شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
بدأت بثلاثة أصدقاء في القامشلي... مبادرات مدنية ترسم وجهاً أخضر لسوريا

بدأت بثلاثة أصدقاء في القامشلي... مبادرات مدنية ترسم وجهاً أخضر لسوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 18 مارس 202104:12 م

بعد انطلاق الثورة السوريّة في أواسط آذار/مارس 2011، مرّت المناطق الكرديّة بتحولات عديدة، فاحتلت ميلشيات تابعة لتركيا منطقة عفرين، وجرت حرب شبه عالميّة في كوباني بين الأكراد المدعومين دوليًا وميليشيات الدولة الإسلامية (داعش)، واستقلت مناطق شمال شرقي سوريا (القامشلي والحسكة وما حولهما) تقريبًا عن النظام السوري، حيث فقد نظام الأسد السيطرة والوجود في المكان، باستثناء وجود بعض من عناصره ومؤسساته في بعض المربعات الأمنيّة.

 في مدينة القامشلي بعد الثورة، ونتيجة للاستقرار النسبيّ منذ سنوات وغياب قدرة نظام دمشق على السيطرة على المدينة، نشأت حركات مجتمعيّة مدنيّة لأول مرة في تاريخ القامشلي، فبدأت وسائل إعلام محليّة جديدة في العمل، وأُسّست جمعيات مدنية تخدم المجتمع المحلي، واُفتتحت مدارس لتعليم اللغة الكرديّة الممنوعة في البلاد، وغيرها من نشاطات كانت ممنوعة على السوريين عامة وعلى الأكراد خاصة. 

حركة مدنيّة

ازدادت النشاطات المدنيّة في مدينة القامشلي بشكل ملحوظ، فصارت تُعقد جلسات سياسيّة لمواجهة التطرف في المنطقة، ونشطت الجمعيات الإغاثيّة التي تساعد الفقراء والنازحين من مناطق الحرب إلى المدينة، كما قامت جمعيات أخرى بنشاطات تنمويّة وأخرى للتوعية بحقوق الأطفال، وكذلك نشأت مراكز مدنيّة مستقلة، مثل "مركز آشتي" الذي ينشط في شمال شرقي سوريا، وخاصة في القامشلي، ويعمل على تمكين قدرات المجتمع المحلي.

بدأ تشجير المنطقة التي سُميت لاحقًا بـ"قلاجي هلاليّة" بمبادرة فردية من ثلاثة أصدقاء، قاموا بزرع 20 شجرة، ووصلوا اليوم إلى أكثر من 700 شجرة.

وقام مركز آشتي مؤخراً بتنفيذ مبادرة لتجهيز حديقة عامة في القامشلي، وزراعة 300 شجرة في الحديقة التي تم تأهيلها في السابق بوضع مجموعة من الألعاب للأطفال.

في سياق متصل انطلقت مبادرة "جدائل خضراء"، التي تهدف إلى زيادة المساحات الخضراء وحماية البيئة في المنطقة. وتستهدف المبادرة زرع أربعة ملايين شجرة خلال الأعوام الخمسة القادمة، وذلك بالتعاون مع المجتمعات المحليّة والمواطنين المهتمين بالبيئة.

تعرّف المبادرة نفسها بأنّها فريق من المتطوعين المهتمين بالشأن البيئي، يهدفون إلى تحسين بيئة المنطقة ومناخها وترسيخ مجتمع نظيف ونقي. والجدير بالذكر أنّ مناخ المنطقة هو مناخ جاف وشبه صحراوي وتتجاوز درجات الحرارة فيه صيفًا أربعين درجة مئويّة.

تشجير الهلاليّة 

سبقت مبادرة القامشلي، مبادرة أخرى لتشجير أطراف حيّ الهلاليّة في شهر نيسان/ أبريل من العام 2020، أي في بداية انتشار وباء كورونا في المنطقة. و"الهلاليّة" من أقدم أحياء المدينة، وأكثرها فقرًا، ويتموقع بجوار الحدود التركيّة.

 بدأ تشجير المنطقة التي سُميت لاحقًا بـ"قلاجي هلاليّة" بمبادرة فردية من ثلاثة أصدقاء زرعوا عشرين شجرة، ونشروا الصور في مجموعة "أبناء حي الهلاليّة (قامشلو)" على موقع فيسبوك، وهي من أنشط المجموعات وأكثرها فعلًا وتفاعلًا في المدينة.

في مدينة القامشلي بعد الثورة، ونتيجة للاستقرار النسبيّ منذ سنوات، ولغياب قدرة نظام دمشق على السيطرة على المدينة؛ نشأت حركات مجتمعيّة مدنيّة لأول مرة في تاريخ المدينة.

 يقول مسعود عمر، أحد المسؤولين عن المبادرة وعن المجموعة  لرصيف22، إنّ "الناس أحبت فعل التشجير الأول الذي قمنا به، فبدأوا بدعم المبادرة، بعضهم من أبناء الحيّ وآخرون مُهاجرون، حتى وصل عدد الأشجار إلى أكثر من 700، رغم أنّ الناس أرادت التبرع بأشجار أكثر"، لكن نقص الموارد التي تمكنهم من الاهتمام بكل هذه الأشجار أدى بهم إلى رفض الأعداد الكبيرة.

ويضيف عمر أنّ هدفهم ليس فقط زراعة الأشجار بل الاهتمام بها، كي تكون متنفسًا لأهل الحيّ والمدينة، الذين لا يملكون مساحة خضراء حقيقيّة قريبة منهم.

 بعد بدء العمل، بدأ كثير من الناس في تقديم يد العون إليهم حتى أنّ الكثير من المنظمات اقترحت توفير أشجار جديدة، وهذا ما يقومون به حاليًا. لكن، بلدية الإدارة الذاتيّة المسؤولة عن المنطقة رفضت في البداية النشاط، لكنها بدأت بعد الاهتمام الشعبي الكبير والاهتمام الإعلامي بالمبادرة والمشروع، بمساعدتهم وقامت بحفر بئر في المنطقة من أجل توفير مياه الريّ.

 يقول عمر إنّ مبادرتهم فتحت الباب أمام مبادرات عدة في مناطق أخرى، فقامت منظمات مدنيّة ومواطنون مدنيون بحملات تشجير في بضع مناطق، فالمنطقة تحتاج إلى مئات الآلاف من الأشجار، حسب قوله.

 أرادوا بناء حديقة لعب للأطفال، لكن قرب "قلاجي هلاليّة" من الحدود وخوفهم من رصاصات طائشة تطلقها بنادق جنود الحدود الأتراك، جعلهم يحجمون عن هذا الفعل رغم شرائهم لمعدات ملعب الأطفال. يقول عمر إنّهم يبحثون الآن عن مكان آخر بعيد عن الحدود وآمن لأطفالهم من أجل وضع هذه الألعاب،  ويختم: "في النهاية نحنا لسنا سوى سكّان محليين، لسنا منظمة مدنية ولا حكوميّة، نريد فقط أن نحسّن حياتنا ومنطقتنا".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image