شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أوصلوا صوت معاناة شعب إلى العالم… أطفال غزة يعرّون بشاعة الاحتلال

أوصلوا صوت معاناة شعب إلى العالم… أطفال غزة يعرّون بشاعة الاحتلال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 18 مايو 202107:18 م

تنتظر إسرائيل أن تغفو أعين أطفال غزة في كل ليلة لتبدأ قصفها الهستيري على منازلهم وبلداتهم. على قدر وحشية ما يعيشونه، منذ 10 أيار/ مايو، كان هؤلاء الأطفال، بعفويتهم وهول محنتهم، صوت غزّة لفضح جرائم الاحتلال أمام أعين العربي والعالمي. 

حتى الآن، نال الأطفال قسطاً هائلاً من إجرام الاحتلال، فقُتل 61 طفلاً، وأُصيب أكثر من 400 آخرين بإصابات متفاوتة، علاوةً على تشريد الآلاف منهم، وفقدان مئات آخرين لأحد أبويهم أو كليهما.

"ليش هيك عملتو فينا؟ الواحد كان بدو يفرح بالعيد! الولاد كان بدهم يفرحو بالعيد! كلكم موتوهم. ليش؟! حسبنا الله ونعم الوكيل". بهذه الكلمات عبّرت طفلة فلسطينية، لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات، في مقطع فيديو انتشر.

حاولت الطفلة التي تلف رأسها بكوفية فلسطينية أن تحتفظ بثباتها طيلة المقطع، لكن غلبتها دموعها في النهاية. وصلت رسالتها إلى الآلاف وربما الملايين وعكست بصدق حال أطفال غزة الذين لم يزرهم العيد هذا العام ودفن البعض منهم قبل أو بعدما ارتدى ملابسه الجديدة.

"هذا ليس عدلاً"

أحد أشهر المقاطع التي جرى تداولها عالمياً، كان للطفلة نادين عبد اللطيف (10 سنوات). قالت في حديث مع مراسل موقع "ميدل إيست آي"، بلغة إنكليزية طليقة: "لقد سئمت هذا ولم أعد أستوعب الأمر. ترى كل هذا (الخراب)، ما المتوقع مني أن أفعل؟ أُصلحه؟ أنا بعمر العاشرة فقط! لم أعد أُطيق تحمل هذا حتّى بعد الآن".



وأضافت: "أريد أن أصبح طبيبة أو ما شابه لأساعد شعبي لكنني لا أستطيع. أنا مجرد طفلة. لا أعلم حتى ما ينبغي أن أفعل… كلما رأيت هذا (الدمار) أبكي حرفياً كل يوم. أسأل نفسي: لماذا يحدث لنا هذا؟ ماذا فعلنا لنستحق ذلك؟".

وغالبت دموعها وهي تردف: "هل ترى هؤلاء الأطفال من حولنا؟ جميعهم مجرد أطفال. لماذا تُرسل القذائف لاستهدافهم وقتلهم؟ هذا ليس عدلاً… ليس عدلاً".

حقق المقطع أكثر من 600 ألف مشاهدة عبر يوتيوب منذ نُشر قبل ثلاثة أيام. وجرى تداوله بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وتناقله بعض المشاهير حول العالم، ليساهم في إيصال صوت معاناة الفلسطينيين حول العالم.

أحدهم يبكي والده وآخر يودع ألعابه وذكريات منزله المدمّر وثالثة تشكو عجزها عن مساعدة شعبها ورابعة تتغلب على القصف بالتسبيح... كلمات أطفال غزّة وصرخاتهم تفضح وحشية إسرائيل

"الله يسهل عليك يابا"

وبعد أن استشهد والده في اليوم الأول للقصف، أدمى طفل فلسطيني، في عمر العاشرة، القلوب وهو يلاحق نعش والده تسبقه صرخات النداء "يابا" حتى يبلغه ليقول له: "الله يسهل عليك يابا… مع السلامة يابا".

مواجهة القصف بالتسبيح

"سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر"، مراراً وتكراراً ترددها الطفلة جيجي، التي لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، بينما تغالب عيناها المجهدتان الناعستان النوم طيلة الليل في محاولة لتجاوز صوت القصف المرعب.

نشر المقطع، ومدّته 31 ثانية، شقيقها محمد شامية، ليحصد أكثر من 46 ألف إعجاباً، ونحو 15 ألف إعادة تغريد، و4000 اقتباس تغريدة خلال 24 ساعة. ناهيك عن العشرات الذين أعادوا تحميل المقطع على حساباتهم مباشرةً.

اعتُبر تسبيح الفتاة، التي سُمع صوت شقيقاتها على ما يبدو قربها يقومون بنفس الفعل، رسالة قوية على ثبات أطفال غزة في مواجهة وحشية الاحتلال.

النجاة نفسياً غير ممكنة

مساء 15 أيار/ مايو، نفّذت الطائرات الحربية الإسرائيلية مجزرة في شارع الوحدة بحي الرمال، إثر قصف عمارة سكنية ضخمة. راح ضحية الجريمة 42 شهيداً، بينهم 16 سيدة و10 أطفال، وأكثر من 50 مصاباً (بينهم ثمانية أطفال و15 سيدة) من عائلتي أبو العوف والكولك.

عقب الحادثة، روت طفلة ناجية: "كنت نايمة جنب ماما. فجأة بصحى بلاقي كل اللي حواليّ رماد. مفيش حد جنبي. شردت أنا وأختي بحكي وين ماما؟ مبتتكلمش. بفكر أنه جايي ورانا. بعدين طلع مفيش حد ورانا. وصلنا ع المستشفى مفيش حاجة بردو". 

وتابعت بانهيار: "الله يلعنهم. إنشالله يموتو مرة واحدة. هدول دمروني نفسياً قبل ما يدمروا جسدي…". 

"هل ترى هؤلاء الأطفال من حولنا؟ جميعهم مجرد أطفال. لماذا تُرسل القذائف لاستهدافهم وقتلهم؟ هذا ليس عدلاً… ليس عدلاً"

وفي مقطع آخر نشره المركز الفلسطيني للإعلام، عبر حسابه على تويتر، ظهرت طفلة فلسطينية بعمر الخامسة تقريباً وهي تبكي بشدة قائلةً: "ما بدي موت. خايفة تنهد الدار. خايفة إحنا كلنا نموت"، بينما تحاول والدتها تهدئتها عقب قصف في محيط منزلهما. 

وكانت دموع الحسرة من طفل فلسطيني ثالث وهو يحاول جمع ما تبقى من ألعابه تحت أنقاض منزله المنهار كافيةً لتعكس الهشاشة النفسية جراء الفقد المتواصل والمركب الذي تعرض له من منزل وأهل وذكريات وشعور بالأمان.

"بكفي نار"

في حين أنه لم يتعلم النطق بشكل كافٍ، يعي خالد ابن العامين ونصف أن مدينته تحت نيران الاحتلال المستعرة. يُشاهد متأففاً من الصوت المفزع والمستمر للقصف وهو يقول: "يا الله بكفي نار. بكفي نار يا عمي بكفي نار. أففف".

وإن عبّر خالد بكلماته البسيطة عن أمل كل أطفال فلسطين في توقف هذا الجحيم المسلط عليهم لنحو 10 أيام، فشل أحياناً من هم أكبر منه في البوح بذلك. لمس البعض القلوب بدموعهم وصرخاتهم.

لم تكن تلك المقاطع التي ظهر فيها الأطفال قتلى/ أشلاء/ مصابون/ مشردون أقل قوة في توصيل المعاناة الفلسطينية وفضح خسة الاحتلال. هذا المقطع للطفل أسامة أمين من سكان بيت لاهيا (عامين ونصف)، في كفنه، يرفعه والده تقريباً ويشير إليه قائلاً: "هذا بنك أهداف الإسرائيليين"، حظي بانتشار واسع.

كانت هناك العديد من الصور اللافتة أيضاً مثل صورة سوزي (6 سنوات) التي بقيت لساعات تحت الأنقاض وكانت الناجية الوحيدة من أسرتها، إلى جانب والدها الذي حالفه الحظ ألا يكون موجوداً وقت القصف، ومثل صورة الرضيع عمر بعمر الشهرين الناجي الوحيد لوالده أيضاً. وشاهدنا طفلاً في العاشرة يجر كل ما تبقى من ماضيه السعيد الآمن… شقيقته وبعض الملابس وحقيبة.

وكانت هناك عبير التي تبحث عن كتبها المدرسية تحت أنقاض منزلها المدمر بالكامل، وطفلة - تعذر معرفة اسمها- تُطبق يدها على عملة معدنية وقيل إنها كانت ذاهبة لتشتري الحلوى فقتلت في الطريق. 

وكذلك، رأينا طفلة ثالثة تحتضن دميتها وتجلس وسط الخراب تنظر إلى نهاية المدى غير واعية لكل ما يحصل حولها. ورابعة تغالب دموعها وتخفيها لئلا تبدو مهزومة على ما يبدو… وغيرها الكثير.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image