعتيم الإعلامي على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وعلى الانتهاكات التي تطال أبناء القدس الشرقية، وخاصةً سكّان حي الشيخ جراح...

على الأقل هذا ما يقوله ناشطون يتهمون منصات التواصل الاجتماعي المذكورة بأنها ترسل إليهم تحذيرات من تكرار نشر محتوى مؤيد للفلسطينيين ومندد بإسرائيل، تحت طائلة إغلاق حساباتهم،، وهو ما واجهه البعض بالفعل.

لم يستسلم الناشطون لهذه التضييقات، فكلما واجهوا التضييق على حرياتهم في منصة، كانوا يذهبون إلى منصة أخرى، حتى وصلوا إلى منصة "لينكد إن" المهنية، والتي ظهرت عام 2003، وتُستخدم كشبكة تواصل مهنية، للبحث عن وظائف.

فجأة، تحوّلت شبكة "لينكد إن" إلى ساحة لعرض ما يحدث في حي الشيخ جراح، وما يواجهه سكانه من تهديدات بالتهجير، ثم لعرض الحرب على غزّة. واعترض البعض على حرف المنصة عن هدفها الأساسي وهو التوظيف، لكن هذه الاعتراضات قابلها آلاف بالرفض، مبررين ذلك بأن قول الحق لا يحتاج إلى مكان محدد.

"نعلم أن لكل منصة جمهورها... لكن"

يقول محمد قدادة، الناشط على منصة "لينكد إن"، من قطاع غزة: "نعلم بأن لكل منصة جمهورها، ونعلم الذوق العام للمستخدمين، وأنهم يبحثون عن الوظائف على منصة لينكد إن، وهي بكل تأكيد منصة تخلع عباءة السياسة والتعصب خارجها، وتنفرد بالاحترافية والعمل، والعمل فقط".

ويضيف لرصيف22: "بل وإننا أكثر الشعوب الباحثة عن منصات مهنية بعيدة عن هراء السياسة والتفاهات، وذلك لأننا نخترق حصارنا وحدودنا المغلقة لنعمل في أسواق العمل الخارجية، العربية والدولية... نحن لسنا متطفلين!".

لكنه يضيف أن "وجود منشورات وقصص وفيديوهات عما يحدث الآن في فلسطين من تهويد لحي الشيخ جراح، وعدوان غاشم على مدينة غزة، شيء ضروري وأساسي، لا يحتاج إلى مكان محدد، أو إلى قرع باب المنزل قبل الدخول، فهي قضية كل إنسان، يرفض الظلم، ويدافع عن الكرامة والإنسانية".


ويتابع: "إذا لم تكتب في المنصات التي يتواجد فيها مَن يسمعك، فكيف تساهم في نشر صوتك؟"، مشيراً إلى أن الدعم لهذه المنشورات يُظهر ترحيب مستخدمي "لينكد إن" بها معلّقاً: "شكراً لكل مَن ساهم، شكراً لكل مَن نشر، شكراً لكل مَن دعم... وأخيراً، نحن شعب واحد وقلب واحد، فأبعدوا عنكم سايكس بيكو، واجعلوا النبض ينبض ضد الظلم والقتل والتشريد... فلسطين حرة، والقدس عاصمتها الأبية".

"لكل قاعدة شواذ"

من جانبه، يقول حافظ أحمد، والذي ينشط مؤخراً على "لينكد إن"، من الأردن: "كنت دائماً ولا أزال ضد نشر محتوى غير مهني على لينكد إن، لكن لكل قاعدة شواذ".

"ما أصعب الليل في غزة! البعض يحاول النوم قبل أن تبدأ الهجمات المجنونة والبعض مثلي يعجز عن النوم خوفاً من السقوط تحت الأنقاض... أندم على كل مسلسلات الرسوم المتحركة والأفلام التي شاهدتها منذ طفولتي وأقنعتني بأن الخير ينتصر..."

ويضيف لرصيف22: "قضية فلسطين قضية إنسانية لا يجب أن تُحصر بمكان واحد، وأنا على يقين من أن أي شخص لا يقف مع القضية الفلسطنية ولا يندد بما يحدث اليوم في فلسطين المحتلة لا يتحلى للأسف بالأخلاق المهنية أو الإنسانية وليس له مكان على لينكد إن، فكيف سيكون عادلاً في منصبه في مؤسسته وهو غير قادر على أن يكون عادلاً في القضايا الإنسانية؟".

"لا شيء يُذكَر بجانب همجية الحرب الحالية"

"النشطاء على جميع وسائل التواصل الاجتماعي يواجهون صعوبات في نشر المحتوى، ويوجد تقييد كبير للحريات"، تقول هناء أبو سيدو، الناشطة حالياً على منصة "لينكد إن"، وتعيش في غزة، مضيفة لرصيف22: "لذلك اتّجهتُ للنشر على منصة لينكد إن، باللغتين العربية والإنكليزية، حتى تصل المنشورات على مستوى أوسع ولأكبر عدد من الأشخاص".


لكن الأمر لا يجري بسلاسة دائماً. تشير إلى أن "لينكد إن" حظرت منشوراً لها وأبلغتها بأنه مخالف للشروط، وتوضح أن المنشور كان عبارة عن صورة لأم قُتلت بسبب العدوان الإسرائيلي وطفلها يجلس بجانبها.

تشرح أن المنشور الذي حُظر كانت فيه جثة ودماء، "فاعتقدتُ أن هذا أمر شديد الحساسية، ولذلك قامت لينكد إن بحظره". ولمعرفة الحقيقة، نشرت منشوراً مشابهاً ولكن عن حيوانات أليفة في غزة وكتبتُ عليه: "الحيوانات لم تسلم من القصف الإسرائيلي ومن عدوانها"، وأرفقت به صوراً لحيوانات مصابة ومجروحة، وفيها دماء، و"لكن المنصة تركت المنشور واعتبرته غير مخالف رغم أنه يحمل صوراً فيها دماء وجثث، وحذفت المنشور الذي يوجد فيه طفل بجانب جثة أمه التي استشهدت على أيدي الاحتلال".

وأوضحت أنها تقدّمت بشكوى إلى المنصة، وأتاها رد يعتذر منها ويبلغها بأن فريق "لينكد إن" سيقوم بمراجعة المنشور، لافتة إلى أن المنصة تعج بالمنشورات "التافهة والسخيفة"، ورغم ذلك تُترك ولا يقولون إنها تخالف الشروط والأحكام.

كلما واجه الناشطون التضييق على حرياتهم في منصة للتواصل الاجتماعي، ينتقلون إلى منصة أخرى، حتى وصلوا أخيراً إلى منصة "لينكد إن" المهنية وحوّلوها إلى مساحة للتضامن مع الفلسطينيين

رغم ذلك، تعتبر هناء أن "لينكد إن" يوجد فيها بعض الحرية في نشر المحتوى مقارنة بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل تويتر وفيسبوك، وتقول: "نواجه صعوبات كثيرة في نشر المحتوى ونقل الحقيقة. كل ما نكتبه لا يمثل نقطة في بحر الواقع. شهدنا العديد من الحروب، لكن لا شيء يُذكَر بجانب شراسة وهمجية الحرب الحالية".

"ما أصعب الليل في غزة!"

وتحكي هناء أبو سيدو جزءاً من معاناة أهل غزة: "ما أصعب الليل في غزة! البعض يحاول النوم قبل أن تبدأ الهجمات المجنونة والبعض مثلي يعجز عن النوم خوفاً من السقوط تحت الأنقاض بلا إدراك. أحاول دائماً ألا أضيّع اللحظات الأخيرة وأفكر بأنه يجب أن تكون لي كلمة أو فكرة أو ذكرى أخيرة قبل الموت حتى وإنْ لم يعرفها أحد وأحاول كل ليلة اختيار أجمل ذكرى أو فكرة ولكنني متأكدة أنها ستكون وليدة اللحظة إن حدث هذا الأمر... أتمنى ألا أسمع صرخات عائلتي لأنني سأكون عاجزة عن مواساتهم. أتمنى أن تموت الحروب بموتنا وتنتهي هذه اللعنة إلى الأبد".

"كل ليلة ألعن الشر وأندم على كل مسلسلات الرسوم المتحركة والأفلام التي شاهدتها منذ طفولتي وأقنعتني بأن الخير ينتصر... في الليل أعجز عن مشاركة الأحداث وترجمتها ونشر الحقائق كما أفعل خلال النهار، في الليل يرتجف القلب خوفاً من المجهول القادم... الليل مليء بالدعاء والصلاة... اللهم لا تذقنا مرارة فقدان الأحباء ولا تؤلمنا بموت الأطفال زهور حياتنا ولا تملأ صدورنا بغبار الدمار... كنت أتمنى أن تنتهي حياتي وأنا أشاهد منظراً طبيعياً جميلاً ويمتلئ صدري بروائح عطرة... هذه أفكار الليل التي تراودني".

أين الاتفاقيات التي تحدثت عن حرية الرأي؟

"المحتوى العربي المساند للقضية الفلسطينية، والذي يعرض جرائم الاحتلال الصهيوني، يتعرض للتضييق والتعتيم والإخفاء، وتتعرض بعض الصفحات للإغلاق سواء أكانت صفحات شخصية أو صفحات تابعة لمؤسسات، ونجد أن المحتوى الصهيوني تهتم به منصات التواصل الاجتماعي، ويحاولون الترويج له، وهذه تصرفات غير حيادية من المسؤولين عن المنصات"، يقول باسل القاضي، صحافي من قطاع غزة لرصيف22.

ويضيف: "الصحافيون والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحوا على دراية بكيفية التعامل مع مواقع التواصل المختلفة، ويستخدمون حلولاً بديلة لتفادي الحذف والإخفاء، مثل تجزئة الكلمات وإدخالها على برامج معيّنة".

ويوجّه حديثه للمسؤولين عن منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: "إذا كانت الرسالة التي تخرج من فلسطين غير صادقة بإمكانكم تقييدها وحذفها أو التعامل معها بأي شكل ترونه مناسباً، لكن الحقيقة أن الشعب الفلسطيني يعيش في ظلم ومن واجب النشطاء والصحافيين نشر المعلومات الحقيقية وكشف الظلم الذي يتعرض له".

ويضيف: "تحارب منصات التواصل الاجتماعي جميعها المحتوى الفلسطيني، والأمر ليس له علاقة بوقت محدد، ولم نشهد منذ فترة طويلة قيام منصة اجتماعية محددة بإنصاف المحتوى الفلسطيني، وهذا يجعلنا نطرح تساؤلات عديدة من بينها: أين الاتفاقيات التي تحدثت عن حرية الرأي والتعبير، أين هي من هذه المنصات؟".


وبحسب موقع "بوليتيكو" الأمريكي، التقى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مساء 13 أيار/ مايو، مع مسؤولين تنفيذيين في فيسبوك و"تيك توك" لمناقشة انتشار المعلومات المضللة والتهديدات العنيفة على الشبكة الاجتماعية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة بلغ عدد ضحاياها 259 شهيداً و8011 جريحاً، حتى ظهر 20 أيار/ مايو.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard