شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
مقتل الرئيس التشادي يهدد السلام الهش في دارفور

مقتل الرئيس التشادي يهدد السلام الهش في دارفور

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 5 مايو 202103:58 م

منذ إعلان خبر مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي خلال مواجهة عسكرية مع متمردين في شمال البلاد، والقلق يزداد في السودان حيال تداعياته على البلاد. فلمقتل ديبي أثر كبير على المشهد السياسي في الخرطوم، إذ إن السودان يتشارك غالبية حدوده الغربية مع تشاد، بالإضافة إلى انتشار عشرات القبائل المشتركة بين البلدين، كقبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها الرئيس الراحل. التماس الحدودي والتقاطع الديموغرافي الكبير يخلقان حالة من التقاطع السياسي بين البلدين، ينجم عنها القلق الحالي خوفاً من:

1. فقدان حركات الكفاح المسلح في دارفور لدعم النظام التشادي.

2. انهيار السلام الهشّ في الأقليم.

3. تدفق اللاجئين حال اندلاع الاشتباكات بين الجيش الوطني وقوات المتمردين.

شبح فقدان الدعم... وتغيير موازين القوة

إن علاقة حركات الكفاح المسلح في دارفور بالنظام في تشاد، ليست وليدة اليوم. ففي عام 2008 كادت قوات حركة العدل والمساواة أن تسيطر على العاصمة الخرطوم وتسقط نظام الإنقاذ، وذلك بعد أن تلقت دعماً مباشراً من الراحل ديبي.

مع العلم أن حركة العدل والمساواة وقّعت اتفاقية سلام مع الخرطوم في الواحد والثلاثين من آب/أغسطس 2020، وهي ممثلة في الحكومة الحالية بشخص رئيسها جبريل إبراهيم الذي يشغل منصب وزير المالية.

سعياً لمعرفة كيف يرى أهالي دارفور المشهد، وما يدور في عقول مُعايشي الأحداث هناك، قال الناشط السياسي الذي يسكن في إقليم دارفور أبكر عيسى (اسم مستعار) لرصيف22: "لمقتل ديبي تأثير سياسي على المشهد العام، فهو وصل إلى السلطة عبر تمرّد عسكري انطلق من معسكرات تدريب في السودان، بالإضافة إلى التداخلات القبلية الكبيرة في منطقة الحدود السودانية التشادية".

لا ينكر أحد أن السلام في إقليم دارفور، غرب السودان، جنين هشّ يسهل أن تعصف به أي ريح قوية أو حتى متوسطة القوة. سواء أكان ذلك عن قصد أو من دونه، وأحداث الجنينة خير دليل على الوضع المتوتر هناك

وعن علاقة النظام التشادي بحركات الكفاح المسلح في دارفور، غرب السودان، يضيف عيسى: علاقة حركة العدل والمساواة بنظام ديبي متينة جداً، ويكفي أن الحركة شاركت في عمليات عسكرية داخل التشاد عام 2008، دفاعاً عن ديبي ونظامه حين كادت قوات المتمردين بقيادة محمد مهدي وتيمان أرديمي (ابن عم إدريس ديبي) أن تحتل العاصمة. إلا أنهم هزموا ولمشاركة قوات حركة العدل والمساواة فضل في ذلك. ولا شك سيتأثر وضع وزير المالية جبريل إبراهيم بالأمر.

هناك أيضاً حركة تحرير السودان، التنظيم الأكثر تأثيراً في دارفور والأكثر تأثراً بالوضع في تشاد. إذ كان رئيسها منو آرك مناوي يحصل على دعم مباشر للحركة من الرئيس الراحل، حتى أنه أبرم اتفاقات منذ حزيران/ يونيو 2019 مع النظام السوداني بضمانة تشادية بعد اجتماع ثلاثي عُقد في العاصمة التشادية أنجيمينا ضمّ بالإضافة إليه، كلاً من الرئيس الراحل ديبي وقائد قوات الدعم السريع.

سلام دارفور الهش ورياح مقتل ديبي

لا ينكر أحد أن السلام في إقليم دارفور، غرب السودان، جنين هشّ يسهل أن تعصف به أي ريح قوية أو حتى متوسطة القوة. سواء أكان ذلك عن قصد أو من دونه، وأحداث الجنينة خير دليل على الوضع المتوتر هناك. لذا يتخوف الكثيرون من تبعات ما يدور في تشاد على السلام السوداني-السوداني في دارفور.

عن هذا الأمر تحدّث أستاذ السياسة والاقتصاد في جامعة باماكو د. مادي كانتي، لرصيف22 قائلًا: "هذه المرة ليس من السهل الربط بين ما يدور في تشاد وبين الوضع في الداخل السودان، وخصوصاً في دارفور، إذ لا يتمركز المتمردون (جبهة التغيير والوفاق) شرق تشاد بل شمالها، وبالتالي فعملياتهم العسكرية تتماس مع الجنوب الليبي لا مع الغرب السوداني، بشكل أوضح وأكثر مباشرة. فالقوات المناوئة للسلطة التشادية تقيم معسكراتها التي تُعدّ نقطة التمركز والانطلاق بالنسبة إليها، في الداخل الليبي وليس في السودان كما كان عليه الوضع سابقاً".

بين واقع السلام الهشّ في الوطن وأحداث وتفاصيل المشهد السياسي والعسكري المتوتر في الدولة المجاورة يعيش أهالي دارفور حياة شديدة الخطورة والتعقيد. فماذا يخبّئ لهم الغد؟

وأضاف كانتي: "إن التركيبة القبلية للمتمردين متداخلة. فلا يمكن وصف التحركات العسكرية حالياً بالقبلية حسب المفهوم البسيط (قرعان VS زغاوة)، لأن الحركات المتمردة التشادية تقوم على تقاطعات بين عدد من القبائل من ضمنها قبيلة الزغاوة".

المزيد من اللاجئين

سبّبت الحرب في دارفور نزوح عشرات الآلاف من أبناء الإقليم إلى الأراضي التشادية، وشبح الحرب في دارفور الآن، ينذر بحركة نزوح أخرى لكن في الاتجاه المعاكس.

ردّ أبكر عيسى بسرعة عند سؤاله عن احتمال تدفق اللاجئين: "طبعاً إذا تطورت الأحداث ستحدث موجة نزوح كبيرة. واستقبال النازحين أمر مفروغ منه، ومن البديهي أن تكون له تأثيرات آنية اقتصادية وأمنية وأخرى اجتماعية على المستوى البعيد".

بين واقع السلام الهشّ في الوطن وأحداث وتفاصيل المشهد السياسي والعسكري المتوتر في الدولة المجاورة يعيش أهالي دارفور حياة شديدة الخطورة والتعقيد. فماذا يخبّئ لهم الغد؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image