تصريح مثير نُسب إلى عضو مجلس السيادة الحاكم مؤقتاً في السودان، شمس الدين كباشي، انتقد فيه الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة بشدة في البلاد، معتبراً أن "الثورة لم تغير شيئاً. غادر النظام السابق فقط".
وأفادت صحيفة "آخر لحظة" السودانية، في 2 آب/ أغسطس، بأن كباشي "رسم صورةً قاتمةً للأوضاع في البلاد، واصفاً إياها بـ‘السيئة وغير المطمئنة‘"، وذلك خلال حديثه إلى عدد من كبار الصحافيين ورموز المجتمع حول مائدة غداء أقيمت له في منزل عمه الكاتب الصحافي جمال عنقرة.
وفيما احتشد جمع من شباب حي الحتانة جنوب أم درمان، خارج المنزل، وهم يهتفون "حرية سلام وعدالة" - وهو أحد أبرز هتافات الثورة الشعبية التي انطلقت في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018 وأطاحت حكم الرئيس السابق عمر البشير بعد 30 عاماً في السلطة- قال كباشي للحضور: "الثورة التي نسمع الآن أهازيجها لدى هؤلاء الشباب لم تُحدث أي تغيير، فقط غادر النظام السابق ولكن لم يتغير شيء"، بحسب الصحيفة المحلية.
وأردف: "الأوضاع الاقتصادية سيئة، والواحد يخجل يقول أنا مسؤول"، مقراً بأن الأمن "غير جيد"، ومدللاً على "الهشاشة الأمنية" بعد تطورات الاشتباكات في دارفور ومناطق أخرى من البلاد أخيراً.
"الواحد يخجل يقول أنا مسؤول"... تصريح مثير لعضو مجلس السيادة الحاكم في السودان شمس الدين الكباشي حول التدهور الشديد للأوضاع الاقتصادية والأمنية وعدم حدوث أي تغيير بعد الثورة الشعبية
النظام الحالي متهم بـ"نشر الفُرقة"
وفي 2 آب أغسطس، شهدت القرية 10 في محلة حلفا الجديدة، ولاية كسلا، أحداثاً دامية بين أبناء المكون النوبي ومكون الزغاوة راح ضحيتها قتيلان وأسفرت عن إصابة 28 آخرين.
وقبل أسبوع، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من "تصاعد العنف في مناطق مختلفة من إقليم دارفور السوداني"، مبرزاً تلقيه تقارير عن مقتل أكثر من 60 شخصاً وإصابة نحو 60 في هجوم مسلح في تلك الفترة.
وخلال بث مباشر عبر حساب "سودان بكرة" على فيسبوك، اتهم عبد الواحد محمد أحمد النور، رئيس ومؤسس حركة جيش تحرير السودان المسلحة، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بتسليح الميليشيات القبلية والعجز عن فعل أي شيء أمنياً واقتصادياً، معتبراً أن البلد في حالة "انسداد وإحباط"، ومضيفاً: "ما في أكل، ما في سلام، ما في أمن، ما في صحة، ما في تعليم، ما في أي حاجة".
ولفت النور إلى أن النظام الحالي ليس إلا نسخة كربونية من نظام البشير إذ ينتهج السياسات نفسها، متهماً إياه باتباع مبدأ "فرق تسد" عبر إعمال الفرقة والصراع بين السودانيين لضمان بقائه في الحكم، متجاهلاً أي محاولات لتعميم سياسات وحدة وطنية أو تنمية اقتصادية.
في المقابل، قالت الحكومة السودانية مراراً إن إقرار سلام عادل في دارفور ضمن أولوياتها. لكن المحتجين في دارفور لا يعولون على محادثات السلام كثيراً.
"منو الفض الاعتصام يا كباشي؟"... ثوار سودانيون يحاصرون عضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي ويطالبون باستمرار الثورة لأجل "حرية، سلام، عدالة". سودانيون متخوفون من رد فعل الجنرالات بـ"قبضة حديدة"
محاصرة "الفلول والكيزان"
بالعودة إلى كباشي، الذي يحمل الثوار غضباً شديداً تجاهه لا سيما أنه كان المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري إبان فض اعتصام القيادة العامة مطلع حزيران/ يونيو من العام الماضي، وقد اعترف بإصدار أمر الفض، فقد تعرض لمحاصرة داخل منزل قريبه من قبل شباب لجان "مقاومة الحتانة".
⭕️ لجان مقاومة كرري: القبض على قيادات من النظام البائد برفقة عضو مجلس السيادي شمس الدين الكباشي في امدرمان الحتانة.. pic.twitter.com/RdtZbJGZjt
— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) August 2, 2020
ووقف عدد من الشبان، الذين قالوا إن كباشي كان مجتمعاً بـ"فلول النظام البائد وقيادات الكيزان (لفظ محلي يطلق على الإسلاميين وأنصار جماعة الإخوان المسلمين)"، حول المنزل وهتفوا باستمرار الثورة وهاجموا فض الاعتصام.
ويظهر مقطع فيديو متداول كباشي أثناء خروجه مساءً في صحبة الأمن على وقع هتاف المتجمهرين: "منو الفض (من الذي أمر بفض) الاعتصام يا كباشي؟"، و"اتفضل يا جبان من هنا"، و"يا إرهابي"، و"يا عميل يا غبي"، وشتائم أخرى.
شمس الدين كباشي pic.twitter.com/ZUqROSi9Dd
— WdTaha (@WdTaha10) August 2, 2020
وتباينت التعليقات بشأن التعرض لكباشي الذي لم يستعن بأي حراسة خلال زيارته الودية، فأعرب مواطنون عن سعادتهم بالهجوم الذي "أثلج صدورهم"، فيما رآه آخرون "خطأً وتهوراً غير محمودين العواقب".
وتساءل أحد المعترضين: "لمتين (إلى متى) الناس حتتحرك بالعواطف والانفعال والاستجابة لـ‘الاستفزاز‘؟!"، مذكراً بأن "الفكر الإستراتيجي والتخطيط المفقودين عند شباب لجان المقاومة والشباب المتحمس كلّفا غالياً وكانا بمنزلة حصان طروادة لفض الاعتصام". وشدد على أن العلاقة بين الثوار والعسكر عقب اتفاق اقتسام السلطة "شئنا أم أبينا، شراكة مهمة وصعبة عاملة زي الزواج المستمر بين زوجين لمصلحة الأولاد".
ويتقاسم "العسكر" والمدنيون حكم السودان، مؤقتاً، مدة تناهز ثلاث سنوات، عبر "مجلس السيادة" الذي يتصدره العسكر وحكومة عبد الله حمدوك المدنية التي تشكلت في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي. لكن ناشطين ثوريين يشكون محاولات العسكر "الانفراد بالحكم والانقلاب على مكتسبات الثورة" طوال الأشهر الأخيرة.
ورأى بعض هؤلاء أن ما جرى مع كباشي "سيجعل جميع الجنرالات يصلون إلى اقتناع واحد: أن هذا البلد لن يُحكم إلا بقبضة من حديد وفرض قوة الدولة ولن يكون ذلك إلا بفض الشراكة مع أحزاب الفكة".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...